الثلاثاء 23 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    المحرر خليل أبو علبة: قَطْعُ ساقي مقابِل ثمانية جنود أمر هين

    آخر تحديث: السبت، 05 مايو 2012 ، 00:00 ص

    حتى اللحظة لم أصدق أنني خارج المعتقل، وتأتيني كوابيس في المنام أنني عدتُ ثانيةً إليه، فقد كنتُ موقناً بأنني لن أخرج من تلك المقبرة إلا داخل كيس أسود! في المعتقل كانت تمر الأيام ثقيلة ويحرق فؤادي الشوق إلى أبنائي، لكن ما كان يخفف عني أني أثخنت في اليهود الجراح.
    واليوم خرجت مرفوع الرأس شامخاً على أيدي المقاومة، بعد أن قتلت ثمانية من هؤلاء الأوغاد، واحتضنت أولادي ثانية، للوهلة الأولى لم أصدق أنهم أولادي، فقد كبروا كثيراً وتغيرت ملامحهم لكنني اليوم بينهم أحاول تعويضهم عن سني الحرمان.

    قطعوها انتقاماً
    ست سنوات قضاها الأسير المحرر خليل أبو علبة في العزل، في زنزانة مدى الرؤية فيها متران أو ثلاثة .. لم يرَ فيها الشمس.. سنون أجبرته على ارتداء نظارةٍ شمسية حتى داخل منزله لعدم تحمله الضوء.
    إلتقيناه في بيته في الشيخ رضوان حيث حدثنا عن تجربته الإعتقالية، يقول: " حزنت جداً ندما حين أفقت من الغيبوبة بعد العملية، ووجدت أنني ما زلت على قيد الحياة، وأنني لم أنل الشهادة، ولكنني عزيت نفسي بالآية القرآنية: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم".
    حُكم عليه بالسجن ثمانية مؤبدات، و 21 عاماً، حتى أكرمه الله بالإفراج، فكيف يصف أبو علبة المعتقل؟!، يجيب: "لو اصطدنا عصفوراً من الخلاء، ووضعناه في قفص فسيتضايق في البداية ثم بعدها سيتأقلم، وهكذا الإنسان في بداية الاعتقال كان الأمر صعباً على نفسي، خاصة أنني مبتور الساق وبحاجة لمن يخدمني، فكان عليَّ التأقلم مع أمرين جديدين هما الاعتقال وإعاقتي".
    ويتابع: "هم قطعوا رجلي من أعلى الركبة انتقاماً"، لكنه يعتبر أن قطعها هينٌ مقابل ثمانية جنود، مشيراً إلى أنه في بداية الاعتقال كان في مستشفى الرملة حيث كان هناك معتقلون من كافة التنظيمات ساعدوه وقاموا بخدمته ولم يقصروا في ذلك".

    فرِّق تسُد!
    وأردف قائلاً: " لقد لمست تكافلاً من جميع المعتقلين على اختلاف تنظيماتهم، إذ كنا نشعر أننا جميعاً إخوان نمر بنفس الظروف، وعدونا واحد علينا أن نتحداه، وهو يدبر ضدنا المكائد طوال الأربع وعشرين ساعة، ويحاول أن يتبع مبدأ "فرِّق تسد".
    ولفت إلى أنه عندما وقعت المشاكل بين فتح وحماس في قطاع غزة، فإن إدارة السجون قامت بالفصل بين أسرى الفصيلين في محاولة للتفريق بينهم، رغم عدم وقوع المشاكل بينهم أصلاً!.
    وأشار إلى أنه كان يقضي وقته في داخل المعتقل، في قراءة الكتب ومشاهدة التلفاز، والسماع للمذياع، والخروج للفورة، لكنه عندما كان يخلو بنفسه كان يتذكر زوجته وأولاده، وابنته "ربا" التي ولدت بعد اعتقاله بأربعة شهور، يضيف :"كنت أخلو بنفسي وأتخيل أنني أحدثها، لأني لم أرها ولم أعش معها، وكنت كلما تذكرت أطفالي، أتذكرهم وكأنهم ما زالوا أطفالاً ولم يستطع خيالي أن يرسم لهم صورة وهم كبار".
    ما كان يطفئ نار شوقي قليلاً هو تمكني في بعض المرات من الحصول على هاتف نقال ومحادثتهم والاطمئنان عليهم، قبل أن يتم عزلي لمدة ست سنوات منذ عام 2006 م، يضيف أبو علبة.
    كنت أفكر فيهم دائماً كيف يعيشون وماذا يفعلون وكيف يتدبرون أمورهم خاصةً أنني قبل أن أخرج لتنفيذ العملية، لم أترك لهم في البيت شيكلاً واحداً فقد تركتهم لله ورسوله، فالله يتولاهم ويرزقهم، والحمد لله أنه رزقهم ووجدتهم بحالٍ جيد.

    فخور بالعملية
    فهل ندم أبو علبة للحظة على قيامه بهذه العملية ؟!، يقول :"بالتأكيد لا، فقد قمت بهذه العملية من أجل الله ثم شعبي، وحتى الآن أفتخر بقيامي بها، ولو عاد بي الزمن إلى الوراء لفعلتها ثانيةً".
    تسللت إلى نفس أبو علبة الآمال بالإفراج عنه قليلاً عندما حدثت صفقة التبادل بين حزب الله والاحتلال عام 2004 م وأسر شاليط 2007 م إلا أنه لم يكن من المفرج عنهم في الصفقة الأولى مضيفاً بفخر: "مجاهدونا الأبطال الذين أسروا شاليط هم من حرَّرونا..".
    وتابع: "نحن الذين قمنا بقتل صهاينة ليس لدينا أملٌ في الإفراج عنا إلا من خلال صفقات تبادل، أما المفاوضات فلا يفرج الاحتلال من خلالها إلا عن الجنائيين وذوي المحكوميات الخفيفة ومن لم يشكلوا أي خطر عليها بل يشكل وجودهم في السجن عبئًا على وزارة الأسرى الفلسطينية".
    أبو علبة لم يكن حسن السير والسلوك وفقاً للمعايير الصهيونية في السجون، ورغم أن ساقه مقطوعة إلا أنه لم يتوانَ عن معاقبة سجان صهيوني، عندما اقتحم عليه باب الحمام عنوةً أثناء استحمامه في أثناء العد الصباحي بعد أن رفض أبو علبة الخروج للعد لأنه كان مرتدياً منشفة، فانتظره في أثناء العد للمرة الثانية عصراً، وقد أخرجَ شفرة من مبراة الأقلام وهاجمه بها.
    أعيد أبو علبة بعد هذه الحادثة للتحقيق لمدة ثلاثة أيام، ثم منع من الزيارة وتم عزله إلى حين الإفراج عنه في صفقة وفاء الأحرار، يقول : "هم أرادوا تذكيري بأنني مسجون لديهم وتحت رحمتهم فلا يجوز لي أن أتجرأ عليهم، كما أرادوا أن يعاقبونني حتى لا يتجرأ أحدٌ من الأسرى على فعل ما فعلته، لكنني فخورٌ بأني وضعت حداً لهم وعاقبتهم بحيث لا يكررون فعلتهم مع أي من الأسرى".

    حياةٌ قاسية
    حياة العزل صعبةٌ جداً وقاسية كما يؤكد أبو علبة، الذي قضى أول عام فيها في زنزانة انفرادية، مجاورة لزنزانة الأسير القسامي حسن سلامة الذي وصفه بـ "الجبل " الذي تحمل الكثير من العذابات لكونه في العزل الانفرادي حتى اللحظة، حيث يخرج فيها الأسير للفورة لوحده، مقيداً بالسلاسل الحديدية، مما دفع أبو علبة للتوقف عن الخروج إليها.
    ثم انتقل أبو علبة للعزل الجماعي الذي يواجه فيه المعتقل ضغوطاتٍ كبيرة، ويتعرض لمضايقات، حيث يكون مع خليطٍ من المعتقلين السياسيين والجنائيين والجواسيس، والسجناء الجنائيين اليهود".
    كيف علم أبو علبة بنبأ إدراج اسمه ضمن صفقة"وفاء الأحرار"؟، يضيف: "قبل الصفقة بأربعة أيام سمعت اسمي ضمن قائمة المفرج عنهم عبر المذياع، حيث كنا جميعاً في سجن هداريم ملتفين حول المذياع.
    ويتابع: "عندما سمعت اسمي ضمن المفرج عنهم، شعرت بأن الأرض غير قادرة على حملي من شدة الفرحة إلا أنني كتمت فرحتي لاحقاً عندما تبين لي أن زميلي المتهم بقتل جنود صهاينة، لم يكن اسمه ضمن المفرج عنهم فنسيت فرحتي وأخذت أواسيه، وكان يتابع معي إعلان الأسماء وطار من الفرحة لسماعه نبأ الإفراج عني.
    لكن الخشية من أن ينقض اليهود عهدهم جعل فرحة أبو علبة حبيسة قلبه إلى حين دخول الباص الذي أقله من المعتقل للأراضي المصرية، بينما الإفراج عنه كان بالنسبة له ميلاداً جديداً أو انتقالاً من الموت إلى الحياة.

    (المصدر: صحيفة فلسطين، 5/5/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر محمود فايز الريخاوي من رفح خلال إعداده لعبوة ناسفة

23 إبريل 2000

استشهاد الأسير المحرر محمد سلمان أبو إعتيق بسبب مرض القلب ويذكر أن الشهيد أمضى أكثر من 15 عاماً في سجون الاحتلال وأطلق سراحه ضمن صفقة التبادل عام85 والشهيد من مخيم النصيرات

23 إبريل 2000

الوفود العربية في اجتماع عمان تقرر دخول الجيوش العربية النظامية لفلسطين حال انتهاء الانتداب البريطاني

23 إبريل 1948

القوات الصهيونية تسيطر على العديد من القرى المحيطة بمدينة القدس

23 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية