الأسير رائد أحمد... الإهمال الطبي يهدد حياته

أرخت ذراعيها تماما، لم يعد بإمكانها الجلوس من غير سند.. تعتصر ذاكرتها ألما.. وتشعر بغصة في قلبها لتقف دقاته على جمر الانتظار.. وبين الصلاة والدعاء تقضي يومها بانتظار رنة هاتفها أو خبرا ليطمئنها على صحة ابنها الأسير الذي تتدهور صحته كل يوم، لتكون الدمعة ونيسها.. إنها والدة الأسير رائد جمال علي أحمد من بلدة كفر الديك قضاء سلفيت.
وفي منزلها في كفر الديك التقينا بأسرة الأسير رائد، فكان في استقبالنا والدته وأخوه حسام، بلهفة وبدون توجيه أي سؤال لها أخذت تحدثنا وهي توجه عينيها تجاه السماء رافعة يديها شاهقة قائلة: "يا رب اسمع خبرا يطمئنني أن رائد بصحة جيدة، لا أملك سوى الصبر والدعاء برؤيته واحتضانه لأتأكد انه بصحة جيدة، فمنذ سماعي خبر وضعه الصحي السيئ وعيناي لم تعرفا النوم ولم أشعر بالراحة، ولم تذق أسرتي طعماً للفرح خلال هذا الشهر الفضيل، طالما لا زال رائد خلف القضبان يعاني من وضع صحي سيء".
تقف كلماتها عاجزة.. تمضغ أحزانها.. تعجز عن مقاومة دموعها فأخذت تنسال على وجنتيها، لتواصل حديثها قائلة: "ليتني احتضنته قبل اعتقاله، بتاريخ 26/6/2005، تم اعتقاله خارج المنزل، تلقيت الخبر وكان كالصدمة علي، وما زاد من ألمي ومعاناتي عندما أصدر القاضي حكمه بسجنه 16 عاما، ولم يكن هذا الاعتقال الأول لرائد، تم اعتقاله في عام 2001 وتم الحكم عليه بأربع سنوات ليخرج من السجن عام 2004، ولم تكتمل فرحتي بخروجه ليعود خلف القضبان"، وتواصل حديثها: "رائد من مواليد 7/10/1981 وستذهب أيام عمره داخل السجن"، صمتت وأجهشت بالبكاء.
وسط أجواء الحزن تتابع والدة الأسير رائد حديثها قائلة: "أبنائي رائد وحسام التقوا في سجن واحد، تم اعتقال حسام بتاريخ 1/6/2007 وحكم عليه بالسجن 18 شهرا، وكان عمره 18 عاما، وقمت بزيارتهما معا في سجن مجدو، وما أصعبه من شعور وأبنائي الاثنين مهجة قلبي خلف القضبان ولم استطع حتى تقبيلهما".
وبصوت مخنوق وبشفتها المتشققة، تكمل والدة الأسير رائد حديثها قائلة: "رائد بحاجة إلى رعاية طبية وحالته الصحية تسوء كل يوم، ولا يوجد اهتمام به من إدارة السجون، فمنذ اعتقاله وهو يعاني من حصوة في الكلى، وقامت إدارة السجون بعمل عمليتين له ولكن دون جدوى، ومعاناته تتزايد كل يوم لدرجة أن الألم انتقل للجهة الأخرى، وهو بحاجة إلى أدوية خاصة به ولكن يتم إعطاؤه مسكن للألم مع أن مفعوله لم يعد له قيمة، وكثير من زيارتي له كانت في مستشفى الرملة، ومع هذا رائد يخفي عني ألمه ويحاول أن يكون طبيعيا أثناء زيارتي له"، تنهدت بحرقة قائلة: "لو رائد موجود بيننا لما كان بهذا الوضع الصحي السيئ".
وتبكي والدة رائد من شدة خوفها عليه، لتختلط كلماتها بدموعها قائلة: "آخر زيارة له كانت بتاريخ 10/7/ 2012، وكان وضعه الصحي سييء جدا بالرغم من محاولته إخفاء ألمه، ولكن لم يخف علي، فأنا أمه وهو مهجة قلبي"، وتواصل: "بعد يوم من زيارتي له، دخل رائد في إضراب عن الطعام ولغاية الآن لم اعرف إخباره، اتصلت بنادي الأسير في رام الله وسلفيت وكانت الإجابة أن هناك متابعة لوضع رائد، ولكن ما زلت خائفة على صحته".
وعن معاناة الزيارة تقول والدة رائد: "المعاملة لا تطاق على المعابر، والتفتيش فيه إهانة لنا، إضافة إلى آلة الفحص التي يتم وضعنا فيها وهي عبارة عن أشعة ليزر، علاوة على معاناة الانتظار عند وصولنا للسجن". وتنهي حديثها قائلة: "أناشد كافة المؤسسات التي تعنى بحقوق الإنسان، ووزارة الأسرى، متابعة حالة رائد الصحية وتقديم العلاج له بأسرع وقت".
وعن الوضع الصحي لرائد تحدث إلينا مدير نادي الأسير في محافظة سلفيت نزار الدقروق، قائلا: "يعاني رائد من مرض في كليته، وليس هناك اهتمام بوضعه الصحي، وتسوء حالته الصحية كل يوم، وإدارة السجون في مثل هذه الحالات تنتهج أسلوب المماطلة كإجراء عقابي لكافة المعتقلين"، ويضيف انه يتم التنسيق لإدخال طبيب لمعاينته والاطمئنان على وضعه الصحي.

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 12/8/2012)