29 مارس 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    والدة السمودي الوفاء للشهداء يتمثل بتوفير حياة كريمة لأسرهم

    آخر تحديث: السبت، 01 سبتمبر 2012 ، 00:00 ص

    بعيدا عن الكاميرات والفضائيات أحيت عائلة الأسير الشهيد بسام إبراهيم علي السمودي الذكرى الثانية والعشرين لاستشهاد ابنها مع رفيقه في الأسر أسعد الشوا على طريقتها الخاصة رغم اعتبار ذكرى استشهادهما يوم شهداء الحركة الوطنية الأسيرة، فلم تقم الاحتفالات والمهرجانات ولم يزرها أحد من المسؤولين والمهتمين، وقرب ضريح نجلها جلست بين أبنائه وزوجته وأحفاده يستحضرون ذكرى معركة النقب وبطولات بسام واسعد مجددين عهد الوفاء لهما لتبقى ذكراهما حية خاصة وأن العديد من أفراد العائلة وفي مقدمتهم إبراهيم نجل الشهيد سموا أبنائهم بسام تيمنا به وتخليدا لذكراه.
    ورغم مرور السنوات على معركة النقب التي خاضها الأسرى في 16-8-1988، لا زال نجل الشهيد بسام، وباكورة أبنائه الشاب خضر الذي يبلغ من العمر اليوم (27 عاما( يحتفظ بكل تفاصيل تلك اللحظات رغم أنه لم يتجاوز سن الخمس سنوات لدى استشهاد والده، ويقول: "إنها اللحظة التي حكم الاحتلال فيها على والدنا بالإعدام وحولنا لأيتام نتجرع حسرة ومرارة فقدانه أنا وإخواني الصغار الثلاثة ووالدتي فكيف ننساها خاصة أنها أتت في شهر رمضان حيث يجتمع الأهل والأحبة على موائد الإفطار في شهر التلاحم والتواد"، ويضيف "طوال عمري أنا وإخواني لم يجتمع شملنا على مائدة واحدة في رمضان أو نقضي عيد مع أبي الذي وهب حياتي لفلسطين فاستهدفه الاحتلال لنعيش طفولتنا محرومين من أبي جراء مطاردته خلال الانتفاضة ثم اعتقاله لذلك يتضاعف ألمنا وحزننا في كل لحظة وخاصة في المناسبات ورمضان، فلا يوجد شيء أصعب من فقدان الأب وحنانه".

    معركة النقب
    قرب منزلها في بلدة اليامون حرصت عائلة الشهيد السمودي على دفن جثمان بسام، فلم تنقطع يوما عن زيارته بعيون تدمع وقلوب لم يغادرها الحزن، فتبدأ خطواتها حتى في مناسبات الفرح بقراءة القران قرب ضريحه لعلها تخفف وجعهم المستمر رغم المعنويات العالية والفخر والاعتزاز ببطولات شهيدهم الذي تزين صوره جنبات منازلهم وشوارع البلدة التي تتذكر بطولاته وتضحياته، ويقول خضر: "خلال شهر آب، اشتدت هجمة إدارة السجون بحق الأسرى وتحولت حياتهم لجحيم وسط ظروف اعتقال غير إنسانية، وإزاء رفض الإدارة الاستجابة لمطالبهم الإنسانية العادلة والمشروعة قرروا التمرد والتحدي"، وأضاف "في 16 - 8- 1988، أنتفض الأسرى في وجه السجان في تظاهرة احتجاجية وسلمية شارك بها 1500 أسير في قسم "ب" تعالت صرخاتهم وهتافاتهم الوطنية وتكبيراتهم التي أثارت ذعر الإدارة خاصة بعدما رفضوا تنفيذ قراراتها المذلة والمهينة".
    ووفق الروايات التي وثقها خضر يقول: "رغم أن مطالبهم عادلة ومشروعة ردت الإدارة عليهم بالاستنفار وزجت مئات السجانين للقسم وبدأت بقمعهم باستخدام كل أدوات القمع ضرب وتنكيل وإطلاق الغاز المسيل للدموع".

    الموقف البطولي
    يحدق خضر في صورة والده، ثم يرفع رأسه ويضيف "سأبقى دوما فخورا بابي ومواقفه البطولية قبل الأسر وخلال الاعتقال، وخاصة في ذلك اليوم، فقد تعالت التكبيرات في كل أرجاء القسم وتصدى الأسرى بالحجارة والأواني البلاستيكية وحتى الأحذية لأسلحة الجنود وهراواتهم وغازهم الذي أدى لسقوط العشرات جراء الإغماء والاختناق لكن لم تتوقف انتفاضة النقب الذي أعلن الثورة في وجه قائد المعتقل تسيمح الذي قاد الحملة وهو يهدد الأسرى ويتوعدهم بالعقاب". ويكمل خضر "وقف تسيمح أمام القسم الذي يحتجز فيه أبي بطريقة استفزازية وهو يتوعد الأسرى، وفجأة قال "من هو الرجل الذي يتحدانا، إذا كان هناك رجل ليقف أمامي ويقول أنا ". لم يتردد الأسير أسعد الشوا في مواجهته، وصرخ في وجهه أنا رجل فسارع تسيمح لاختطاف سلاح احد الجنود وأطلق النار عليه فسقط مضرجا بدمائه ليثير غضب الأسرى ويزيد من ثورتهم".

    الحرية والكرامة والشهادة
    ويقول خضر: "بعجرفة واستهزاء بالأسرى وبينما لا زال جثمان أسعد ممددا على الأرض ودماءه ترويها، كرر قائد المعتقل سؤاله بطريقة استفزازية أكثر، فانتفض أبي في وجهه رغم خطورة الموقف وقال له بشجاعة وجرأة أنا أسير فلسطيني رجل ابن رجل وأتحداك أنت وسلاحك وجنودك"، فأطلق النار عليه بشكل مباشر ومن مسافة قريبة و أصيب برصاصة قاتلة في القلب واستشهد فورا ليوجه رسالة للاحتلال وسجانيه أن لا حياة دون كرامة وأنه لم يولد الفلسطيني الذي يركع أو يذل ويهون أمام السجان حتى لو كان الثمن الشهادة"، وأضاف خضر "نعيش الحزن والألم لرحيل والدنا وإعدامه بتلك الطريقة ولكننا سنبقى نفخر للأبد أنه خط بدمه عنوانا جديدا في معركة الحرية والكرامة باسم كل أسير وحر وشريف تقول للاحتلال أن الوطن والكرامة والحرية أغلى من الحياة و إننا باقون ليبعث أملا جديدا ويؤسس لنهار ستشرق فيه شمس__ الحرية رغم عن الظلم الصهيوني وسجونه".

    صفحات نضال
    تحول السمودي والشوا لرموز في ملحمة النضال الفلسطيني وتاريخ الحركة الأسيرة بعدما صنعا بدمائهما التاريخ الجديد لسجن أنصار 3، فأطيح بقائده الذي تلطخت يديه بالدماء الزكية والطاهرة، وأعلن وزير الأسرى عيسى قراقع ذكرى استشهادهما يوما لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة كتعبير عن الوفاء والاعتزاز بما جسده المناضلان من نضالات وتضحيات ومواقف شجاعة في سجن النقب.
    وفي كل عام، تحيي عائلة السمودي ذكرى شهيدها قرب ضريحه ليتذكر الجميع صفحات حياته المشرقة، وخاصة والدته الحاجة خيرية نايف التي رفضت الحداد على باكورة أبنائها وارتدت الثوب الأخضر واحتضنت مع زوجها ووالدتهم وأسرتها أبناء الشهيد، وتقول: "طوال عمره رفع بسام رأسي لأنه عاش لفلسطين وأصبح من الفدائيين الأوائل في بلدة اليامون وعندما كان يلاحق الاحتلال ويستهدف المناضلين حمل راية فلسطين والتحق في صفوف حركة فتح على مقاعد الدراسة".
    أجواء الحياة في أسرته المناضلة شجعت بسام على مواصلة طريق العلم والنضال السري، وتقول والدته: "ككل أفراد عائلتنا قدم فلسطين والوطن على حياته وأحلامه، وتميز بطيبة قلبه وأخلاقه وتفانيه في خدمة وطنه وأبناء شعبه، ناضل بصمت لأنه كان كتوما"، وتكمل "يدرس نهارا ويرتدي الكوفية ويتلثم ليلا ليطارد الاحتلال وأعوانه، فقد آمن بالثورة وعشق الشهيد ياسر عرفات الذي اعتبره قدوته ومعلمه فكان مناضلا ومشاركا في كل الفعاليات رغم الاحتلال وعيونه".
    نجح بسام في الثانوية العامة، وسافر للأردن لمواصلة دراسته في الجامعة العربية في عمان، فتسلل إلى قواعد المنظمة وتدرب في معسكرات الفتح وعاد للوطن حاملا شهادة النجاح وروح الفداء التي انطلقت بأروع صور النضال خلال الانتفاضة.

    ملحمة الانتفاضة
    لم يقتصر دوره في اليامون على بناء أسرة بعد زواجه، ورغم إنجاب زوجته للأبناء لبى نداء الانتفاضة، وتقول والدته: "شكل خلايا فتحاوية بشكل سري وتولى تنظيمها وتوعيتها حتى أصبح مصدر الهام ومعلما لفرسان الانتفاضة الذين انطلقوا في ساحات بلدته وكل همه تعزيز مقاومة الاحتلال ونشر روح التحدي والصمود والثبات في المواجهة". أدرج اسم بسام على قائمة المطلوبين، وتتالت حملات الدهم والملاحقة والكمائن والاعتقال الذي لم يسلم منه أحد من أسرته، وتقول والدته أم بسام: "أصبحت حياته معرضة للخطر ولكنه رفض الاستسلام بعدما تشكلت القوات الضاربة ونوايا اللجان الشعبية واذرع القيادة الوطنية للموحدة للانتفاضة، وتكررت المداهمات لمنزلنا ومنازل الأقرباء وسكان الحي الذي نعيش فيه وتعرض أشقاءه للاعتقال للضغط عليه ولكنه واصل المشوار رغم التهديد باعتقالي ووالده".
    وتضيف "عانينا كثيرا من خوفنا وقلقنا على حياته حتى تمكنت القوات الصهيونية من اعتقاله في 5- 4- 1988، واعتقلت أشقاءه باسم وراسم وبلال ولم يبق في بيتنا سوى بناتي وتعرضوا للعزل والتعذيب وفرقوهم بين السجون ورفضوا جمعهم لأعيش رمضان والأعياد محرومة من أبنائي ومتنقلة بين سجون الفارعة وعتليت ومجدو والنقب"، وتضيف حوكم أبنائي بالسجن لفترات مختلفة بتهمة الانتماء لحركة فتح ومقاومة الاحتلال ورغم أن جمعيهم متزوجون ولديهم أطفال صمدوا وتحدوا الاحتلال وكان ألمهم كبير بسبب رفض الإدارة جمعهم وحتى السماح لهم بزيارات داخل الأسر واستمرت معاناتنا حتى استشهاده".
    وبينما كانت القوات الصهيونية تحاصر اليامون وتفرض حظر التجول عليها مع تسليم جثمان شهيد معركة الحرية في أنصار 3، فوجئ الجميع بوالدته التي استقبلت جثمانه وودعته بالزغاريد رغم أنها لم تشاهده منذ اعتقاله ومنعت الجميع من البكاء عليه وهي تردد "إنه الشهيد حبيب الله، فدى فلسطين وفداكم بروحه فادعوا له وزغردوا ولا تبكوا فالشهداء يزفون بالزغاريد"، وكانت الوالدة وزوجها قبل رحيله وزوجة الشهيد أم خضر وأشقاءه على عهد الوفاء لبسام، فاحتضنوا أطفاله ريم التي كانت بعمر 6 سنوات وخضر 5 سنوات، وإبراهيم 4 سنوات ولينا 3 سنوات، وأحلام عامين الذين تربوا على سيرته العطرة وقيمه الخالدة وتمكسوا بأحلامه.

    بسام يولد من جديد
    تفانى الجميع في رعاية واحتضان أبناء الشهيد الذين تابعوا دراستهم وحصلوا على شهادة الثانوية العامة بنجاح، لكن ما زالوا يعيشون مشاعر الحزن والألم لغياب الوالد عنهم خاصة في مناسباتهم السعيدة، ويقول خضر "في كل محطة من حياتنا وخاصة في دراستنا ونجاحنا نفتقد أبينا ونتحسر ولكن نفخر كلما حققنا خطوة جديدة في حياتنا لنحقق أحلام أبي الذي دافع عن الوطن في سبيلنا، رحل ولم يرنا ونحن كبار نجسد المستقبل الذي تمناه دوما"، وأضاف "إن روح أبي من تمنحنا الإصرار والعزيمة والنجاح إضافة للحب الكبير لجدينا وأعمامي ووالدتي التي ضحت بحياتها ووهبتنا عمرها فزوجتنا جميعا وامتلأ بيتنا بالأبناء الذين نزرع فيهم قيم ورسالة أبي لتبقى ذكراه حية للأبد".
    وتجسيد ذلك، أطلق الابن الثاني للشهيد إبراهيم على طفله اسم والده ليبقى اسمه كما يقول يتردد على كل لسان، فلن ننسى والدي ووصاياه وسنكون أوفياء لذكراه دوما، لكن الجدة الصابرة التي لا يغمض لها جفن دون استحضار ذكرى شهيدها، تقول "بحمد الله أدينا الأمانة وربينا أبناء الشهيد أفضل تربية وأصبحوا رجالا وآباء، ولكنهم لم ينصفوا في حياتهم، فبسبب المسؤولية وعدم توفر الإمكانية لم يكملوا تعليمهم في الجامعات وهم صابرين وتعلموا كل المهن لكن حياتهم ما زالت صعبه وأتمنى أن تؤمن السلطة الوطنية لهم حياتهم ومستقبلهم". وتضيف "إن الوفاء لذكرى الشهداء برعاية أبناءهم وتوفير شروط حياة كريمة لهم ورغم أن أحفادي يتفانون في عملهم ليل نهار لكن الحياة صعبة وقدمنا عدة طلبات للسلطة لتوظيفهم سواء في وظيفة مدنية أو عسكرية ولكن دون جدوى وكل أمنيتي قبل رحيلي أن أراهم كما تمنى والدهم دوما وعندما يتحقق ذلك يمكن القول أننا أدينا الأمانة الحقيقية للشهداء".

    (صحيفة القدس الفلسطينية، 26/8/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر محمد محمود حسين جودة من مخيم جباليا بغزة بسبب نوبة قلبية وكان الأسير قد أمضى 10 سنوات في السجون الصهيونية

29 مارس 2001

الاستشهادي أحمد نايف اخزيق من سرايا القدس يقتحم مستوطنة نيتساريم المحررة وسط القطاع فيقتل ويصيب عدداً من الجنود

29 مارس 2002

الاستشهاديان محمود النجار ومحمود المشهراوي يقتحمان كيبوتس "يد مردخاي" شمال القطاع فيقتلا ويصيبا عددا من الجنود الصهاينة

29 مارس 2003

قوات الاحتلال الصهيوني بقيادة شارون تبدأ باجتياح الضفة الغربية بما سمي عملية السور الواقي

29 مارس 2002

الاستشهادية آيات الأخرس تنفذ عملية استشهادية في محل تجاري في القدس الغربية وتقتل 6 صهاينة وتجرح 25 آخرين

29 مارس 2002

قوات الاحتلال الصهيوني تغتال محي الدين الشريف مهندس العمليات الاستشهادية في حركة حماس

29 مارس 1998

الأرشيف
القائمة البريدية