زيادة حالات اعتقال الأطفال.. ظاهرة مقلقة

يتعرض الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني إلى كم هائل من الانتهاكات العنيفة التي تبدأ منذ لحظة الاعتقال، مروراً بالنقل إلى المعتقل، وبمرحلة التوقيف والتحقيق، وليس انتهاءً بصدور الحكم، وحتى آخر دقيقة قبل إطلاق سراح الطفل الأسير.
ويعاني الأطفال الأسرى من ظروف احتجاز قاسية تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية. فهم يعانون من نقص الطعام ورداءته، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والاكتظاظ، والاحتجاز في غرف لا يتوفر فيها تهوية وإنارة مناسبتين، والإهمال الطبي وانعدام الرعاية الصحية، ونقص الملابس، والانقطاع عن العالم الخارجي، والحرمان من زيارة الأهالي، والاحتجاز مع البالغين، والاحتجاز مع أطفال جنائيين صهاينة، والإساءة اللفظية والضرب والعزل والتحرش الجنسي، والعقوبات الجماعية، وتفشي الأمراض. كما أن الأطفال محرومون من حقهم في التعلم.
حيث يتلقى الأطفال في سجن "تلموند" فقط (30% من الأطفال الأسرى) تعليما بسيطا من خلال معلّم واحد، في حين أن بقيتهم لا يتلقون تعليما على الإطلاق، بل يقوم زملائهم البالغون بتعليمهم.

إهمال طبي
كما يعانون من سياسة الإهمال الطبي المبالغ فيه، حيث تفتقر عيادات السجون إلى الحد الأدنى من الخدمات الصحية والمعدات والأدوية الطبية اللازمة، أو وجود أطباء أخصائيين لمعاينة ومعالجة الحالات المرضية المختلفة، وأن الدواء السحري الوحيد المتوفر فيها هو حبة "الأكامول" كعلاج لكل الأمراض.
كما لا يتم عرض الأسرى الأطفال على أخصائيين نفسيين، ولا يوجد داخل سجون الاحتلال مرشدون مؤهلون للعمل مع الأطفال، حتى التعليم الذي يحصلون عليه بسيط وهو إسقاط واجب ليس أكثر.

إحصاءات حديثة
ومنذ بداية عام 2013 تم اعتقال مائتين وسبعة وعشرين طفلا، تتراوح أعمارهم ما بين 12-17، أكثر من تسعين منهم اعتقلوا بذريعة رشقهم الحجارة باتجاه سيارات المستوطنين أو خلال المواجهات على الحواجز العسكرية، فيما لا يزال يقبع في السجون (235 طفلاً) حتى تاريخ 20 آذار (مارس) 2013.
وكثفت قوات الاحتلال من اعتقالات الفتية والصغار، بعد المظاهرات التي اندلعت خلال الأسابيع الماضية، تضامناً مع الأسرى، واحتجاجاً على استمرار احتجاز المضربين منهم منذ فترات طويلة، ورفض الإفراج عنهم.
وكانت عمليات اعتقال الأطفال تزايدت خلال العام الماضي 2012 بنسبة 26% عن العام الذي سبقه، فقد تم خلال 2012 اعتقال 881 طفلا فلسطينيا، بمتوسط 73 حالة اعتقال شهريا. 

عزون.. نموج حي
وتعد بلدة عزون قضاء محافظة قلقيلية شمال الضفة الغربية نموذجا حيا لاستهداف الاحتلال للأطفال، حيث تعد من المناطق المنكوبة باعتقال صغارها الذين فاق عددهم 150 معتقلا، ليس هذا وحسب، بل تُضاف إلى ذلك أحكام عالية وقاسية تصل إلى أكثر من نصف عمر الطفل أو عمره كاملا.
أواخر 2012 قضت محكمة عسكرية بسجن ستة من أصل أربعين طفلا تعتقلهم دولة الاحتلال، لسنوات تراوحت بين 9 و14، وتغريم كل واحد منهم مبلغا ماليا يصل إلى نحو ألف دولار.
أحد هؤلاء هو الطفل إيهاب مشعل حيث صدر بحقه حكم بالسجن لتسع سنوات ونحو ثلاثة آلاف دولار لمضاعفة العقاب بحجة رشقه حجارة على سيارات المستوطنين التي تمر عبر الطريق الالتفافي الملاصق للبلدة.
وقال والده إن ذلك يدل على مدى العنجهية الصهيونية وسياسات العنف التي تتبعها دولة الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين، مشيرا إلى أن "الاحتلال أحضر مستوطنين "متضررين" على حد ادعائه للمحكمة لإثبات التهم الموجهة إلى الأطفال، وادعت مستوطنة أن يدها كُسرت وحصلت على تعويض مالي، ورغم ذلك كله فإن الأحكام عالية جدا ولا تصل لحد الجرم إن وُجد أصلا".

أطفال القدس
أيضا أطفال المدينة المقدسة يرزحون تحت نير الملاحقة والاعتقال. ولاسيما القاطنين في سلوان وباب العمود والبلدة القديمة، حيث يؤكد الحقوقيون أن بعض الأطفال خاصة في سلوان ورأس العمود انتزعوا من داخل بيوتهم، بل إن من بينهم أطفالا معاقين كما هو الحال بالنسبة للطفل أحمد أبو ناب من سكان حي بطن الهوى.
ووفقا لمعطيات نادي الأسير الفلسطيني في القدس؛ فقد سجلت خلال العامين المنصرمين أكثر من 1200 حالة اعتقال في صفوف أطفال مقدسيين تعرضوا جميعا للحجز والتوقيف والضرب، وجرت محاولات لتجنيد بعضهم من قبل المخابرات الصهيونية.
في حين سجلت منذ مطلع العام الجاري نحو 180 حالة اعتقال لأطفال مقدسيين، ومعظم المعتقلين جرى اعتقالهم أكثر من مرة، واتخذت بحقهم إجراءات إبعاد عن مساكنهم، أو حبسهم منزليا، بينما عانى كثيرون منهم من اضطرابات نفسية، وحرموا من حقهم في الدراسة والتعلم، كما كان عليه الحال بالنسبة للطفل إسحق الزغل من رأس العمود الذي أبعد قبل أكثر من عام ولنحو شهر إلى "تل أبيب" حيث يعمل شقيقه في مطعم، وأقام لديه هناك تحت رقابة شرطة الاحتلال التي سمحت بعودته بعد ذلك، لكن ظل انتقاله إلى مدرسته الرشيدية رهن بمرافقة أحد والديه له ذهابا وإيابا.
ويقول جواد صيام مدير مركز معلومات وادي حلوة، إن العدد الأكبر من حالات الاعتقال سجلت في غضون العامين الماضيين في سلوان، التي تنشط فيها "ميليشيا" مسلحة من المستوطنين وأفراد شركات الحراسة الأمنية التي تتولى حمايتهم، إضافة إلى الممارسات العنيفة التي تتم من قبل الشرطة ووحدات المستعربين، وبمبادرة من عناصرها الذين يتعمدون استفزاز المواطنين خاصة الشبان والأطفال بالاعتداء وقذف الغاز المسيل للدموع داخل المنازل.

(المصدر: فلسطين الآن، 01/05/2013)