الخميس 28 مارس 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    زيارات الأسرى أم رائد تروي روايات مالحة الدمع

    آخر تحديث: السبت، 21 يوليو 2012 ، 00:00 ص

    الساعة الثانية فجرًا، استيقظ يا محمود، وارتدِ أجمل ثيابك، سنرى"بابا" قريبًا أريد أن يراك من داخل سجنه بأحسن صورة لنخفف عنه آلام البعد ووحشة الغربة، جملة قالتها والدة الأسير رائد الشيخ قبل 8 سنوات عندما ذهبت لزيارة ابنها في سجن نفحة الصحراوي.
    أنهت أم رائد جميع تجهيزات متاعها استعدادًا لرحلة الذهاب إلى السجن الصهيوني جنوب الأراضي المحتلة، أخذت معها بعض المأكولات التي طهتها بنفسها ويحبها ابنها، وهدايا تذكارية لعلها تدخل عنده في زنزانته لتكون من رائحتها.
    ودعَّ أهل البيت أم رائد، وأوصوها بإيصال السلام والتحيات لرائد، لتنطلق الحاجة إلى مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بصحبة حفيدها محمود البالغ حينها 5 سنوات حين تجمع أهالي الأسرى للانطلاق إلى معبر بيت حانون، وعند الساعة الرابعة فجرًا أدار سائق الحافلة مولدها وانطلق صوب المعبر ليصل هناك عند الساعة الخامسة فجرًا.

    بدء التفتيش
    وصلت الحاجة برفقة العشرات من أهالي الأسرى إلى داخل معبر بيت حانون، لتبدأ عند بوابات هذا المعبر أولى حلقات العذاب التي كانت تتوقعها أم رائد وتحسب لها ألف حساب من خلال هذه الرحلة.
    مجندات الاحتلال العاملات بالمعبر ينادين عبر مكبرات الصوت "النساء يروحوا على القسم الثاني"، وتدخل الساعة الثامنة، وتذهب أم رائد إلى القسم الذي طالبت المجندات النساء بالذهاب إليه، وهناك تقول :"أدخلوا الكلاب البوليسية للتفتيش في أغراضنا وعبثوا بها، ولعقوا بلعابهم النجس الأكل الذي طهوناه لأبنائنا".
    محمود يتعب من بداية الرحلة بسبب كثافة الإجراءات الصهيونية الأولية على المعبر، ويأخذ غفوة على أرجل جدته كما تقول.
    تكمل الحاجة :"الكلاب تنتهي من التفتيش، ليبدأ بعدها التفتيش الذاتي المذل لبعض الأمهات اللواتي تشك المجندات بوجود أي أشياء ممنوعة من الدخول داخل لباسهن، حيث تقوم المجندات بإدخالهن إلى غرفة صغيرة ويجردهن من جميع ملابسهن دون مراعاة للبرد أو لكبر سن بعضهن".

    التعب يزداد
    بعد كل هذه الإجراءات وحالات التفتيش الدقيقة يدخل التعب إلى أم رائد ويسحب منها بعض طاقتها التي تحاول دائمًا المحافظة عليها حتى تظهر لابنها بصحة جيدة ووجه يعمّه الحيوية والنشاط.
    الإجراءات الصهيونية لم تنته ولكن الجزء الأكبر منها قد تم تجاوزه بحسب أم رائد، ويبدأ الجنود والمجندات بإدخال الأهالي إلى الجانب الآخر من المعبر واحدًا تلو الآخر، بعد مرور كل واحد منهم إلى الماسح الضوئي لأجسادهم، وجهاز كشف المعادن، والحلابة الضيقة.
    أم رائد لم تسلم من جهاز كشف المعادن، لترجعها المجندة المسئولة عنه، عدة مرات بسبب وجود جسم معدني، تتأكد الحاجة من خلوه من أي معدن موجود لديها، ولكن الجهاز يطلق سفارته مرة أخرى، حتى تبين أن الشيء المعدني هو "دبوس" المنديل، لتنتهي معاناتها بعد رفعه وتدخل دون أي مشاكل بصحبة حفيدها محمود.

    قرب اللقاء
    الساعة الثانية عشرة ظهرًا، تصعد أم رائد مع محمود إلى الحافلة التي وفرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ولكن انتظرت الحاجة ساعة ونصف حتى امتلأت الحافلة بجميع أهالي الأسرى بعد إنهائهم لإجراءات التفتيش على البوابة النهائية للمعبر.
    دار قائد الحافلة المغطى شبابيكها بلاصق أسود يعدم الرؤية، محركها وانطلق عند الساعة الواحدة والنصف صوب سجن نفحة الصحراوي الذي يبعد ساعتين عن معبر بيت حانون، ويصل أهالي الأسرى هذا السجن إلى بوابات السجن. تصف أم رائد التحصينات الأمنية المحيطة بالسجن بأنها مشددة والجدران عالية وشاهقة وتعلوها أسلاك شائكة، وكاميرات مراقبة تحيط جميع مداخل بوابات السجن، وكلاب مخيفة تقف أمامه.
    وهنا تستطرد أم رائد بالقول :" بعد رحلة عذاب طويلة وصلنا إلى السجن عند الساعة الثانية ظهرًا، ودخلت الحافلة بهدوء إلى ساحة كبيرة، واعتقدنا أننا بداخل السجن، ولكن كان الأسوأ عندما علمنا أن هناك حلقة جديدة من التفتيش سوف تبدأ قبل دخولنا إلى جدران السجن.

    عودة للتفتيش
    ضابطات في الشرطة مرة أخرى، يرددن عبر مكبرات الصوت، "على النساء الوقوف إلى جنب وإبراز الهوية"، تقف أم رائد مع باقي أمهات وزوجات الأسرى، وتأتي شرطية تطلب منها إفراغ كل ما لديها من أكل وملابس على الأرض، وكذلك الأغراض البسيطة التي كان يحملها محمود.
    تتحدث أم رائد عن ذاك اليوم المتعب في أيام حياتها، فتقول: "منعتني تلك الشرطية الطويلة من اصطحاب أي من المأكولات التي كانت معي وحتى الماء قامت بإلقائها في سلة المهملات، وسمحت فقط بإدخال بعض الهدايا التذكارية البسيطة إلى رائد".
    تنتهي ساعات التفتيش في الساحة الكبيرة بعد أن استغرقت ثلاث ساعات لجميع أهالي الأسرى لتصل الساعة الخامسة مساءً دون أن يرى أي من أهالي الأسرى أحدا من أبنائهم.

    الأسرى بالانتظار
    داخل السجون تبدأ إدارة مصلحة السجون إجراءات غير عادية بهذا اليوم، حيث تقوم بتجميع الأسرى الذين لديهم زيارات في قسم واحد قبل العدد لهم، بحسب ما يروي الأسير المحرر أحمد الدكروري أيام الزيارات كيف تكون السجون.
    الدكروري الذي مكث في السجون الصهيونية 23 عامًا وحرر بصفقة "وفاء الأحرار"، يقول عن أيام الزيارة: "في هذا اليوم يقوم الحراس بعد عدنا بتجميعنا عبر نداء أسماء الأسرى الذين لديهم زيارات، ثم يتم وضعنا في قسم واحد يطلق عليه الصهاينة "المتناه" أي الانتظار، نمكث في انتظار أهالينا ساعات، نتناول خلال هذا اليوم وجبتي الإفطار والغداء معاً".
    ثم يتابع بالقول : "بعد وصول الأهل يتم النداء علينا من قبل أحد أفراد الإدارة للخروج إلى غرفة الزيارة، حيث تبدأ عند هذه دقات القلب بالارتفاع لقرب رؤية كل واحد منا ابنه أو أمه أو والده.

    توقيت تنازلي
    هنا تقترب أم رائد ومحمود من رؤية ابنها والده، بعد أن نادى الشرطي عليهما، ليدخلا إلى غرفة الزيارة يبحثان عن رائد بين الأسرى، وتجده الحاجة ولكن هناك عازل زجاجي وليس شبكا حديديا لسماع صوته.
    تجلس أم رائد ومحمود على كرسي من الحديد، تتناول الحاجة سماعة مثبتة على الحائط القريب من الشباك وتبدأ ساعة موضوعة أمامها بالعد التنازلي لتوقيت الزيارة التي تبلغ40  Ø¯Ù‚يقة، صاحت الحاجة بصوت عال "الوووووو، سامعني يا رائد، يرد ابنها سامعك يا مّه كيفك طمنيني على صحتك". يأخذ محمود السماعة من على أذن جدته بقوة ويتحدث مع والده ويتبادل التحيات، وهنا يقف الصوت بين الاثنين، ترفع أم رائد السماعة وتضعها على أذنها وتخاطب رائد، "هل هناك صوت يا مه، يرد نعم ولكن مش سامعك كويس في خروشة بالسماعة.
    تكمل أم رائد حديثها مع ابنها رغم رداءة الصوت بالسماعة، التي يكون متعمدا من قبل إدارة السجن تعطيلها بين فترة وأخرى، كما تقول الحاجة: "بأنها لم تتمتع بالحديث مع ابنها بصوت جيد إلا 10 دقائق من إجمالي الـ " "40دقيقة المخصصة للزيارة.

    الأسرى متشوقون
    وداخل غرفة الزيارة من جانب الأسرى، يسرد المحرر الدكروري الأربعين دقيقة التي يكون بها الأهل متواجدين ويقول:   "هي ليست أربعين دقيقة، نشعر أنها دقائق قليلة، بسبب"الخروشة" "التشويش المتعمد من قبل الإدارة من خلال إضعافهم للكهرباء".
    ويتابع المحرر: "عند انتهاء الأربعين دقيقة يأتي السجانون مطالبين الأهالي بمغادرة الغرفة، وهنا نقوم نحن الأسرى بإلقاء السلام من خلال الإشارة وإرسال القبلات إلى الأبناء والكلام عبر الإشارات".
    وتختم أم رائد حديثها: عند انتهاء توقيت الزيارة بالإشارة إلى أن حالة من الإحباط تدخل إليها بسبب عدم احتضانها لابنها والحديث معه وجهًا لوجه.

    (المصدر: صحيفة فلسطين، 17/7/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد سامر صبحي فريحات من سرايا القدس خلال كمين نصبته قوات صهيونية خاصة ببلدة اليامون شمال جنين

28 مارس 2006

اغتيال ستة أسرى محررين في مخيم جباليا بكمين صهيوني والشهداء هم: أحمد سالم أبو إبطيحان، عبد الحكيم شمالي، جمال عبد النبي، أنور المقوسي، مجدي عبيد، ناهض عودة

28 مارس 1994

اغتيال المناضل وديع حداد  وأشيع أنه توفي بمرض سرطان الدم ولكن دولة الاحتلال اعترفت بمسئوليتها عن اغتياله بالسم بعد 28 عاماً

28 مارس 1978

قوات الاحتلال بقيادة شارون ترتكب مجزرة في قرية نحالين قضاء بيت لحم، سقط ضحيتها 13 شهيداً

28 مارس 1948

الأرشيف
القائمة البريدية