الأربعاء 17 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    زوجة المحرر احمد أبو السعود وأبناؤه يتمنون قضاء عيد الأضحى معه

    آخر تحديث: الثلاثاء، 28 فبراير 2012 ، 00:00 ص

    وحده‎ ‎نجله صلاح‎ ‎من‎ ‎تمكن‎ ‎من‎ ‎معرفة‎ ‎والده‎ ‎المحرر‎ ‎أحمد أبو‎ ‎السعود‎ ‎حنني‎ ‎لدى‎ ‎عرض‎ ‎التلفزيون المصري‎ ‎صور‎ ‎المبعدين‎ ‎في‎ ‎الحافلة‎ ‎المصرية التي‎ ‎أقلتهم‎ ‎بعدما‎ ‎أفرجت‎ ‎حكومة الاحتلال‎ ‎عنهم‎ ‎ضمن صفقة‎ ‎التبادل‎ ‎مع‎ ‎حماس،‎ ‎فتأثير‎ ‎الإضراب على‎ ‎وضعه‎ ‎الصحي‎ ‎أدى‎ ‎لتغيير‎ ‎معالمه،‎ ‎ورغم جلوس‎ ‎زوجته‎ ‎ورفيقة‎ ‎دربه‎ ‎وأبنائه‎ ‎وأحفاده أمام‎ ‎التلفاز‎ ‎يتابعون‎ ‎لحظة‎ ‎بلحظة‎ ‎تفاصيل الصفقة‎ ‎ويبحثون‎ ‎عن‎ ‎صورته‎ ‎وسط‎ ‎الدموع والخوف‎ ‎والقلق‎ ‎لعدم‎ ‎توفر‎ ‎أية‎ ‎معلومات‎ ‎عن جهة‎ ‎الإبعاد،‎ ‎فان‎ ‎صلاح‎ ‎الذي‎ ‎يحفظ‎ ‎تفاصيل وجه‎ ‎والده‎ ‎بعدما‎ ‎قضى‎ ‎معه‎ ‎فترة‎ ‎في‎ ‎اعتقاله الأخير‎ ‎فاجأ‎ ‎الجميع‎ ‎وهو‎ ‎يقفز‎ ‎من‎ ‎كرسيه "‎أنه أبي‎ ‎يا‎ ‎حاجه،‎ ‎انه‎ ‎في‎ ‎الحافلة".
    تسمر‎ ‎الجميع‎ ‎يتابعون‎ ‎المشهد‎ ‎المؤلم‎ ‎وسط الدموع‎ ‎والحزن‎ ‎من‎ ‎هول‎ ‎الصدمة،‎ ‎وقالت‎ ‎الحاجة وطفة‎ ‎عبد‎ ‎الفتاح‎ ‎أبو‎ ‎السعود: "لم‎ ‎أكن‎ ‎أتوقع انه‎ ‎بعد‎ ‎‏25‏‎ ‎عاما‎ ‎من‎ ‎الصبر‎ ‎والانتظار‎ ‎والأمل أن‎ ‎النهاية‎ ‎ستكون‎ ‎الإبعاد‎ ‎ويحرم‎ ‎زوجي‎ ‎من العودة‎ ‎لمنزله‎ ‎وأبنائه‎ ‎وعائلته،‎ ‎انها‎ ‎مأساة‎ ‎وجرح جديد‎ ‎سيبقى‎ ‎ينزف‎ ‎حتى‎ ‎يعود،‎ ‎وما‎ ‎يؤلمني عدم‎ ‎معرفتنا‎ ‎بمصيره‎ ‎ووضعه‎ ‎خاصة‎ ‎انه‎ ‎كان مضربا‎ ‎عن‎ ‎الطعام‎ ‎وتعرض‎ ‎للعزل‎ ‎والعقاب فقلقنا‎ ‎مضاعف‎ ‎وحزننا‎ ‎كبير".

    فرح‎ ‎وحذر
    ورغم‎ ‎ذلك،‎ ‎فإنرؤيته‎ ‎‎خففت‎ ‎من‎ ‎قلق العائلة‎ ‎وخاصة‎ ‎الزوجة‎ ‎الوفية‎ ‎أم‎ ‎السعود‎ ‎التي كرست‎ ‎حياتها‎ ‎لأطفالهما‎ ‎الخمسة‎ ‎وقضت سنوات‎ ‎عمرها‎ ‎على‎ ‎بوابات‎ ‎السجون‎ ‎متمسكة بآمل‎ ‎تحرر‎ ‎زوجها‎ ‎ال‎ ‎ذي‎ ‎يعتبر‎ ‎مسئول‎ ‎فرع السجون‎ ‎في‎ ‎الجبهة‎ ‎الشعبية‎ ‎لتحرير‎ ‎فلسطين وعضو‎ ‎لجنتها‎ ‎المركزية‎ ‎وقائد‎ ‎الإضراب‎ ‎الأخير عن‎ ‎الطعام،‎ ‎وقال: "كانت‎ ‎الأيام‎ ‎الماضية‎ ‎صعبة وقاسية‎ ‎بسبب‎ ‎إضراب‎ ‎الأسرى‎ ‎والهجمة‎ ‎الشرسة التي‎ ‎تعرض‎ ‎لها‎ ‎زوجي‎ ‎بعدما‎ ‎حملته‎ ‎إدارة السجون‎ ‎مسؤولية‎ ‎الإضراب‎ ‎وعزلته‎ ‎وعاقبته حرمته‎ ‎حتى‎ ‎من‎ ‎زيارة‎ ‎المحامي،‎ ‎وعندما‎ ‎سمعنا بالصفقة‎ ‎والتوقيع‎ ‎المفاجئ‎ ‎فرحت‎ ‎وأبنائي بحذر‎ ‎وتذكرت‎ ‎تجربتنا‎ ‎مع‎ ‎الصفقات‎ ‎القديمة وشطب‎ ‎اسمه،‎ ‎وتأجيل‎ ‎صفقة‎ ‎شاليط‎ ‎أكثر‎ ‎من مرة،‎ ‎ولكني‎ ‎أمضيت‎ ‎الوقت‎ ‎بالصلاة‎ ‎والدعاء ليكون‎ ‎الخبر‎ ‎صحيحا‎ ‎ويتحقق‎ ‎حلمنا‎ ‎بالأفراح عن‎ ‎أبو‎ ‎السعود‎ ‎ليعود‎ ‎لمنزلنا‎ ‎ال‎ ‎ذي‎ ‎شيدناه بالكد‎ ‎والتعب‎ ‎والمعاناة‎ ‎ليعمره‎ ‎ويعمر‎ ‎حياتنا بالفرح‎ ‎والسعادة‎ ‎والأمل‎ ‎الذي‎ ‎كان‎ ‎يزرعه‎ ‎في قلوبنا‎ ‎بكل‎ ‎زيارة‎ ‎خلال‎ ‎ربع‎ ‎قرن‎ ‎كامل".‎

    أصعب‎ ‎اللحظات
    اجتمعت‎ ‎كل‎ ‎العائلة‎ ‎في‎ ‎منزلها‎ ‎في‎ ‎بلدة‎ ‎بيت فوريك،‎ ‎وسط‎ ‎عشرات‎ ‎التساؤلات‎ ‎والاتصالات وكل‎ ‎يردد‎ ‎الدعاء‎ ‎والأمنيات،‎ ‎ويقول‎ ‎الابن الثالث في‎ ‎العائلة‎ ‎صلاح‎ ‎الذي‎ ‎كان‎ ‎لدى اعتقال‎ ‎والده‎ ‎في‎ ‎عمر‎ ‎‏8‏‎ ‎سنوات: "اعتقلت مرتين‎ ‎وتجرعت‎ ‎الألم‎ ‎والمعاناة‎ ‎جراء‎ ‎اعتقال أبي‎ ‎وغيابه‎ ‎عنا،‎ ‎ثم‎ ‎في‎ ‎التحقيق‎ ‎وسجني ولكن‎ ‎لحظات‎ ‎انتظار‎ ‎معرفة‎ ‎حقيقة‎ ‎وجود صفقة‎ ‎وموقع‎ ‎اسم‎ ‎والد‎ ‎فيها‎ ‎كان‎ ‎اقسي‎ ‎حتى من‎ ‎السجن،‎ ‎لم‎ ‎تتوقف‎ ‎الاتصالات‎ ‎حتى‎ ‎أعلن رسميا‎ ‎توقيع‎ ‎الصفقة‎ ‎وتحديد‎ ‎الموعد،‎ ‎وبين التناقضات‎ ‎والقوائم‎ ‎انهارت‎ ‎أعصابنا‎ ‎وتوترنا خاصة‎ ‎والدتي‎ ‎ونحن‎ ‎نتذكر‎ ‎النكسات‎ ‎التي تتالت‎ ‎على‎ ‎حياتنا‎ ‎بسبب‎ ‎رفض‎ ‎إدراج‎ ‎اسم أبي‎ ‎في‎ ‎الصفقات،‎ ‎إضافة‎ ‎لمصير‎ ‎والدي‎ ‎المجهول وال‎ ‎ذي‎ ‎عزل‎ ‎بسبب‎ ‎الإضراب‎ ‎حتى‎ ‎شاهدناه يتكرر‎ ‎في‎ ‎كل‎ ‎القوائم".
    وبين‎ ‎سعيها‎ ‎لإيصال‎ ‎الخبر‎ ‎لأبو‎ ‎السعود‎ ‎الذي منع‎ ‎المحامي‎ ‎من‎ ‎زيارته‎ ‎في‎ ‎عزله‎ ‎وبعد‎ ‎التأكد من‎ ‎اسمه‎ ‎انهمكت‎ ‎العائلة‎ ‎في‎ ‎التحضير‎ ‎لأول عيد‎ ‎سيأتي‎ ‎عليها‎ ‎بتحرر‎ ‎أبو‎ ‎السعود،‎ ‎وتجمع الأبناء‎ ‎والبنات‎ ‎مع‎ ‎الأهل‎ ‎جميعا‎ ‎للتحضير لمراسم‎ ‎استقبال‎ ‎عميد‎ ‎أسرى‎ ‎محافظة‎ ‎نابلس والجبهة‎ ‎الشعبية‎ ‎وقال‎ ‎صلاح: "تذكرت‎ ‎عندما كنت‎ ‎مع‎ ‎أبي‎ ‎في‎ ‎سجن‎ ‎جلبوع‎ ‎خلال‎ ‎الفترة التي‎ ‎جمعونا‎ ‎معا‎ ‎وهو‎ ‎يحثني‎ ‎على‎ ‎الصمود ويؤكد‎ ‎لي‎ ‎انه‎ ‎سيفرج‎ ‎عنه‎ ‎وأمنياته‎ ‎بان‎ ‎يزور أضرحة‎ ‎الشهداء‎ ‎وأمله‎ ‎إن‎ ‎يتمكن‎ ‎من‎ ‎تعويض والدتي‎ ‎عن‎ ‎صبرها‎ ‎وبطولتها‎ ‎وعناق‎ ‎احفاده وبدأنانجهز‎ ‎لاستقباله‎ ‎الصور‎ ‎واليافطات ووقائع‎ ‎المهرجان‎ ‎بما‎ ‎يليق‎ ‎بالقائد‎ ‎الجبهاوي الذي‎ ‎خاض‎ ‎كل‎ ‎معارك‎ ‎الحركة‎ ‎الأسيرة‎ ‎وصمد رغم‎ ‎كل‎ ‎ظروف‎ ‎القهر".‎

    من‎ ‎الذاكرة
    بكت‎ ‎أم‎ ‎السعود‎ ‎وهي‎ ‎تحدق‎ ‎في‎ ‎الصور‎ ‎التي تزين‎ ‎منزلها‎ ‎وتتذكر‎ ‎بدايات‎ ‎حياتها‎ ‎مع‎ ‎أبو السعود‎ ‎الذي‎ ‎اقترنت‎ ‎به‎ ‎في‎ ‎مطلع‎ ‎السبعينيات من‎ ‎القرن‎ ‎الماضي‎ ‎وفرحته‎ ‎لدى‎ ‎إنجاب‎ ‎باكورة أبناءه‎ ‎سوسن.‎ وقالت: "رغم‎ ‎فرحه‎ ‎لم‎ ‎يقيده‎ ‎ذلك‎ ‎أو‎ ‎يؤثر على‎ ‎تفكيره‎ ‎الدائم‎ ‎بالانخراط‎ ‎في‎ ‎مسيرة الثورة‎ ‎والنضال،‎ ‎دوما‎ ‎كان‎ ‎يتحدث‎ ‎عن‎ ‎فلسطين وحريتها،‎ ‎لذلك‎ ‎سفر‎ ‎للعمل‎ ‎ولكن‎ ‎بشكل‎ ‎سري التحق‎ ‎بصفوف‎ ‎المقاومة‎ ‎في‎ ‎سوريا،‎ ‎وبدأت‎ ‎أولى محطات‎ ‎حياته‎ ‎النضالية‎ ‎بعدما‎ ‎تلقى‎ ‎تدريبه العسكري‎ ‎وتتلمذ‎ ‎على‎ ‎يد‎ ‎أخيه‎ ‎معروف‎ ‎أبو السعود‎ ‎الذي‎ ‎كان‎ ‎مسئولا‎ ‎عن‎ ‎احد‎ ‎المواقع التدريبية‎ ‎التابعة‎ ‎للجبهة‎ ‎الديمقراطية،‎ ‎ثم عاد‎ ‎الى‎ ‎ارض‎ ‎الوطن".
    ثم‎ ‎بادر‎ ‎لتشكيل‎ ‎أول‎ ‎خلية‎ ‎عسكرية‎ ‎في بلدتنا‎ ‎تركزت‎ ‎مهمتها‎ ‎في‎ ‎توفير‎ ‎السلاح وتهريبه‎ ‎للخلايا‎ ‎الفدائية‎ ‎عبر‎ ‎حدود‎ ‎الأردن، ولكن‎ ‎سلطات‎ ‎الاحتلال‎ ‎تمكنت‎ ‎من‎ ‎اعتقال عدد‎ ‎من‎ ‎رفاقه،‎ ‎فاعتقل‎ ‎زوجي‎ ‎وحكم‎ ‎بالسجن عامين‎ ‎وخلال‎ ‎ذلك‎ ‎استشهد‎ ‎شقيقه‎ ‎معروف عام‎ ‎‏1981‏".
    وأضافت: "في‎ ‎اعتقاله‎ ‎الأولي‎ ‎واكب‎ ‎أبو السعود‎ ‎الكثير‎ ‎من‎ ‎القضايا‎ ‎واستغل‎ ‎الفترة‎ ‎في الدراسة‎ ‎والبحث‎ ‎والعمل‎ ‎التنظيمي‎ ‎والنضالي، ويتذكر نجله صلاح تلك الحقبة أوائل الثمانينات‎ ‎من‎ ‎القرن‎ ‎الماضي‎ ‎فيقول:" ‎خلال احتجاز‎ ‎أبي‎ ‎في‎ ‎سجن‎ ‎نابلس‎ ‎تمتع‎ ‎بعلاقات وطيدة‎ ‎مع‎ ‎المعتقلين‎ ‎وتمكن‎ ‎من‎ ‎إقامة‎ ‎علاقات واسعة‎ ‎مع‎ ‎مناضلين‎ ‎لم‎ ‎تنل‎ ‎تجربة‎ ‎الاعتقال من‎ ‎إصرارهم‎ ‎على‎ ‎مواصلة‎ ‎النضال،‎ ‎كان‎ ‎أبرزهم رفيق‎ ‎دربه‎ ‎الشهيد‎ ‎إبراهيم‎ ‎الراعيالذي كانمسئولا‎ ‎عن‎ ‎الخلايا‎ ‎العسكرية‎ ‎للجبهة الشعبية،‎ ‎فالتحق‎ ‎أبي‎ ‎بالجبهة".
    فور‎ ‎الإفراج‎ ‎عنه‎ ‎كرس‎ ‎حياته‎ ‎للنضال‎ ‎من خلال‎ ‎المجموعات‎ ‎الفدائية‎ ‎التابعة‎ ‎للجبهة الشعبية‎ ‎مما‎ ‎أدى‎ ‎لاعتقاله‎ ‎لمرات‎ ‎عديدة، كانت‎ ‎مجملها‎ ‎فترات‎ ‎تحقيق‎ ‎سطر‎ ‎فيها ملاحم‎ ‎صمود‎ ‎ونضال‎ ‎حرمنا‎ ‎منها‎ ‎خلاله لفترات‎ ‎مختلفة،‎ ‎فعجزهم‎ ‎عن‎ ‎إدانته‎ ‎جعله هدفا‎ ‎لاعتقالات‎ ‎متتالية‎ ‎خاصة‎ ‎في‎ ‎المناسبات الوطنية‎ ‎والأعياد".
    وأضاف: "لا‎ ‎أذكر‎ ‎خلال‎ ‎عمري‎ ‎أن‎ ‎والدي‎ ‎عاش معنا‎ ‎في‎ ‎منزلنا‎ ‎سوى‎ ‎عيد‎ ‎واحد‎ ‎فالاحتلال دوما‎ ‎له‎ ‎بالمرصاد،‎ ‎وكانت‎ ‎دوما‎ ‎والدتي‎ ‎تتحمل كل‎ ‎الهموم‎ ‎والآلام،‎ ‎لم‎ ‎تتخل‎ ‎عن‎ ‎زوجها‎ ‎وتصر على‎ ‎رعايتنا‎ ‎وتخفيف‎ ‎معاناتنا‎ ‎خاصة‎ ‎وإننا كنا‎ ‎خمسة‎ ‎أطفال‎ ‎حرموا‎ ‎والدهم‎ ‎ولم‎ ‎يجتمع شملنا‎ ‎معه‎ ‎في‎ ‎مناسبة‎ ‎سعيدة‎ ‎واحدة".‎

    صدمة‎ ‎الإبعاد
    انهالت‎ ‎التهاني‎ ‎وتوافد الأهلوالمحبين على‎ ‎منزلهم،‎ ‎ولكن‎ ‎شكل‎ ‎قرار‎ ‎الإبعاد‎ ‎الصدمة القاسية،‎ ‎وقال‎ ‎صلاح: "إدراج‎ ‎اسم أبيفي الصفقة‎ ‎أفرحنا‎ ‎لأول‎ ‎مرة‎ ‎في‎ ‎حياتنا‎ ‎أنعش الأمل‎ ‎في‎ ‎قلوبنا‎ ‎ولكن‎ ‎صدمنا‎ ‎عندما‎ ‎ابلغنا أن‎ ‎أبي‎ ‎سيبعد،‎ ‎وكانت‎ ‎والدتي‎ ‎أول‎ ‎من‎ ‎صرخ، غضبنا‎ ‎وحزنا‎ ‎وهي‎ ‎تردد‎ ‎ما‎ ‎هو‎ ‎مصيره‎ ‎وكيف سيعيش‎ ‎ولماذا‎ ‎لا‎ ‎يعود‎ ‎لمنزلنا‎ ‎وأين‎ ‎سيذهب في‎ ‎هذا‎ ‎السن".
    ضمت‎ ‎أم‎ ‎السعود‎ ‎صورة‎ ‎رفيق‎ ‎دربها‎ ‎لصدرها وهي‎ ‎تبكي: "‎من‎ ‎سجن‎ ‎لآخر‎ ‎ستقضي‎ ‎حياتك إنه‎ ‎ظلم‎ ‎ولكن‎ ‎بإذن‎ ‎الله‎ ‎سنصبر‎ ‎ففي‎ ‎كل الأحوال‎ ‎ستعود‎ ‎وأي‎ ‎مكان‎ ‎حر‎ ‎في‎ ‎العالم‎ ‎أفضل من‎ ‎السجن‎ ‎الصهيوني‎ ‎الذي‎ ‎حرمنا‎ ‎منه‎ ‎منذ اعتقاله‎ ‎في‎ ‎‏23‏ / ‎‏5‏/ ‎‏1987‏‎ ‎ØŒ‎ ‎وما‎ ‎زلنا‎ ‎محرومين منه‎ ‎حتى‎ ‎بعد‎ ‎تحرره‎ ‎ونجاح‎ ‎صفقة‎ ‎الوفاء للأحرار".

    أول‎ ‎اتصال‎ ‎هاتفي
    لم‎ ‎تنم‎ ‎أم‎ ‎السعود‎ ‎ليومين‎ ‎وهي‎ ‎تنتظر الإجابة،‎ ‎ومع‎ ‎فتح‎ ‎بوابات‎ ‎السجون‎ ‎وإعلان تنفيذ‎ ‎الصفقة‎ ‎لم‎ ‎تبرح‎ ‎مقعدها‎ ‎‏‏‎ ‎أمام‎ ‎التلفاز وبعدما‎ ‎مشاهدة‎ ‎زوجها،‎ ‎تزايدت‎ ‎الدموع‎ ‎مع المصير‎ ‎المجهول‎ ‎حتى‎ ‎تلقى‎ ‎نجلها‎ ‎صلاح‎ ‎الاتصال الهاتفي‎ ‎من‎ ‎والده،‎ ‎ويقول‎ ‎صلاح: "أصبحنا‎ ‎في وضع‎ ‎صعب‎ ‎نريد‎ ‎معرفة‎ ‎مصير‎ ‎ووجهة‎ ‎أبي، لم‎ ‎يتصل‎ ‎بنا‎ ‎احد‎ ‎ولا‎ ‎تتوفر‎ ‎معلومات‎ ‎عن مكان‎ ‎إبعاده،‎ ‎حتى‎ ‎اتصل‎ ‎أبي‎ ‎في‎ ‎مساء‎ ‎الثلاثاء وابلغني‎ ‎أنهم‎ ‎في‎ ‎الحافلة‎ ‎في‎ ‎الطريق‎ ‎لمطار القاهرة،‎ ‎وبعدما‎ ‎اطمأن‎ ‎على‎ ‎والدتي‎ ‎والعائلة قال‎ ‎لي: "‎عرض‎ ‎علي‎ ‎ثلاث‎ ‎خيارات‎ ‎للإبعاد‎ ‎قطر وتركيا‎ ‎وسوريا‎ ‎ما‎ ‎رأيكم‎ ‎وأي‎ ‎دوله‎ ‎أسهل‎ ‎لكم".
    وأضاف‎ ‎صلاح: "‎أبلغته‎ ‎انه‎ ‎هو‎ ‎صاحب الخيار‎ ‎لأنه‎ ‎قادر‎ ‎على‎ ‎تحديد‎ ‎ومعرفة‎ ‎قراره، وبدى‎ ‎متحمسا‎ ‎لسوريا‎ ‎لقربها‎ ‎من‎ ‎فلسطين وبسبب‎ ‎ارتباطه‎ ‎بها‎ ‎تاريخيا‎ ‎فقد‎ ‎تدرب‎ ‎في قواعدها‎ ‎ولها‎ ‎مكانه‎ ‎تاريخية‎ ‎خاصة‎ ‎في‎ ‎قلبه ولوجود‎ ‎أبناء‎ ‎عمي‎ ‎الشهيد‎ ‎معروف‎ ‎فيها".‎ وقال: "‎رغم‎ ‎انها‎ ‎كانت‎ ‎صغيرة‎ ‎وسريعة، لكنها‎ ‎كانت‎ ‎أجمل‎ ‎مكالمة‎ ‎واختتمها‎ ‎أبي‎ ‎بإبلاغي بقرار‎ ‎التوجه‎ ‎لسوريا‎ ‎وأمله‎ ‎أن‎ ‎نلتقي‎ ‎قريبا واعتذر‎ ‎لعدم‎ ‎تمكنه‎ ‎من‎ ‎الحديث‎ ‎طويلا‎ ‎بسبب ظروف‎ ‎السفر"ØŒ مرة‎ ‎أخرى‎ ‎عادت‎ ‎العائلة‎ ‎تنتظر قرب‎ ‎الهاتف‎ ‎وأمام‎ ‎التلفاز‎ ‎الخطوة‎ ‎التالية،‎ ‎وفي ساعة‎ ‎متأخرة‎ ‎من‎ ‎الليل‎ ‎كان‎ ‎اتصال‎ ‎أبو‎ ‎السعود الثاني‎ ‎مع‎ ‎نجله‎ ‎ليبلغه‎ ‎أن‎ ‎الطائرة‎ ‎ستقله لسوريا‎ ‎وانه‎ ‎يحب‎ ‎الجميع‎ ‎ومشتاق‎ ‎إليهم.‎
    مر الوقت‎ ‎بطيئا‎ ‎يقول‎ ‎صلاح: "‎ونحن ننتظر‎ ‎ظهور‎ ‎أبي‎ ‎على‎ ‎التلفاز‎ ‎نسينا‎ ‎كل‎ ‎شيء إلا‎ ‎أبي‎ ‎واتصاله‎ ‎وإجابات‎ ‎عن‎ ‎أسئلتنا‎ ‎حول فترة‎ ‎الإبعاد‎ ‎وواقعنا‎ ‎كاسرته‎ ‎وإمكانية‎ ‎زيارته حتى‎ ‎وصلت‎ ‎الطائرة‎ ‎التي‎ ‎تقل‎ ‎أبي‎ ‎لمطار دمشق‎ ‎الدولي،‎ ‎عم‎ ‎الصمت‎ ‎المكان‎ ‎وحدقت العيون‎ ‎في‎ ‎شاشة‎ ‎التلفاز‎ ‎وتعالت‎ ‎هتافات‎ ‎الله اكبر‎ ‎مع الدموع وهم يشاهدونه‎ ‎حراً‎ ‎على ارض‎ ‎الشام."‎
    وقالت‎ ‎الحاجة‎ ‎وطفة: "‎بكيت‎ ‎واختنقت ولكني‎ ‎حمدت‎ ‎الله‎ ‎انه‎ ‎فرج‎ ‎كرب‎ ‎زوجي‎ ‎وتخلص من‎ ‎سجون‎ ‎الظلم‎ ‎والاحتلال،‎ ‎فهذه‎ ‎الصفقة المشرفة‎ ‎التي‎ ‎نشكر‎ ‎المقاومة وكل منعمل لانجازها‎ ‎كسرت‎ ‎كل‎ ‎معايير‎ ‎الكيان الصهيوني‎ ‎وجعلت زوجي‎ ‎حرا‎ ‎حتى‎ ‎لو‎ ‎كان‎ ‎مبعدا‎ ‎فهو‎ ‎سيعود".‎
    نفس‎ ‎الكلمات‎ ‎ردد‎ ‎المبعد‎ ‎أبو‎ ‎السعود‎ ‎وهو يتحدث‎ ‎لمراسل‎ ‎التلفزيون‎ ‎السوري‎ ‎ØŒ‎ ‎وقال: "‎انه اختار‎ ‎سوريا‎ ‎بحكم‎ ‎انها‎ ‎اقرب‎ ‎لفلسطين‎ ‎ولان سوريا‎ ‎وفلسطين‎ ‎شعب‎ ‎واحد‎ ‎ومركز‎ ‎العروبة، ومنها‎ ‎بدا‎ ‎مسيرة‎ ‎النضال‎ ‎وسيعود‎ ‎مع‎ ‎العائدين لتحرير‎ ‎فلسطين" .
    وأضاف‎ ‎في‎ ‎أول‎ ‎ظهور‎ ‎علني‎ ‎بعد‎ ‎‏25‏‎ ‎عاما‎ ‎من السجن: "‎اشكر‎ ‎شعبنا‎ ‎والمقاومة‎ ‎وكل‎ ‎من‎ ‎حررنا وأؤكد‎ ‎لشعبنا‎ ‎أن‎ ‎نضالنا‎ ‎سيتسمر‎ ‎حتى‎ ‎العودة، وواهمين‎ ‎إذا‎ ‎اعتقدوا‎ ‎إن‎ ‎إبعادنا‎ ‎طريق‎ ‎لوقف نضالنا‎ ‎فنحن‎ ‎سنواصل‎ ‎حتى‎ ‎العودة‎ ‎وتحرير كامل‎ ‎التراب‎ ‎الفلسطيني".
    هتف‎ ‎الجميع‎ ‎وصفق‎ ‎للابن‎ ‎والوالد‎ ‎والقائد، وقال‎ &l


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر جهاد فايز غلمة من الخليل في إشتباك مسلح والشهيد كان قد أمضى مدة شهرين في زنازين سجن الظاهرية

16 إبريل 1995

استشهاد الأسير المحرر خليل مصطفى الأسطل من خانيونس بعدما هاجم جنود الإحتلال بآلة حادة

16 إبريل 1989

استشهاد الأسير محمود عربي فريتخ في سجن جنيد نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد؛ والشهيد من نابلس

16 إبريل 1985

استشهاد الأسير المحرر فتحي الغرباوي في اشتباك مسلح والشهيد من مخيم البريج

16 إبريل 1985

استشهاد المجاهدين بلال صالح وعز الدين عويضات من سرايا القدس من قبل وحدة صهيونية خاصة بقباطية جنوب غرب مدينة جنين

16 إبريل 2008

الاستشهادي المجاهد سامر حماد من سرايا القدس ينفذ هجوما استشهاديا في مدينة تل أبيب الصهيونية فيقتل 9 صهاينة ويصيب العشرات

16 إبريل 2006

استشهاد المجاهد ياسر أبو حبيس من سرايا القدس أثناء مهمة جهادية في مخيم عسكر بمدينة نابلس

16 إبريل 2004

استشهاد المجاهد أحمد محمد عوض من سرايا القدس بقصف صهيوني أثناء رباطه على الثغور في مدينة رفح جنوب قطاع غزة

16 إبريل 2008

استشهاد المجاهد فريد أحمد أبو دراز من الجهاد الإسلامي في مواجهات مع قوات الاحتلال شرق مدينة خان يونس

16 إبريل 1988

اغتيال المناضل الفلسطيني خليل الوزير "أبو جهاد" بتونس، على أيدي القوات الصهيونية الخاصة

16 إبريل 1988

عصابات الهاغاناه تهاجم قريــة ماريس القدس وتهـدم معظم بيوتها وتطــرد سكانها

16 إبريل 1948

قوات الاحتلال ترتكب عدة مجازر في قرى قضاء حيفا في خربة الكساير وطيرة حيفا وهوشة

16 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية