السبت 20 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    المحرر المبعد الكركي: قبورنا فتحت علينا وقد بعثنا من جديد

    آخر تحديث: الثلاثاء، 21 فبراير 2012 ، 00:00 ص

    "كم‎ ‎هي صعبة‎ ‎وقاسية‎ ‎جدا‎ ‎حياة‎ ‎السجون،‎ ‎كم‎ ‎ذقنا فيها‎ ‎من‎ ‎المرارة‎ ‎والألم‎ ‎‎والحرمان‎ ‎لدرجة‎ ‎أنك بإمكانك‎ ‎أن‎ ‎تتخيل‎ ‎لا‎ ‎بل‎ ‎أن‎ ‎تتأكد‎ ‎أن‎ ‎السجون كانت‎ ‎عبارة‎ ‎عن‎ ‎قبور‎ ‎خرجنا‎ ‎منها‎ ‎بعد‎ ‎‎سنوات من‎ ‎الموت‎ ‎والغيبة،‎ ‎فها‎ ‎نحن‎ ‎قد‎ ‎بعثنا‎ ‎من جديد".. ‎ بهذه‎ ‎العبارات‎ ‎لم‎ ‎يستطع‎ ‎الأسير المحرر‎ ‎رجائي‎ ‎‎الكركي‎ ‎أن‎ ‎يخفي‎ ‎دمعة‎ ‎أبت‎ ‎إلا وأن‎ ‎تناسب‎ ‎من‎ ‎مقلتيه‎ ‎وهو‎ ‎يصف‎ ‎واقع‎ ‎السجون،‎ ‎ومدى‎ ‎الظلم‎ ‎‎والحرمان‎ ‎فيها.‎
    المحرر‎ ‎الكركي‎ ‎أفرج‎ ‎عنه‎ ‎ضمن‎ ‎صفقة‎ ‎تبادل الأسرى‎ ‎الأخيرة‎ ‎ولكن‎ ‎ليس‎ ‎إلى‎ ‎مسقط‎ ‎رأسه ‏الخليل‎ ‎بل‎ ‎إلى‎ ‎غزة،‎ ‎أجاب‎ ‎‎عن‎ ‎سر‎ ‎هذه‎ ‎الدمعات التي‎ ‎تنساب‎ ‎على‎ ‎‎وجنتيه‎ ‎التي‎ ‎اكتست‎ ‎بلحيته السوداء: "هذه‎ ‎ليست‎ ‎على‎ ‎ما‎ ‎ذقته‎ ‎من‎ ‎ألم وحرمان،‎ ‎فلحظة‎ ‎واحدة‎ ‎في‎ ‎غزة‎ ‎ونظرة‎ ‎‎إلى استقبال‎ ‎أهلها‎ ‎الكرماء‎ ‎أنستني‎ ‎كل‎ ‎وجع‎ ‎تلك الأيام‎ ‎والسنوات‎ ‎الاحدى‎ ‎عشر‎ ‎التي‎ ‎قضيتها‎ ‎في قبور‎ ‎الاحتلال‎ ‎‎الإسرائيلي،‎ ‎لكن‎ ‎هي‎ ‎الدمعات تنساب‎ ‎على‎ ‎رجال‎ ‎عظماء‎ ‎وكبار‎ ‎تركناهم‎ ‎خلفنا في‎ ‎السجون‎ ‎ليكملوا‎ ‎مشوار‎ ‎هذه‎ ‎‎المرارة‎ ‎بلا‎ ‎أدنى سقف‎ ‎زمني‎ ‎تحدده‎ ‎الأيام‎ ‎ليبعثوا‎ ‎من‎ ‎قبورهم من‎ ‎جديد‎ ‎كما‎ ‎بُعثنا‎ ‎نحن".

    بطاقة‎ ‎شخصية
    وعرف‎ ‎‎الكركي‎ ‎نفسه‎ ‎قائلا: "اسمي‎ ‎رجائي سعدي‎ ‎الكركي) ‎‏34‏‎ ‎عاما(‎ØŒ‎ ‎من‎ ‎مدينة‎ ‎خليل الرحمن،‎ ‎أعزب،‎ ‎توفي‎ ‎والدي‎ ‎‎بعد‎ ‎سبعة‎ ‎شهور من‎ ‎زجي‎ ‎في‎ ‎السجون‎ ‎‎وكانت‎ ‎قد سبقته‎ ‎إليه‎ ‎والدتي‎ ‎قبل‎ ‎سجني،‎ ‎لي‎ ‎خمسة من‎ ‎الإخوة‎ ‎‎Ùˆ‎ ‎‏12‏‎ ‎من‎ ‎الأخوات". وأضاف: "اعتقلت‎ ‎لسنتين‎ ‎عندما‎ ‎كان عمري‎ ‎فقط‎ ‎‏16‏‎ ‎عاماً‎ ‎بتهمة‎ ‎الانتماء‎ ‎لحركة ‏حماس،‎ ‎والقيام‎ ‎بإلقاء‎ ‎الحجارة‎ ‎على‎ ‎قوات الاحتلال‎ ‎في‎ ‎مدينة‎ ‎الخليل،‎ ‎وبعدها‎ ‎خرجت بانتهاء‎ ‎مدة‎ ‎محكوميتي". وقال‎ ‎الكركي‎ ‎عن‎ ‎كيفية‎ ‎اعتقاله‎ ‎الأخيرة وما‎ ‎هي‎ ‎التهمة‎ ‎التي‎ ‎سُجلت‎ ‎ضده: "مع‎ ‎انطلاق انتفاضة‎ ‎الأقصى‎ ‎المباركة،‎ ‎وبعد‎ ‎اشتعالها بشهرين‎ ‎وفي‎ ‎تاريخ‎ ‎‏8‏/ ‎‏12‏ / ‎‏2000‏‎ ‎بالتحديد، تمكنت‎ ‎ومعي‎ ‎اثنين‎ ‎من‎ ‎الإخوة‎ ‎من‎ ‎تشكيل ‏خلية‎ ‎عسكرية‎ ‎وقمنا‎ ‎بتنفيذ‎ ‎أول‎ ‎عملية‎ ‎ضد الاحتلال‎ ‎في‎ ‎مدينة‎ ‎الخليل‎ ‎وتمكنا‎ ‎خلالها‎ ‎من قتل‎ ‎اثنين‎ ‎من‎ ‎‎المستوطنين‎ ‎وجرح‎ ‎آخرين،‎ ‎إلا‎ ‎أنه من‎ ‎المؤسف‎ ‎تم‎ ‎اعتقالنا‎ ‎بعد‎ ‎أيامٍ‎ ‎قليلة‎ ‎من‎ ‎هذه العملية".
    وأضاف: "كنت‎ ‎أنوي‎ ‎‎الخروج‎ ‎للأردن ومنها‎ ‎لفرنسا‎ ‎لتعلم‎ ‎اللغة‎ ‎الفرنسية،‎ ‎وأنا‎ ‎خارج عبر‎ ‎معبر‎ ‎الكرامة‎ ‎تم‎ ‎اعتقالي‎ ‎هناك". وتابع: "وعندما‎ ‎اعتقلوني‎ ‎أدخلوني‎ ‎إلى التحقيق‎ ‎حيث‎ ‎الشبح‎ ‎والتعذيب‎ ‎الذي‎ ‎بات‎ ‎لم يخف‎ ‎على‎ ‎أحد،‎ ‎حيث‎ ‎مكثت‎ ‎بالتمام‎ ‎‎والكامل ‏99‏‎ ‎يوما‎ ‎في‎ ‎تحقيق‎ ‎الزنازين‎ ‎مر‎ ‎علي‎ ‎فيها رمضان‎ ‎والعيدان‎ ‎الفطر‎ ‎والأضحى".

    الحياة‎ ‎بعد‎ ‎الموت
    ويروي‎ ‎المحرر‎ ‎الكركي،‎ ‎حادثة‎ ‎لا‎ ‎تنسى‎ ‎عاش فصولها‎ ‎في‎ ‎سجون‎ ‎الاحتلال‎ ‎حيث‎ ‎قال: "بعد اعتقالي‎ ‎ب‎ ‎‏7‏‎ ‎‎شهور‎ ‎توفي‎ ‎والدي‎ ‎مما‎ ‎كان‎ ‎له‎ ‎أثر مؤلم‎ ‎على‎ ‎نفسي،‎ ‎وبعدها‎ ‎بشهر‎ ‎واحد‎ ‎فقط، حصل‎ ‎معي‎ ‎حادث‎ ‎عجيب،‎ ‎حيث‎ ‎‎كنت‎ ‎أعمل حلاقاً‎ ‎للأسرى‎ ‎في‎ ‎السجن‎ ‎وأثناء‎ ‎العمل‎ ‎في تنظيف‎ ‎المكان‎ ‎وقعت‎ ‎على‎ ‎رأسي‎ ‎وفقدت‎ ‎الوعي مباشرة‎ ‎‎ونقلت‎ ‎إلى‎ ‎مستشفى‎ ‎عسقلان،‎ ‎وبعدها عجزوا‎ ‎أن‎ ‎يسعفوني‎ ‎هناك‎ ‎ونقلت‎ ‎فوراً‎ ‎إلى مستشفى‎ ‎سوروكا‎ ‎عبر‎ ‎‎طائرة‎ ‎عمودية". وتابع: "وبمستشفى‎ ‎سوروكا‎ ‎اكتشفوا‎ ‎أن‎ ‎شريان انفجر‎ ‎بالدماغ‎ ‎وأجريت‎ ‎لي‎ ‎عملية‎ ‎استمرت‎ ‎‏10‏‎ ‎‎ ‎ساعات‎ ‎متواصلة،‎ ‎وبعدها‎ ‎تم‎ ‎الإعلان‎ ‎أنني قد‎ ‎دخلت‎ ‎في‎ ‎حالة‎ ‎موت‎ ‎سريري‎ ‎ودخلت‎ ‎في غيبوبة‎ ‎مدتها‎ ‎‏38‏‎ ‎ساعة‎ ‎‎ومن‎ ‎ثم‎ ‎بفضل‎ ‎الله بعد‎ ‎استيقظت‎ ‎وكنت‎ ‎حينها‎ ‎في‎ ‎العناية المكثفة،‎ ‎وكان‎ ‎هناك‎ ‎ذهول‎ ‎منقطع‎ ‎النظير‎ ‎من ‏الأطباء‎ ‎واقترب‎ ‎لي‎ ‎بروفيسور‎ ‎صهيوني‎ ‎ومسؤول الطاقم‎ ‎الطبي‎ ‎وقال‎ ‎حرفياً: "بدي‎ ‎أقول‎ ‎لك‎ ‎كلمة واحدة،‎ ‎في‎ ‎علم‎ ‎‎الطب‎ ‎يجب‎ ‎أن‎ ‎تكون‎ ‎في‎ ‎عداد الأموات‎ ‎وإذا‎ ‎قدرت‎ ‎لك‎ ‎الحياة‎ ‎تعيش‎ ‎مشلول الجسد‎ ‎بالكامل". وقال: "وحكى‎ ‎‎لي‎ ‎العبارة قائلاً: "مثل‎ ‎أحمد‎ ‎ياسين،‎ ‎فقال‎ ‎لي "‎أنت‎ ‎الله أعطاك‎ ‎حياة‎ ‎جديدة‎ ‎فقط."‎

    حياة‎ ‎الذل‎ ‎والحرمان
    ووصف‎ ‎‎المحرر‎ ‎الكركي‎ ‎حياة‎ ‎الذل‎ ‎والحرمان التي‎ ‎يعيشها‎ ‎الأسرى‎ ‎في‎ ‎سجون‎ ‎الاحتلال، وتحدث‎ ‎عن‎ ‎رداءة‎ ‎الطعام‎ ‎‎هناك‎ ‎وتقليصه بشكل‎ ‎قليل‎ ‎جدا‎ ‎فأسهب‎ ‎قائلاً: "تخيل‎ ‎عندما يأتونك‎ ‎في‎ ‎السجن‎ ‎بحبة‎ ‎واحدة‎ ‎الباذنجان كل‎ ‎‏10‏‎ ‎أو‎ ‎‎‏15‏‎ ‎يوما‎ ‎لعشرة‎ ‎من‎ ‎الأسرى،‎ ‎وكذلك الخضروات‎ ‎الأخرى"‎ØŒ‎ ‎وتحدث‎ ‎عن‎ ‎طرافة‎ ‎بعض المواقف‎ ‎حيث‎ ‎قال: "عندما‎ ‎كانوا‎ ‎يأتوننا‎ ‎بحبة الباذنجان‎ ‎كنا‎ ‎نقبلها‎ ‎فرداً‎ ‎فرداً‎ ‎ونضعها‎ ‎جانباً ننتظر‎ ‎أختها‎ ‎حتى‎ ‎نستطيع‎ ‎أن‎ ‎نصنع‎ ‎منها ‏شيئا‎ ‎يكفينا".

    لحظة‎ ‎النجاة
    شكلت‎ ‎حادثة‎ ‎أسر‎ ‎الجندي"‎جلعاد‎ ‎شاليط" ‎على‎ ‎يد‎ ‎المقاومة‎ ‎الفلسطينية في‎ ‎‎غزة‎ ‎طوق‎ ‎النجاة‎ ‎لكل‎ ‎أسير‎ ‎في‎ ‎سجون الاحتلال،‎ ‎وعن‎ ‎هذا‎ ‎قال‎ ‎المحرر‎ ‎الكركي: "لحظة سماعنا‎ ‎للخبر‎ ‎اختلطت‎ ‎‎المشاعر‎ ‎ودوت‎ ‎السجون بالصراخ‎ ‎والبكاء‎ ‎والفرح‎ ‎ووزعنا‎ ‎الحلوى وسجدنا‎ ‎لله‎ ‎شكرنا،‎ ‎وأخيراً‎ ‎‎وجدنا‎ ‎من‎ ‎ينظر إلينا‎ ‎في‎ ‎بئرنا‎ ‎الذي‎ ‎نسوه‎ ‎الناس".
    الجمعة الأخيرة‎ ‎وما‎ ‎أدراك‎ ‎ما‎ ‎الجمعة‎ ‎الأخيرة‎ ‎فقد كانت‎ ‎‎جمعة‎ ‎البكاء،‎ ‎فلم‎ ‎يبق‎ ‎أسير‎ ‎في‎ ‎السجن إلا‎ ‎وبكى‎ ‎وانتحب‎ ‎الأحباب‎ ‎جميعهم،‎ ‎على‎ ‎فراق أحبة‎ ‎وبقاء‎ ‎آخرين،‎ ‎فكان‎ ‎‎الأسير‎ ‎المحرر‎ ‎معاذ بلال‎ ‎يحرك‎ ‎بكلماته‎ ‎مشاعر‎ ‎كل‎ ‎أسير‎ ‎فتراه يبكي‎ ‎بكاء‎ ‎حارا‎ ‎لا‎ ‎ينفك‎ ‎عنه‎ ‎أبداً"... ‎هكذا ‏وصف‎ ‎الأسير‎ ‎المحرر‎ ‎صلاة‎ ‎يوم‎ ‎الجمعة‎ ‎الأخيرة في‎ ‎السجون‎ ‎قبل‎ ‎الرحيل‎ ‎عنها‎ ‎وترك‎ ‎أحبة‎ ‎لهم هناك‎ ‎يواصلون‎ ‎‎المشوار.‎‏ وقال‎ ‎الكركي: "مضت‎ ‎الأيام‎ ‎بنا‎ ‎ثقيلة جداً‎ ‎وكانت‎ ‎أقسى‎ ‎وأصعب‎ ‎أيام‎ ‎مرت‎ ‎علينا وهي‎ ‎ما‎ ‎بيني‎ ‎‎الإعلان‎ ‎عن‎ ‎الصفقة‎ ‎وتنفيذها، فكانت‎ ‎مرة‎ ‎نسارع‎ ‎فيها‎ ‎الدقائق‎ ‎والثواني ونرجو‎ ‎الساعة‎ ‎أن‎ ‎تسرع‎ ‎حتى‎ ‎نخرج‎ ‎‎من‎ ‎هذه القبور".
    "‎قبورنا‎ ‎فتحت‎ ‎علينا‎ ‎وقد‎ ‎بعثنا‎ ‎من جديد"... ‎ هكذا‎ ‎أراد‎ ها

    (المصدر:صحيفة القدس الفلسطينية)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد المجاهد زكريا الشوربجي من الجهاد الإسلامي بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال، يذكر أن الشهيد أمضى ما يزيد عن 10 سنوات في سجون الاحتلال

20 إبريل 1993

الهيئة التنفيذية للحركة الصهيونية تنتخب الإرهابي ديفيد بن غوريون رئيساً لها ومديراً للدفاع، وتعتبر نفسها وريثة لحكومة الانتداب الصهيوني

20 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية