29 مارس 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    خضر عدنان يخترق جدران خزان الاعتقال الإداري

    آخر تحديث: الأحد، 18 مارس 2012 ، 00:00 ص

    بقلم: وليد الهودلي

    لا بد من التأكيد على نقاط هامة جدا في هذا الإضراب غير المسبوق في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية:

    1. لأول مرة يصل الإضراب مدة خمسين يوما وهو إضراب لم يأخذ فيه المضرب ما تجيزه قوانين الإضراب العالمية من تناول لكأس حليب صباحا وآخر مساء كما حدث مثلا في إضراب الأسرى لسنة 2000 والذي استمر واحدا وثلاثين يوما ونتج عنه انتفاضة الأسرى في حينها حيث تحرك المجتمع الفلسطيني بكل قوة مساندا إضراب أبنائه في السجون.. لم يسبق أن واصل المضربون إضرابهم الى هذا الرقم وبشكل متواصل.. وكل من خاض الإضراب يدرك تماما درجة الخطورة وشدة الألم ومرارة الجوع ووهن الجسد وضراوة المواجهة بفارق هائل للإمكانات. أضف الى ذلك أن المضرب اليوم يقوم بالمواجهة وحده بينما لو كان الأمر مع جماعة يقوي بعضها بعضا لكان الأمر أسهل.. ومع الضعف الذي يتناهى في شدته ليبلغ أقسى الدرجات فإن المطلوب منه أن يصد أعتى أنواع الحروب النفسية التي تصاحب الإضراب عادة من قبل إدارات السجون الصهيونية. إن هذا الإصرار العجيب يدل بكل تأكيد على أن الرجل يحمل إرادة عظيمة وقضية عظيمة فلا يعقل أن يستمر الى اليوم من أجل مسألة بسيطة وبما أنها كبيرة فلا بد لمن يعلق جرسها ويطرق خزانها السميك من صاحب إرادة قوية وهمة عالية فريدة..
    2. ما الذي دفعه الى هذه المعركة الخارقة إذن؟ إنهما أمران ما فتئت السلطات الصهيونية تمارسهما بكل صلف وإصرار وبشكل يومي ودائم دون أن تحظى لغاية الان من الضغط والتأثير الذي يعكس نفسه على هذه الممارسات "المعادية للسامية" والتي تصل الى التغيير في هذه السياسة: أولهما الإصرار على تعذيب المعتقل نفسيا وجسديا والأدهى والأمر من هذا الإصرار على الإهانة والتنكيل بشكل صارخ.. والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى إذ لا يكاد يوجد بيت فلسطيني إلا واقتحمت أعماقه صورة من صور التنكيل المريع من خلال بعض أفراده الذين مروا بالتجربة.. ما الجديد إذا عندما يمر خضر عدنان بمثل هذا في تجربته الجديدة والمتجددة مع الاعتقال؟؟ لماذا لا يبلعها ويصمت كما يحدث مع الكثيرين؟ ما أكثر الصامتين عندما تصبح الإهانة عادة يستمرؤها أغلب الناس لقد قرر الشيخ أن يخترق جدار الصمت.. لقد قرر أن يكشف هذه الممارسات المتواصلة وبطريقة مميزة.. لا أبلغ من تكلم الأمعاء الخاوية لتدق نخوة الناس وتثير فيهم غبار المعارك السابقة التي خاضها الشعب مع أسراه.. تلتحم إرادة حرة أبية بإرادة شعب لم يعرف أبدا في قاموسه حالة الانحناء والخنوع وتجرع الإهانة بصمت.. أما ثاني الأمرين التي دفعت بقوة إرادة الشيخ وزودتها بكل هذا الوقود فهي سياسة الاعتقال الإداري.. لقد عانى من هذه السياسة الآلاف على مدار أربعة عقود من الزمن وما زالت هذه السياسة قائمة ومستمرة طالما أن الاحتلال لا يضغط عليه الضغط الكافي لتغيير هذه السياسة.. هنا يقف الشيخ خضر كما يقف كل من يعتقل إداريا في يومه الذي يتلقى فيه القرار ويقع على نفسيته ونفسية أهله وذويه كالصاعقة إذ يعني لهم ما يعني: أقلها فتح ميدان معركة نفسية مفتوحة قد تستمر خمس سنوات وليت المعتقل يعرف منذ البداية كم سيمكث في السجن؟ الأمر يخضع لمهازل تسمى محاكم ظلما وزورا وطواقم محترفة في فن التعذيب النفسي هي التي تقرر التجديد تلو التجديد ومرمرة المعتقل بين ما يسمى بمحاكم التثبيت تصوروا بأن مهمة هذه المحكمة تثبيت قرار المخابرات في تجديد المعتقل الإداري وهناك محكمة الاستئناف حيث يتاح لهذه المحكمة الثناء على حكم محكمة التثبيت أو أن تنزل شيئا من الحكم لتعود ثانية الى المربع الأول قرار ضابط المخابرات ثم محكمة التثبيت ثم الاستئناف والعودة الى بدء ليستنزف المعتقل نفسيا ويمرر عبر قوارير مختبرهم فيفحص ويمحص التقرير السري المرة تلو الأخرى ليصل في النهاية الى اقتطاع من عمر المعتقل عدة سنوات وهو لا يعلم شيئا عن التهمة السرية التي يحاكم عليها... قلنا أن الشيخ خضر على مفترق طرق كما كل معتقل إداري فهل يسير في هذا النفق بصمت أم يقرع الجدران؟ لقد قرر أن يعمل بطريقة يتميز فيها عن زمن غسان كنفاني إذ كان أيامها الفلسطيني المهرب على الحدود والهارب من نكبة صنعها له ذات الاحتلال عليه أن لا يموت ويواصل الحياة.. بينما النقلة العظيمة التي ينقلنا إليها عدنان هي أنه لم يعد للفلسطيني مقبولا أن يكتفي بقرع الجدران طلبا للقمة العيش وإنما عليه أن ينتزع حقه من براثن الاحتلال بعدم الدخول أصلا في خزان الاحتلال.. الاحتلال يريد لنا أن نتعاطى مع جدران محاكمه الهزلية لننتظر أن يمن علينا بالافراج بعد أن يطول بنا الزمان.. يريد لنا أن نقتنع بجدران الزنازين التي يذيقنا فيها شتى أنواع الانتهاكات.. يريد لنا أن نقولب نضالاتنا بما لا نتجاوز جدرانه وجدران العالم المنافق الذي يمول هذه الجدران.. أراد خضر أن يقلب ويحطم هذه الجدران وأن لا يخضع لمعادلاتها بتاتا واختار لذلك معولا انتزعه من أمعائه الخاوية.. لم يتركوا لمن يتمتع بهذه ال روح الحرة العالية أي خيار يحافظ به على أدنى درجات الكرامة.. لم يعد أمامه إلا خياران: إما دخول الخزان (وخزان اليوم يختلف عن خزان غسان) وإذا تسنّى له وللمنظومة التي تعمل من داخل الخزان أن تدغدغ جدرانه السميكة فتدين وتشجب وتستنكر بصوت هادئ وحزين لا يزعج الاحتلال، أو أن يصمم عدم دخول هذه اللعبة من خلال إبداع جديد تسنده إرادة قوية لا تلين.. ولقد سبق لامرأة - عطاف عليان – قادوها للاعتقال الإداري سنة 97 فأضربت أربعين يوما لتخرج بعدها مغلقة لهذا الملف على النساء لعدة سنوات..
    3. لا بد وأن تستغل هذه المعركة التي فتحها عدنان لتكون الشرارة الحاسمة لإنهاء سياسة الاحتلال في الاعتقال الإدارية بهدف الإغلاق الكامل لهذا الملف الأسود.. خاصة إذا اطلعنا على إحصائيات هذا الملف لنجد أرقاما مريعة كما ونوعا.. هناك من أسرى الاعتقال الإداري من أمضى ما يزيد عن خمسة عشر عاما كمجموع لسجناته الإدارية، وهناك من تجاوز الخمس سنوات في سجنة إدارية واحدة من غير أن يصل الى فك رموز التقرير السري الذي يتناوشونه على شرفه من محكمة لأخرى تزيد فيها الروح المعادية للسامية كلما على اسمها وشكلها، فالعليا مثلا تمارس الطقوس بطريقة أكثر براعة ومهنية حيث تبجل التقرير السري وتكن له كل الاحترام والتقدير.. لقد كشف عدنان بإضرابه المفتوح عن الطعام الاعتقال الإداري وكشف كل مساوئه على الملأ فما علينا إلا التقاط هذه اللحظة التاريخية الحاسمة والتحرك بكل قوة لإنقاذ حياته أولا وفي نفس الوقت طرح ملفه وملف الاعتقال الإداري على كل المؤسسات العالمية التي من شأنها أن تناضل من أجل حقوق الإنسان ولنتخيل أن المضرب عن الطعام كان صهيونياً أو أمريكيا أو فرنسيا أو حتى جنوب إفريقي.. كيف ستكون وقفة هذه المؤسسات؟؟ ولا بد أن تتحمل كل الجهات مسؤولياتها عن حياة هذا الرجل الذي قرر أن يخترق خزانا آسنا طال عليه زمان القهر والطغيان.

     (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 10/2/2012)

     


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر محمد محمود حسين جودة من مخيم جباليا بغزة بسبب نوبة قلبية وكان الأسير قد أمضى 10 سنوات في السجون الصهيونية

29 مارس 2001

الاستشهادي أحمد نايف اخزيق من سرايا القدس يقتحم مستوطنة نيتساريم المحررة وسط القطاع فيقتل ويصيب عدداً من الجنود

29 مارس 2002

الاستشهاديان محمود النجار ومحمود المشهراوي يقتحمان كيبوتس "يد مردخاي" شمال القطاع فيقتلا ويصيبا عددا من الجنود الصهاينة

29 مارس 2003

قوات الاحتلال الصهيوني بقيادة شارون تبدأ باجتياح الضفة الغربية بما سمي عملية السور الواقي

29 مارس 2002

الاستشهادية آيات الأخرس تنفذ عملية استشهادية في محل تجاري في القدس الغربية وتقتل 6 صهاينة وتجرح 25 آخرين

29 مارس 2002

قوات الاحتلال الصهيوني تغتال محي الدين الشريف مهندس العمليات الاستشهادية في حركة حماس

29 مارس 1998

الأرشيف
القائمة البريدية