عائلة عقل في جنين تزف باكورة أبنائها حزنا على غياب شقيقه الأسير محمد

ليلة‎ ‎العمر‎ ‎التي ينتظرها‎ ‎كل‎ ‎عريس‎ ‎وعائلته‎ ‎للفرح‎ ‎والسعادة تحولت‎ ‎للحظات‎ ‎حزن‎ ‎وبكاء ودموع فيحياة عائلة‎ ‎عقل‎ ‎في‎ ‎مدينة‎ ‎جنين‎ ‎بسبب‎ ‎افتقادها لنجلها‎ ‎محمد‎ ‎جمال‎ ‎سليم‎ ‎عقل‎ ‎الذي‎ ‎يغيبه الاحتلال‎ ‎خلف‎ ‎قضبان الأسر‎ ‎في‎ ‎رحلة‎ ‎اعتقال طويلة‎ ‎كونه‎ ‎يقضي‎ ‎حكما‎ ‎بالسحن‎ ‎المؤبد‎ ‎‏14‏‎ ‎مرة ‏إضافة‎ ‎Ù„‎ ‎‏40‏‎ ‎عاما.‎‏ وبين‎ ‎ذكرى‎ ‎انطلاقة‎ ‎انتفاضة‎ ‎الأقصى‎ ‎التي‎ ‎كان احد‎ ‎قادتها،‎ ‎ويوم‎ ‎زفاف‎ ‎شقيقه‎ ‎الأكبر‎ ‎علاء‎ ‎‎وانجاز الصفقة‎ ‎التي‎ ‎لم‎ ‎يدرج‎ ‎فيها‎ ‎اسم‎ ‎محمد‎ ‎ذرف‎ ‎الجميع الدموع،‎ ‎لكنهم‎ ‎أصروا‎ ‎على‎ ‎حضور‎ ‎الابن‎ ‎الثاني‎ ‎في ‏العائلة‎ ‎بصوره‎ ‎التي‎ ‎زينت‎ ‎منصة‎ ‎الحفل‎ ‎وبأغنيات خاصة‎ ‎لأسيرها‎ ‎ولكل‎ ‎المعتقلين‎ ‎ألفها‎ ‎الفنان‎ ‎حسام أبو‎ ‎عبيد‎ ‎‎رفيق‎ ‎درب‎ ‎وجار‎ ‎عقل‎ ‎الذي‎ ‎يقبع‎ ‎حاليا في‎ ‎سجن‎ ‎جلبوع.‎
طوال‎ ‎سهرة‎ ‎العرس‎ ‎غابت‎ ‎كل صور‎ ‎الفرح ‏الحقيقية‎ ‎وحضرت‎ ‎الدموع‎ ‎لتنساب‎ ‎من‎ ‎العيون التي‎ ‎أحبته‎ ‎لتتعمق‎ ‎الجراحوتنغص‎ ‎الفرحة رغم‎ ‎اجتماع‎ ‎الأهل‎ ‎‎والأحبة،‎ ‎بينما‎ ‎كان‎ ‎الجميع يتسابق‎ ‎لحمل‎ ‎صورة‎ ‎الأسير‎ ‎محمد‎ ‎التي‎ ‎تنقلت من‎ ‎يد‎ ‎لأخرى‎ ‎في‎ ‎منظر‎ ‎أبكى‎ ‎‎الحضور،‎ ‎وبين‎ ‎الورود والزينة‎ ‎توسطت‎ ‎صورة‎ ‎أخرى‎ ‎لمحمد‎ ‎منصة‎ ‎الحفل ليكون‎ ‎كما‎ ‎قالت‎ ‎والدته‎ ‎خديجة‎ ‎عقل‎‎"‎أم‎ ‎علاء": ‏"‎حاضرا‎ ‎بيننا‎ ‎رغما‎ ‎عن‎ ‎السجن‎ ‎والسجان‎ ‎وكل‎ ‎ظروف الاعتقال،‎ ‎انه‎ ‎العرس‎ ‎والفرح‎ ‎الأول‎ ‎في‎ ‎حياة‎ ‎‎عائلتي أول‎ ‎فرحة‎ ‎بزفاف‎ ‎ابني‎ ‎المحرر‎ ‎أيضا‎ ‎علاء‎ ‎ولكن‎ ‎لا وجود‎ ‎للفرح،‎ ‎وكيف‎ ‎يفرح‎ ‎قلبي‎ ‎وابني‎ ‎في‎ ‎سجنه ‏ومضرب‎ ‎عن‎ ‎الطعام‎ ‎ويتألم‎ ‎وسنوات‎ ‎العمر‎ ‎تمضي والسجن‎ ‎يغتصب‎ ‎زهرة‎ ‎شبابه‎ ‎مع‎ ‎كل‎ ‎إخوانه‎ ‎الأسرى، انه‎ ‎الم‎ ‎‎من‎ ‎نوع‎ ‎آخر".‎

حاضر‎ ‎رغم‎ ‎الأسر
وبين‎ ‎الأغنيات‎ ‎والدعوات،‎ ‎تتالت‎ ‎صور‎ ‎الألم فلم‎ ‎تكن‎ ‎صورة‎ ‎محمد‎ ‎الحاضر‎ ‎‎الوحيد‎ ‎لتمثله‎ ‎في حفل‎ ‎زفاف‎ ‎شقيقه،‎ ‎فقد‎ ‎بكى‎ ‎أصدقاؤه‎ ‎وأقاربه ووالده‎ ‎جمال‎ ‎يعتلي‎ ‎المنصة‎ ‎ليقدم‎ ‎هدية‎ ‎ومباركة ‏محمد‎ ‎الخاصة‎ ‎التي‎ ‎أرسلها‎ ‎من‎ ‎سجنه‎ ‎لشقيقه‎ ‎علاء الذي‎ ‎لم‎ ‎يتمكن‎ ‎من‎ ‎رؤيته‎ ‎وزيارته‎ ‎كباقي‎ ‎أشقائه منذ‎ ‎سنوات‎ ‎‎بسبب‎ ‎المنع‎ ‎الأمني‎ ‎كونه‎ ‎أسيرا،‎ ‎عانق الوالد‎ ‎نجله‎ ‎ونقل‎ ‎له‎ ‎تهاني‎ ‎وأمنيات‎ ‎شقيقه‎ ‎الأسير دون‎ ‎أن‎ ‎يتوقف‎ ‎عن‎ ‎‎البكاء.‎‏ وقال‎ ‎لمراسلنا: "منذ‎ ‎سنوات‎ ‎نؤجل‎ ‎فرحتنا على‎ ‎أمل‎ ‎تحرر‎ ‎محمد،‎ ‎ولكن‎ ‎علاء‎ ‎هو‎ ‎باكورة‎ ‎أبنائي ‏وأصبحنا‎ ‎نرغب‎ ‎باستقراره‎ ‎وتوجهت‎ ‎لابني‎ ‎محمد في‎ ‎سجنه‎ ‎وطلبت‎ ‎منه‎ ‎الموافقة‎ ‎على‎ ‎السماح‎ ‎لنا بزفاف‎ ‎أخيه‎ ‎‎لأنه‎ ‎أسير،‎ ‎ابتسم‎ ‎وفرح‎ ‎كثيرا‎ ‎وأوصانا أن‎ ‎نحتفل‎ ‎كأنه‎ ‎موجود‎ ‎بيننا‎ ‎وأوصاني‎ ‎بتقبيل‎ ‎علاء وتسليمه‎ ‎هدية‎ ‎خاصة‎ ‎‎منه‎ ‎ونقوطا‎ ‎من‎ ‎مخصصه الشهري"‎ØŒ‎ ‎وأضاف‎ ‎أبو‎ ‎علاء: "لم‎ ‎أتمكن‎ ‎من‎ ‎كبت مشاعري‎ ‎وألمي،‎ ‎ولكني‎ ‎بكيت‎ ‎رغم‎ ‎‎كل‎ ‎الفرح‎ ‎الذي شاهدته‎ ‎في‎ ‎عيني‎ ‎محمد‎ ‎من‎ ‎خلف‎ ‎ذلك‎ ‎الزجاج الذي‎ ‎يفصلنا‎ ‎عنه،‎ ‎كنت‎ ‎أتمنى‎ ‎أن‎ ‎ينهار‎ ‎لأتمكن ‏من‎ ‎عناقه‎ ‎وتقبيله‎ ‎وأنا‎ ‎أدعو‎ ‎له‎ ‎بالفرج‎ ‎لكي‎ ‎تكتمل فرحتنا‎ ‎بتحريره‎ ‎وزفافه،‎ ‎وعندما‎ ‎صعدت‎ ‎للمنصة لتسليم‎ ‎ابني‎ ‎‎العريس‎ ‎علاء‎ ‎نقوط‎ ‎شقيقه‎ ‎الأسير محمد‎ ‎بكيت‎ ‎لأننا‎ ‎افتقدناه‎ ‎بحرارة‎ ‎ولا‎ ‎يمكن‎ ‎أن يسد‎ ‎عن‎ ‎وجوده‎ ‎شيء،‎ ‎رغم‎ ‎‎وجود‎ ‎كل‎ ‎أولادي‎ ‎وأسرتي وصورة‎ ‎محمد‎ ‎فان‎ ‎لمشاركته‎ ‎معنا‎ ‎طعم‎ ‎ومعنى‎ ‎آخر، فلم‎ ‎املك‎ ‎في‎ ‎تلك‎ ‎اللحظات‎ ‎سوى‎ ‎‎الدعاء‎ ‎لله‎ ‎أن يمن‎ ‎بالفرج‎ ‎على‎ ‎محمد‎ ‎وكل‎ ‎إخوانه‎ ‎الأسرى‎ ‎لتنتهي رحلة‎ ‎العذاب‎ ‎والمعاناة‎ ‎ويجتمع‎ ‎شملنا‎ ‎بلا‎ ‎‎سجون‎ ‎أو قضبان‎ ‎للأبد".

العريس‎ ‎علاء‎ ‎يبكي
ولم‎ ‎يختلف‎ ‎حال‎ ‎العريس‎ ‎علاء،‎ ‎فقد‎ ‎بكى‎ ‎وهو يتلقى‎ ‎نقوط‎ ‎شقيقه‎ ‎‎الأسير‎ ‎محمد،‎ ‎وقال: "كنت أتمنى‎ ‎أن‎ ‎يكون‎ ‎اسمه‎ ‎بالصفقة،‎ ‎وكن‎ ‎سأوجل‎ ‎موعد عرسي‎ ‎ليكون‎ ‎فرحنا‎ ‎فرحين‎ ‎‎خاصة‎ ‎وإنني‎ ‎أؤجل الزفاف‎ ‎منذ‎ ‎سنوات،‎ ‎ورغم‎ ‎إلحاح‎ ‎والدتي‎ ‎منذ‎ ‎الإفراج عني‎ ‎للزواج‎ ‎رفضت‎ ‎ولكنها‎ ‎أصرت‎ ‎‎لأني‎ ‎باكورة‎ ‎الأبناء وبعد‎ ‎موافقة‎ ‎أخي‎ ‎تحدد‎ ‎موعد‎ ‎الزفاف"‎ØŒ‎ ‎وأضاف:‎‏ ‏"‎غياب‎ ‎أخي‎ ‎أصعب‎ ‎من‎ ‎سجني‎ ‎وألمي‎ ‎‎شعرت‎ ‎بألم‎ ‎لا يوصف‎ ‎ونحن‎ ‎نشتاق‎ ‎لأخي‎ ‎الذي‎ ‎حرمنا‎ ‎الاحتلال منه،‎ ‎ولكنها‎ ‎إرادة‎ ‎الله‎ ‎وقدره‎ ‎أن‎ ‎نعيش‎ ‎الفرح‎ ‎‎ونحن نتجرع‎ ‎الألم،‎ ‎وآمل‎ ‎أن‎ ‎يكون‎ ‎فرحي‎ ‎بشرى‎ ‎لأسرتي بفرحتنا‎ ‎التي‎ ‎ننتظرها‎ ‎جميعا‎ ‎بتحرير‎ ‎أخي".
في ذلك الوقت كانت كل‎ ‎الأغنيات تخصص‎ ‎لمحمد‎ ‎والأسرى‎ ‎وتمجيد‎ ‎بطولاتهم والاعتزاز‎ ‎بتضحياتهم،‎ ‎‎وقد‎ ‎كتب‎ ‎الفنان المحرر‎ ‎حسام‎ ‎أبو‎ ‎عبيد‎ ‎أغنية‎ ‎أهداها‎ ‎لجاره وابن‎ ‎مدينته‎ ‎ورفيق‎ ‎صغره‎ ‎الأسير‎ ‎محمد، بينما‎ ‎لم‎ ‎‎تتوقف‎ ‎القلوب‎ ‎المؤمنة‎ ‎والمحبة للأسرى‎ ‎ومحمد‎ ‎عن‎ ‎مشاركة‎ ‎عائلته‎ ‎الدعوات وصوت‎ ‎مكبرات‎ ‎الصوت‎ ‎يدوي‎ ‎‎ناقلا‎ ‎تحيات محمد‎ ‎وتهانيه‎ ‎لشقيقه‎ ‎الذي‎ ‎عجز‎ ‎عن‎ ‎إخفاء دموعه‎ ‎فكان‎ ‎يردد‎ ‎مع‎ ‎والدته‎ ‎وأسرته‎ ‎من‎ ‎قلبه نفس‎ ‎‎الدعاء‎ ‎والأمل‎ ‎لحريته‎ ‎وكل‎ ‎الأسرى.‎‏ في‎ ‎نفس‎ ‎الوقت،‎ ‎تأثرت‎ ‎والدته‎ ‎لعدم‎ ‎إدراج اسمه‎ ‎ضمن‎ ‎الصفقة‎ ‎الوفاء‎ ‎‎للأحرار‎ ‎وقالت وهي‎ ‎تبكي: "في‎ ‎سجن "‎جلبوع" ‎ألمنا‎ ‎كبير لأننا‎ ‎كنا‎ ‎نتوقع‎ ‎الإفراج‎ ‎عنه‎ ‎ولكن‎ ‎رغم‎ ‎ذلك مازال‎ ‎‎محمد‎ ‎صامدا‎ ‎رغم‎ ‎كافة‎ ‎الصعوبات وهو‎ ‎يتمتع‎ ‎بمعنويات‎ ‎عالية‎ ‎وإرادة‎ ‎قوية، بينما‎ ‎تصر‎ ‎الإدارة‎ ‎على‎ ‎التنغيص‎ ‎‎عليه بين‎ ‎الفترة‎ ‎والأخرى‎ ‎بعقوبات‎ ‎غير‎ ‎مبررة خاصة‎ ‎العزل‎ ‎فقد‎ ‎جرى‎ ‎عزله‎ ‎في‎ ‎بئر‎ ‎السبع لمدة‎ ‎عام‎ ‎حرم‎ ‎‎خلالها‎ ‎من‎ ‎الكنتين،‎ ‎وعزل‎ ‎في ريمون‎ ‎لمدة‎ ‎عام،‎ ‎كما‎ ‎تواصل‎ ‎قوات‎ ‎الاحتلال حرمان‎ ‎أشقائه‎ ‎محمود‎ ‎واحمد‎ ‎‎وعلاء‎ ‎وماهر من‎ ‎زيارة‎ ‎شقيقهم‎ ‎لمدة‎ ‎عام،‎ ‎لذلك‎ ‎نناشد‎ ‎كافة المؤسسات‎ ‎الحقوقية‎ ‎والدولية‎ ‎والإنسانية الاهتمام‎ ‎‎بقضايا‎ ‎الأسرى‎ ‎ووضعها‎ ‎على‎ ‎رأس أولوياتها‎ ‎ووضع‎ ‎حد‎ ‎لما‎ ‎يمارس‎ ‎بحقهم‎ ‎من انتهاكات‎ ‎وتكثيف‎ ‎الجهود‎ ‎لإلزام‎ ‎الكيان الصهيوني بمعاملتهم‎ ‎كأسرى‎ ‎حرب‎ ‎وفق‎ ‎معاهدة‎ ‎جنيف لان‎ ‎ما‎ ‎يمارس‎ ‎بحقهم‎ ‎يعتبر‎ ‎عقاب‎ ‎اشد‎ ‎من الأحكام‎ ‎‎والسجن".
وأضافت: "‎كل‎ ‎مناضلي‎ ‎الحرية‎ ‎مؤمنون بقدرهم‎ ‎وما‎ ‎قدموه‎ ‎من‎ ‎تضحية‎ ‎في‎ ‎سبيل حرية‎ ‎شعبهم،‎ ‎ولن‎ ‎‎يستجدوا‎ ‎الإفراج‎ ‎والحرية من‎ ‎المحتل‎ ‎بل‎ ‎كلهم‎ ‎أمل‎ ‎بشعبهم‎ ‎وقيادتنا والرئيس‎ ‎محمود‎ ‎عباس‎ ‎بأن‎ ‎يصروا‎ ‎على ‏كسر‎ ‎معايير‎ ‎الظلم‎ ‎الصهيونية‎ ‎وتحريرهم كمناضلين‎ ‎يستحقون‎ ‎الحرية".

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 21/10/2012)