شقيقة الأسير المحرر أكرم منصور: لسنا نادمين على مقاومتنا رغم اللوعة والغياب الطويل

أكرم وإبراهيم وطلال وشادي وحسن وسعيد وحسام وأنس وغيرهم من الأسرى الذين تنسموا هواء الحرية في صفقة تبادل الأسرى الممزوجة بالأسى على رفاقهم الذين تركوهم خلف القضبان يحاكون واقعا ممزوجا بالدموع على لقاء أحبة وفراق أحبة كلهم أمل أن يلتم شمل كافة الأسرى مع عائلاتهم كما أصبح حالهم.
لقب الأسير أكرم منصور بـ «Ø§Ù„وحش» وهذا الوصف ليس تعبيرا عن مدى قسوة الأكرم ولا عن جمود قلب المنصور بل هو تعبير عن التمرد والرهبة والشموخ والصمود.
فقلب الوحش كانت له رغبة، أن يبقى البيت كما هو وأن يعود إليه ليجده لم يتغير فيه شيء، يظل مثلما كان وكما تركه في ليلة باردة، أبقى فراشه دافئا وأراد أن يعود إليه بعد غياب دام 34 سنة خلف قضبان حديدية أخذت كل شيء وراءها، لكنه كان مصرا أن يبقى البيت كوصية، إن كتب الله له عمرا أن يعود إليه كما تركه، وأن لا يغير أهل البيت به شيئا حتى يعود إليه رافعا راية النصر والبقاء والصمود، وإن حصل تغير فإنه سيكون بفعل الزمن، من وفاة حبيب أو وداع قريب لا أكثر.
أمل منصور شقيقة الأسير المحرر أكرم قالت: «Ø§Ù„أرض باقية والشباب فان» كلمات رددتها طيلة أيام عمرها التي أفنتها بالانتظار لعودة ميمونة لأخ حبيب اختار درب المقاومة والبسالة، مدافعا عن ثرى وطنه الغالي، ليدفع ثمنا باهظا خلف القضبان لسنا نادمين على مقاومتنا، بل نحن مشتاقون وكلنا لوعة للقاء أخينا بعد هذا الغياب الطويل المر.
وتضيف أمل أبقينا البيت كما تركه أكرم تتوقف قليلا بعد أن غرقت عيناها بالدموع لم نغير به شيئا حتى لو تهاوت بعض أطرافه تجهش أمل بالبكاء لم يتغير شيء في انتظار الحبيب سوى من تركوا البيت بإرادة الله أبي وأمي اللذين لطالما حلما بلقاء أكرم واحتضانه كما نحن اليوم.
أراد أكرم أن يعود إلى البيت العتيق إلى رائحة الزعتر والزيتون إلى ثنايا البيت الذي أفنى طفولته فيه إلى كل شيء كل شيء وهذا ما كان له وما حصل أمس.
حال أكرم منصور وعائلته ليست سوى صورة مصغرة لمعاناة أهالي الأسرى وأمنياتهم للقاء أحبتهم وأحلامهم ورغباتهم.
والدة الأسير إبراهيم ياسين أم رامي، جفت دموع عينيها من البكاء على غياب فلذة كبدها، تتلقف أخباره، وكأن جزءا من جسدها قد ضاع بغيابه، السنون تمر علينا مر السحاب، لكن كيف كانت تمر على ولدي؟؟ سؤال أبكاها كثيرا، ما حاله، ماذا يفعل؟ ماذا يشرب؟ كيف ينام؟ وهل وهل وهل ؟؟؟ أسئلة بلا إجابات تنتظر زيارة بلا موعد من قبل سجان لا يرحم، وقد يحرم وقتما شاء وأينما شاء بإلغاء زيارة أو فرض أحكام قاسية على الأسرى من عزل ولطم وقمع.
زوجت أم رامي ولديها في غياب إبراهيم وكعادة أعراسنا، تقوم الأم بوضع الحناء على يديها تعبيرا عن الفرح، لكنها أبت أن تدخل الفرح على قلبها ويديها إلا بحضور ابنها، بوجوده بين أهله وذويه، وعودته بين عينيها وقلبها وحضنها الدافئ.
لوحت أم رامي أمس بيدين مخضبتين بالحناء، الأحمر الداكن، مزهوة بقلب فرح، لاحتضان ولدها بالزغاريد القلبية والحضن الدافئ.
أبو رامي الذي تآكله المرض، يتحدث بقلب موجوع، عن حال الغياب والفراق، عن الأسر والأسرى، عن المعاناة. كان أبو رامي قد أنذر بقربان عظيم إلى الله إذا خرج ابنه من السجن وبلغته «Ø£Ø±ÙŠØ¯ أن اذبح ذبحا تسيل فيه الدماء من بيتي إلى مسافة كذا وكذا» العبرة هنا ليست بالكثرة، وليست بتضخيم العبارات والنذور بل هي تعبير بسيط عن حجم الألم الذي ألم بقلب أبو رامي والعائلة بأكملها لغيابه عنهم، كان له ما كان ورأى ولده بعيون ملأتها الدموع، أرسل صيحاته العالية للجموع الغفيرة بأن موعد الذبح قد حان برؤية ولده مرفوعا على أكتاف المهنئين.
قصص وروايات وأمان وأمنيات, وأحلام تحققت وأخرى تنتظر لسان حال الجميع كما اتفقوا أن الصورة لم تكتمل ألوانها, والفرحة كانت لتكون أكبر, بلم شمل كافة الأسرى بأهلهم وأحبتهم وذويهم ووطنهم.

(المصدر: صحيفة الحياة الجديدة، 20/10/2011)