الشهيد أبو حمدية وصمة عار على جبين الصهاينة

د. أيمن أبو ناهية

ما يجري داخل سجون الاحتلال الصهيونية من أعمال وحشية وظلم واضطهاد للأسرى الفلسطينيين هي فرعونية فاشية لا تتناسب مع قيم الديمقراطية التي تتغنى بها دولة الاحتلال، فما أقدمت عليه مؤخراً أعداد كبيرة من قوات "المتسادا" مؤلفة من 200 جندي في سجن ريمون باقتحام غرف وأقسام الأسرى مدججة بكامل أسلحتها والعدة والعتاد والعصي والأجهزة المكهربة ومصطحبة معها الكلاب المسعورة المتوحشة، للبطش والتنكيل بالأسرى العزل الذين يقدر عددهم بـ 800 أسير في نفس السجن معلنين إضرابا مفتوحا احتجاجا على استشهاد أبو حمدية، حيث انتفضوا جميعا محتجين على استشهاد زميلهم الأسير القسامي ميسرة أبو حمدية (أبو طارق)، حيث قدر عدد القوات المقتحمة بأكثر من 200 جندي معزز بكامل عتاده العسكري ويقومون باقتحام الغرف وقمع الأسرى داخلها.
ميسرة أبو حمدية هو الشهيد الثاني في غضون شهر واحد، بتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي أوباما، وكأن الأمر مخطط له، أو هو إن جاز التعبير توصية بدون فيتو، ولسوء حظ الاحتلال أن الشهيد أبو حمدية قد كشف عورة مصلحة سجونه بإهمالها للأسرى المرضى، حيث إن الشهيد أبو حمدية يعاني منذ فترة اعتقاله من مرض سرطان الحنجرة والذي انتشر في جميع أنحاء جسده، نتيجة إهمال مصلحة السجون وتمادي حكومة الاحتلال بتضييق الخناق عليه.
إن الشهيد أبو حمدية مناضل حر مؤمن بالمقاومة للاحتلال، فرغم عودته إلى الأراضي المحتلة ضمن اتفاقيات أوسلو، إلا أن أبو حمدية (رحمه الله) كان غير مؤمن باتفاقية أوسلو ولا يعترف بكل الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، معتبرا رجوعه مع باقي أبناء الشعب الفلسطيني إلى وطنه فلسطين حقا طبيعيا، رغم أنف الاحتلال وليس الأمر بالاستجداء والركوع له، لذلك تفرغ المجاهد القسامي أبو حمدية للعمل المقاوم الصامت كخيار شرعي للتحرير، فكان عقلا ومفكرا ومخترعا ومهندسا منخرطا في العمل العسكري المقاوم.
عذر أقبح من ذنب، أن سبب استشهاد أبو حمدية مرضه، وهذا يعيد إلى الأذهان من جديد استشهاد عرفات جردات أيضا، وقد عللتها مصلحة السجون لنوبة قلبية، والذي ثبت غير ذلك أن استشهاد جردات إثر التعذيب الشديد الذي ظهر على جسده بعد أسبوع فقط من اعتقاله، فالآن ثبتت لنا الصورة واضحة أن حياة كل الأسرى مهددة بالخطر والموت سواء كانوا الأسرى المضربين عن الطعام أم الأسرى الجدد أم المرضى.
وقد ذكرت في مقال سابق أن الأسير جرادات، لم يكن هو الشهيد الأول ولا الشهيد الأخير في إحصائيات شهداء التعذيب في السجون الصهيونية، و قد ذكرت في نفس المقال أعداد الشهداء من الأسرى في السجون والمعتقلات الصهيونية وكانت القائمة طويلة، لما تمثله سلطات الاحتلال من حالة فريدة في ممارسة التعذيب بين دول العالم، بحيث لا يوجد دولة أخرى في العالم تشرع التعذيب سوى الاحتلال الصهيوني، وقد أشرت أيضا في المقال لبعض أنواع التعذيب التي تطبقها أجهزة المخابرات الصهيونية على أسرانا.
فسلطات الاحتلال تحاول إحباط معنويات الأسرى المضربين عن الطعام، وكسر إرادتهم الوطنية كي تجعل منهم عبرة لهم ولذويهم كي يفكوا إضرابهم، ويستسلموا للأمر الواقع، كما هي السلطة في رام الله التي لا تحرك شيئا ومستسلمة للاحتلال، وأصبح كل ما يهمها الدعم المالي في سبيل التغطية على جرائمه التي تشترك معه فيها بطريقة و وبأخرى، بما يسمى الارتباط والتنسيق الأمني، والتي تعتبرها ورقة ضغط للعودة إلى المفاوضات، لإفشال المصالحة. لكن ما يخشاه الاحتلال وما لا تفضله السلطة هو انفجار انتفاضة ثالثة للأسرى التي انطلقت شرارتها الأولى منذ فترة قصيرة ولازالت شرارتها مشتعلة حيث لا تبقي ولاتذر وستحرق الأخضر واليابس.

(المصدر: صحيفة فلسطين، 4/4/2013)