السبت 20 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    نحن لسنا أهم من الاستيطان

    آخر تحديث: الأحد، 18 مارس 2012 ، 00:00 ص

    بقلم الأسير المقدسي: حسام زهدي شاهين
    سجن رامون الصحراوي

    تشهد الأوقات التي تسبق صفقات التبادل، ارتفاعاً عالياً في منسوب الآمال والتوقعات لدى الأسرى وذويهم، باقتراب بزوغ فجر الحرية، وهذه حالة إنسانية طبيعية، تعبر عن حالة الإنسان للتمتع بحقه في الحياة، ما دام يمتلك الصحة والشباب، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار العمر الزمني المحدود. فالحرية بشكل عام قيمة عليا مقدسة، ومن أجل استعادتها من مغتصبيها، ارتضى جزء منا كأفراد التضحية بأعمارهم وحريتهم الفردية، حتى نحصلها كشعب، غير أن حرية الشعب تختلف في قيمتها ومدلولاتها عن حرية الأفراد، فضلاً عن كونها المصدر الأساسي لكافة الحريات الفردية الأخرى، وهذه الحرية لا يمكن أن تتجسد كينونتها، إلا إذا حقق الشعب سياته الكاملة فوق ترابه الوطني.
    إذاً فحرية الشعب مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحرية التراب، أما حرية الأفراد، فمرتبطة بعلاقة الفرد مع التراب، وهذه علاقة نسبية تختلف من وعي شخص لوعي شخص آخر، حيث أن البعض قد يُعّرف حريته بالمكان الذي يعيش فيه، وبمنحه الحقوق الإنسانية والسياسية، بغض النظر عن الظروف التي يعيشها وطنه الأم. وللحديث عن هذه القضية نحتاج إلى بحث مطول لأنه من الاستحالة اختزالها بمقالة، أما المقدمة المقتضبة التي التجأنا إليها، فهي تأتي في سياق خدمة الرسالة التي نرنوا إليها، فكما ترتفع الآمال والمعنويات قبل الصفقات، تخبو وتيرتها من بعدها، الأمر الذي يقود أحياناً إلى انفعالات عاطفية، لا تقيس الأمور بلغة العقل أو المنطق، وينفجر المخزون العاطفي المكبوت على مدار سنوات طويلة، ليحال إلى كلمات وعبارات غاضبة، تعبر عن يأس أصحابها من استمرار عجز التنظيمات والقيادة الفلسطينية عن تحرير الأسرى، لأنه من المعيب أن يترك فصيل سياسي أبناءه يرزحون في أقبية السجون لعشرات السنين، من غير أن يسعى إلى تحريرهم بكل الوسائل الممكنة.
    وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بالعاطفة، واستمرار دائرة الصراع المحتدمة على الأرض، يختلط العاطفي بالسياسي، هذا الاختلاط الذي يطغى عليه شكلاً لغوياً يتناقض مع جوهر تضحياتنا كأسرى، هو الذي يجب التوقف عنده، من أجل إعادة فرز المواقف وصياغتها بما يتلائم مع حقيقة واقعنا، ويعيد ترتيب الأولويات الوطنية إلى نصابها الصحيح، حتى لا يتفشى الالتباس، وتشيع في المجتمع مقولات خاطئة، تؤسس لثقافة انهزامية لدى الأجيال القادمة. مما لاشك فيه أن انسداد الأفق السياسي، عدى عن فشله، منذ ما يقارب العشرين عاماً، في إنهاء معاناة المئات من الأسرى وعائلاتهم، بالإضافة إلى عجز التنظيمات الفلسطينية عن تحقيق ذات الغاية باستثناء الصفقة الأخيرة التي لنا عليها بعض المآخذ والملاحظات، كلها عوامل تراكمت لتساعد على الشعور بالإحباط، وفقدان الثقة بمستقبل أفضل لدى جزء منا، خاصة في ظل وجود سلطة وطنية فلسطينية تمارس دورها تحت سقف الاحتلال، هذه المعطيات دفعت البعض إلى تفسيرات خاطئة، وقراءة مشوشة لخارطة المفاوضات الفلسطينية – الصهيونية المجمدة منذ الثلاث سنوات تقريباً، الأمر الذي حذى بهم إلى مطالبة القيادة الفلسطينية بتعديل موقفها! الرافض للتفاوض في ظل استمرار الاستيطان، باعتبار أن الاستيطان أصلاً متواصل ولن يتوقف، وبالإمكان ربط العودة إلى المفاوضات بالإفراج عن الأسرى أو بشكل أدق عن عدد منهم، وبالتالي نحقق خرقاً مزدوجاً في هذا المضمار، إعادة إحياء العملية السياسية، من جهة، وتحقيق إنجاز سياسي بعدم العودة المجانية للتفاوض من جهة ثانية. وللحقيقة، إن هذه الرؤية المبتورة، هي التي صدمتني ودفعتني لكتابة هذه المقالة! لأنها تتجاهل الواقع، وتتنكر للمنطلقات الأساسية التي بنيت عليها منظومة النضال الفلسطيني، فلولا أن الوطن محتل، والكفاح من أجل تحريره واجب وطني وديني وإنساني، لما وجد أحد في السجون على هذه الخلفية الثورية، فاستمرار الاحتلال يعني استمرار المقاومة، واستمرار المقاومة يعني الاستعداد الدائم للتضحية بكافة أشكالها، والهدف المنشود من وراء هذه التضحية الفردية، هو تحقيق المصلحة الجماعية للشعب، بالانتصار لحقوقه المتمثلة بالحرية، والاستقلال الوطني، وحق تقرير المصير. فلو قبلنا جدلاً منطق اختلاط المفاهيم، لكان الأجدر بنا المطالبة بعودة الشهيد إلى أمه وزوجته وأولاده، ولتعايشنا مع الاحتلال ونبذنا الثورة، وحتى لا تفقد بوصلتنا وجهتها، نعيد التذكير، بأن انتصار الثورات لا تقاس بالعمر الزمني للأفراد، وإنما بالعمر التراكمي للأجيال المتعاقبة، وبقدرتها على تطوير أشكال ووسائل نضالها المختلفة، القادرة على إلحاق الهزيمة بالعدو، وبوابة السجن لا يمكن زوالها إلا بعد زوال الاحتلال. وحتى لا يفهم كلامي بشكل خاطئ، وأبدو كمن يدعو إلى التعايش مع السجن، فإنني أقول: "إنه يجب الفصل بين السعي من أجل الحرية من قيد السجن، وهذا حق وواجب، والعبء الأكبر فيه تتحمل وزره فصائل العمل الوطني، حيث ان طريقه كانت ولازالت واضحة ومفهومة، وبين المقايضة، أو بكلمة العطف، غض الطرف عن السرطان الاستيطاني الذي يلتهم أرض الوطن، مقابل الإفراج عن دفعة من الأسرى، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه القيادة الفلسطينية، عندما اعتبرت أن الأسرى ملف من ملفات الحل النهائي، وذلك لعدة اعتبارات، من بينها، أن هذا الحل قد لا يأتي أبداً، أو يتأخر طويلاً، كما أن الأسرى هم أحد المعايير الدقيقة التي يمكن بواسطتها اكتشاف حقيقة النوايا لدى العدو، فمن يرفض الإفراج عن أسير أمضى جل سنوات حياته خلف القضبان، كيف يمكن التوهم أنه يمكن التوصل معه إلى حلول، وحتى تفاهمات في مسائل أكثر تعقيداً، مثل القدس واللاجئين والمستوطنات؟! بالإضافة إلى أن وجود هذا الملف بين الملفات الوطنية الكبرى، جعل البعض يعتقد بإمكانية إعادة ترتيب الأولويات التفاوضية، إلى جانب أن طريقة تعاطينا مع الأمر تمنح عدونا إشارات تساعده على تحويل هذه الورقة، إلى ورقة سياسية رابحة، يمكنه استغلالها والمقايضة بها على حساب قضايا أكثر جوهرية، بما يلبي مصالحه. إن العمل من أجل حرية الأسرى يجب ان يستمر ويتواصل دونما ربط هذا العمل بأية مسائل أخرى، وهذا دور وواجب الكل الوطني، لأن كل اسير يعني أسرة، والأسرة هي اللبنة الأساسية في جدار المجتمع، وصلابته من صلابتها، ولكن بمعنى محدودية العمر، وبقاء التراب، هذا الصوت الذي بدأنا نسمع دبيبه النشاز مؤخراً، هذه المقارنة التي سقط في فخها بعض القيادات أيضاً. بهذا المعنى، فإننا نقول بمليء أفواهنا، وأعلى اصواتنا: نحن لسنا أهم من الاستيطان.

    (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 2/2/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد المجاهد زكريا الشوربجي من الجهاد الإسلامي بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال، يذكر أن الشهيد أمضى ما يزيد عن 10 سنوات في سجون الاحتلال

20 إبريل 1993

الهيئة التنفيذية للحركة الصهيونية تنتخب الإرهابي ديفيد بن غوريون رئيساً لها ومديراً للدفاع، وتعتبر نفسها وريثة لحكومة الانتداب الصهيوني

20 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية