أم فارس بارود .. تصارع الموت لاحتضان نجلها

تنتظر أم فارس بارود بشغف عودة نجلها فراس القابع خلف  قضبان الأسر، لتكحل عينها برؤيته حررا قبل أن تفارق الحياة. وتعتقد الحاجة الثمانينية أن أجلها قد اقترب بعد أن أنهكها المرض وسلب منها البصر، وتقول: أتمنى أن أرى ولدي فارس قبل أن أفارق الحياة، لكني بت متأكدة أن أجلي قد اقترب.
وتتكئ هذه العجوز على "عكاز" في منزلها وترفع صورة نجلها فارس الذي اعتقل مطلع التسعينات من القرن الماضي، بتهمة قتل عدد من المستوطنين، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.

وتعود الأم بذاكرتها للوراء والدموع تنساب من عينيها، وقالت: "أنا من سكان مخيم الشاطئ واعتقل فارس عام 1991، لقتله عددا من المستوطنين في أثناء وجوده داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
وتشير إلى أن فارس كان يعمل في شراء وبيع الملابس للفلسطينيين  في قطاع غزة والضفة الغربية، وتمكن من قتل مستوطنين يهود؛ ردا على ارتكاب  الجنود الصهاينة مجازر بحق الفلسطينيين.
وتضيف: "عندما تم اعتقاله لم يخبرنا أحد بمكانه، لكني شاهدت قوات الاحتلال عبر التلفاز وهي تعصب عينيه وتقيد يديه وتدخله في سيارة عسكرية".
توقفت عن الحديث برهة من الوقت حاولت خلالها جاهدة أن تحبس دموعها قبل أن تواصل حديثها: "تنقلت بين السجون كي أتحسس أخباره، ولم أفقد الأمل بأن أجده.. بدت آنذاك تراودني أحلام مخيفة بأن فارس قتل".

أضافت بابتسامة حزينة: "ولكن تفاجأت بأنه حي ولا يزال على قيد الحياة بعد أن وصلت إلى سجن الرملة، وبدأ جنود الاحتلال يتهامسون فيما بينهم أنه موجود داخل السجن".
وتابعت بحرقة: "منذ قرابة أحد عشر عاماً لم أتمكن من زيارته بدعوي أني أشكل خطرا على أمنهم"، وتساءلت باستغراب: "هل أنا أشكل خطراً على أحد؟!!. وماذا أحمل في يدي غير صورة لابني فارس وعصا أتوكأ عليها؟!.
وتتمنى أم فارس رؤية نجلها قبل أن تموت قائلة: "إني حريصة عليه، ولكن لا أحد يبلغني شيئا عنه، ذهب بصري وأنا أنتظر عودته وأخاف أن أموت قبل أن ألقاه وآخذه بحضني". وتساءلت: "كيف حال فارس؟ وهل يحتاج إلى شيء؟ متي سيخرج؟ ألم يحن الوقت لذلك أم ماذا؟!.
عاودت من جديد تسأل رافعة صورة نجلها: "هل فارس سيرى هذا اللقاء؟"، ظنا منها أن اللقاء متلفز، وقالت بسرعة: "كيف حالك يا ابنى؟، اشتقت إليك؟، أنا بخير والجميع يرسل لك تحياته..".

(المصدر: وزارة الأسرى والمحررين - غزة، 17/4/2012)