29 مارس 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    مقابر الأرقام وحسن النوايا!!

    آخر تحديث: الإثنين، 00 00 0000 ، 00:00 ص

    بقلم/ د. أيمن أبو ناهية

    بكل ألم وحزن نتسلم رفات جثامين شهدائنا الأبرار أصحاب الذكرى العطرة والسيرة الخالدة والصورة المشرفة والشهادة في سبيل الله فداء لفلسطين وشعبنا وقدسنا وقضيتنا العادلة، الذين ودعونا مجاهدين فدائيين أبطالاً ورجعوا إلينا شهداء أبطال ونحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا، ونسأله أن يتغمدهم برحمته وان يجمعنا بهم في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. 

    سلطات الاحتلال الصهيوني كعادتها تشعرنا بأنها الدولة ذات المصداقية وتتعامل معنا بحسن النوايا وكأنها صاحبة حق وليس مدانة على ما قامت به في السابق ولازالت لم تقصر في ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني. فقتلت من قتلت ولم ترحم أحدا من الأطفال والشباب والنساء وكبار السن، واحتجزت جثثهم فيما يسمى "بمقابر الأرقام"ØŒ حتى الشهداء تعمل سلطات الاحتلال على احتجازهم عندها إلى سنين بل عقود طويلة، التي هي أشبه ما يمكن وصفها بمعتقلاتها التي تأسر فيها أسرانا، فهذا التشبيه هو الذي ينطبق بالفعل على حالة احتجاز دولة الاحتلال لرفات الشهداء، التي تتعمد بجعل كل ما يتعلق بنا هو عبارة عن سجن، سجن معد للشهداء، وسجن معد للأسرى وسجن محكم على الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع. 
    بل إن سلطات الاحتلال الصهيوني تشن علينا حروبا بأشكال مختلفة، فحروبها العسكرية والسياسية والاقتصادية باتت معروفة لدينا وتعودنا عليها، لأنها تمارسها ضدنا جهارا نهارا، لكن الشيء الذي لم نتعود عليه هو حربها النفسية، التي تعتبر أشد من حروبها الأخرى سابقة الذكر، حين تحتجز جثامين شهدائنا لعقود وسنوات طويلة، وبدون معاد وإنذار مسبق تفاجئنا بأسماء الشهداء حسب رقمه المسجل على قبره، لتسلمنا رفاتهم ومنهم من كان مجهول الهوية ولا يعرف أحد عن مصيره ولم تفد سلطات الاحتلال أهله باستشهاده وإن رفات حثته محتجزة لديها أو مدفون في "مقابر الأرقام". وفي هذه الحالة تكون سلطات الاحتلال قد قتلت الشهيد وأهله وذويه مرات عديدة على مدار سنوات الاحتجاز، كما هي قصة اختفاء الشهيد عبد الناصر البوز (مؤسس الفهد الأسود) لأكثر من 23 عاما. أو قصة احتجاز جزء من جثمان الشهيدة ريم صالح الرياشي التي فجرت نفسها على حاجز بيت حانون (ايرز) في يناير 2004 وقتلت أربعة جنود صهاينة، وتم تسليم أهلها بعد العملية 2 كم من لحمها وشعرها، والآن يسلمون أهلها الجزء الآخر المحتجز من رفات جثتها. أو كي تجعل من حجز الرفات عبرة لنا بأن هذا هو حال ومصير كل من يحاول القيام بعمليات استشهادية ضد الصهاينة، لكن كما قالت أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما)، "فلا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها".
    لكن السؤال الذي أصبحت إجابته واضحة وضوح الشمس وضح النهار هو: ماذا تستفيد سلطات الاحتلال الصهيوني من احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين؟ لعلنا نذكر قبل سنتين الضجة الإعلامية التي أثارها الصحفي السويدي باستروم ليزيح، حين كشف اللثام عن حقيقة سرقة سلطات الاحتلال الصهيوني أعضاء الشهداء الفلسطينيين من أجسادهم، وتأكيدا على ذلك أهالي الشهداء الذين اكتشفوا آثار عبث بجثث أبنائهم الشهداء بعد استلامهم من قبل سلطات الاحتلال. وهذا يؤكد ما تم تسريبه للإعلام الصهيوني لتصريحات عن كل من مدير معهد الطب العدلي ومدير معهد "أبو كبير"، بأن كل جثة وصلت إلى المعهد كانت تنتزع من ظهر صاحبها. بدون موافقة مسبقة من عائلة المتوفى، حيث تم انتزاع رقع جلدية من جثث فلسطينيين لصالح جنود الاحتلال الذين تعرضوا لإصابات أو حروق، إضافة إلى نزع قرنيات من عيون الجثث وأعضاء داخلية.
    هذه هي أخلاقيات دولة الاحتلال الصهيوني التي تدعي حسن النوايا، بل هي سوء النوايا، للمقايضة والمناورة من جديد للعبة السياسية القادمة التي سيكون المفاوض الفلسطيني أداتها للنزول عن الشجرة والحجل على المصالحة لإفشالها كما فشلت مرات عديدة، وإشغالنا بقضية الحصول حتى على باقي رفات الشهداء المحتجزين في "مقابر الأرقام" الذين يقدر عددهم "317" جثة، من خلال المقايضة وتقديم التنازلات السياسية تحت شعار المفاوضات السلمية التي لم نحصد منها إلا خيبات الأمل ولا نحصل على أي من قضايانا، وإلا لماذا الآن بالذات أعلنت دولة الاحتلال عن حسن نواياها بتسليم رفات جثث الشهداء؟! لذا لابد أن نكون أكثر يقظة بعدم تحويل قضية أسرانا والإصرار على تنفيذ مطالبهم العادلة حسب ما تم الاتفاق عليه مع الاحتلال الذي أخذ باختراق الاتفاقية ولم يلتزم بتنفيذ بنودها، وهذا الشيء يجري في دمه، إلى قضية جديدة اسمها الرفات، لابتزاز ما يمكن ابتزازه. 
    نحن لا نقلل من أهمية عودة جثامين ورفات الشهداء إلى أهلهم وذويهم ليدفنوا بجوارهم، بل نحن مع إرجاع أي ذرة رمل من تراب فلسطين، لكن المهم في الأمر الأحياء الباقون السائرون على درب الشهداء. وهنا لابد من أن لا نهمل حقنا وحق شهدائنا الذين تركوه في أعناقنا نحن الأحياء، ببذل الجهود على المستوى الرسمي وغير الرسمي لمقايضة سلطات الاحتلال الصهيوني في كل المحافل الدولية ومنظمات حقوق الإنسان على احتجازها لجثامين شهدائنا، وكشف حقيقة ما تقوم به سلطات الاحتلال وجمع الأدلة الدامغة التي تؤكد على قيامها بسرقة أعضاء من جثث شهدائنا ونقلها إلى مرضى يهود، أو بيعها في الخارج، وفضح هذه الدولة المارقة على القانون الدولي التي تفعل ما تشاء دون محاسب أو مراقب.

    (المصدر: صحيفة فلسطين، 4/6/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر محمد محمود حسين جودة من مخيم جباليا بغزة بسبب نوبة قلبية وكان الأسير قد أمضى 10 سنوات في السجون الصهيونية

29 مارس 2001

الاستشهادي أحمد نايف اخزيق من سرايا القدس يقتحم مستوطنة نيتساريم المحررة وسط القطاع فيقتل ويصيب عدداً من الجنود

29 مارس 2002

الاستشهاديان محمود النجار ومحمود المشهراوي يقتحمان كيبوتس "يد مردخاي" شمال القطاع فيقتلا ويصيبا عددا من الجنود الصهاينة

29 مارس 2003

قوات الاحتلال الصهيوني بقيادة شارون تبدأ باجتياح الضفة الغربية بما سمي عملية السور الواقي

29 مارس 2002

الاستشهادية آيات الأخرس تنفذ عملية استشهادية في محل تجاري في القدس الغربية وتقتل 6 صهاينة وتجرح 25 آخرين

29 مارس 2002

قوات الاحتلال الصهيوني تغتال محي الدين الشريف مهندس العمليات الاستشهادية في حركة حماس

29 مارس 1998

الأرشيف
القائمة البريدية