19 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    قصة ميلاد أول شهادة دكتوراه في زنازين اﻻحتلال

    آخر تحديث: السبت، 17 مارس 2012 ، 00:00 ص

    "أن تكون مقيدا بالإغلاق فإن لا يعني بالضرورة أن تكون عاجزاً أو مقيداً الإرادة"، هذا رأي سائر عند الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وما تتحدث عنه ظروفهم من قهر للقهر. حكاية الأسير ناصر عبد الجواد الذي أمضى 12عاما في سجون الاحتلال تمكّن خلالها من الحصول على شهادة الدكتوراه خير شاهد، ودليل على ذلك. وتحدث "الدكتور" عن التفاصيل الكاملة لميلاد الشهادة العليا.

    النظرة الشرعية
    يقول الدكتور ناصر إن المعاناة وظروف القهر داخل السجون نبهته للبحث في موضوع الأسرى وكيف تتم معاملتهم من وجهة نظر الشريعة الإسلامية. ويقول إنه في العام 1997 قرأ في إحدى المجلات عن الجامعة الأمريكية المفتوحة تعلن فيه افتتاح قسم للدكتوراه في الدراسات الإسلامية. لمعت الفكرة في ذهن الأسير عبد الجواد فسارع للالتحاق بذلك القسم: " ناقشت الفكرة مع أسرتي خلال الزيارة وطلبت منهم الاتصال بالجامعة وعرض الفكرة عليها وبقيت بانتظار الجواب. مرت الأيام طويلة على الأسير عبد الجواد بانتظار الرد مع زيارة أهله التالية حتى جاء الموعد وتم إبلاغه أن الجامعة وافقت على ذلك فأرسل لهم عن طريق عائلته الوثائق والأوراق وجميع المستندات المطلوبة وتسلم الخطة الدراسية وشروط الالتحاق بقسم الدكتوراه الجديد وهنا يقول عبد الجواد: "كان المطلوب مني إنجاز 35 ساعة معتمدة من ضمنها تقديم 5 أبحاث أولية تمكنت من اجتيازها خلال عام واحد وهي المدة نفسها التي يقضيها الطالب خارج سجنه".
    هنا يتمايز الإبداع الفلسطيني ويظهر من جديد شعاع أمل ينير عتمة السجون، هكذا تقول الرواية ويواصل سرد فصولها بعناية الدكتور عبد الجواد بقوله: "أشرف الدكتور أكرم الخروبي عميد كلية المهن الطبية بجامعة القدس أبو ديس على أبحاثي وكان له دور إداري مميز في إدارة الاتصال والتواصل مع إدارة الجامعة الأمريكية المفتوحة".

    الأطروحة
    لا شك أن الدنيا لم تكن تسَع الدكتور عبد الجواد وهو يعبر إلى رحابة آفاقها من ضيق سجنه، ويخترق جدرانه متنقلا في دراسته من مرحلة لأخرى، ولمَ لا، لقد انتهت المرحلة الأولى، درس الساعات وقدم الأبحاث لكنه يعلم أن ما تبقى له هو الأصعب، فقد جاء وقت اختيار الأطروحة وأقفل الباب على خيار التراجع، إن كانت هذه معركتك حقا فعليك أن تحسن إدارتها حتى تفوز، هكذا يقول من شهدوا للأسير الفلسطيني بالعبقرية، أما الأسير نفسه فيقول: "بعد جمع المواد وإجراء الأبحاث اخترت أطروحتي، كان يشغل بالي المقارنة بين التسامح الإسلامي مع الأسرى وما يعانيه الأسرى الفلسطينيون اليوم من حالات قمع واضطهاد وهنا جاء عنوان الأطروحة "التسامح الإسلامي مع غير المسلمين" ليعبر عن هذه النظرة ويقدم دراسة توثيقية عن الموضوع.
    أعد عبد الجواد الخطة المتكاملة لدراسته وبعثها للمشرف الذي اختارته الجامعة للمناقشة وهو البروفيسور أمير عبد العزيز المحاضر بجامعة النجاح الوطنية والذي وافق بدوره على الخطة بعد موافقة الجامعة لتبدأ مرحلة جمع المعلومات التي استغرقت مع الأسير عبد الجواد 4 سنوات طوال.

    أين المفر؟؟
    "حين تعيش لنفسك تبدو الحياة قصيرة، تبدأ بيوم ميلادك وتموت حين تموت، أما عندما تعيش لهدف سام ولرسالة جليلة فإن الحياة تغدو أطول حتى من سنوات عمرك".. لقد نذر عبد الجواد نفسه لإنجاز الرسالة والخروج من السجن حاملا لشهادة الدكتوراه التي اعتبرها مشروعا يستحق منه الوقت والجهد والعناء والتعب بل والمعاناة، وهو عن ذلك يقول: "كانت مرحلة السنوات الأربع مليئة بالصعوبات والعقبات في اتجاهات مختلفة، توفير المصادر والمراجع مشكلة، والاتصال الأكاديمي مشوش بفعل طبيعة السجون، وما يتم إنجازه من عملي يبقى عرضة للدمار والمصادرة بسبب التفتيش المستمر والمتواصل للغرف والزنازين.
    وكان وقوع شيء من الأوراق في يد إدارة السجن يعني إفشال المشروع الذي نذر له عبد الجواد حياته، فما قيمة الحياة إن فشلت في إنجاز ما نذرت نفسك لأجله!! هذا كان الهاجس الأهم للأسير عبد الجواد الذي يقول: "كنت أخفي الأوراق التي اكتبها بصورة غريبة وعجيبة، وكان الحرص والدافع يجعلانني استميت لإخفاء (3000) ورقة عن عيون الإدارة في قلب غرفة صغيرة يتم تفتيشها بعناية مرات كل يوم، وتعرض عبد الجواد لفترات انقطاع عن الكتابة تمثلت في عزله والإلقاء به في الزنازين المعتمة، فهناك لا يمكنك أن تنكب إلا على الجراح بعيدا عن عالم الأوراق والأقلام كما يقول، ويضيف: "فرغت من كتابة الأطروحة وانتقلت إلى مرحلة تبييض الورق، كانت الأوراق الجاهزة تؤرقني فهي عبء ثقيل ومصادرتها تعني هزيمة نكراء.
    بدء عبد الجواد تبييض ما كتب، واستغرقت مرحلة التبييض معه عاما كاملا، لقد تطلبت منه الرسالة ثمانية فصول بنسختين ويقول عبد الجواد: "انتهيت من الكتابة ودونت الفهارس والمراجع، ونقلت الأطروحة للخارج فصلا اثر فصل، كل ورقة منها كتبت بدمي لا بحبر رخيص، إنها ثمينة وتساوي في نظري حياتي".

    القنبلة
    بعد أن اطمأن عبد الجواد لانتقال رسالته إلى خارج أسوار السجون والانتهاء من طباعتها وحفظها في نسخ عديدة بأيدٍ أمينة ولدى أكاديميين مهتمين، فجر قنبلته المدوية.تقدم بطلب رسمي لإدارة سجن عسقلان الذي كان يقبع فيه لمناقشة الرسالة والسماح للجنة المناقشة المكونة من الدكتور أمير عبد العزيز مشرفا والدكتور ناصر الدين الشاعر عميد كلية الشريعة في النجاح والدكتور حلمي عبد الهادي المحاضر فيها بدخول السجن وإجراء المناقشة أسوة بفرق الرقابة والامتحانات من الأساتذة الفلسطينيين الذين يزورون السجون في مواعيد امتحان الثانوية العامة كي يؤدي الأسرى امتحاناتهم.
    كان عبد الجواد يعرف الصخب الذي سيثيره  طلبه عند إدارة السجن لكنه كان يعتقد أن الأمر الواقع لن يدفعهم لرفض هذا الطلب.
    ويقول عبد الجواد: "لقد صعقهم طلبي فحضر لزيارتي قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الصهيوني ومدير الاستخبارات في مصلحة السجون وكنت في عسقلان حينها، كان اهتمامهم ينصب على سؤال واحد: كيف استطعت وصول هذه المرحلة، كان اهتمامهم ينصب على سؤال واحد: "كيف استطعت وصول هذه المرحلة دون أن نعلم بذلك"ØŒ ولهذا السبب كان الرفض موقفهم دون الإعلان عن سبب أي انه  لمجرد الرفض.
    لم يفقد عبد الجواد الأمل، وتواصل مع مؤسسات حقوق الإنسان وكان محاميه يتابع الموضوع لكن إدارة مصلحة السجون أصرت على موقفها الرافض للسماح له بالمناقشة فأصبح مصدر إزعاج يؤرقهم بطلبه اليومي المزعج: أريد لجنة الفحص". لم تجد إدارة عسقلان بدا من التخلص من الأسير عبد الجواد، ليس إلى الحرية طبعا فمازال في حكمه عام ونصف العام، نقلته إلى معتقل مجدو ليجد الظروف مهيأة أكثر من عسقلان لمناقشة رسالته.

    عبر النقّال
    عرض عبد الجواد على الجامعة فكرة مناقشة أطروحته من خلال الهاتف النقال فوافقت وتمت المناقشة بعد أسبوع واحد من نقله إلى معتقل مجدو وفي نهاية المناقشة ومنح درجة الامتياز على أدائه، وكان للنقال أيضاً دور في تسليط وسائل الإعلام عليه داخل السجن كونه أنجز أول رسالة دكتوراه في المعتقلات الصهيونية.

    ملف الأسرى
    ويحظى موضوع الأسرى والمعتقلين الساخن فلسطينيا بمكانة مهمة في أطروحة عبد الجواد فقد أفرد لهذا الموضوع فصلا كاملا من فصول رسالته الثمانية حيث يقول: "تمكنت بفضل الله تعالى أن أصّل لنظرية متكاملة في التسامح الإسلامي مع غير المسلمين في جميع الميادين، والمعاملات والعلاقات بين المسلمين وغير المسلمين وهذه هي المرة الأولى".
    ويضيف عبد الجواد: إن أهم فكرة تعتبر جسم رسالته وفحواها أنه توصل لنتيجة مفادها أن الشريعة الإسلامية جعلت من مقاصدها عدم إطالة مدة السجن على الأسير بل إنها تعمل جاهدة على إنهاء حالة الأسر بأقصى سرعة حتى فيما يتعلق بالأسرى من غير المسلمين ويقول عن ذلك: "القاعدة الأساسية التي تنطلق منها الشريعة الإسلامية في التعامل مع الأسرى هي الآية القرآنية القائلة: "فإمّا منّاً بعد وإمّا فداء"، وهذا يعني أن الإسلام لا يقبل أن يبقى الأسير رهين القيد لفترات طويلة ويسعى لتوسيع مخارج إطلاق سراحه.
    ويهتم عبد الجواد الآن بمواصلة مشواره العلمي والأكاديمي وعدم الاكتفاء بما وصل إليه وحسبه في ذلك أنه قطع مسافة طويلة وهو بالقيود فكيف وقد أصبح حرا طليقا.

    (المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

بداية الإضراب الكبير في فلسطين

19 إبريل 1936

الاستشهادي أنس عجاوي من سرايا القدس يقتحم مستوطنة (شاكيد) الصهيونية شمال الضفة المحتلة، فيقتل ثلاثة جنود ويصيب عددا آخر

19 إبريل 2003

تأكيد نبأ استشهاد القائد المجاهد محمود أحمد طوالبة قائد سرايا القدس في معركة مخيم جنين

19 إبريل 2002

استشهاد المجاهد عبد الله حسن أبو عودة من سرايا القدس في عملية استشهادية وسط قطاع غزة

19 إبريل 2002

الاستشهاديان سالم حسونة ومحمد ارحيم من سرايا القدس يقتحمان محررة نيتساريم وسط قطاع غزة ويوقعان عددا من القتلى والجرحي في صفوف الجنود الصهاينة

19 إبريل 2002

عصابة الهاغاناه تحتل مدينة طبريا، حيث سهل الجيش البريطاني هذه المهمة وقدم المساعدة على ترحيل السكان العرب، وانسحب منها بعد يومين تماماً

19 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية