الأربعاء 24 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الشهيد "رياض عدوان" فرادة البطولة ونموذج الجهاد..

    آخر تحديث: الخميس، 01 يناير 1970 ، 02:00 ص

    بقلم: زياد أبو شاويش
    كثيراً ما تفاجئنا الحياة بصحبة غير متوقعة أو بحب لغائب لم نره على الإطلاق وأكثر من هذا أنها ربما تضعنا أمام استحقاق لا يمكن تجاوزه أو تأجيله، وهكذا كانت علاقتي مع رجل غاب منذ أثني عشر عاماً ويزيد دون أن أراه أو استمع إليه أو أسمع سيرته ومسار حياته المليء بالعزة والكرامة والابتلاء.
     
    إنه الشهيد المتفرد في منح روحه طواعية واختياراً لشعبه ووطنه والمنافح عن حق أمته وكرامتها بوعي العارف لعمق المعنى وسمو الهدف، الرجل الذي ترك لعشرة أفراد هم كل أسرته نموذجاً مشرفاً للعشق والإيثار وهو الذي تمثل قوله تعالى" إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه"، فنعم الكادح أبو محمود رياض عدوان المولود عام 1953، الراحل عن دنيانا عام 1997 بعد أن عطرها بدمه الطاهر يوم أن اقتحم الموت بالهجوم على ثلة من جنود العدو أمام مركز الاحتلال برفح (الإدارة المدنية)، وكان قبلها قد امتشق روحه سيفاً مسلطاً على رقاب الأعداء باحثاً عن ضالته في شفاء غليل شعبه الذي أمضته سنوات الذل تحت الاحتلال، فذهب يوم السابع والعشرين من رمضان الواقع في 12 / 4 / 1991 إلى مدينة غزة باحثاً عن عدو أبى إلا أن يتوارى في ذلك اليوم الأغر من ذلك العام، فعاد لمخيمه ليجد ضالته هناك فيهاجم ويطعن جنديين ويصاب أثناء الهجوم فيؤخذ للمشفى دون أن يقدم له العلاج لتنتقم منه سلطات الاحتلال عبر إهمال علاجه ورغم ذلك تكتب له النجاة ويشفى فتبدأ رحلته مع العذاب والتنكيل الذي مارسه العدو من أجل إخضاعه وإذلاله ليسقط ويكون عبرة فصبر الشهيد صبر الأبطال الصناديد وبدل أن يمثل نموذج الاستخذاء والانهيار أمام التعذيب والتهديد مثل نموذج المجاهد المحتسب المحب لوطنه بصدق المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
     
    أبو محمود رياض عدوان لم أره واقعاً كما أسلفت لكني رأيت وجهه المشرق وابتسامته الساخرة من هوان الدنيا والحياة الذليلة، ورأيت عبوسه وغضبه حين تهان امرأة من بنات فلسطين على يد الجلاوزة من بني صهيون، ورأيته يقدم لأولاده وبناته روحه الوثابة المتمردة على واقع الهزيمة، رجلاً يحفر عميقاً في النفس وفي القلب وأنت تتخيله مودعاً زوجته وأبناءه وهم أحب الناس إليه ليقدم فرض الحب الأكبر لوطنه ولله عز وجل الذي استجاب لدعائه الصادق بأن يرزقه الشهادة حين كان قبل استشهاده بعام في مكة المكرمة لأداء فريضة الحج التي أكملها وهو في سن السادسة والثلاثين.
    رجلاً لا تراه لكنك ترجو الله أن تلقاه يوم اللقاء العظيم لتسلم عليه وتقبل جبينه الطاهر وتخبره بأن من قدمت من أجلهم فريضة الحب المقدس يبادلونك هذا الحب ويضعون اسمك الكريم حيث يجب أن يكون على صفحة السماء وبين النجوم.
     
    أبا محمود لقد رأيتك في أحد أولادك الذي استمعت منه لروايتك وعلمت يقيناً أي تضاريس وعرة سرت عليها وأنت ترجو الوصول للنبع الصافي الذي آمنت به فكانت حركة الجهاد الإسلامي حاضنتك الأمثل ولما رسمت، وكان الشهيد القائد والصديق فتحي الشقاقي وما أنتج من فكر وقدم للاجتهاد الإسلامي هادياً ومعلماً فطوبى لك وله ولكل الذين ساروا على هذا الطريق. لعلك يا أبا محمود لا تعرف أن غرسك قد أثمر حين تبعك ولدك الشهيد محمد رياض عدوان الذي لم يجد أفضل من طريق سلكه الأب لملاقاة وجه ربه بنفس راضية وبقناعة المؤمنين العارفين فتبع بإحسان لشهادة تضع صاحبها في عليين بين بني قومه وتعلي شأن العمل من أجل تحرير فلسطين كل فلسطين.
     
    أبو محمود مثلت نموذج الرفض للمهادنة كما المساومة ومثلت كل نفس أبية تعرف الحق فلا تماري فيه فكان لك ما أردت وفهم الذين تابعوا سيرتك العطرة عمق الدرس وفرادته فاختار أولهم إبنك محمد هذا النموذج وقدم ما قدمت فله التحية ولمثله مقتدياً بوالده كل الاحترام والحب الذي يمنحه شعبنا لأبنائه البررة.
     Ø¥Ù† اختيار المرء لطريقة موته يمثل عملاً شجاعاً وملفتاً فما بالك وهو يختار مع ذلك طريق الحياة الذي يعرف أنه يوصل للسعادة في الدنيا والآخرة وهو طريق شاق وطويل لكنه مضاء بأنوار الصديقين والشهداء الذين صنعوا عنوان الشعب الفلسطيني وكرامته وصانوها، إنه طريق تملأه الزينات على الصفين وفيه يتهادى أبو محمود وإبنه محمد وعلى رؤوسهم تاج العزة وحب الناس ووفاءهم فطوبى للرجلين صنعا لوحة عظيمة للعطاء والتضحية والإيثار.
     ØªØ¶ÙŠÙ‚ عليه الزنزانة في الرملة وتحاول سلطات السجن إذلاله فيختار المواجهة حتى الموت والشهادة. تستغل إدارة السجن إصابته وضعفه الجسدي فيرد بالإضراب عن الطعام وبطعن مستوطن من إدارة السجن ليؤكد المعنى الحقيقي لما قام به. إنه معنى التناقض الذي لا حل له سوى بزوال أحد طرفيه ولا مكان للتوافق هنا أو التصالح أو التسوية، وأبو محمود يحفر المعنى عميقاً في تراب الوطن وفي قلوبنا جميعاً. اليوم ونحن نتذكر الشهيد رياض عدوان في الذكرى الثالثة عشر لاستشهاده في الثاني عشر من يناير (كانون الثاني) عام 1997 لابد أن نتوجه بالشكر والعرفان له ولأسرته وأبنائه على عطاياهم الشريفة الطاهرة، ونقول لهم ولكل من قدم روحه من أجل فلسطين وابتغاء مرضاة الله أنكم باقون في قلوبنا وأن عبقكم الزكي الذي عطر به شهداؤكم أرض فلسطين سيكون منارة جيلنا وكل من يسير على طريق الحرية والكرامة.
     ÙÙŠ ذكراه العطرة وفي مناسبة لقاء بعض بنيه ممن يسيرون على دربه المشرف نتوجه لروحه الهادية بتحية كبيرة كبر الحياة وعظمة نضاله واستشهاده ولن يخذل الله شعباً فيه أمثال أبي محمود رياض عدوان وأبنائه الميامين...المجد له ولكل الشهداء، وإننا لمنتصرون.

    (المصدر:سرايا القدس) 


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

العصابات الصهيونية ترتكب مجزرة في قرية الجلمة قضاء مدينة حيفا

24 إبريل 1948

صدور قرار مجلس الحلفاء بوضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني

24 إبريل 1920

الأرشيف
القائمة البريدية