السرطان ينهش جسد الأسير

لم يكن الأسير طارق محمود خليل العاصي "30 عاما " من مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس يعلم بأن الآلام التي أصيب بها في داخل السجن هي آلام المرض بسرطان القولون، حيث يروي والده أبو حسام العاصي عن ابنه قائلا: "شعر طارق بداية مرضه قبل سنتين لأول مره بالآم شديدة في البطن، ولاحظ وجود دم أثناء قضاء الحاجة، فتوجه إلى طبيب السجن لإبلاغه، وتم إعطائه أدوية، لكن الأمر لم يتغير شيء وبقي نزيف الدم مستمرا معه".
ويضيف قائلا: "بدأت معه مشاكل في الأمعاء وانتفاخ في الجهة اليسرى من البطن، فتم إجراء فحوصات طبية له من قبل إدارة السجن، وظهرت نتيجتها بإصابته بمرض السرطان بالقولون، فأجريت له عمليتين جراحتين دون جدوى".

مشهد الشهيد لبادة
وكان طارق اعتقل خلال انتفاضة الأقصى مرتين، الأولى عام 2002 حيث أمضى 13 شهرا، والثانية في 27 تموز 2005 م، وحكم عليه الاحتلال بالسجن لمدة 20 عاما، حيث لا زال يرزح داخل الأسر حتى اللحظة رغم تردي حالته الصحية.
وأعرب الوالد عن خشيته من تكرار سيناريو الأسير الشهيد زهير لبادة مع ابنه "طارق" نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قبل مصلحة السجون مطالبا المؤسسات الدولية والمعنية بالأسرى العمل على إطلاق سراحه وسراح كافة الأسرى المرضى. وكان لبادة استشهد قبل بضعة أسابيع عقب إطلاق سراحه من سجون الاحتلال وهو في حالة صحية بالغة السوء نتيجة إصابته بمرض السرطان.
أما الوالدة الستينية فلم تتمالك نفسها وهي تتحدث عن نجلها الأسير، وانهمرت عيناها بالدموع، نتيجة الظروف الصعبة التي يمر بها "طارق" وقالت وهي تغالب الدموع: "لا يوجد في اليد حيله، لا يمكن لنا أن نساعد طارق إلا بالدعاء، بأن يشفيه الله من مرضه ويفرج كربه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
وتستشعر أم حسام الظروف التي يعيشها طارق بداخل السجن قائلة: "إن الابتلاء يمر الذي به طارق هو ابتلاء عظيم وشديد، ابتلاء بالسجن الذي يقيد حركته، وابتلاء بالمرض، ولا نسأل لطارق سوى الصبر والتحمل لأن ذلك في ميزان حسناته إن شاء الله ".

تعذيب نفسي
وتشير والدته: "الاحتلال يمارس على طارق وسائل مختلفة لتدمير حياته داخل الأسر، فمنذ بداية مرضه تعمد الاحتلال على عدم معالجته لأكثر من سنة، بالإضافة إلى ممارسته التعذيب النفسي لطارق بحرمانه من الزيارة بحجه المنع الأمني حيث يمنعني ويمنع والده من الزيارة في مرات عدة بالإضافة إلى أننا نزوره في كل عام مرة واحدة، حيث يطلب منا بأن يتم تفعيل قضيته إعلاميا ".
والجدير ذكره بأن طارق العاصي كان من نشطاء كتائب شهداء الأقصى في مدينة نابلس، وكان نادي الأسير الفلسطيني حذر من الوضع الصحي الذي يمر به العاصي مشيرا بأن طارق أجريت له عملية منظار مع بداية شهر شباط من العام 2009، وفيما بعد أعلن عن إصابته بمرض السرطان في الأمعاء، ورغم ذلك يرفض الاحتلال الإفراج عنه.

(المصدر: صحيفة الاستقلال، 28/6/2012)