نحو رؤية ثقافية ومشروع ثقافي للنهوض بقضية الأسرى

موضوعات ذات صلةً

• الهيئة القيادية لأسرى الجهاد تعزي بوفاة المفكر د.سميح حمودة
• "الأسرى في رمضان" معاناة مستمرة ولوعة الاشتياق لذويهم

وليد الهودلي
عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين

لاشك بأن الثقافة تأخذ حيزا كبيرا في الصراع الحضاري القائم بين المشروع الذي أقحم نفسه في منطقة تختلف معه في كل شيء وعلى رأسها الاختلاف الثقافي حيث جاء بهوية ثقافية مختلفة كليا.. ومن المعروف أن المرحلة التي تلي مرحلة الاحتلال بالقوة هي مرحلة زراعة قابلية الاحتلال عند الشعب المحتل، وهذه القابلية للاحتلال أخذت مسميات مختلفة منذ سيطرة الاحتلال: " التعايش السلمي، الاعتراف المتبادل، التطبيع.. الخ" وكلها تصب في مصب واحد هو أن نتقبل الاحتلال وبالتالي نعيش حالة الغياب الثقافي أو أن تذوب هويتنا الثقافية في هويته.
وهذا ما لم يحققه الاحتلال بعد ولن يتحقق بإذن الله طالما أن هناك ثقافة فلسطينية تنبض في عروق الفلسطينيين، والأسير الذي دخل الصراع في عمقه وجد نفسه أمام تحد عظيم.. إما أن يذوب أو أن يواجه ويتحدى بفارق هائل في الإمكانات وظروف المواجهة.
لذلك كان العمل الثقافي داخل السجون في تاريخ الحركة الأسيرة مرتكزا أساسيا في الحياة التي يجترحها الأسرى لأنفسهم وللدور المنوط بهم داخل حياة الأسر وإعدادا للتخرج والوسام الذي سيحمله فيما بعد كأسير محرر يبحث له عن دور مميز يخدم من خلاله قضيته.. والسؤال هو حول دور الثقافة في النهوض بقضية الأسرى؟ ومن هو صاحب هذا الدور الثقافي؟؟
1- الأسرى أنفسهم لأنهم الذين يكتوون بنار الأسر ليل نهار وهم بالتالي القادرون على إنتاج ثقافة أكثر صدقا وعمقا بخصوص قضيتهم بما بات يعرف بثقافة السجون أو ثقافة الحرية.. لذلك لا بد من إعطاء الثقافة التي تنتج عن الأسرى الاهتمام الذي يليق بحجم تضحياتهم وأهمية كتاباتهم والموقع المتقدم الذي يكتبون منه عن قضيتهم.. والسؤال:كيف؟ لا بد من إيجاد آليات للنقد والتقويم والتطوير للحالة الثقافية والمحاولات في مجال البحث والكتابة المتواجدة داخل السجون من خلال التواصل الثقافي والتوجيه من قبل فريق وطني أكاديمي متخصص يتابع الوضع الثقافي بكل تفاصيله.  Ø§Ù„طباعة والنشر والدعم الفني عالي المستوى لنتاجات مثقفي الحركة الأسيرة من خلال عمل مؤسسة تأخذ على عاتقها هذا العمل. ولغاية الان لا يوجد من الاهتمام سوى جهود متفرقة تسجل للبعض ولكنها لم تصل لغاية الان للمستوى المطلوب. تشجيع الأدب التسجيلي وكتابة المقالة السياسية التي ترصد أوضاع الأسرى وتسلط الضوء على معاناتهم من خلال تبنيها ونشرها وتشجيع كاتبيها.
2- تشجيع البحث والكتابة الأدبية التي تظهر قضية الأسرى بكل جوانبها الإنسانية والسياسية والأمنية واستكتاب باحثين متخصصين وتوجيه رسائل الماجستير والدكتوراة للبحث في مجالات قضية الأسرى وهذا يبقى كلاما نظريا إن لم نجد المؤسسة التي تتبناه بصدق ومهنية عالية.
3- دخول عالم الإنتاج الفني وتحويل الكتابة الى صوت وصورة من خلال الإنتاج الفني من أفلام وثائقية أو فنية ومسرحية.. هناك ما نجح ككتاب أو رواية أدبية.. ماذا لو تم تحويلها الى مسلسل تلفزيوني أو فيلم أو مسرحية.. إننا إن فعلنا ذلك فإننا نرتفع ارتفاعا كبيرا في عملية التوعية بخصوص قضية الأسرى وحركة الشارعين المحلي والعربي التي عليها أن تلتحم مع آهات الأسرى وتكون جيشا داعما عندما يتحرك الأسرى وينتفضون بسبب ظلم سجانهم لا أن يبقى الأمر مجرد تضامن كما هو حال الآخرين معنا.
4- الترجمة والنشر العالمي للنتاجات الثقافية المميزة حول قضية الأسرى وهذا من شأنه المساهمة في عملية تدويل قضية الأسرى وتحويل النضالات المحلية ال ى حالة عالمية يئن الضمير العالمي من وطأة الظلم الواقع على رؤوس أسرانا من غير أن يسمع به أحد، لننظر كيف صنع الجانب الآخر من مأساة الهولوكوست وأصبحت مسألة عالمية حتى أنهم حولوها الى مسألة غير قابلة للنقاش. قضية الأسرى قضية عظيمة في التاريخ الفلسطيني والحياة الفلسطينية، إنها قضية الإنسان والتي هي جوهر القضية وبالتالي فإنها تستحق منا كل جهد ممكن وما ذكرناه هو القليل المطلوب علنا نفي بحق من ضحى لأجلنا شيئا من حقه علينا..

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 5/3/2012)

تعليقات الفيسبوك