الجريح محمود ناصر شارك في استقبال المحررين ثم أصبح أسيراً

 

على غير عادته نهض الشاب الجريح محمود سمير أحمد ناصر 20 عاما من نومه مبكرا مما اثار دهشة والدته التي بدأت تستفسر منه عن نشاطه غير الطبيعي، فابلغها فرحا انه سيتوجه مع اصدقائه لبوابة معسكر "عوفر" ليشاركوا في استقبال الأسرى الذين سيطلق سراحهم ضمن صفقة التبادل بين حماس والكيان الصهيوني.
وتقول والدته المواطنة نهاد خليل قاسم ناصر، غادر منزلنا في بلدة بيتونيا الساعة السابعة صباحا فرحا بتحرير كوكبة الأسرى رغم أنه لا يوجد من عائلتنا أي أسير محرر أو قريب ولكن ابني كان يعيش كجميع أبناء شعبنا فرحة كسر القيود والإفراج عن الدفعه الاولى من صفقة التبادل، وسمعته يقول لرفاقه كلهم أبطالنا وإخوتنا وقادتنا.
وشارك محمود الاهالي لحظات الانتظار الطويلة والتي تحولت لمواجهات على بوابة معسكر احتجاجا على تأخير الحافلات التي تقل المحررين رغم وصولها للمعسكر الصهيوني مبكراً، وتضيف والدته بتأثر وألم "لكن في النهاية خدعت سلطات الاحتلال الاهالي وأخرجت الحافلات التي تقل المحررين من بوابة أخرى، بينما كانت تمطر الاهالي بالغاز المسيل للدموع الخانق والاعيرة المطاطية لتنغيص فرحتهم بهذا العرس الوطني والشعبي الحاشد، لكنهم احتفلوا بعدما وصلوا للمقاطعة وكان ابني بينهم".

الاعتقال المفاجئ
بعد أيام عاد فيها محمود لحياته الطبيعية استهدفته قوات الاحتلال، وتقول الوالدة: "فوجئنا بقوات الاحتلال تحاصر منزلنا واعتقدت أنه كالعادة حملة تفتيش تعودنا عليها كثيرا ولكن لم أتوقع للحظة أن محمود هو المستهدف حتى انتهى جنود الاحتلال من تفتيش المنزل وطلبوا منه تغيير ملابس النوم ووداعي لمرافقتهم، لم أصدق ما أسمعه عندما قال ضابط المخابرات «ÙˆØ¯Ø¹ أمك» وشعرت بقلق ورعب وخوف على مصير ابني خاصة لكونه يعاني من آثار اصابته برصاص الاحتلال، لكن في النهاية قيدوه واقتادوه معهم واعتقلوه".

تمديد توقيفه
وفور اعتقاله، كان الهم الاكبر للوالدة وضعه الصحي كونه جريح فتوجهت لنادي الأسير الفلسطيني وطالبت بالتدخل ومتابعة ملفه وارسال محام لزيارته، وبينما بدأ النادي بمتابعة ملف محمود مع طواقمه المختصة، كانت قوات الاحتلال نقلته للتحقيق. وتقول والدته: "خضع للتحقيق القاسي بتهمة التظاهر ورشق حجارة في يوم تحرير الأسرى واستخدموا بحقه الضغط ثم حولوه للمحكمة التي رفضت الافراج عنه واستمرت في تمديد توقيفه ثلاث مرات متتالية لإعداد لائحة الاتهام من قبل النيابة والمخابرات التي اعتقلته وعاقبته بهذه الطريقة لأنه عبر عن حبه ووفائه للأسرى في يوم التحرر فاذا به ينتزع من منزلنا وينضم لصفوف الاسرى". وفي قاعة المحكمة، لم تحتمل الوالدة منظر ولدها الذي يعتبر الخامس في عائلته المكونة من 9 انفار فبكت رغم تجاربها المريرة مع الاحتلال عبر مسيرة طويلة رافقت فيها زوجها الذي كان من قادة حركة فتح، وقالتك "لم يحتمل قلبي رؤية محمود مقيد ومحاصر بالجنود الذين اختطفوه مني واليوم يحرموني من عناقه أو مجرد الحديث معه وقد حاولت لدى دخوله المحكمة مصافحته والاقتراب منه للاطمئنان على صحته ولكنهم منعوني ولم تكن سوى الدموع طريقي لتنقل له رسالة حبي ودعواتي له".

معاناة الاصابة
وتتابع أم محمود مع نادي الأسير ومحاميه قضية ابنها الذي أصيب برصاص الاحتلال مرتين خلال مشاركته في تظاهرات ضد جدار الفصل العنصري، وتقول: "دوما كان يشارك في الفعاليات والتظاهرات ضد جدار الفصل العنصري وتعرض للإصابة وما زال يتلقى العلاج ويعاني بشكل بالغ خاصة في الشتاء من مضاعفات الإصابة، لذلك توجهت للنادي لمساعدتي والعمل على تامين الدواء له حتى الافراج عنه بعدما مددت المحكمة توقيفه لتستمر معاناة ابني المحتجز في سجن عوفر وسط ظروف صعبه ولا يتلقى أي علاج.

عائلة مناضلة
وينحدر الأسير محمود من عائلة مناضلة فوالده من قادة حركة فتح والثورة وجرحاها، وتقول الوالدة: "إن زوجها الذي رحل العام الماضي ينحدر من قرية دير غسانه قضاء رام الله، واثر النكسة سافر للأردن والتحق في صفوف الثورة وشارك في كافة معاركها بدءاً من أحراش جرش وتل الزعتر وبيروت وتعرض للإصابة في كل واحدة منها"، وتضيف: "بعد خروج الثورة من عمان إلى لبنان تعرفت عليه، فأنا فلسطينية لاجئة وعائلتي تنحدر من قرية الكابري قضاء عكا وشردت عقب النكبة واستقرت في مخيم برج البراجنه في لبنان، وتزوجنا في 25 - 12 - 1973، وعشنا في برج البراجنة ليشارك زوجي في كل المعارك حتى العودة مع إقامة السلطة الوطنية، فواصل زوجي مسيرته مع القيادة والسلطة في اللجنة العلمية حتى توفي في 28 - 10 - 2010.

متابعة ملفه
وأكد نادي الأسير متابعته لقضية الاسير محمود على صعيد المحكمة والعلاج والضغط لإطلاق سراحه واستمرار الجهود لمنع اعتقال المرضى والجرحى، وحث المؤسسات الدولية والحقوقية لاتخاذ الاجراءات التي تلزم الكيان بعدم اعتقال المرضى.

 (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 21/11/2011)