Error loading files/news_images/ياسر الخواجا.jpg مؤسسة مهجة القدس مؤسسة مهجة القدس
السبت 20 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الأسير المحرر ياسر الخواجا يتحدث عن تجربته النضالية داخل وخارج السجون والمعتقلات الإسرائيلية

    آخر تحديث: الإثنين، 28 ديسمبر 2015 ، 09:57 ص

    تتناول حلقة اليوم التجربة النضالية للأسير المحرر ياسر الخواجة كما رواها لمركز أبو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة التابع لجامعة القدس.

    ولد الأسير المحرر ياسر محمود محمد الخواجة في رفح في الثامن من شباط عام 1971م، اعتقل أثناء تنفيذه عملية طعن ضد جنود إسرائيليين في الثامن من تموز العام 1988، ليمضي في معتقلات الاحتلال ما يزيد على ثلاثة وعشرين عاماً، منع خلالها من زيارة الأهل مدة عشرة أعوام. أفرج عنه في الثامن عشر من تشرين الأول العام 2011م ضمن صفقة تبادل الأسرى المعروفة "بوفاء الأحرار".

    وقال الخواجة اعتقلت أثناء قيامي بتنفيذ عملية داخل معتقل السرايا بمدينة غزة، حيث قمت بطعن عدد من الجنود الإسرائيليين الذين كانوا موجودين على البوابة داخل المعتقل، وحاولت الفرار لكن قوات الاحتلال حاصرتني وأطلقت النار تجاهي ما تسبب لي بإصابة طفيفة في يدي، ثم اعتقلت ووضعت في زنزانة صغيرة، وتعرضت فور اعتقالي لتعذيب قاس، فقد بقيت طوال الوقت مقيداً ورأسي مغطى بكيس، كنت لا أدري من أين تأتيني الضربات واللكمات الشديدة، كانوا يضربون راسي بالحائط، ثم أجلسوني على كرسي صغير وبدأوا بضربي في مناطق الكلى والكبد وفي أماكن حساسة من جسدي، لم يكن لهم هدفاً من الضرب سوى الضرب بحد ذاته، إذ أنني اعتقلت متلبساً وأثناء تنفيذ العملية.

    بعد مرور عدة أيام بدأوا يحققون معي ويوجهون إلى أسئلة حول الجهة التي أرسلتني لتنفيذ العملية وحول انتمائي التنظيمي، ولم أكن أجيب عن أي من أسئلتهم. استمر وجودي في الزنزانة مقيداً ومغطى الرأس مدة أسبوع كامل، كنت أتناول فتات الطعام، وأتبول في دلو حديدي، واستمر التعذيب القاسي بحقي، خلال تلك الأيام، حيث كانوا يقومون أيضاً بفتح نافذة الزنزانة الصغيرة ويرشون تجاهي غازاً ساماً، لقد كنت أقترب من الموت خلال تلك الفترة.

    بعد انتهاء الأسبوع قاموا بإزالة الكيس عن راسي وبقيت مدة شهر معزولاً لوحدي في غرفة، لقد كانت من أصعب الفترات التي مررت بها في حيات، حيث كنت أعاني ممن وحدة قاسية، ومارسوا بحقي خلال هذا الشهر أبشع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي، فقد كانوا يهددوني بتدمير منزلي وباعتقال أبي وأمي وإخواني وأخواتي، وبالفعل أحضروا أبي وإخواني وأمي إلى المعتقل واعتقلوهم عدة أيام قبل أن يفرجوا عنهم. كانوا يوجهون إليهم أسئلة حولي ويحاولون الحصول على معلومات منهم، وبعد فترة علمت أنهم قاموا بهدم بيتنا.

    بعد مرور شهر من العزل أدخلوني إلى زنزانة انفرادية مرة أخرى أقمت فيها مدة ستة أشهر، كانوا يحضرون أسرى عندي في بعض الأحيان، لكن الزنزانة كانت قاسية جداً فلا يوجد فيها حمام ولا دورة مياه، بل مجرد دلو حديدي للتبول، كانوا يخرجونني مرتين في النهار لقضا الحاجة، أما الطعام فقد كان رديئاً للغاية، حاولت مع باقي الإخوة الأسرى أن نضغط على إدارة المعتقل بالقيام بإضراب عن الطعام بهدف تحسين ظروفنا المعيشية داخل معتقل السرايا، لكن لا حياة لمن تنادي، لم يستجيبوا لنا، بل زادوا من ممارساتهم القمعية تجاهنا. إنهم لا يريدون أي شيء سوى الانتقام منا. وفي إحدى المرات دخلوا إلى زنزانتي ينوون قتلي، حيث قاموا بالضغط على عنقي ووضعوا القماش على فمي وأنفي.

    هناك صنوف من الزنازين في معتقلات الاحتلال، فهناك الزنزانة الصغيرة للغاية ومساحتها عبارة عن مترين في متر واحد، ويضعون فيها أسيرين، وهناك الزنزانة التي مساحتها ستة عشر متراً مربعاً يضعون فيها ستة عشر أسيراً. ما يشكل انتهاكاً صارخاً للإنسانية، فكيف يمكن أن يقيم هذا العدد من الأسرى في مساحة كتلك! ينام كل أسيرين على فراش واحد للنوم، فينام عدد من الأسرى ويبقى الآخرون مستيقظين، أضف إلى ذلك شعورنا بالاختناق مراراً وتكراراً داخل الغرف نتيجة عدم سماح السجان يفتح النوافذ.

    بعد قضاء ستة أشهر في معتقل السرايا تم نقلي إلى العزل مرة أخرى في زنزانة في معتقل بئر السبع. كل ذلك بهدف الانتقام مني بسبب قيامي بعملية الطعن. كانت الزنزانة في معتقل السبع تختلف عن تلك التي في معتقل السرايا بغزة اذ كانت تحتوي على حمام ودورة مياه. احتجزت في العزل الانفرادي ثلاثة أشهر، استمرت خلالها ممارسات الضرب والتعذيب بحقي وخلال تلك الفترة عرضت على محكمة معتقل السرايا العسكرية. جاؤوا بي أمام عدة عساكر كانوا جالسين على كراسي لا أعرف إن كانوا قضاة أم جنود، كانوا يتحدثون بالعبرية ثم عرفت أنهم حكموا علي بالسجن المؤبد مدى الحياة. حينها حمدت الله عز وجل، وقلت لهم أن هذه أحكام باطلة، هذه أحكام احتلال، أحكام لا بد وأن تزول. وقد كان التوكل على الله والصبر من أدواتي لمواجهة هذه الظروف القاسية. بعد الحكم أرجعوني من محكمة السرايا إلى العزل في معتقل السبع. وبعد مرور فترة قصيرة نقلوني لعزل آخر في معتقل الرملة حيث احتجزت فيه ستة أشهر. كنت وحيداً هناك أيضاً لكن أحياناً كانوا يحضرون إلى زنزانتي أسيراً أو اثنين.

    يجب الإشارة هنا إلى ظاهرة العملاء الذين نسميهم "العصافير"، إذ تحرص إدارة المعتقلات على دس هؤلاء العملاء بين الأسرى، وخاصة أثناء فترات التحقيق، بهدف الحصول على المعلومات. والاحتلال يتفنن في استخدام الأساليب الاستخباراتية، فقد أقام أقساماً كاملة في المعتقلات على أنها أقسام لمناضلين، وتجد فيها أشخاصاً يمثلون أنهم أسرى أمنيون ويتقون دور الداعية أو الوطني، لكنهم عملاء ويتبعون مباشرة للمخابرات، يقومون باستقبال الأسرى ويتظاهرون أمامهم أنهم وطنيون بل ويتهمون الأسير الوافد إليهم بأنه عميل، الأمر الذي يقود الأسير إلى التصريح لهم بأنه وطني وأنه ينتمي إلى تنظيم وهنا يقع الأسير في شباك المصيدة. وأقول من خلال تجربتي أنه من الواجب على أي أسير أن لا يدلي بأية معلومات أمنية لأي كان حتى ولو كان الذي أمامه ذا رتبة تنظيمية حقيقية، فالمعتقل خطير في هذا الجانب لأن أية معلومة تؤدي إلى تدمير الأسير وزيادة سنوات الحكم الصادر بحقه، وتفتح المجال كذلك لاعتقال شبان آخرين.

    معتقل نفحة

    نُقلت في العام 1989م من معتقل الرملة إلى معتقل نفحة، وهناك لم يستخدموا معي سياسة العزل كما كان الحال في المعتقلات السابقة. كما أنهم خففوا من وتيرة التحقيق والتعذيب، لكنهم كانوا يتبعون معي ومع باقي الأسرى عدة أساليب عدوانية أخرى من بينها تقليل زيارات الأهالي، فكانوا يعرقلون الزيارات ولا يسمحون بها إلا بشكل محدود، كما أن مدة الزيارة كانت نصف ساعة فقط. كانوا يتبعون أيضاً سياسة التفتيش العاري، فيدخلون إلى غرف الأسرى ويقومون بإجبارهم على خلع ملابسهم وتفتيشهم بشكل مهين ومذل. وهناك كذلك الاقتحام المستمر للغرف وبشكل همجي والعبث بحاجيات الأسرى. أضف إلى ذلك سوء الطعام والشراب، وفرض العقوبات الجماعية على الأسرى.

    لقد أصبحت الأوضاع في المعتقلات في نهاية الثمانينيات أفضل من السابق بشكل عام، وذلك بسبب النضالات التي خاضها الأسرى القدامى، لقد كانت الأوضاع في المعتقلات في البدايات صعبة للغاية لكن الأسرى القدامى فرضوا معادلة التغيير وحققوا إنجازات أفادت الأسرى الذين لحقوهم. لم يحدث في العام 1991م، ومع شن الحرب على العراق، أي تغيير في المعتقلات، غير أنهم قاموا بتزويدنا بكمامات واقية أثناء الحرب. وفي أواخر العام نفذنا إضراباً عن الطعام بهدف تحقيق مطالب جديدة وتحسين الظروف الحياتية ووقف التفتيش العاري، غير أن هذا الإضراب الذي استمر ستة عشر يوماً، وبسبب أنه كان مقتصراً على معتقل نفحة فقط، فقد تم إفشاله ولم يحقق أي شيء يُذكر.

    عاملا الصبر والصمود

    من خلال تجربتي أرى أن عامل الصبر والصمود كانا كفيلين بإفشال مخططات الاحتلال وإدارة المعتقلات تجاه الأسرى، فعلى الرغم من الممارسات والإجراءات التعسفية إلا أن الأسرى قد سطروا أروع ملاحم التحدي. بعد فشل إضراب العام 1991م في نفحة، تم الإعداد والتجهيز لإضراب جديد في المعتقلات كافة، وبالفعل تم تنفيذ الإضراب زيارات الأهل، وإدخال الملابس، وإضافة محطات تلفاز جديدة، ووقف سياسة التفتيش العاري وتوفير بلاطات تسخين كهربائية.

    بعد نجاح إضراب العام 1992م عاشت المعتقلات استقراراً نسبياً، خاصة مع بدء تحسن الظروف السياسية بعد اتفاقية أوسلو والإفراج عن بعض الأسرى، وحقيقة كان الأسرى يعيشون على أمل الإفراج والتحرر بعد أوسلو. نعم كان هناك أمل، لكنه كان يظهر ويتلاشى، وهذا بحد ذاته أمر بالغ الصعوبة على الوضع النفسي للأسرى. وفيما يتعلق بقضية الإفراج عن الأسرى. وجب القول إن هناك أسرى قد تضرروا ولم يلتفت إليهم أحد. لم تلتفت لهم السلطة أو الفصائل، إنهم أسرى الداخل، الذين لم تشملهم اتفاقات الإفراج ما بعد أوسلو، وهناك الآن ما يقارب العشرين أسيراً من فلسطينيي 48 الذين يواجهون أحكاماً بالمؤبد، من بينهم كريم يونس الذي ما زال في المعتقل منذ ثلاثة وثلاثين عاماً، ومحمد وإبراهيم إغبارية اللذان أمضيا حتى الآن أربعة وعشرين عاماً في معتقلات الاحتلال.

    بالنسبة لزيارة الأهل، فقد كان كل من والدي ووالدتي رحمهما الله يزورانني بشكل دوري. لكن فجعت في العام 1994م بوفاة والدي الذي رحل دون أن أشارك في تشييع جنازته. استمرت والدتي تزورني حتى توفيت في العام 2002م ودون أن أشارك في جنازتها أيضاً. لقد كان آخر لقاء بها عندما زارتني في بداية عام 2002م، لقد أحزنني رحيلها وبكيت وتأثرت كثيراً. بعد وفاة والدتي رحمها الله انقطعت عني الزيارات مدة عشرة أعوام لم يزرني خلالها أحد، سوى زيارة واحدة في العام 2007م حضر فيها إخوتي. وسبب انقطاع الزيارة هو أن إدارة المعتقل لا تسمح لأحد من أقرباء الأسير بزيارته سوى والديه، فبعد أن توفي والداي لم يستطع أحد من أقاربي زيارتي بسبب تلك السياسة المجحفة. وهنا أوجه النقد لمنظمات حقوق الإنسان والصليب الأحمر والجهات الدولية، وأقول لهم أين حقوق الإنسان وماذا تفعلون لأجلها؟ إن منع أهلي من زيارتي مدة عشرة أعوام هو انتهاك خطير لحقوق الإنسان.

    الحياة داخل المعتقل

    عن حياتي داخل المعتقل فقد كنت استثمر وقتي في القراءة والكتابة. كنت مهتماً بقراءة وحفظ القرآن وقراءة كتب التفسير والحديث وكتب الأدب. حصلت على الثانوية العمة في العام 1996م، وأكمل حالياً دراستي في جامعة الأمة في تخصص الدراسات الإسلامية. كما كنت أثناء وجودي في المعتقل مهتماً بممارسة الرياضة خاصة كرة التنس والطاولة والجمباز. ومن خلال تجربتي التي دامت لسنوات في معتقلات الاحتلال أقول إن أكثر ما هو مفيد وهام للأسير هو أن يشغل وقته وأن لا يترك مجالاً للشعور بالفراغ. كما يتوجب عليه أن يحافظ على صحته وعلى علاقته الحسنة بالله عز وجل وعلى علاقاته الجيدة بزملائه الأسرى. هذه الأمور كفيلة بأن تجعل الأسير يعيش حياته باتزان في الاعتقال.

    عرفت خلال فترة اعتقالي العديد من الأسرى منهم من استشهد ومنهم من أفرج عنه ومنهم من لا يزال في المعتقل، فتعرفت على الشهيد الرنتيسي، وعلى الإخوة صلاح شحادة، وكريم يونس، ومحمد إغبارية، ومخلص برغال وغيرهم الكثيرين. لقد التقيت في المعتقلات بكثير من المناضلين الذين أغنت علاقتي بهم تجربتي الاجتماعية بشكل كبير، وذلك من خلال التعرف على طرق تفكيرهم إضافة إلى التعرف على بيئاتهم وبلداتهم، فتعرفت على فلسطين ومدنها وقراها من خلال الاختلاط بهذا الكم الجامع من الأسرى. لقد استفدت كثيراً في المعتقلات، فزادتني الحياة الاعتقالية صبراً وصموداً، وأغنت معارفي الثقافية والفكرية والقيادية، وتبحرت كذلك في علوم الدين والإيمان.

    فيما يتعلق بالعمل التنظيمي، فلكل تنظيم في المعتقل هيئة تنظيمية، وتجري انتخابات كل ستة أشهر لانتخب كفاءات تدير الوضع الداخلي والخارجي للتنظيم، كما أن كل فصيل يفرز شخصاً ليكون ممثلاً عنه في لجنة متابعة المعتقل ككل ومهمتها محاورة السجان. وعن الوحدة الوطنية بين الفصائل فقد كانت قوية جداً داخل المعتقلات غير أن الانقسام أثر بشكل سلبي على الحركة الوطنية الأسيرة، ويمكن القول إن إدارات المعتقلات استغلت الوضع القائم وكثفت من سياساتها الهادفة إلى زيادة الفرقة والانقسام بين الأسرى، فأقامت أقساماً خاصة بالأسرى من أبناء فتح وأخرى خاصة بالأسرى من أبناء حماس لكن بشكل عام نستطيع القول إن المعتقلات ومهما اختلفت الفصل فيما بينها إلا أنه يبقى هناك خيط توحيدي يجمع بينها، وهو قضيتنا الواحدة ومعاناتنا الواحدة وهدفنا الواحد في تحرير وطننا، ويجب على الأسرى والفصائل أن يتوحدوا وأن يكونوا يداً واحدة في سبيل فلسطين والقدس والثوابت الوطنية.

    المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد المجاهد زكريا الشوربجي من الجهاد الإسلامي بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال، يذكر أن الشهيد أمضى ما يزيد عن 10 سنوات في سجون الاحتلال

20 إبريل 1993

الهيئة التنفيذية للحركة الصهيونية تنتخب الإرهابي ديفيد بن غوريون رئيساً لها ومديراً للدفاع، وتعتبر نفسها وريثة لحكومة الانتداب الصهيوني

20 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية