الأسير الزويدي فقد بصره وأطرافه في زنازين الاحتلال

اعتقل قبل عشر أعوام، بعد أن اقتحمت قوات خاصة من جيش الاحتلال بيت عائلته في بلدة بيت حانون شمال القطاع، كان عمره  ÙÙŠ ذلك الوقت لا يتجاوز 20 عاماً، ذو جسم رياضي فارع الطول، ترك خلفه والدته ووالده وأشقاءه وهم بصحة جيدة إلى أن باتت الأم تعاني أمراضاً عدة. لم يسمح الاحتلال لعائلته بزيارته إلا مرة واحدة قبل ست سنوات، ليس ذلك فحسب، بل إنه ترك والديه يلفحهما الشوق، وبكل حسرة يتمنيان مع كل خطوة لعقارب الساعة رؤيته، واحتضانه، وسماع صوته، ولو لمرة واحدة، بعد أن تواردت الأخبار التي تنقل بين سطورها أنباء تدهور صحته، فقد أصيب منذ الشهور الأولى لاعتقاله ووجوده في "قبور العزل" بأمراض عدة، ألزمته الفراش.

أعمال عسكرية
بطل هذه القصة الأسير المقعد رامي إبراهيم الزويدي، من شمال القطاع، المعتقل منذ 30 من أكتوبر/ تشرين الأول، عام2002 ، والمحكوم بالسجن 13 عامًا، قضى منها 10 أعوام، بتهمة المشاركة في أعمال عسكرية مناهضة لدولة الاحتلال، والانتماء للجناح العسكري لحركة "حماس" كتائب القسام. والده إبراهيم المكنى "أبو رامي"، أكد أن معلومات وصلته عبر الأسرى داخل السجن، وبعض الجهات الأخرى، تشير إلى أن إدارة السجن والأطباء في المستشفيات يتعمدون إعطاء ابنه أدوية تزيد من مرضه، ولا تساعده، فيما بات لا يستطيع أن يحرك أطرافه الأربعة، أو يرى بعينه اليسرى.
وقال: إن ابني نتيجة الإهمال الطبي وتعمد إدارة السجن بسحب الأدوية منه لعدة مرات، والاكتفاء بالأدوية المسكنة له بات قعيدًا، لا يقوى على أخذ الطعام، أو الذهاب إلى دورة المياه، بعد أن تغلغلت الالتهابات في جسده ومفاصله.
ونوه إلى أن الأمراض العديدة التي ألمت به، وفقدانه لأطرافه، كان نتيجة تراكمات من الإهمال، والتكذيب في البداية لمرضه من قبل إدارة السجن والأطباء العسكريين، فيما يخشى الآن من فقده العين اليمنى التي يرى بها بسبب انتقال العدوى والالتهابات.

معالجة الأسرى
وبحرقة أضاف :"إن إدارة السجن والأطباء الصهاينة المختصين بمعالجة الأسرى يتعمدون أن يجعلوا من ابني قعيدا مشلولًا، وأن يخرج إلى فضاء الحرية بعد ثلاثة أعوام عالة على كرسي، هذا إن لم يخرج ميتا"، مشيرا إلى أن تدهورا حادا بصحته يحدث مع كل ساعة في حياته.
وبين "أبو رامي" إلى أن شعورًا مريرًا وحزينًا يعيشه إلى جانب أسرته وزوجته، نتيجة ما تردد من أخبار عن ابنه، منتقدا في الوقت ذاته ما وصفه بالصمت المطبق للمنظمات الحقوقية، والجهات المختصة، والمؤسسات الدولية والسلطة الفلسطينية عما يجري لابنه.
الباحث في مجال الأسرى رياض الأشقر، أشار إلى أن حالة الأسير الزويدي الصحية خطيرة، وفق التقارير التي تصل من بعض المحامين في الداخل المحتل، حيث بات فاقدا لأطرافه، وبصره، بينما نقل لعدة مرات من داخل السجن إلى المستشفيات. وناشد الأشقر بسرعة تدخل المنظمات والمؤسسات الحقوقية والدولية بسرعة التدخل، وعدم البقاء على حالة الصمت تجاه الأسير، والعمل على إطلاق سراحه، إلى جانب الأسرى المرضى في سجون الاحتلال من دون أي تأخير.

شعورٌ مرير
أما والدة الأسير "أم رامي"، فلفتت إلى أن شعورًا مريرًا ينتابها، كأي أم فقدت ابنها من بين أحضانها، ويعيش داخل السجن من غير حول له ولا قوة، بعد أن كان ذلك الشاب الرياضي، ذا البنية الجسمية التي يشار إليها بالبنان.
وقالت :"ابني رياضي، كان بوزن 80 كيلو، طوله 195 سنتيمتر، الآن يقل وزنه عن 50 كيلو، ولا يقوى على الانتقال من فرشته التي ينام عليها، إلا عبر زملائه الأسرى"، مضيفة :"ابني يحتضر فعلاً، ولا مغيث له، فأين العالم وأين من ينادون بحقوق الإنسان"؟.
وأضافت :"كل ساعة عن ساعة تتدهور صحة رامي، ولعل من يقف إلى جانبه أن ينقذ حياته"، داعية الكل الفلسطيني ومؤسسات حقوق الإنسان ومنظمة الصليب الأحمر إلى التحرك العاجل في هذا السياق، وعدم التأخر بما يعزز من فرص وفاته.
وبينت أنها أضربت عن الطعام قبل شهرين وفي ظل معركة الأمعاء الخاوية التي أطلقها الأسرى، علها تنفس عما يعتصرها من ألم وحرقة عن ابنها، وتوصل صوته وصوت الأسرى المرضى إلى العالم، فيما نقلت إلى المستشفى عدة مرات بسبب ذلك.

(المصدر: صحيفة فلسطين، 8/7/2012)