لا سلام أو اتفاق قبل تحرير جميع الأسرى

كلنا أمل بان يواصل الرئيس محمود عباس إصراره على موقفه بان لا سلام أو اتفاق قبل الإفراج عن جميع الأسرى من السجون الصهيونية، وكسر كل المعايير الظالمة التي أبكتنا وانتزعت فرحتنا وفرضت علينا الفراق والحزن والألم"، بهذه الكلمات استهلت الحاجة لطيفة جرادات "أم أيمن" حديثها عن ولديها الأسيرين أيمن محمد أمين جرادات الذي اعتقل في الانتفاضة الأولى ودخل عامه ال 19 خلف القضبان وأمير الذي اعتقل في الانتفاضة الثانية وامضي 8 سنوات في السجون التي أمضت هي السنوات الماضية على أبوابها في زيارتهما ومتابعة أوضاعهما والدعاء لهما على أمل أن تلتقي بهما في بيتها في بلدة السيلة الحارثية قضاء جنين.
وإضافة لصورهما التي تزين جدران منزلها، فان لسانها لا يتوقف عن الحديث لأحفادها عن أيمن وأمير كوسيلة للتخفيف من حزنها ولكي تبقى ذكراهما حية في ذاكرة أحفادي الذين ولدوا جميعا وأيمن خاصة في السجن وكبروا وهم لا يعرفونه إلا من خلال الصورة وما اردده على مسامعهم عن بطولاته، فأيمن مثال للفلسطيني المناضل الذي وهب حياته لقضية شعبه العادلة، فعاش مناضلا وتعرض للملاحقة والكمائن والاغتيال واعتقل وعوقب بتهمة التضحية والعطاء والنضال من اجل حقنا في العيش الكريم في أرضنا بحرية واستقلال رغم أن كل الشرائع والقوانين تجيز لنا الدفاع عن وجودنا، ولكن الظلم الصهيوني استهدفه لنحرم منه منذ 18 عاما، بعدما شطبوا اسمه من كل عمليات وصفقات التبادل والافراجات رغم انه اعتقل قبل أوسلو".
تبكي أم أيمن كلما شاهدت ابنها البكر الذي حرمت منه رغم فخرها واعتزازها به، وتقول: "يتحسر قلبي في كل مرة أزوره فيها لان رحلة الاعتقال أثرت على صحته كثيرا وفقد خلالها نصف وزنه، وفي كل مرة أعود وقلبي يبكي ويتقطع من شدة الألم وأنا أتمنى أن التقيه وشقيقه دون قيود أو سجانين"ØŒ  ÙˆÙ‡ÙŠ تضم صورته لصدرها وتقبلها "لن أنسى الفرحة التي عشناها عندما أنجبت أيمن الذي كان دوما متميزا في أخلاقه وعطائه وحبه لأسرته ووطنه، ودرس في مدارس السيلة الحارثية وفي كافة المراحل حقق النجاح حتى حصل على الثانوية العامة، ولكن في تلك المرحلة بدأت روح الانتماء والوعي الوطني تتفتح وتنمو وتتجذر لديه، خاصة بعد انخراطه في صفوف حركة فتح".
وتضيف "مع اندلاع الانتفاضة الأولى انخرط أيمن في صفوفها وشارك في كافة الفعاليات مسيرات ومواجهات مع قوات الجيش الصهيوني، وخلال ذلك ساهم مع عدد من إخوانه المناضلين في تأسيس مجموعات الفهد الأسود الجناح العسكري لحركة فتح بشكل سري والتي بدأت بتنفيذ هجمات وعمليات عسكرية ضد القوات الصهيونية.
الليل كان يحفظ سر أيمن الذي صمت وهو يؤدي واجبه، وقالت والدته :"كان شديد التكتم والسرية ولم نعلم بنشاطه إلا عندما داهمت قوات الاحتلال منزلنا وبدأت بملاحقته، واستمرت الكمائن له والتهديد بتصفيته ونجا من عدة محاولات اغتيال، ولكنه عاش 4 سنوات ملاحقا بشدة للاحتلال الذي استخدم كل السبل لإرغامه على تسليم نفسه، فتعرض منزلنا لعشرات حملات الدهم وهددنا بالاعتقال وهدم المنزل، وحاولوا اغتياله ولكن رعاية الله كانت اكبر فنجا واستمر في تأدية واجبه النضالي والوطني ورفض تسليم نفسه لأنه كان يتمتع بمعنويات عالية ويؤمن برسالته وقضيته وحقه المشروع في مقاومة الاحتلال"، وأضافت "كانت أياما قاسية حرمنا من مشاهدته حتى تمكنت قوات الاحتلال من اعتقاله في عملية خاصة مع زميل له في برطعة، وبعد التحقيق بدأت سلسلة عقوباته بالنقل من سجن لآخر حتى حكم بالسجن المؤبد 4 مرات إضافة لـ 20 عاما بتهمة العضوية في قيادة الفهد الأسود والضلوع في عملياتها الفدائية".
وبينما صبرت وتحملت وهي بانتظار بارقة أمل بالافراج عن أيمن لتنتهي محطات العذاب، كانت أم أيمن على موعد مع اعتقال الابن الخامس في أسرتها أمير 23 عاما والذي كان لا زال طفلا صغيرا كما تقول: "عندما اعتقل أيمن، ولم يعرفه إلا لدى زيارته في السجن، وابني هذا لم يختلف عن أخيه فقد تأثر كثيرا بما تمارسه دولة الاحتلال من عدوان بحق شعبنا، ومع اندلاع الانتفاضة الثانية التحق بصفوف حركة الجهاد الإسلامي بشكل سري، وبين نشاطه الاجتماعي والوطني دوما كان في مقدمة الصفوف في مواجهة الاحتلال وجنوده خلال اقتحام السيلة حتى طاردته القوات الصهيونية".
تكررت مشاهد الدهم والملاحقة التي عايشتها قبل 17 عاما، خلال مطاردة السلطات الصهيونية لأمير الذي حرمت منه عائلته بسبب الكمائن ومطاردته الذي أدرجه على رأس قائمة المطلوبين بدعوى الانتماء لسرايا القدس، وتمكنت قوات الاحتلال من اعتقاله في عملية كبيرة في 11/3/2003 بعدما حوصر مع أفراد مجموعته في منزل في جبل أبو ظهير في جنين. الى التحقيق نقل أمير على الفور يقول شقيقه توفيق "ليعيش مرحلة قاسية وصعبة من الضغوط بتهمة التخطيط لعملية فدائية، وبعد العزل في الزنازين نقل إلى جلبوع ليلتقي شقيقه أيمن ثم حوكم بالسجن الفعلي لمدة 26 عاما.
ورغم ألم الاعتقال وقساوة الحكم نسي الشقيقان في لحظة اللقاء كل شيء، وتقول الوالدة: "كان يوما من اللحظات التي لا تنسى كما ابلغني أيمن لدى زيارته، فقد كنت سعيدا لان شملي سيجتمع مع أخي حتى وان كان في السجن فهي المرة الأولى التي أعانق فيها أحد أشقائي منذ اعتقالي، ولأول مرة سنعيش ونأكل سويا ونستعيد الذكريات والأحاديث التي اشتقت لها كثيرا وذلك خفف من حزني وألمي.
ومما يحزن الوالدة أن نجلها أمير يعاني من مشاكل في عينه اليسرى تطور بسبب إهمال علاجه لضعف في الرؤية، وهو بحاجة ماسة لنظارة طبية وقدم عدة طلبات للحصول عليها أو إدخالها على حسابنا لكن الإدارة لا زالت ترفض وتوجهنا لعدة مؤسسات لمساعدتنا على إدخال النظارة دون جدوى. في سجن "جلبوع" يقبع أيمن حاليا مع شقيقه أمير، ورغم معاناتها المرض فان الوالدة التي تجاوزت العقد الخامس تعيش في انتظار الزيارات، وتقول" لا يغمض لي جفن أو اشعر براحة إلا بعد زيارتهما والاطمئنان على أوضاعهما ورغم حزني لسجنهما فإننا صابرون وأملنا بالله أن يتم الإفراج عنهما قريبا"، وتضيف منذ اعتقال أيمن ونحن نقاسى العذاب والاحتلال يرفض الإفراج عنه وكلما يجري الحديث عن صفقة أو إفراجات ننتظر ولكن 36 عيد وأنا محرومة من ابني وفي كل صفقة يشطبون اسمه، كما يواصلون منع أشقاءه علي وطلعت وتوفيق وأنيس وعصمت من زيارته فهم مرفوضون أمنياً".

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 1/4/2012)