الثلاثاء 23 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    في الذكرى 25 لاستشهاده الأسير الراعي: عظمة الشهادة وروعة الصمود

    آخر تحديث: الأربعاء، 10 إبريل 2013 ، 00:00 ص

    "أصمد أُصمد يا رفيق مثل الراعي في التحقيق" شعار يردده باستمرار الرفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.. وسمعناه كثيراً منهم داخل السجون وخارجها، وأدرج في أدبيات الجبهة ونشراتها الداخلية، وهو بمثابة دعوة لشحن الهمم وتعزيز ثقافة الصمود اقتداء برفيقهم الشهيد "إبراهيم الراعي" الذي فضَّل الموت والاستشهاد على الاعتراف وتقديم المعلومات المجانية عن المقاومة والبقاء على قيد الحياة .
    ذاك الشهيد الذي حفر كلماته الأخيرة على جدران زنزانته قائلاً: "رفاقي، قد يشنقوني وهذا ممكن وإن شنقوني فلن يميتوني، فسأبقى حياً أتحداهم ولن أموت، وتذكروني سأبقى حياً وفي قلوبكم نبضات".
    سلام على ذاك الشهيد الأسير الذي تحدى وانتصر... صمد ولم يحرك عضلة لسانه، فضّل الشهادة على الاعتراف... فاستحق أن يبقى حياً في العقول والقلوب... واستحقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كان ينتمي لها الشهيد احترامنا وتقديرنا لأنها بقيت وفية له ولتضحياته، وسعت لتعزيز ثقافة الصمود، وهي من رفعت شعار "الاعتراف خيانة"، وهي من جعلت من الصمود في التحقيق قاعدة والاعتراف استثناء في تجارب عدة من مراحل الثورة والانتفاضة .
    وللصمود والمقاومة رموز، ونحن شعب يعشق المقاومة، ويحفظ للرموز مكانتها في القلوب، وأبي المنتصر هو واحد من رموز المقاومة والصمود... بل ويُعتبر من أبرز رموز الصمود... صمود حتى التضحية، وتضحية حتى الشهادة، وشهادة بعد انتصار على الجلاد وظلمه في أقبية التحقيق رغم القيد والقهر ...
    الشهادة عظيمة وهي أرقى وأروع أشكال التضحية وملاحم البطولة من أجل الآخرين، فيما يُضاف لها روعة وعظمة خاصة حينما تكون خلف القضبان ومن أجل صون وحماية أسرار الثورة والمقاومة وعدم البوح بها .
    إنها الشهادة التي سطرها الأسير أبى المنتصر، ليتحول بعدها إلى رمز وأسطورة، حفظ له مكانة في عقولنا وقلوبنا، وشكّل مدرسة تُحتذى بثقافتها ومنهجها، وثقافة عامة لمن يرغب أن يصون أسرار حزبه ورفاق دربه مهما كانت صنوف التعذيب قاسية، وغدى تاريخ عريق يتناقله الأجيال وتتوارثه الفصول والأزمنة، وتُكتب فيه القصائد والأشعار، ورمز لمن يبحث عن رموز يفخر بها ويعتز بشموخها وتضحياتها وانتصاراتها ...
    ولم يكن الشهيد الأسير "إبراهيم الراعي" يصل إلى هذه المكانة وأن يسطر تلك التجربة وأن يضحي بحياته من أجل الآخرين، لولا تسلحه بقضيةٍ عادلة، ومبادئٍ راسخة وقناعةٍ بحتمية الانتصار وإلمامه الكامل بكل أساليب التحقيق التي يمكن أن يتعرض لها وأن تمارس ضده.

    الميلاد والنشأة
    ولد الشهيد الأسير "ابراهيم الراعي" "أبو المنتصر" عام 1960م في مدينة قلقيلية وكبر وترعرع في كنف عائلة أصيلة لم تبخل في تقديم أبنائها قرابين لحرية الوطن واستقلاله وأرضعته أمه حليباً ممزوجاً بحب الوطن ومقدساته وبالرفض لكل أشكال الذل والاحتلال، فكبر وكبرت معه القضية فانغرست به وتعمق بها من خلال مطالعته ودراسته للعديد من الكتب والدراسات وبدأت ملامح الرجولة والبطولة ترتسم على شخصيته .
    وفي العام 1978م اعتقلته المخابرات الصهيونية ولم يكن قد تجاوز الثامنة عشر من عمره بعد، وخاض أول تجربةٍ في التحقيق والتي استغرقت أربعة شهور وبالرغم من أنها الأولى إلا أنه انتصر فيها، وحكم عليه بالسجن خمس سنوات على تهم لم يعترف بها، وكانت هذه السنوات الخمس محطةً للإعداد والبناء والتثقيف الذاتي فكان السجن له جامعةً تنقل بين فصولها وقرأ العديد من الكتب والدراسات والتجارب الثورية ومع الوقت أصبح أحد أبرز المثقفين في سجن نابلس القديم ويقدم المحاضرات ويدير الجلسات، بل امتاز أيضاً بالكتابة حيث امتلك قلماً سيالاً يتسم بالسلاسة وترابط الأفكار والتحليل والكلمات الثورية المعبرة والمنتقاة ومع مرور الشهور والسنوات أصبح إبراهيم اسما ذو مكانةٍ مميزةٍ بين رفاقه .
    وفي أوائل الثمانينات وفي خطوة يائسة من قبل الاحتلال لتلميع صورة روابط القرى المهترئة والتي شكلها كبديل عن "م. ت. ف" أقدم على الإفراج عن بضع عشرات من الأسرى فكان اسم إبراهيم من ضمنهم ولم يكن قد أمضى سنوات حكمه، وخلال الحفل الذي أقيم خصيصاً لذلك، لم يتجرع إبراهيم المشهد ولم يقبل بحريته على حساب تعزيز مكانة روابط القرى، فوقف وبكل جرأةٍ أمام جموع الحاضرين يلقي كلمة الأسرى والمفترض أن يتحرروا، و مما قاله بأن هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم وأن "م. ت. ف" هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني... فما كان من سلطات الاحتلال إلا أن أعادته للسجن... فعاد مرفوع الرأس ليكمل فترة حكمه .
    أكملها وأطلق سراحه وانخرط في النضال مباشرة في ساحة النضال الأرحب وكان شعلةً من العطاء وتميز بقدرته العالية على التأثير والاستقطاب ومن ثم التحق بجامعة النجاح الوطنية فكان الطالب الملتزم والمتفوق والقائد النشط والمحرض وفي 29 يناير سنة 1986م، اعتقل الشهيد بتهمة نشاطه المميز في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأطرها الجماهيرية والطلابية وصلته المباشرة بمجموعة اتهمت بقتل جنود صهاينة، فخاض تجربة التحقيق الثانية بإرادةٍ أقوى، ليعجز جهاز المخابرات كما المرة الأولى في انتزاع أي سرٍ منه وحافظ على الصمت المقدس .
    لم يعرف الهدوء أو الاستكانة خلال فترة سجنه ولم يحد السجن من عطائه ونضاله ولم يستسلم للواقع ولم يسمح لحدود السجن الجغرافية وقضبانه الحديدية بأن تحدد مساحة نضاله وعطائه فكان حاضراً باستمرار بين صفوف رفاقه خارج الأسر يراسلهم ويخاطبهم، يوجههم ويقودهم في نفس الوقت... وكانت المخابرات الصهيونية تدرك جيداً خطورته كما كانت تدرك بأن بداخله أسراراً وأسراراً ولو أفشى عنها لاستطاعت اعتقال العشرات من رفاقه وتدمير وتفكيك مجموعات عديدة وحل ألغاز العديد من العمليات التي نفذت ضدها .
    وبعد حوالي عام ونصف وبالتحديد في منتصف عام 1987م، نقل أبو المنتصر للتحقيق في سجن المسكوبية بالقدس لعلاقته بإحدى المجموعات والفعاليات خارج المعتقل واستمر التحقيق معه لعدة شهور وخلالها اعتقلت المخابرات الصهيونية أخته من أجل الضغط عليه لكنه ظل صامداً ولم يدلي بأية أسرارٍ وبعدها نقل إلى سجن نابلس للتحقيق أيضاً وخرج كالعادة من المعركة منتصراً وفي بداية عام 1988م نقل إلى سجن "آيالون" المخصص للعزل ليوضع في زنزانةٍ انفراديةٍ ويُمارس ضده أبشع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي، وفي الحادي عشر من نيسان من عام 1988 كان الموعد مع الشهادة .
    استشهد ولم تسمح سلطات الاحتلال سوى لخمسة عشر شخصاً فقط من أهله بالمشاركة في جنازته ليلاً واستطاع أفراد العائلة الكشف عن الجثمان ووجدوا علامات الضرب المبرح في الرأس وفي أنحاء مختلفةٍ من الجسم ودماء نازفة من الأذن وجرح في الخاصرة وبقع زرقاء متورمة في الرأس، مما يؤكد على أنه أعدم انتقاماً منه ...
    فرحل "إبراهيم" جسداً وبقىَّ حياً في قلوبنا ولم يَمت، ونموذجاً يُحتذى لكل الثوار الأحرار في الصمود الأسطوري والنضال المتواصل فعاش مناضلاً عنيداً معطاءاً، أسيراً شامخاً صامداً، منتصراً في كل المعارك التي خاضها، ومات كالأشجار وقوفاً .

    هذا هو أبا المنتصر الذي كُتبت له الأناشيد والأشعار والقصائد، واليوم وبعد مرور خمسة وعشرين عاماً على استشهاده، نؤكد من جديد بأن ثقافة الصمود في أقبية التحقيق حاجة ملحة يجب أن يتسلح بها كل الثوار ولنردد سوياً "أُصمد أُصمد في التحقيق" وكما كانوا يقولون لنا "الصمود" أقصر الطرق للعودة إلى البيت... فإما أن تعود منتصراً سيراً على الأقدام، وإما أن تعود منتصراً محمولاً على الأكتاف وتبقى حياً في قلوب الملايين وتاريخاً تتناقله الأجيال وتتوارثه الأزمنة ...

    (المصدر: فلسطين الإخبارية، 9/4/2013)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر محمود فايز الريخاوي من رفح خلال إعداده لعبوة ناسفة

23 إبريل 2000

استشهاد الأسير المحرر محمد سلمان أبو إعتيق بسبب مرض القلب ويذكر أن الشهيد أمضى أكثر من 15 عاماً في سجون الاحتلال وأطلق سراحه ضمن صفقة التبادل عام85 والشهيد من مخيم النصيرات

23 إبريل 2000

الوفود العربية في اجتماع عمان تقرر دخول الجيوش العربية النظامية لفلسطين حال انتهاء الانتداب البريطاني

23 إبريل 1948

القوات الصهيونية تسيطر على العديد من القرى المحيطة بمدينة القدس

23 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية