الخميس 25 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الأسير كريم يونس... ثلاثون عاما في البحث عن الهوية

    آخر تحديث: الأربعاء، 29 فبراير 2012 ، 00:00 ص

     

     

    بقلم: عيسى قراقع
    وزير شؤون الأسرى والمحررين

    دخل عامه الثلاثين بتاريخ 6/ 1/ 2012، إنه الأسير الأقدم حاليا في سجون الاحتلال وفي العالم، المثقف الكاتب والحالم والشاعر وغير القادر على أن يستوعب اعتقال المشاعر الإنسانية وتكبيلها بالحديد ودياجير الظلام في عصر الانفتاح والديمقراطية وربيع حقوق الانسان.
    الأسير كريم يونس ابن قرية عارة في الداخل الفلسطيني الذي طبق عليه وعلى غيره من الأسرى نظام «Ø§Ù„أبرتهايد» بكل امتياز، حيث سلبوه حق المواطنة كفلسطيني يعيش على أرضه داخل فلسطين المحتلة، وسلبوه حقه الوطني والسياسي باستثنائه من كل تفاوض وصفقة واعتباره كائنا لا ينتمي الى أي أرض ولا هوية.
    في رسالته الأخيرة الغاضبة، تساءل كريم يونس عن أسباب عدم شمول الصفقة لكافة الأسرى القدامى وإبقاء أكثر من مائة أسير يقبعون في السجون تحت رحمة القوانين والمقاييس الصهيونية الظالمة، وكأنه في أسئلته كان يبحث عن التحدي للمفاهيم الصهيونية التي تعاطت مع الأسرى وفق تصنيفات وتقسيمات حولت الأسرى الى مجرد أرقام وملفات ورهائن مجردين من حقوقهم الإنسانية.
    ثلاثون عاما وكريم يونس يبحث عن هويته واسمه وكيانه الإنساني والوطني، وقد مرّت عليه حروب واتفاقيات ومشاهد ومعاهدات وصفقات ولا زال خارج النص والفعل والقرار، كأنه بطل ينازع ظلا، وظلا يفتش عن المعنى في المكان.
    ثلاثون عاما وكريم يونس يصرخ تحت مقصلة الإعدام، يهبط ويرتفع، يشهق ويغني، ويرى الحياة أبعد من سجن ومعسكر لدولة لا تجيد سوى إطلاق النار، ويرى نفسه يرتدي شجرا وله أثر الفجر على الندى، ونشيد الطلبة في فوج المدارس لا يطيع النسيان. يكتب لنا بأن لا نواصل السير في جنازاتنا وأن نقف أمام أمه والبحر وذكرياته، ففينا من البراهين ما يجعلنا نواصل الشهوة للحياة، ويكفينا أننا دائما على موعد مع هدف، وخطانا لا تتقدم الى فراغ في زنزانة أو صدى.
    الأسير كريم يونس صدمته الروايات المغلقة، وهو الذي فتح قلبه على كل النهايات، ورأى كيف يفرح الشهداء، ويمشي الأسرى فوق الغمام ويشعلون دمهم في الليل، ويهدأون عندما يلمع ضوء من أقاصي الجليل. سنوات وسنوات مرت عن جسده الدبابات والسياط وخفافيش الظلام، سقط زملائه شهداء وآخرون غادروا الى المجهول، ولا زال في المعسكر يسمع طبول الحرب محشورا بين الموت والرجاء. سنوات وسنوات وهو يقرأ عن استراتيجيات دولة تتضخم نوويا وكراهة وتستعد على مدار الساعة للحرب وبناء السجون وتجريف الجماد والنبات وابتلاع الماء والهواء والصحراء. سنوات وسنوات وهو يتمنى أن نقول لا لكل شيء لا يحيى الانسان ويرمم عظامه ويعيد الى الكرامة سيادتها وبريقها، ويعوض الخسارة بحلم لا يستضيف حلما آخر يجلس في البيت وفي النوم وفي القبر يقاسمنا أدوات الغياب.
    ثلاثون عاما وهو يبحث عن هويته منذ أن حكموا عليه بالإعدام الى أن أعادوه من صفقة عام 1985 حتى إعلان المبادئ وصولا الى صفقة شاليط، ولم يجد من يعيد إليه الكوشان ولا من يأخذه للنوم في حضن أمه المريضة، ولا من يفسر له معنى المؤبد في الزمن العبري. يكتب لنا بان لا نعود الى الوراء، أن نتبع رائحة الأسرى دليلنا في الكلمات وفي المفاوضات لإنقاذ الرجال والغد والذكريات، وأن نصحح الظلم التاريخي عندما داهمنا السلام بالمستوطنات والحواجز والاعتقال واصطياد المكان. كريم يونس يقف على شباك غرفته في سجن هداريم، ينشر قميصه البني ويتطلع الى السماء المسيجة وكأنه سيحلق بعد قليل، يسأله مروان البرغوثي الى أين يا كريم، يقول: لنذهب الى غدنا واثقين بصدق إيماننا وخيالنا السجين.

     (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 20/1/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير معزوز دلال في مستشفى آساف هروفيه الصهيوني نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد

25 إبريل 1995

استشهاد الأسير عبد الصمد سلمان حريزات بعد اعتقاله بثلاثة أيام نتيجة التعذيب والشهيد من سكان بلدة يطا قضاء الخليل

25 إبريل 1995

قوات الاحتلال ترتكب عدة مجازر في الغبية التحتا، الغبية الفوقا، قنير، ياجور قضاء حيفا، وساقية يافا

25 إبريل 1948

العصابات الصهيونية ترتكب المجزرة الثانية في قرية بلد الشيخ قضاء مدينة حيفا

25 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية