والدة الأسير عدنان مراغة: أخيرا سأحتضن ابني الذي سرق مني منذ 21 عاما‏

"أخيرا‎ ‎سأحتضن ابني‎ ‎الذي‎ ‎سرق‎ ‎مني‎ ‎منذ‎ ‎‏21‏‎ ‎عاما،‎ ‎أخيرا سأفرح‎ ‎بتحرره‎ ‎وسأزفه‎ ‎‎قريبا،‎ ‎لأفرح‎ ‎برؤية أطفاله‎ ‎يلعبون‎ ‎في‎ ‎زوايا‎ ‎منزلنا."‎ بهذه العبارات‎ ‎بدأت‎ ‎الحاجة‎ ‎أم‎ ‎عثمان‎ ‎مراغة حديثها‎ ‎‎ بعد‎ ‎ورود‎ ‎اسم‎ ‎ابنها الأسير‎ ‎المقدسي‎ ‎عدنان‎ ‎محمد‎ ‎عطا‎ ‎مراغة ‏) ‎‏42‏‎ ‎عاما(‎ ضمن‎ ‎قوائم‎ ‎‎الأسرى‎ ‎المنوي‎ ‎الإفراج عنهم‎ ‎في‎ ‎صفقة "الوفاء للأحرار"‎ التي صادقت‎ ‎عليها‎ ‎الحكومة‎ ‎الصهيونية‎ ‎‎الأسبوع الماضي،‎ ‎بعد‎ ‎جولات‎ ‎مفاوضات‎ ‎خاضتها‎ ‎مع الفصائل‎ ‎الآسرة‎ ‎للجندي جلعاد شاليط‎ ‎طوال‎ ‎‎خمس‎ ‎سنوات.‎‏ أم‎ ‎عثمان،‎ ‎الوالدة‎ ‎الصابرة‎ ‎التي‎ ‎ضعف بصرها،‎ ‎وأصيبت‎ ‎بمرضي‎ ‎السكري‎ ‎والضغط، ستنهي‎ ‎‎قريبا‎ ‎فصول‎ ‎المعاناة‎ ‎التي‎ ‎قضتها‎ ‎على بوابات‎ ‎السجون‎ ‎الصهيونية‎ ‎برفقة‎ ‎أهالي الأسرى‎ ‎للقاء‎ ‎أحبائهم‎ ‎لدقائق‎ ‎‎معدودة،‎ ‎كان السجانون‎ ‎يحصون‎ ‎فيها‎ ‎أنفاسهم‎ ‎ونبضات قلوبهم.‎ واستذكرت‎ ‎أم‎ ‎عثمان مدى الألم الذي عاشته‎ ‎‎طوال سنوات الألم فدمعت عيناها‎ ‎وقالت: "‎منذ‎ ‎اليوم‎ ‎لن‎ ‎ازور‎ ‎السجون، وسنجتمع‎ ‎عائلة‎ ‎واحدة‎ ‎على‎ ‎مائدة‎ ‎‎الطعام، سنقضي‎ ‎أيام‎ ‎عيد‎ ‎الأضحى‎ ‎منذ‎ ‎‏21‏‎ ‎عاما مجتمعين،‎ ‎ولن‎ ‎يبعدني‎ ‎عن‎ ‎ابني‎ ‎عثمان سوى‎ ‎الموت."‎‏ ‏
عائلة‎ ‎مراغة‎ ‎قضت‎ ‎واحد‎ ‎وعشرين‎ ‎عاما بين‎ ‎زيارة‎ ‎عدنان‎ ‎وشقيقه‎ ‎المحرر‎ ‎عثمان) ‎‏43‏ عاما(‎وشقيقتهما‎ ‎‎المحررة‎ ‎سعاد) ‎‏39‏‎ ‎عاما(‎ØŒ وهي‎ ‎اليوم‎ ‎على‎ ‎موعد‎ ‎مع‎ ‎حرية‎ ‎يعيش فرحتها‎ ‎جميع‎ ‎أفراد‎ ‎العائلة."‎
ازدانت جدران‎ ‎منزل‎ ‎عائلة‎ ‎مراغة‎ ‎في بلدة‎ ‎سلوان،‎ ‎بأجمل‎ ‎أنواع‎ ‎الزينة‎ ‎الكهربائية، وبدأت‎ ‎والدته‎ ‎وقريباته‎ ‎بتحضير‎ ‎‎الرايات البيضاء‎ ‎لترفرف‎ ‎عاليا‎ ‎على‎ ‎مدخل‎ ‎المنزل، وبدأن يحضرن غرفة عدنان وفرشنها بأبهى‎ ‎‎المفروشات،‎ ‎واشترت‎ ‎له‎ ‎والدته‎ ‎ملابس جديدة،‎ ‎استعدادا‎ ‎لاستقبال‎ ‎ابنها‎ ‎البطل.‎‏ وعن الاستعدادات لاستقبال المحرر عدنان،‎ ‎قالت‎ ‎أم‎ ‎عثمان: "‎أعد‎ ‎الدقائق‎ ‎حتى أرى‎ ‎ابني‎ ‎يدخل‎ ‎منزلنا‎ ‎بعد‎ ‎أن‎ ‎اعتقل‎ ‎منه وعمره‎ ‎‎‏21‏‎ ‎عاما،‎ ‎نستعد‎ ‎جميعا‎ ‎لاستقباله، أشقاؤه‎ ‎وشقيقاته‎ ‎يتابعون‎ ‎الأخبار‎ ‎لحظة بلحظة،‎ ‎ووالده‎ ‎الحاج‎ ‎أبو‎ ‎عثمان‎ ‎لا‎ ‎‎يجد‎ ‎إلا الدعاء‎ ‎لله‎ ‎تعالى‎ ‎ليراه‎ ‎واقفا‎ ‎أمامه."‎‏ وأضافت: "سأطهو‎ ‎له‎ ‎كل‎ ‎أنواع‎ ‎الأطباق التي‎ ‎يحبها،‎ ‎وسنوزع‎ ‎‎الحلويات‎ ‎في‎ ‎أنحاء البلدة،‎ ‎لن‎ ‎أبكي‎ ‎بعد‎ ‎اليوم‎ ‎فحبيبي‎ ‎الغالي سيكون‎ ‎حاضرا‎ ‎بيننا‎ ‎دائما."‎
الحاج‎ ‎أبو‎ ‎عثمان‎ ‎الذي‎ ‎تزين‎ ‎وجهه بمشاعر‎ ‎الفخر،‎ ‎وأظهرت‎ ‎‏‏عيناه‎ ‎مدى‎ ‎شوقه للقاء‎ ‎عدنان ‎‎وفرحته‎ ‎قال: ‎‎"‎منذ‎ ‎واحد وعشرين‎ ‎عاما‎ ‎لم‎ ‎نحتفل‎ ‎بعيدي‎ ‎الفطر والأضحى،‎ ‎ولم‎ ‎نكن‎ ‎نعد‎ ‎طعاما‎ ‎خاصا‎ ‎به‎ ‎كما هو‎ ‎متعارف‎ ‎‎عليه،‎ ‎فكيف‎ ‎نفرح‎ ‎وابني‎ ‎يعيش الغربة‎ ‎في‎ ‎وطنه،‎ ‎محتجز‎ ‎في‎ ‎أصعب‎ ‎الظروف وأقساها.‎ في‎ ‎الأعياد‎ ‎كنا‎ ‎نتوجه‎ ‎‎لزيارته،‎ ‎وكان عيدنا‎ ‎يبدأ‎ ‎عندما‎ ‎نراه‎ ‎وينتهي‎ ‎بانتهاء زيارتنا‎ ‎له،‎ ‎وحتى‎ ‎فرحة‎ ‎الإفراج‎ ‎عن‎ ‎سعاد وعدنان‎ ‎لم‎ ‎‎تكن‎ ‎كاملة."‎‏ وأضافت‎ ‎أم‎ ‎عثمان: "‎تزوج‎ ‎أبنائي‎ ‎وبناتي جميعا،‎ ‎ولم‎ ‎أحس‎ ‎بفرحة‎ ‎كل‎ ‎أم‎ ‎تزوج‎ ‎أبناءها، فرحتي‎ ‎‎كانت‎ ‎منقوصة،‎ ‎وستكتمل‎ ‎بالإفراج عن‎ ‎عدنان‎ ‎والاحتفال‎ ‎بزفافه‎ ‎ورؤية‎ ‎أبنائه يلعبون‎ ‎هنا‎ ‎في‎ ‎بيتي‎ ‎الذي‎ ‎اشتاقت‎ ‎‎حجارته لهمسات‎ ‎عدنان."‎
وتابعت: "انجاز‎ ‎الصفقة‎ ‎كان‎ ‎السبيل الوحيد‎ ‎لتحرر‎ ‎ابني‎ ‎وأسرى‎ ‎القدس،‎ ‎وكنت ‏أتمنى‎ ‎أن‎ ‎يعود‎ ‎ابني‎ ‎لأعيش‎ ‎معه‎ ‎ما‎ ‎تبقى من‎ ‎عمري،‎ ‎وأن‎ ‎تفرح‎ ‎كل‎ ‎أم‎ ‎بعودة‎ ‎ابنها‎ ‎وكل زوجة‎ ‎بعودة‎ ‎زوجها،‎ ‎‎وأن‎ ‎يعود‎ ‎الأسرى‎ ‎الآباء إلى‎ ‎أبنائهم."‎‏ وكانت‎ ‎الأسيرة‎ ‎المحررة‎ ‎سعاد‎ ‎قد‎ ‎سبقت شقيقها‎ ‎عدنان‎ ‎في‎ ‎طريق‎ ‎النضال،‎ ‎‎فاعتقلت لمدة‎ ‎‏3‏‎ ‎أعوام‎ ‎Ùˆ‎ ‎‏7‏‎ ‎أشهر‎ ‎غير‎ ‎متواصلة،‎ ‎بتهمة المشاركة‎ ‎في‎ ‎مظاهرات‎ ‎شعبية‎ ‎ورمي‎ ‎حجارة، وكانت‎ ‎‎السلطات‎ ‎الصهيونية‎ ‎تضغط‎ ‎عليها أثناء‎ ‎اعتقالها‎ ‎وتهددها‎ ‎بحجزها‎ ‎في‎ ‎الزنازين لترشدهم‎ ‎إلى‎ ‎مكان‎ ‎اختباء‎ ‎عدنان،‎ ‎أما الشقيق‎ ‎الأكبر‎ ‎الأسير‎ ‎المحرر‎ ‎عثمان،‎ ‎فأفرج عنه‎ ‎عام‎ ‎‏2008‏‎ ‎بعد‎ ‎قضائه‎ ‎‏17‏‎ ‎عاما‎ ‎من مدة‎ ‎‎محكوميته‎ ‎البالغة‎ ‎‏27‏‎ ‎عاما،‎ ‎والذي‎ ‎كان قد‎ ‎اعتقل‎ ‎في‎ ‎‏15‏- ‎‏2‏- ‎ ‏1989‏‎ ‎بتهمة‎ ‎الانتماء للجبهة‎ ‎الشعبية‎ ‎لتحرير‎ ‎‎فلسطين‎ ‎والضلوع في‎ ‎عمليات‎ ‎فدائية،‎ ‎وقد‎ ‎قضى‎ ‎الشقيقان عثمان‎ ‎وعدنان‎ ‎‏13‏‎ ‎عاما‎ ‎سويا‎ ‎متنقلين‎ ‎بين سجون‎ ‎‎عسقلان،‎ ‎نفحة‎ ‎والرملة.‎

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 17/10/2011)