توقعات الأسرى المرضى بعناق الحرية تخيب في المرحلة الثانية من صفقة التبادل

 

أسئلة ممزوجة بالألم تنتاب الأسرى المرضى المقيمون في مستشفى سجن الرملة الصهيوني، سقطت توقعاتهم الأخيرة بالإفراج عنهم في المرحلة الثانية من تنفيذ صفقة شاليط، خاصة أنهم سمعوا الكثير من التصريحات التي أكدت أولوية الإفراج عن الأسرى المرضى. وزارة الأسرى في تقرير لها، تناولت مأساة مجموعة من الأسرى مشلولين ومعاقين ومصابين بالسرطان وبفقدان البصر، يقتربون من الموت كل يوم، يتعرضون للإهمال الطبي، يعيشون تحت ضغط التوتر النفسي والعصبي، تتصاعد آلامهم وأوجاعهم في ظل ظروف لا إنسانية وغير صحية يعيشونها في قسم مغلق في مستشفى سجن الرملة يفتقد للحد الأدنى من الشروط الصحية الملائمة. الشفاء أو الحرية، شعار الأسرى المرضى الذين يئسوا من العلاج بعد أن أغلقت ملفاتهم الطبية ولا يتناولون سوى المسكنات ولا يتلقون سوى الاستهتار بإنسانيتهم وصحتهم من قبل السجانين وأطباء المستشفى. ولأن الشفاء أصبح معدوما، وأجسامهم المزدحمة بالأمراض الكثيرة أصبحت مخدرة، لم يعد أمامهم سوى المراهنة على الحرية لتلقي العلاج في الخارج إن كان هناك فرصة للشفاء والحياة، أو الموت بين الأهل والأولاد وليس في ذلك الصمت المخيف في سجن الرملة الصهيوني. وبعد الإعلان عن أسماء المنوي الإفراج عنهم، لم تشمل الصفقة الأسرى المرضى، لم نتطرق إليهم لا من بعيد ولا من قريب، ولم ينجح المفاوض الحمساوي في وضع أسمائهم ولا الراعي المصري كذلك، ليصبح مصيرهم مجهولا وخاصة أن المؤسسات الدولية والصحية والحقوقية أيضا فشلت في إنقاذ حياتهم. الآن المعاناة تتضخم والصرخات تعلو بعد أن خابت آمالهم بالحرية، ليبقوا يواجهون بأجسامهم المنهكة بالأمراض سياسة إدارة السجون القائمة على إهمالهم والتعمد بعدم إعطائهم العلاج المناسب متسائلين الى مدى يستطيعون مقاومة الأمراض المستفحلة في أجسادهم. الأسير المريض أمين نزال قال إن الوضع الصحي للأسرى المرضى ازداد تدهورا في الفترة الأخيرة، وهناك مضايقات على الأسرى المرضى، حيث حرموا من أبسط حقوقهم الصحية والطبية من حيث الأكل الخاص بهم، أو من حيث القدرة على الحركة أو زيادة الأهل أو اتصالات تلفونية بالأهل خاصة لأسرى غزة، وعدم وجود مساعدين لهم خاصة للمعاقين. وقال الأسير المصاب بشلل نصفي خالد الشاويش: "كنا ننتظر بفارغ الصبر أن تشملنا الصفقة ولكنها مرت دون أن تذكرنا أو تقف عندنا، بعد أن اعتقدنا أن الصفقة فرصة لإنقاذنا من سياسة الموت البطيء التي نحياها، وفرصة لوقف نزيف آلامنا المتواصل، ولإخراجنا من مقبرة الأحياء." لقد غابت الأولويات في الصفقة في شقيها، وطغت الحزبية والانتقائية على مجملها، وتركت في النهاية للسيف الاسرائيلي ليجزأ الأسرى ويصنفهم بما فيهم المرضى دون مراعاة أي اعتبار إنساني وكأنه يحكم عليهم بالهلاك الأبدي. ووصف الأسير معتصم رداد المصاب بالسرطان ويتناول جرعات الكيماوي حالة الاسرى المرضى بالكارثة بعد سماعهم أسماء المفرج عنهم، بكاء صامت، وجع يفيض من صدورهم وجروحهم، الشعور بالوحدة وبالقتل العمد، قائلا: "لم أستطع النظر الى وجوه المرضى، منصور موقدة، علاء حسونة ومحمود سلمان وإياد رضوان، ورياض العمور، وأكرم الريخاوي، وأشرف أبو دريع وناهض الأقرع وأمير صبارنة وغيرهم من المرضى المدفونين في أمراضهم وأحلامهم السجينة."

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 18/12/2011)