19 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    توثيق تفاصيل معركة جنين في رسالة ماجستير للنائب جمال حويل

    آخر تحديث: الثلاثاء، 01 إبريل 2014 ، 08:57 ص

    ناقش النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني جمال حويل رسالة ماجستير تحت عنوان معركة جنين : الصورة والأسطورة وذلك في جامعة بيززيت وبإشراف د. عبد الرحيم الشيخ ، و د. حماد حسين ( عضواً)،و سمير عوض (عضواً) .وقال حويل في لقاء مع الموقع الالكتروني لمفوضية التعبئة والتنظيم أن فكرة الرسالة جاءت خلال وجودي كطالب في برنامج الماجستير في الدراسات العربية المعاصرة، الذي التحقت به في العام 1999، وبعد فترة طويلة، ومتعددة من التجارب الشخصية والوطنية، وقد عاودت الالتحاق بالبرنامج بعد خروجي من الأسر في العام 2009. وأثناء إعدادي لخطة بحثية في مساق اعتيادي مع د. عبد الرحيم الشيخ، تنبهت إلى ضرورة تحويل تراكم كبير من معرفتي بمعركة جنين، ومراحل متعددة من تدوينها، إلى تسجيل تاريخي للمعركة، وذلك لسببين :اولا، صورة معركة مخيم جنين: خلال معركة مخيم جنين، اختطف المخيم وأخباره أنظار العالم، وفي تاريخ الشعب الفلسطيني صارت "المعركة" صورة وأسطورة حدثاً فارقاً، ونموذجاً موحياً لمقاومات العربية، الأمر الذي دفعني للعمل على توثيق صمود مخيم جنين ومعركته للدفاع عن الحياة، وفضح ما ارتكبته دولة الاحتلال الصهيونية من جرائم مروعة بحق المدنيين والمقاومين في مخيم جنين، وإبراز بعض النفاق والصمت العالمي ممن التزموا الصمت أمام جرائم القتل والتدمير التي هدفت إلى إخضاع المخيم، والفلسطينيين عامة، في سياق مخطط إسرائيلي استهدف البنى الفلسطينية وتصفية محاورها المنحازة إلى خيار الكفاح المسلح.ثانيا، أسطورة مخيم معركة جنين: وقد جاءت فكرة كتابة هذه الرسالة بعد انقطاع عن الدراسة دام أكثر من عشر سنوات في خوض المعركة والأسر. جاءت فكرة الكتابة كشيء من التجريب أولاً، ثم تحوَّلت، يوماً بعد يوم، غلى هاجس شخصي مسكون بهمَّ جماعي فلسطيني، وهو كتابة "شهادة من الداخل" على معركة جنين، وعلى ما كتب عنها، صورةً وأسطورةً، على نحو يعيدها إلى عالم الواقع، وينلها من إطار التباهي، الأجوف في غالبه، إلى أرض التأمل، وتدشين قابليات الاستنساخ لتجربة الكفاح المسلح حتى في أكثر المراحل السياسية امتداحاً للديبلوماسية وخيارات اللا-عنف.وحول مبررات الدراسة جنين-الصورة والأسطورة قال حويل :1. تعتبر معركة جنين (التي وقعت في الفترة الممتدة من 1-12 نيسان من ربيع العام 2002) من أبرز محطات الصمود والانتصار في التاريخ الفلسطيني المعاصر. فقد شكَّلت تلك المعركة نموذجاً في الإعداد والصمود والتصدي، ولكنها دشنت، كذلك، ولأول مرة، نموذجاً للانتصار على الوحش الصهيوني الاحتلالي من داخله، إذ كانت معركة جنين التجربة العسكرية الفريدة وتكاد تكون الوحيدة في تاريخ الانتصارات الفلسطينية من داخل فلسطين المحتلة (بعد تأسيس دولة إسرائيل العنصرية في العام 1948 وحرمان الفلسطينيين من تشكيل حداثتهم وإقامة دولتهم) مقارنة بمعارك مثل الكرامة، وبيروت، والحصارات المتوالية على الفلسطينيين وقيادتهم التاريخية.2. وعليه، فإن البحث في هذه المعركة، ومن الداخل وعلى يدي أحد فواعلها المركزيين، سيلقي الضوء، وعن قرب، على نموذج تمت أسطرته والترويج له أو التقليل من شأنه لصالح أجندات سياسية وعسكرية واستراتيجية مختلفة. فمن خلال عيش أجواء ما قبل المعركة من مطاردة، والمساهمة في المعركة لحظة بلحظة ضمن وحدة وطنية فريدة للغاية، ومن ثم الابتعاد عن ميدانها وما خلفته من أثر على أرض مخيم جنين وفي وعي الصديق والعدو، وقضاء ما يزيد عن سبع سنوات ونصف في السجن شهدت تدويناً جزئياً لـ"لحظة معركة مخيم جنين" في التاريخ الفلسطيني الحديث عبر كتاب الأسير وليد دقة يوميات المقاومة في مخيم جنين 2002، ومجموعة أخرى من "المدونات" التي جرت كتابتها في السجن ونجت من عسف إدارات سجون الاحتلال سيتم إلحاقها بهذه الدراسة... بعد كل ذلك، تم الاطلاع على كم هائل من الأدبيات التي دونت الحدث "من الخارج"، فكان للبعض القليل منها علاقة بـ"ما حدث فعلاً"، ولكثير منها نصيب من تشكيل "أسطورة المعركة" بدلاً من "تشكيل صورتها" الواقعية.3. لقد كان للرغبة في تفسير هذا الفارق الهائل، والذي قد يسهل الإشارة إلى سبب وجوده لتحليل عابر، بين "الصورة" و"الأسطورة"، ولعدم وجود مدونة جامعة و"موضوعية" للمعركة... النصيب الأكبر في تشكيل الدافع لكتابة هذه الدراسة التي راوحت بين "الأكاديمي" والشخصي" لتبحث عن "معنى المعركة"، و"معنى النصر"، و"معنى الهزيمة" في سياق تغيب فيه المعاني بالخطابة السياسية وعدم التدقيق التاريخي في ما قد يكون من أهم محطات تاريخ فلسطين الحديث، ويغيب معه المقاوم/"الباحث" عن الفارق الكبير بين من يصنع التاريخ، ومن يكتبه. وعليه، تسعى هذه الدراسة إلى الوقوف لحظة تأمل على قرب شديد من المعركة، تاريخياً ومكانياً وروحياً، للإجابة على سؤال: ماذا فعل المنتصرون بالنصر؟ وماذا فعل المهزومون بالهزيمة؟ وكيف استطاع الفلسطينيون المزاوجة بين فهم تجربة جنين كـ"ملحمة صمود وتصدي" من ناحية كونهم قد انتصروا، وكـ"مجزرة" من حيث حجم الخسائر والتضحيات؟ ولما بالغ المبالغون الذين لم يشاركوا في المعركة في الكتابة عنها "عن بعد"؟ ولماذا زهد الزاهدون، وهم الأفضلون الذين يحملون السلاح، الذين خاضوا غمارها في الكتابة عنها وليس بينهم وبينها حجاب؟وتحدث حويل عن أهمية الدراسة مشيرا الى انه تستمد هذه الدراسة أهميتها القصوى من ثلاثة عناصر أساسية:1. العنصر الأول، هو إنها ستكون الدراسة الأولى التي تعدُّ تاريخاً لصيقاً بالحدث نفسه نظراً لخصوصية أن المقاوم، الذي صار "الباحث" لضرورة أكاديمية، قادم من صميم التجربة التاريخية نفسها. ولعل ما يضفي فرادة على هذه الفرادة هو كتابة هذه الرسالة في سياق ومحفل أكاديمي، وليس من باب تهنئة الذات أو كتابة سيرتها لترف تخليدها. وذلك يعني أن صدور هذه الدراسة بلبوس أكاديمي يخرجها من حيز الملكية "الشخصية" لكاتبها، إلى فضاء الملكية العامة للشعب الفلسطيني الذي يسعى، وخاصة خلال العقدين الأخيرين، إلى تدوين رسمي وشعبي لحكايته التاريخية الجمعية.2. أما العنصر الثاني للأهمية، فإن هذه الدراسة ستكون الأولى التي تبين مدى النقص في عملية "استخلاص العبر" من هكذا تجارب من قبل المستويين الرسمي والشعبي كما يكون عليه الحال في الطرف الصهيوني بعيد كل معركة. فعلى الرغم من أن الفلسطينيين والعرب أحوج ما يكونون للحظات انتصار على العدو الذي انكسرت أسطورة أنه "لا يقهر"، إلا إنهم لم يتأملوا، ناهيك عن أنهم لم يدرسوا، هذه اللحظات النادرة في تسجيل الانتصار عليه. تحاول هذه الدراسة النظر في معركة مخيم جنين كلحظة انتصار، أو نشوة انتصار عابرة على الأقل، من أجل بحث كيفية استنساخها حين تقتضي الضرورة مع عدو ثبت تاريخياً واستراتيجياً أنه لا يفهم إلا لغة القوة، لأنه لا يستعمل مع غيره إلا هذه اللغة.3.وأما العنصر الثالث لأهمية الدراسة، فهو أن تدوين تأريخ تفصيلي مشفوع بالتحليل السياسي والعسكري والثقافي لمعركة جنين من شأنه أن يعزز ثقافة المقاومة في ظل الاحتلال الصهيوني المتواصل وفي ظل قناعة البعض باستنفاد خيار المقاومة المسلحة. وعلى الرغم من أن فكرة هذه الرسالة، ومعظم بحثها قد تم قبل قرار قيادة السلطة الفلسطينية، مدعومة من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وامتدادها العربي والإسلامي والعالمي، بالتوجه إلى الأمم المتحدة في الحادي والعشرين من أيلول للعام 2011 إلى الأمم المتحدة لطلب نيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وما تضمنه ذلك من إعلان رسمي لفشل "خيار المفاوضات" الذي تم تصويره على امتداد قرابة عقدين من الزمن بأنه الأوحد على الطاولة...على الرغم من ذلك، فإن هذه المداخلة المركزية لهذه الدراسة، إضافة إلى بعدها التوثيقي الذي ينزع عن البطولة هالة الأسطرة، هو بث إشارات تفيد بأن فشل "خيار المفاوضات" لم يفتح الباب أمام مبادرات سياسية أكثر جدية وجذرية وعملية كما في التوجه للأمم المتحدة؛ ولا أمام خيار "المقاومة الشعبية السلمية" الذي بات خياراً ذائع الصيت في أربع أركان فلسطين وخارجها على أيدي مناصري القضية الفلسطينية... وحسب، بل إن تجربة معركة جنين، تضع الخيار الذي تم طويه رسمياً وشعبياً إلى إشعار آخر، وهو خيار الكفاح المسلح، الذي قامت عليه منظمة التحرير الفلسطينية وكبرى فصائلها (حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح) وما سواها من فصائل المقاومة الوطنية والإسلامية... تضع هذا الخيار رهن العودة ذات النتائج التي تم تجريبها-الانتصار الفيزيائي النسبي، والمعنوي المطلق، في معركة مخيم جنين ربيع العام 2002.وحول إشكالية الدراسة قال حويل :تهدف هذه الدراسة إلى الإجابة على السؤال الرئيسي التالي: ما هي الخصوصية التاريخية، والعسكرية، والسياسية لمعركة جنين في ربيع العام 2002؟ كما تهدف إلى إزالة ما علق بتدوين تاريخ المعركة من أسطرة وتناقض تأريخي ناتج عن عدم امتلاك المصادر المناسبة، واختلاق بعضها. وعليه، فإنه للإجابة على السؤال المركزي، تسعى هذه الدراسة إلى الإجابة على أربعة من الأسئلة الفرعية التالية:(1) ما هي الخلفيات التاريخية لاستهداف مخيم جنين أخذاً بعين الاعتبار النسيج الاجتماعي والثقافي للاجئي المخيم؟ ويتضمن هذا السؤال استدراجاً لتاريخ مخيم جنين في استحداث أنماط متميزة من المقاومة الجماهيرية والتنظيمية، والتي تجلت في تشكيلات العمل المقاوم في الانتفاضة الأولى (للعام 1987) وامتدت حتى معركة مخيم جنين (للعام 2002)، التي لم تحل الاتفاقيات السياسية و"ثقافة ما بعد أوسلو" من تغييبها؟(2) وما هي أوديسية المقاومة التي أصبحت نموذجاً وطنياً، وإقليمياً، وعالمياً، في مقاومة الاحتلال؟ وهنا، سيقوم هذا السؤال بحمل مرآة الذاكرة لأحداث المعركة في أيامها الإثني عشر، إذ ستتم كتابة مدونة المعركة لحظة بلحظة استناداً إلى الذاكرة المدعمة ببعض الشواهد المرئية، والمسموعة، والمكتوبة. وكيف يمكن نزع ظاهرة الأسطرة عن المعركة وتحويلها إلى منجز انتصاري سياسي وعسكري وثقافي فلسطيني؟(3) ما هي عوامل الانتصار والصمود في معركة جنين في ظل وضع سياسي وعسكري غير متوازن؟ ويعنى هذا السؤال، أولاً، بتدشين معركة مخيم جنين كتجربة انتصار على الرغم مما ألحقته آلة الاحتلال الصهيوني من خسائر في الأرواح وأذى في الممتلكات، وما بدا استمراراً لأبشع أنواع التطهير العرقي في تاريخ هذه الآلة. ومن ذلك، سيتم التدليل على مؤشرات النصر عبر سياق سردي تفصيلي لـ(عدم) توازنات المعركة.(4)ما هو أثر معركة جنين على المخيال السياسي والعسكري والثقافي: فلسطينياً، وإسرائيلياً، وعربياً، وعالمياً؟ وسيتعرض هذا الفصل لأصداء المعركة وتبعاتها في المستويات المذكورة، بالإضافة إلى تبيان الكيفية التي تم (أو لم يتم على نحو صحيح) استثمار معركة جنين فلسطينياً، وكيف يمكن البناء على هذا النموذج المقاوم في المواجهة المفتوحة مع الاحتلال الصهيوني.الفرضياتتنطلق هذه الدراسة من مجموعة فرضيات يمكن اختزالها في فرضية كبرى مفادها: إن خصوصية معركة جنين، مواجهة وانتصاراً، نبعت من قناعة لاجئي المخيم بأنه لا ملاذ آخر لهم ولا لجوء مرة أخرى؛ والتفاف هؤلاء واحتضانهم للمقاومين؛ وتوحُّد قوى العمل الوطني والإسلامي تحت قيادة عسكرية واحدة و"غرفة عمليات مشتركة." ونتيجة لوجود هذه المقومات، والاستعدادات الجيدة، وتوفر القناعة وروح المقاومة والفداء، وتقبُّل القيادة السياسية الفلسطينية في حينه، متمثلة بالرئيس الشهيد ياسر عرفات، الذي كان محاصراً ومعزولاً في أقل كيلومتر مربع في رام الله، لخيار المقاومة المسلحة وما ردفه بها معنوياً من خلال إطلاق مفهوم "جنين غراد،" والتواصل المباشر مع المقاومين في الميدان. هذا، بالتضافر مع القيادة السياسية لفصائل المقاومة الأخرى التي انضوت تحت الجبهة ذاتها في مقاومة الهجمة العسكرية الصهيونية على جنين. كما تنطلق الدراسة من فرضية أن نجاح المقاومة العسكرية في جنين في ظل ترد سياسي وعدم توازن عسكري شكَّل نموذجاً "للانتصار في أي مكان" على المستويات الفلسطينية، والعربية، والعالمية، كما حصل في حرب تموز التي شنتها إسرائيل على لبنان في العام 2006، وتذكير السيد حسن نصر الله-الأمين العام لحزب الله بنموذج النصر في جنين، شأنه في ذلك شأن القيادة العراقية، ونموذج الصمود في الحرب على غزة في حرب الكانونين في العام 2008-2009. ولعل آخر الفرضيات في هذه السياق تستند إلى أن نموذج الانتصار في جنين استطاع تدشين نموذج ردعي محلي في ظل ظروف عسكرية غير متوازنة.منهجية الدراسة (مفتتح غير أكاديمي)نظراً لخصوصية المقاوم/"الباحث" ومركزيته في معركة جنين نفسها (إعداداً، ومقاومةً، وأسراً، وتحملاً للتبعات)، وكونه قد شارك بفاعلية في "غرفة العلميات المشتركة" وإدارة عمليات "كتائب الأقصى،" وفاعلاً سياسياً من خلال تبوئه مراكز قيادية متقدمة في حركة فتح، وعضويته في المجلس التشريعي الفلسطيني... فإن الاعتماد المركزي سيكون على التأريخ الشخصي للمعركة. غير إنه، ولغرض المهنية البحثية والأمانة الأكاديمية، سيعمل المقاوم/"الباحث" على دراسة الأدبيات، الثانوية في معظمها، ومقارنتها بالشهادات الشخصية والوثائق (السمعية، والبصرية، والمكتوبة) التي لديه، وتلك التي جمعها أو حررها أو ساهم في إخراجها إلى النور خلال فترة اعتقاله في أعقاب المعركة، أو من خلال فاعليته الاجتماعية والثقافية والسياسية في مخيم جنين والمشهد الفلسطيني عموماً في الفترة الحالية. هذا بالإضافة إلى مجموعة من المقابلات مع شخصيات فلسطينية من مستويات: سياسية، وعسكرية، وإعلامية، نحو: القائد مروان البرغوثي، عزمي بشارة، صائب عريقات، ناصر القدوة، أحمد الطيبي، اللواء فيصل أبو شرخ، اللواء محمد ضمرة (أبو عوض)، وليد العمري ... وغيرهم.هنا، تُكتب هذه الرسالة لا كما تُكتب معظم الرسائل والأطروحات الأكاديمية، مع وافر الاحترام لها، ذلك أن كتابة ليست لغرض أكاديمي بحت، وإن كانت في سياق أكاديمي بحت، هو إنجاز متطلب أكاديمي لنيل درجة الماجستير في الدراسات العربية المعاصرة من جامعة بيرزيت. بل تأتي الكتابة في إطار تأمل المقاوم لتحوُّله إلى "باحث"-مع-وقف-التنفيذ في موضوع مقاومته، بين ضرورات التذكُّر وسياسات الذاكرة. بين من عاش التجربة، ومن يتألم منها، ومن يتأمل فيها ليخطو مع شعبه خطوة للأمام.وكمقاوم، قبل أن أكون، "الباحث" باحثاً-مع-وقف-التنفيذ ، كان هناك أربع محطات تم من خلالها التوثيق والتدوين للكثير من الأحداث التي ما زالت شاخصة بين باصرتيَّ, على الرغم من مرور الأيام:(1) أولى هذه المحطات كانت مع الشهيد أبو جندل, حيث توافقنا، خاصة بعد اجتياح آذار في العام 2002، على توثيق وتدوين يوميات معركة نيسان, لما لذلك من أهمية في حفظ الذاكرة ونقل التجربة بما لها وما عليها، وتسجيلاً للمشاهدات والأحداث لاستخلاص العبر والإفادة وتأصيل وعي ومدارك الأجيال الفلسطينية التي أريد ويراد وسيراد لها نسيان خيار الكفاح المسلح ضد أعتى آلة عسكرية في المنطقة، وهي الآلة الاحتلالية الصهيونية. وقد تم الاتفاق على التوثيق من خلال الكتابة اليومية حول الأحداث كل في مكانه، وكان ذلك بطريقتين. طلبنا، في الطريقة الأولى، من الأخوة المقاومين المتواجدين في أمكنة أخرى تزويدنا بتفاصيل ما يحدث لديهم. وأما الطريق الثانية، فكانت بث "أخبار المقاومة" عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من أجل توثيق وحفظ هذه الأحداث. وقد كان ذلك لإدراكنا أن ما بحوزتنا من توثيق سيتم إتلافه أو فقدانه خلال هذا الاجتياح والعصف والتدمير.كنا نمتلك كاميرا فيديو كانت بحوزة أحد المقاومين واسمه غسان نغنغية, وقد قام بتسجيل الكثير من الأحداث إلا أنه تم تدمير هذه الكاميرا.كما تواجد لدينا أحد الصحافيين, مراسل جريدة الأيام من أبناء المخيم، وهو محمد بلاص، الذي قام بتسجيل الكثير من الروايات.
    (2) أما المحطة الثانية، فكانت خلال مرحلة الاعتقال, إذ تم توثيق جزء من هذه التجربة من خلال الأسير وليد دقة، وإجراء توثيق مع عدد من المقاومين الذين تم اعتقالهم حديثاً، حيث تم تسجيل شهاداتهم ويومياتهم في المعركة. على الرغم من أنها اقتصرت على أربعة مقاومين لا يمثلون المعركة بشكل كامل. وقد كان ذلك من خلال كتابه الذي نشرته مواطن-المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، بعنوان: يوميات المقاومة في مخيم جنين 2002، والذي كان الدكتور عزمي بشارة، مشكوراً، قد أخرج مسوداته من السجن حين كان لا يزال عضواً في البرلمان عن حزب التجمع الديمقراطي الفلسطيني، الحزب الأكثر رؤيوية وحفاظاً على الخطاب الفلسطيني والهوية الوطنية في فلسطين المحتلة في العام 1948.
    (3) وأما المحطة الثالثة، فكانت حين قمت بمحاولة توثيق أيام المعركة وشهاداتها من خلال مقابلة كل من شارك في المعركة بسبب معرفتي بهم وثقتهم بي أثناء التواجد في سجون الاحتلال الصهيوني. وأيضاً بسبب تنقلي المستمر في سجون الاحتلال حيث تنقلت ما يزيد على خمسين مرة خلال سبع سنوات ونصف,ما أتاح لي المجال لرؤية ومقابلة معظم المقاومين. وأحيانا كنت أحاول أن أنقل بعض الشهادات من خلال الأخوة المفرج عنهم أو من خلال بعض المحامين أو من خلال التواصل التلفوني "نقَّال مهرَّب" مع الخطيبة. ولكن الحقيقة المرة أن جزءاً كبيراً من الشهادات قامت إدارة السجون بإتلافه وتمزيقه.
    (4) وأما المحطة الرابعة والأخيرة، فقد كانت تجربتي كـ"باحث،" بكل ما أثارته هذه الكلمة من تندُّر مشرفي الدكتور عبد الرحيم الشيخ الذي وصفني بـ"الباحث المجازف، غريب الأطوار، الباحث عن الجنون والمشاكل"، الباحث-مع-وقف-التنفيذ... تندراً على أنني لا ينبغي أن أصف نفسي بـ"الباحث" لأنني أكتب هذه التجربة في سياق أكاديمي، بل أن أحافظ على مكانتي كلاجئ، ومقاوم، وأسير، وسياسي، أو كباحث مغرق في المشاركة بخلق الفعل ومشاهدته في آن معاً، لا كـ"مؤرخ شفوي" ولا كـ"باحث إجرائي" ولا كـ"أنثروبولوجي محلي".... وذلك لتتجلى الموضوعية في أوضح صورها. وعليه، أجبرني مشرفي الأكاديمي، وزميلي، وصديقي على أن أستخدم ضمير المتكلم "ـي" بدلاً من "الباحث،" والضمير الجمعي "نا" بدلاً من الضمير الإشاري "ـهم" !


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

بداية الإضراب الكبير في فلسطين

19 إبريل 1936

الاستشهادي أنس عجاوي من سرايا القدس يقتحم مستوطنة (شاكيد) الصهيونية شمال الضفة المحتلة، فيقتل ثلاثة جنود ويصيب عددا آخر

19 إبريل 2003

تأكيد نبأ استشهاد القائد المجاهد محمود أحمد طوالبة قائد سرايا القدس في معركة مخيم جنين

19 إبريل 2002

استشهاد المجاهد عبد الله حسن أبو عودة من سرايا القدس في عملية استشهادية وسط قطاع غزة

19 إبريل 2002

الاستشهاديان سالم حسونة ومحمد ارحيم من سرايا القدس يقتحمان محررة نيتساريم وسط قطاع غزة ويوقعان عددا من القتلى والجرحي في صفوف الجنود الصهاينة

19 إبريل 2002

عصابة الهاغاناه تحتل مدينة طبريا، حيث سهل الجيش البريطاني هذه المهمة وقدم المساعدة على ترحيل السكان العرب، وانسحب منها بعد يومين تماماً

19 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية