الأسيرة قاهرة السعدي فرحة بلقاء عائلتها

 

بالرغم‎ ‎من‎ ‎عودة‎ ‎الفرحة‎ ‎من جديد‎ ‎إلى‎ ‎أسرة‎ ‎الأسيرة المحررة‎ ‎قاهرة‎ ‎سعيد السعدي) ‎‎‏37‏‎ ‎عاما)ØŒ‎ ‎من‎ ‎مخيم‎ ‎جنين،‎ ‎التي‎ ‎أمضت عشر‎ ‎سنوات‎ ‎خلف‎ ‎قضبان‎ ‎سجون‎ ‎الاحتلال،‎ ‎من‎ ‎أصل ثلاثة‎ ‎مؤبدات‎ ‎‎وثلاثين‎ ‎عاما،‎ ‎إلا‎ ‎أن‎ ‎فرحة‎ ‎الأسيرة ما‎ ‎زالت‎ ‎منقوصة.‎
وقالت‎ ‎الأسيرة‎ ‎المحررة‎ ‎قاهرة، والحزن‎ ‎والأسى‎ ‎باد‎ ‎‎عليها‎ ‎لتركها‎ ‎بقية‎ ‎رفيقاتها الأسيرات ‎خلف‎ ‎قضبان‎ ‎سجون الاحتلال: "إن الاحتلال‎ ‎نغص‎ ‎فرحة‎ ‎‎الأسيرات‎ ‎بالتحرر،‎ ‎وكعادته لم‎ ‎يلتزم‎ ‎بأي‎ ‎اتفاقيات،‎ ‎ويستمر‎ ‎في‎ ‎محاولة‎ ‎قتل الفرحة‎ ‎والبسمة‎ ‎والأمل‎ ‎في‎ ‎الحياة.‎‏ ‏
وسعدت‎ ‎السعدي،‎ ‎بلقاء‎ ‎أبنائها، )‎ساندي‎ ‎‏19‏ عاما،‎ ‎محمد‎ ‎‏18‏‎ ‎عاما،‎ ‎ورأفت‎ ‎‏15‏‎ ‎عاما‎ ‎ودنيا‎ ‎‏13‏ عاما)ØŒ‎ ‎الذين‎ ‎‎كانوا‎ ‎أطفالا‎ ‎صغارا‎ ‎حرمت‎ ‎منهم، منذ‎ ‎اعتقالها.‎ ÙˆØ£Ø¨Ø¯Øª‎ ‎عتبها‎ ‎على‎ ‎وسائل‎ ‎الإعلام التي‎ ‎نسيت‎ ‎أسيرات‎ ‎لم‎ ‎يطلق‎ ‎‎سراحهن‎ ‎في‎ ‎صفقة التبادل،‎ ‎خاصة‎ ‎الأسيرة‎ ‎لينا‎ ‎جربوني‎ ‎من‎ ‎عرابة داخل‎ ‎أراضي‎ ‎ال‎ ‎‏48‏‎ ‎ØŒ‎ ‎والمحكومة‎ ‎بالسجن‎ ‎‎الفعلي‎ ‎لمدة ‏17‏‎ ‎عاما،‎ ‎بعد‎ ‎أن‎ ‎أعدت‎ ‎نفسها‎ ‎مع‎ ‎رفيقاتها‎ ‎للتحرر، إلا‎ ‎أن‎ ‎الصفقة‎ ‎لم‎ ‎تشملها‎ ‎وتجاهلتها.‎
وعن‎ ‎‎معاناة‎ ‎الحركة‎ ‎الأسيرة،‎ ‎قالت‎ ‎قاهرة: "حدّث ولا‎ ‎حرج،‎ ‎فرغم‎ ‎معاناتي‎ ‎العائلية،‎ ‎وحرماني‎ ‎مدة ‏10‏‎ ‎سنوات‎ ‎من‎ ‎‎مشاهدة‎ ‎ومعانقة‎ ‎واحتضان‎ ‎أطفالي الذين‎ ‎أصبحوا‎ ‎شبابا،‎ ‎إلا‎ ‎أن‎ ‎السجن‎ ‎عذاب‎ ‎وقبر بمعنى‎ ‎الكلمة،‎ ‎فداخل‎ ‎المعتقل‎ ‎‎كانت‎ ‎تمارس‎ ‎بحق الأسيرات‎ ‎شتى‎ ‎أنواع‎ ‎التعذيب‎ ‎النفسي‎ ‎والجسدي، إضافة‎ ‎إلى‎ ‎سياسة‎ ‎الحرمان،‎ ‎ولم‎ ‎تتوقف‎ ‎‎مداهمة الأقسام‎ ‎والأعمال‎ ‎الاستفزازية‎ ‎الأخرى،‎ ‎والأدهى من‎ ‎ذلك‎ ‎التفتيش‎ ‎العاري‎ ‎المذل‎ ‎والمشين‎ ‎للأسيرات، ‏وكان‎ ‎سيفا‎ ‎مسلطا‎ ‎على‎ ‎رقابنا".
وتوضح: "لم ‎تتوقف‎ ‎سلطات‎ ‎الاحتلال‎ ‎عن سياسة‎ ‎التفتيش‎ ‎العاري‎ ‎ولأتفه‎ ‎‎الأسباب،‎ ‎بل‎ ‎لجأت إلى‎ ‎نصب‎ ‎كاميرا‎ ‎للمراقبة‎ ‎داخل‎ ‎الزنزانة) ‎‏2‏Ù… ‏(‎ØŒ وكنا‎ ‎نعاقب‎ ‎بشتى‎ ‎الوسائل‎ ‎التي‎ ‎كان‎ ‎‎أشدها‎ ‎وأقساها حرمان‎ ‎الأسيرة‎ ‎مدة‎ ‎يومين‎ ‎من‎ ‎التوجه‎ ‎لدورات المياه،‎ ‎وحرمانها‎ ‎من‎ ‎الطعام،‎ ‎وإن‎ ‎تم‎ ‎تقديمه‎ ‎فهو ‏سيئ‎ ‎كمّا‎ ‎ونوعا،‎ ‎إضافة‎ ‎إلى‎ ‎شبح‎ ‎الأسيرة‎ ‎وهي مقيدة‎ ‎بالسلاسل‎ ‎على‎ ‎سرير‎ ‎من‎ ‎حديد‎ ‎ليومين وأكثر،‎ ‎وحرمان‎ ‎‎الأسيرات‎ ‎من‎ ‎الفورة‎ ‎والخروج‎ ‎للساحة أثناء‎ ‎عملية‎ ‎الشبح".
وعن‎ ‎الوضع‎ ‎الصحي،‎ ‎قالت‎ ‎المحررة‎ ‎قاهرة: "عانيت‎ ‎لسنوات‎ ‎من‎ ‎وضع‎ ‎صحي‎ ‎مترد،‎ ‎خاصة‎ ‎في اللثة‎ ‎والفم،‎ ‎ورفضت‎ ‎السلطات‎ ‎إجراء‎ ‎عملية‎ ‎جراحية لي،‎ ‎‎إضافة‎ ‎إلى‎ ‎توفر‎ ‎طبيب‎ ‎واحد‎ ‎لكافة‎ ‎التخصصات، والعلاج‎ ‎الوحيد‎ ‎أقراص‎ ‎من‎ ‎المهدءات'.
وتضيف، '‎حتى‎ ‎آخر‎ ‎‎يوم‎ ‎قبل‎ ‎فرحة‎ ‎التحرر،‎ ‎تم تهديدي‎ ‎من‎ ‎قبل‎ ‎ضباط‎ ‎المخابرات‎ ‎بإبعادي‎ ‎إلى‎ ‎قطاع غزة،‎ ‎وتم‎ ‎إرغامي‎ ‎على‎ ‎التوقيع‎ ‎‎والتعهد‎ ‎بالامتناع عن‎ ‎معاودة‎ ‎ارتكاب‎ ‎مخالفات‎ ‎ضد‎ ‎الاحتلال،‎ ‎وعدم الانتماء‎ ‎إلى‎ ‎تنظيم‎ ‎إرهابي‎ ‎أو‎ ‎جمعية‎ ‎غير‎ ‎‎قانونية، وعدم‎ ‎التورط‎ ‎في‎ ‎نشاط‎ ‎تحريضي‎ ‎ضد‎ ‎سلطات الاحتلال،‎ ‎وحتى‎ ‎أثناء‎ ‎نقلنا‎ ‎إلى‎ ‎الحافلات‎ ‎العسكرية ‏تمهيدا‎ ‎لتحررنا،‎ ‎قام‎ ‎الجنود‎ ‎بتقييد‎ ‎أرجلنا‎ ‎وأيدينا بالسلاسل‎ ‎بشكل‎ ‎مذل‎ ‎لمحاولة‎ ‎قتل‎ ‎فرحتنا".
وقالت‎ ‎الأسيرة‎ ‎‎المحررة:‎ "إن‎ ‎رسالتي‎ ‎التي‎ ‎أحملها من‎ ‎الأسيرات،‎ ‎هي‎ ‎الوقوف‎ ‎إلى‎ ‎جانبهم،‎ ‎وألا‎ ‎ينساهم شعبنا‎ ‎وقيادتنا‎ ‎حتى‎ ‎يتم‎ ‎‎تحريرهن‎ ‎من‎ ‎خلف قضبان‎ ‎سجون‎ ‎الاحتلال،‎ ‎والعمل‎ ‎على‎ ‎رفع‎ ‎المعاناة والظلم‎ ‎عن‎ ‎الأسرى‎ ‎بتحريرهم،‎ ‎وتبييض‎ ‎‎السجون، وأضافت،‎ ‎ "أما‎ ‎رسالتي‎ ‎الثانية‎ ‎التي‎ ‎أحملها‎ ‎إلى‎ ‎حركتي فتح‎ ‎وحماس،‎ ‎العمل‎ ‎الفوري‎ ‎والسريع‎ ‎على‎ ‎إنهاء ‏الانقسام‎ ‎الدامي‎ ‎الذي‎ ‎أدمى‎ ‎وأرهق‎ ‎قلوب‎ ‎الحركة الأسيرة،‎ ‎وجعل‎ ‎الاحتلال‎ ‎يمعن‎ ‎بسياسته‎ ‎العدوانية بحق‎ ‎الحركة‎ ‎‎الأسيرة،‎ ‎وبسبب‎ ‎الانقسام‎ ‎لم‎ ‎تنجح صفقة‎ ‎تبادل‎ ‎الأسرى‎ ‎وخاصة‎ ‎ملف‎ ‎الأسيرات.‎
ويقول" محمد" الابن‎ ‎الأكبر‎ ‎‎لقاهرة:‎ "إن‎ ‎صورة والدتي‎ ‎حينما‎ ‎تم‎ ‎اعتقالها،‎ ‎لم‎ ‎تفارق‎ ‎مخيلتي، حيث‎ ‎حاصر‎ ‎الجنود‎ ‎المنزل‎ ‎وداهموه،‎ ‎وحطموا ‏محتوياته،‎ ‎كما‎ ‎أطلقوا‎ ‎النار‎ ‎على‎ ‎خضر‎ ‎ضبايا وأصابوه‎ ‎بعيار‎ ‎ناري‎ ‎وتم‎ ‎اعتقاله‎ ‎بحجة‎ ‎أنه‎ ‎مطارد، ويمضي‎ ‎حاليا‎ ‎‎سنوات‎ ‎طويلة‎ ‎في‎ ‎سجون‎ ‎الاحتلال.‎
وأضاف: "بقيت‎ ‎لفترة‎ ‎من‎ ‎الوقت،‎ ‎مذهولا‎ ‎ولا‎ ‎أصدق أنني‎ ‎أحتضن‎ ‎وأعانق‎ ‎‎والدتي،‎ ‎وشعرت‎ ‎أن‎ ‎الدنيا ترقص‎ ‎وتزغرد‎ ‎فرحا،‎ ‎فقد‎ ‎عادت‎ ‎الفرحة‎ ‎لعائلتي وغمرت‎ ‎بيتنا".

 

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 20/10/2011)