Error loading files/news_images/الشقاقي (1).jpg2.jpg مؤسسة مهجة القدس مؤسسة مهجة القدس
29 مارس 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الأمين العام: الشقاقي سيبقى علامة فارقة في تاريخ فلسطين والأمة

    آخر تحديث: الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013 ، 11:10 ص

    قلة قليلة هم الذين كانوا يعلمون أن "عز الدين الفارس" كان يوماً الاسم الحركي لفتحي الشقاقي، لكن الأمة كلها أدركت يوم السادس والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) 1995، غداة ازدهاره بالرصاصة، أن فتحي الشقاقي هو الاسم الحركي لفلسطين.

    بطل استثنائي
    لم يكن فتحي الشقاقي قائدا عادياً، كان البطل الاستثنائي في الزمن الاستثنائي، وكان بما له من هيبة وسحر وجاذبية، خاصة واحداً من صناع التاريخ بكل معنى الكلمة، في مرحلة غاب فيها التاريخيون، ولم يبق سوى الباعة المتجولون للمبادئ والشهداء والتاريخ.
    لم تكن هيبة القائد أبي إبراهيم تتعلق بموقعه أو سلطته، بل هي مرآة قول الصالحين "على قدر خوفك من الله تهابك الخلق" إنها سطوة الروح التي يتحد فيها الفارس والصوفي فيخر أمامها الجندي والمريد طاعة وحباً واحتراماً، ولا تلبث أن تبلغ ذروتها حين يرتقي القائد ذروة المجد شهيداً.

    الشقاقي.. واسع الأفق والفكر
    كانت هيبته رضوان الله عليه تجعل الكتابة إليه نزيفاً فكيف بالكتابة عنه؟!.. منذ شهور وأخي الدكتور رفعت، يطاردني بطلب هذه السطور عن الشهيد وأنا أخشى أن لا أعثر عليه في لغتنا اليومية الأرضية القاصرة، ولا اقدر على الولوج إلى رحابه العلوي دون الاحتراق بنار الفجعية والشوق للمحبوب.
    عرفته قبل استشهاده بسنوات، وحين وقعت في أسره أدركت أنني ولدت من جديد. كانت غرفة فتحي الشقاقي، طالب الطب في جامعة الزقازيق، قبلة للحواريين، وورشة تعيد صياغة كل شيء من حولنا، وتعيد تكوين العالم في عقولنا ووجداننا.
    ما دلني عليه غير الشعر، لكنه حين ترجل عن صهوة جواده، سلبني وتر اللغة التي وهبها لي ودفعني عن حصان النشيد، وألزمني مقبض السيف، وكانت على وجهه ابتسامة النصر وحكمة الدهر: أن الشهادة هي ربيع الشعوب حين تقبل كأسراب النحل على أزاهير الحياة وشهد السيوف.

    الشقاقي من عالم آخر
    عندما كان الشهيد يدفع ضريبة المجد في "سجن نفحة" الصهيوني في صحراء النقب بفلسطين، قبل إبعاده عن الوطن عام 1988، كتب إليه أحد إخوانه قائلا: "كنت من بيننا الرجل (البندقة) لا تنكسر، ومن الداخل هشا كحمامة، وقريباً كالمطر، ودافئاً كبحر أيلول، وشهياً كبداية الطريق"! ذلكم هو فتحي الشقاقي بحق.
    كان أصلب من الفولاذ، وأمضى من السيف، وأرق من النسمة، كان بسيطاً إلى حد الذهول، مركباً إلى حد المعجزة! كان ممتلئاً إيماناً ووعياً وعشقاً وثورة من قمة رأسه حتى أخمص قدميه.
    عاش بيننا لكنه لم يكن لنا، لم نلتقط السر المنسكب إليه من النبع الصافي "واصطنعتك لنفسي" "وألفيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني"، لكن روحه المشتعلة التقطت الإشارة فغادرنا مسرعاً ملبياً "وعجلت إليك رب لترضى".
    كان الإيمان العميق والصبر الجميل هما زاده وزواده في مواجهة سيل الأعداء الذين ينهمرون عليه من كل صوب، ويطلعون من تحت الجلد، فيستعذب العذاب، ويقبل التحدي والمنافسة، بحسن النية، وصدق الكلمة، وقداسة المسؤولية، وشجاعة الموقف، وعلو الهمة، ويطاردنا بلا هوادة، شعاره: قليل من العناد والصبر ينفلق الصخر، والذي ينتظرنا ليس هو الموت إنه الحياة أو النصر.

    الشقاقي بذرة الوعي
    لم يكن فتحي الشقاقي مجرد أمين عام لتنظيم فلسطيني يقاوم الاحتلال الصهيوني، بل كان بذرة الوعي والثورة في حقل النهوض الإسلامي الكبير.. كان الشقاقي يدرك أن الأمة تعيش أزمة حضارية شاملة في مواجهة الهجمة الغربية الشرسة، لكنه كان يرى أن فلسطين هي مركز الهجمة وعنوانها الرئيس، دون أن يغفل بقية مصادر الأزمة وعناوينها الأخرى منذ البدايات الأولى، في ذاك البلد الزراعي الصغير ـ كما كان يسميه (الزقازيق)، كانت المعادلة واضحة في ذهنه: إسلام بلا فلسطين.. وفلسطين بلا إسلام؛ يعني فقدان البوصلة والدوران في حلقة مفرغة لا تنتج إلا مزيداً من الضعف والعجز والهوان".
    هذه المعادلة هي مفتاح فهم أفكار الشهيد وما حاول أن يبدعه من مفاهيم ومسالك جديدة في العمل الإسلامي والعمل الوطني الفلسطيني، إن تلاقح فكرة الإسلام، دين التحرر من كل عبودية، والثورة على كل ظلم، مع فلسطين المغتصبة، لابد أن يرفد مفهوم الجهاد في المعادلة بمزيج عناصرها الثلاثة (الإسلام ـ الجهاد ـ فلسطين) أسس الشهيد القائد أبو إبراهيم حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.

    فكر الشقاقي لا بحرفيته بل بزمنيته
    إن فكر الشهيد الشقاقي وجهاده المبارك لا يجب أن يقرأ بحرفيته فقط، بل بزمنيته أيضاً، لذا لابد من التعرف عن قرب على حركة الجهاد الإسلامي ودراستها في إطار نهوضها التاريخي، لمعرفة أسباب ومقومات وظروف نشأتها في الحركة الإسلامية والحركة الوطنية الفلسطينية، وللوقف على أهمية الإسلام أو الإضافة التي قدمها الشهيد الشقاقي وحركته للنهوض بواقع الأمة في معركتها الحضارية الشاملة.
    لست بصدد دراسة فكر الشهيد الشقاقي في هذا التقديم، ولا كتابة تاريخ الأعوام والشهور والأيام الحافلة التي ربطتني به، وما أود أن أسطره هنا هو التأكيد على أن الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي سيبقى علامة فارقة في تاريخ جهاد شعب فلسطين والأمة، فحين أغمد المناضلون القدامى سيوفهم وامتشقوا أقلام التواقيع على صكوك الخيانة والاستسلام، كان الشهيد الشقاقي يمتطي صهوة جواده، ويعلن مجددا أن الطريق إلى فلسطين تمر عبر فوهة البندقية.

    حلم بأسر العالم كله
    وحين كان الصهاينة يحاصرون الزمن العربي كله، فتصبح الأرض والتاريخ والجغرافيا والعقيدة والسياسة والاقتصاد واللغة والإرادة والضمير والوجدان كلها مهددة؛ كان الشقاقي يخترق الحصار الصهيوني لهيباً وانفجارا استشهادياً لا يقاوم؛ لم يكن مشروعه رحمه الله يسعى لأن يرسل فلسطين إلى العالم تستجدي ضميره النائم، بل كان يطمح أن يأسر العالم كله في وديان وشعاب فلسطين بالانتفاضة والثورة.
    |وحين كانت سماء القاهرة ومرافئ تونس وكل الطرق العربية مقطوعة أو ممنوعة في وجه الشقاقي، حيث شمعون بيرز يأسر العواصم، ويمنح التأشيرات، ويفرض الجزية لتدشين الشرق الأوسط الجديد، لم يكن أمام الشقاقي سوى مالطا لتصبغ وردة جرحه وجه المتوسط وينقش على صفحته سيرة الشهداء الأوائل ويهزم دمه الطاهر سيف الإرهاب الصهيوني القادر، ويفضح كل أوهام وأسرار السلام الكاذب الذي لم يستطع أن يؤمن الشهيد قبراً في الوطن!..
    لقد قرر الشقاقي أن يضع حداً لمهزلة الموت على مزاج الأوصياء باختيار الشهادة على طريق الأنبياء، وإذا كان رحمه الله في عيون إخوانه ومحبيه (شهيداً كبداية الطريق!) فكم هي المرارة في حلوقهم، حين يترجل في أول الدرب، ومشروعه، رغم دوي انطلاقته ووهج حضوره، مازال جنيناً، لم يتجاوز بالقياس إلى ما كان في مخيلة الشهيد طور الحلم؟!.

    غادرنا مبكراً
    لقد غادرنا أبو إبراهيم مبكراً ليسكن قلوب الملايين الظامئة للحرية.. إنه يستيقظ كعادته كل صباح ليحدد برنامج عملنا اليومي.. لقد صار ملح خبزنا ونار مواقدنا وكلمات مقدمة في كراريس أطفالنا.
    كان الشهيد القائد، رضوان الله عليه، بالنسبة لكل من عرفه عن قرب من إخوانه ومحبيه، هبة فلسطين التي تمزق حواجز الزمن لتدفع عجلة التاريخ إلى الإمام.. لقد علمنا كيف ننتصر على الواقع المرير بكل إحباطاته الوضعية، عبر الأمل والانفتاح على المستقبل بكل إشراقاته القرآنية.. رحم الله أبا إبراهيم فقد كان بحق صانع تاريخ.

    رحم الله شهيدنا وقائدنا ومعلمنا أبا إبراهيم وجمعنا وإياه في الفردوس الأعلى إن شاء الله.

    (المصدر: سرايا القدس، 29/10/2013)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر محمد محمود حسين جودة من مخيم جباليا بغزة بسبب نوبة قلبية وكان الأسير قد أمضى 10 سنوات في السجون الصهيونية

29 مارس 2001

الاستشهادي أحمد نايف اخزيق من سرايا القدس يقتحم مستوطنة نيتساريم المحررة وسط القطاع فيقتل ويصيب عدداً من الجنود

29 مارس 2002

الاستشهاديان محمود النجار ومحمود المشهراوي يقتحمان كيبوتس "يد مردخاي" شمال القطاع فيقتلا ويصيبا عددا من الجنود الصهاينة

29 مارس 2003

قوات الاحتلال الصهيوني بقيادة شارون تبدأ باجتياح الضفة الغربية بما سمي عملية السور الواقي

29 مارس 2002

الاستشهادية آيات الأخرس تنفذ عملية استشهادية في محل تجاري في القدس الغربية وتقتل 6 صهاينة وتجرح 25 آخرين

29 مارس 2002

قوات الاحتلال الصهيوني تغتال محي الدين الشريف مهندس العمليات الاستشهادية في حركة حماس

29 مارس 1998

الأرشيف
القائمة البريدية