29 مارس 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    والدة السرسك: لا نبحث عن غينيس وإنما عن الحرية لابني

    آخر تحديث: الإثنين، 18 يونيه 2012 ، 00:00 ص

     

    جفت الدموع وحلت الأحزان في حياة الحاجة الصابرة أم محمود فتقضي ساعاتها ليلا ونهارا بين الصلاة والدعوات وبين الصور لعلها تمنحها العزم والصبر والرسائل الواردة من مستشفى الرملة أو المحامين لعلها تخفف ألمها رغم أن الأبدان تقشعر من هول ما تحمله من وصف لحالة فلذة كبدها فتطويها مع موعد نشرات الأخبار أو صوت جرس الهاتف لعله يحمل بشرى تبدد هواجس الخوف وتحررها من كوابيس سلبتها حتى النوم، فكل ما يهمها في هذه الحياة أن تسمع خبرا واحدا ووحيدا عنوانه محمود انتصر وسيعود إليها حرا وسليما وليس للقبر.
    تلك هي الوالدة الستينية أم محمود التي تحولت حياتها لجحيم وعذاب يومي منذ اعتقال الاحتلال لابنها محمود كامل محمد السرسك (25 عاما) الذي اضطر لخوض معركة الأمعاء الخاوية لانتزاع حريته المسلوبة جراء اعتقال تصفه "بالتعسفي والقاسي والأكثر ظلما من الظلم ".
    في منزلها في مخيم رفح في حي الشابورة حيث أنجبت محمود في 20 - 1- 1987 ترتهن حياة الوالدة بالأخبار والهاتف، وتقول: "لم نعد نشعر بأي معنى للحياة أمام إصرار الاحتلال على الاستمرار في اعتقال ابني وحرمانه من حريته رغم الخطر المحدق بحياته مما اضطره للإضراب عن الطعام فهو لم يكن مطلوبا أو يشكل خطرا على الأمن الصهيوني ورغم ذلك اعتقل وهو في طريقه لتحقيق حلمه في تمثيل فلسطين كرياضي محترف".

    طريق الأحلام
    ورغم اجتماع الأبناء والأحفاد حولها فإن أم محمود التي أنجبت 14 نفرا، تقول: "إنه روحي وحياتي ولا أحد يسد مكانه دوما كان طموح ويحلم بالمستقبل خاصة بعدما عشق كرة القدم ونجح في ترتيب أمور حياته بين دراسته وموهبته فقد نجح في الثانوية والتحق في الجامعة لدراسة تخصص برمجة كمبيوتر ولدى اعتقاله كان لا زال يدرس في السنة الثالثة". وتضيف "في صغره كان يحب رياضة الجري وكرة القدم وعندما بلغ سن 8 أعوام بدأ مشواره الرياضي في نادي رفح للأشبال تدرب وتطور وكبر وهو يحقق نجاحا تلو الآخر".
    في سن 14 عاما سجل محمود أول نقلة نوعية في تطوير موهبته الرياضية فقد تحقق حلمه بعدما رشح للعب في صفوف منتخب فلسطين الوطني لكرة القدم، وتقول والدته "كان أصغر لاعب في صفوف المنتخب الوطني لكنه تميز وتفوق وأبدى مهارة وإبداع في المباريات التي شارك فيها حتى أصبح يلعب على المستوى العربي والدولي".
    مثل محمود فلسطين في لعبة كرة القدم ضمن المنتخب الفلسطيني في أكثر من دولة عربية و أجنبية ومنها مصر، قطر، والعراق النرويج، وتركيا وفي ذروة عطائه حصل على فرصة اللعب مع فريق نادي بلاطة الرياضي ليكون محطته التالية نحو الاحتراف في أحد النوادي العريقة عربياً وعالمياً.

    الاعتقال المفاجئ
    فرح محمود بالفرصة الجديدة، ودع أسرته وانطلق إلى معبر بيت حانون للعبور نحو طريق أحلامه ولكن كان الاحتلال له بالمرصاد، وتقول أم محمود: "رغم حزني لأنه سيفارقنا فرحنا لفرحه وودعناه وجلست انتظر وصوله للضفة لمتابعة مواعيد مبارياته لكن الاحتلال صادر فرحتنا واعتقل أحلامه وفي 22 - 7- 2009 لم يصل إلى بلاطة وإنما نقل للتحقيق رغم حصوله على تصريح مرور من القوات الصهيونية لدخول الضفة الغربية". وتضيف "صدمنا من الخبر فالتصريح كان يعني الأمان ولكنهم خدعونا وحكموا على أحلامه بالاعتقال أيضا". وخلال زيارة محامي نادي الأسير له، روى السرسك أنه "فور اعتقاله نقل المعتقل إلى مركز تحقيق عسقلان وعلى مدار 30 يوماً تعرض للتحقيق الجسدي والنفسي ومنع من الزيارات للاشتباه بعضويته في حركة الجهاد الإسلامي "، وأضاف "عجزت المخابرات عن تقديم أدلة وأنكرت التهم ورغم ذلك رفضوا الإفراج عني".

    قانون مقاتل غير شرعي
    وبينما كان ينتظر الحرية بعد صموده في جولات التحقيق فوجيء محمود كما يقول "بصدور قرار عن جهاز المخابرات الصهيونية بتاريخ 23 / 8/ 2009 باعتقاله بموجب قانون المقاتل غير الشرعي الذي اعتبره أسلوب آخر للاعتقال الإداري الذي يجيز اعتقال الشخص دون تهمة أو محاكمة ودون تحديد مدة الاعتقال وصدر عن جهة تنفيذية لا تتمتع بأي صفة قضائية. وتؤكد وزارة الأسرى ومؤسسة "الضمير" أن قانون المقاتل غير الشرعي يعد شكلاً من أشكال الاعتقال الإداري التي تحرم المعتقل من ضمانات المحاكمة العادلة. وذكرت أن دولة الاحتلال أقرت هذا القانون في العام 2002 واستخدم حينها ضد المعتقلين اللبنانيين الذين تعرضوا للخطف على يد القوات الصهيونية قبيل تحرير المقاومة اللبنانية لأراضي الجنوب اللبناني في العام 2000. وأوضحت الضمير أنه بموجب هذا القانون يسمح لوزير ما يسمى "الأمن" الصهيوني أو من يخوله أن يصدر قرار اعتقال بحق أي شخص من قطاع غزة باعتباره مقاتلاً غير شرعياً لمدة مفتوحة ودون تحديد موعد لإطلاق سراحه حيث يثبت الأمر وبتم مراجعته قضائياً أمام قاضي محكمة مركزية كل 6 شهور، ودون تقديم لائحة اتهام بحق الشخص بل اعتماداً على مواد سرية يطلع عليها القاضي فقط ولا يتم إطلاع المتهم ومحاميه عليها والأمر غير محدد بمدة زمنية.
    وأضافت "وبموجب هذا القانون اعتقل العشرات من أبناء قطاع غزة واليوم المعتقل السرسك هو المعتقل الوحيد بموجب هذا القانون المناف للقانون الدولي الإنساني، كما أنه اصغر معتقل فلسطيني يحتجز تحت هذا القانون منذ بدأ العمل به بحق سكان قطاع غزة". واعتبر تقرير لوزارة الأسرى ومؤسسة "الضمير" هذا القانون تحايلاً واضحاً على القانون الدولي الإنساني الذي يضلع بتوفير الحماية لأطراف الصراعات المسلحة كما نصت على ذلك اتفاقيات لاهاي 1907 واتفاقيات جنيف الأولي والثانية والثالثة، فيما وفرت الاتفاقية الرابعة من اتفاقيات جنيف للعام 1949 حماية المدنيين في وقت الحرب الواقعين تحت الاحتلال والملحق الأول الخاص بها.

    معركة الأمعاء الخاوية
    من سجن لآخر تنقل محمود وسط تجديد اعتقاله ورفض الإفراج عنه، ويقول لمحامي وزارة الأسرى فادي عبيات "بعد إغلاق كل الأبواب أمام حريتي وخلاصي من جحيم الاعتقال أعلنت إضرابا مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على استمرار احتجازي دون تهمة أو محاكمة، فردت مصلحة السجون على ذلك بعقابي ونقلي من سجن النقب الصحراوي بتاريخ 8/ 4/ 2012 إلى العزل الانفرادي في سجن "أيشيل" في سجن بئر السبع". خلال ذلك، فشلت ضغوط المخابرات وإدارة السجون في إرغامه على كسر إضرابه مما أدى تدهور وضعه الصحي وبعدما أصيب بمضاعفات خطيرة يقول محامي نادي الأسير "نقل في 16 / 4/ 2012 لعيادة الرملة ولكن وضعه الصحي تدهور بسبب إهمال علاجه، مشيرا إلى أن الاحتلال رفض النداءات التي أطلقت لنقله لمستشفى مدني لعلاجه وتخفيف آلامه.
    وذكر محمود، أن الإدارة عرضت عليه الإبعاد للنرويج تحت مسمى رحلة علاج لمدة ثلاثة شهور يسمح له بعدها بالعودة فرفض لأنه اعتبره وتكريساً لسياسة النفي وطالب بالإفراج عنه فوراً لمسقط رأسه في غزة. وأفاد محامي مؤسسة "الضمير"، أن مصلحة السجون وجهاز المخابرات يمارسان أقسى درجات الضغط على المعتقل بغرض حمله على كسر إضرابه مقابل وعود شفوية بإطلاق سراحه في تاريخ 1/ 7/ 2012،غير أن محمود متمسك بموقفه المطالب بتسليمه وثيقة رسمية موقعة تفيد بتعهد والتزام الجهات الصهيونية بإطلاق سراحه في تاريخ 1/7/2012".

    إضراب حتى الحرية
    يواصل محمود معركته رغم مضاعفات وضعه الصحي فأصبح يعاني من الإغماء وضعف شديد في عضلة القلب و مشاكل معوية وضعف الدم، وعلى الرغم من مطالبة المؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية بضرورة نقله لمستشفى مدني لتلقي العلاج والرعاية الطبية، تصر مصلحة السجون على احتجازه في عيادة سجن الرملة حيث أعلن أنه لن يوقف إضرابه حتى الحرية، ونفى تعليقه إضرابه موضحا أنه تناول كميه بسيطة من الحليب حتى تنتهي المفاوضات بين محاميه وممثلي المخابرات مؤكدا أن الحل الوحيد تلبية مطلبه.

    96 يوما
    ووسط خوف وقلق عائلة محمود قالت والدته: "حرمونا من زيارته منذ اعتقاله بسبب المنع الأمني لأسرى القطاع كما رفضوا السماح لنا بالاتصال به ". وأفاد الأسير للمحامي، أنه ولم يسمح له بإجراء اتصال هاتفي مع العائلة على الرغم من مطالبته المتكررة خاصة في الظروف الصعبة التي مرت بها عند مرض والده بالقلب. ووجهت عائلة محمود نداء لكافة المؤسسات والضمائر الحية للتحرك وإنقاذ حياته، وقالت والدته: "إلى متى سيبقى الجميع يتفرج على موت ابني؟، أين مؤسسات حقوق الإنسان؟، لماذا لا يتحرك أحد لإنقاذ حياته؟، نستصرخ كل ضمير حي مساعدتنا لإنقاذه قبل فوات الأوان".
    وفي نفس الوقت، ومع دخوله يومه ال 96 من إضرابه أكد السرسك "أنه لن يتراجع عن إضرابه ولن يساوم على مطلبه الوحيد بالإفراج عنه في 1- 7 ، مناشدا الجميع التحرك لمؤازرته، مؤكدا أن البيانات والشجب والاستنكار لن يجدي أمام السياسات الصهيونية، وقال "لا نبحث عن سجل غينيس ولا ننافس للتصريحات والمناصب نريد الحرية والعودة لحياتنا وأهلنا بعد سنوات الظلم والعذاب، لذلك أناشد الجميع عدم نسياننا وتركنا رهائن للأمن الصهيوني فطلبي الوحيد حريتي وليس أكثر".

    لاعب موهوب ومحترف
    وجراء استمرار محمود في إضرابه وتدهور حالته تعبر الأوساط الرياضية والطبية عن خشيتها أن يؤدي استمرار اعتقاله إلى عطب أعضائه أو فقدان بصره وإصابته بفشل كلوي وغيرها من الأمراض التي قد تطيح بمستقبله الرياضي. في الوقت الذي تشهد عواصم عربية و دولية وقفات تضامنية مع المعتقل والرياضي محمود ومنها مبادرة بعض النشطاء للعب كرة القدم لمدة خمس ساعات في وسط العاصمة البريطانية تضامناً معه وللمطالبة بالإفراج عنه، وكذلك قيام نشطاء فرنسيين بتنظيم وقفة تضامنية معه داخل مقر الاتحاد الوطني لكرة القدم في فرنسا فيما خرج المئات في العاصمة النرويجية أوسلو للمطالبة بإطلاق سراحه.
    وطالبت المؤسسات التي تعنى بالأسرى بالإفراج الفوري عن المعتقل السرسك، وطالبوا المؤسسات الدولية وفي مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الأمم المتحدة لممارسة الضغط الجاد والحقيقي على دولة الاحتلال لوقف كل أشكال الاعتقال الإداري وضمان حياة الأسرى والمعتقلين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال.

    (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 17/6/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر محمد محمود حسين جودة من مخيم جباليا بغزة بسبب نوبة قلبية وكان الأسير قد أمضى 10 سنوات في السجون الصهيونية

29 مارس 2001

الاستشهادي أحمد نايف اخزيق من سرايا القدس يقتحم مستوطنة نيتساريم المحررة وسط القطاع فيقتل ويصيب عدداً من الجنود

29 مارس 2002

الاستشهاديان محمود النجار ومحمود المشهراوي يقتحمان كيبوتس "يد مردخاي" شمال القطاع فيقتلا ويصيبا عددا من الجنود الصهاينة

29 مارس 2003

قوات الاحتلال الصهيوني بقيادة شارون تبدأ باجتياح الضفة الغربية بما سمي عملية السور الواقي

29 مارس 2002

الاستشهادية آيات الأخرس تنفذ عملية استشهادية في محل تجاري في القدس الغربية وتقتل 6 صهاينة وتجرح 25 آخرين

29 مارس 2002

قوات الاحتلال الصهيوني تغتال محي الدين الشريف مهندس العمليات الاستشهادية في حركة حماس

29 مارس 1998

الأرشيف
القائمة البريدية