والدة الأسير "أبو موسى".. تعد الأيام والليالي لاحتضان ابنها

"لا تبكي يا أمي، فأنا بخير ولا ينقصني أي شيء، فالحمد لله صحتي جيدة، ومعنوياتي عالية، ولدي يقين أنا وإخواني الأسرى بأننا سنكون بينكم قريبًا".. هذه آخر الكلمات التي سمعتها والدة الأسير عطية أبو موسى (42عامًا) أثناء زيارتها الأخيرة له منذ عام 2006 في سجن نفحة الصحراوي. 
وغيبت الزنازين الصهيونية أبو موسى عن رؤية أهله وأصدقائه 19عامًا، حيث حكمت عليه المحكمة العسكرية الصهيونية بالمؤبد بتهمة قتل أحد ضباط الجيش الصهيوني، ومنعت والده وإخوانه من زياراته بعد 6 سنوات من اعتقاله عام 1994ØŒ وذلك لأسباب قالت "بأنها أمنية" رغم أن والده يبلغ من العمر الخمسة والستين. 
وتقول أم عطا والدة الأسير بدموع سبقت كلماتها: إنها تعد الأيام والليالي لتشهد اليوم الذي يحرر فيه فلذة كبدها من السجون الصهيونية ويترك خلفه سجانيه بحسرتهم "كما ترك باقي إخوانه القادة الذين خرجوا من السجون رغم أنف ضباط المخابرات والجيش الذين يتحدون أبناءنا دائمًا بأنهم سيبقون في السجون حتى آخر أيام حياتهم".

سنوات سريعة 
وتضيف: "لدي أمل كبير بأن أرى عطية خارج السجن وأشتم رائحته، وأقر عيني برؤيته، وأزوجه خيرة البنات وأفرح بأطفاله وألعابهم كباقي أحفادي (..) فمنذ دخوله في السجن قبل 19عامًا وأنا على يقين بأنه سيخرج منه في ذات يوم".
وفي وسط الحديث تطلب أم عطا توقف المقابلة لدقائق لتغيب وتأتي بصورة ابنها عطية وتقول: "هذا هو ابني قبل دخوله للسجن كان عمره 23 سنة أي في ريعان شبابه، والآن لا أدري ما هي الحالة التي وصل إليها فالسنوات مرت وكل ما أعرف عنه بعد هذه السنوات من خلال الصورة المكبرة التي أعلقها وسط بيتي".
وتتابع: "كان عطية كثير الحركة والنشاط في الانتفاضة الأولى، لا يدخل البيت إلا ساعات قليلة، ولم أكن أعلم أن غيابه خارج البيت هو في مجابهة جنود الاحتلال واعتراض جيباتهم العسكرية التي كانت لا تغيب عن مخيم خان يونس، حيث كان يحقد على اليهود بشدة وخصوصًا بعد قتلهم لعدد من أصدقائه".
وتوضح أن جنود الاحتلال اعتقلوا ابنها مرتين، الأولى في عام 1989 لمدة ستة شهور إداريًا، والمرة الثانية في عام 1991 تسعة شهور إداريًا، ولكن لم يسلم عطية بعد هذه الاعتقالات واستمر في عمله النضالي ضد الاحتلال حتى قتل أحد الضباط الصهاينة داخل الأراضي المحتلة عام 1948 ليهرب بعدها لمدة ثلاثة أيام ويتم اعتقاله بعد الملاحقة والحكم عليه بالمؤبد. 
وتضيف أم عطا: "شاهدنا عطية على إحدى قنوات التلفاز الصهيونية مقيدًا من يديه ورجليه والدماء تنزف من جميع وجهه ويعلق المذيع الصهيوني باللغة العبرية، ولم أفهم شيء مما يقول، فهرعت إلى زوجي وجاء للاستماع ليحدثني بأن المذيع يقول إن هذا من قتل الضابط الصهيوني قبل أيام".
وتذكر الوالدة بعد أن ظهر عطية على التلفاز تجمع الكثير من الأهل والجيران من النساء والرجال إلى بيتنا، وقاموا بالجلوس أمام البيت والتسليم على زوجي والتحدث له بالكلمات التي تشد من أزره. 

منع أمني 
بعد انتهاء أم عطا من الحديث بدأ أبو عطا بالحديث عن ابنه بهمة وفخر ويقول: "ابني أحد أبطال فلسطين وأنا وأمه صابران وسنصبر حتى يتحرر ابننا من السجون الصهيونية، ورغم تقدمنا بالعمر فلدينا يقين كبير بأنه سيكون بيننا قريبًا".
ويضيف أبو عطا: "منعتني سلطات الاحتلال الصهيوني من زيارة ابني منذ 12عامًا وذلك بحجة أنني أمثل خطرًا على دولة الاحتلال، ولكن السبب الحقيقي وراء منعي هو الضغط على ابني في سجنه ومحاولة خفض روحه المعنوية، ولكن العكس تمامًا ما حدث، حيث أن ابني دائمًا صاحب همة عالية وهذا ما ربيته عليه منذ صغره".

ويتابع الحاج المعتز بابنه: "الاحتلال الصهيوني ارتكب بحقنا جرائم ترتقي أن تسمى جرائم حرب، حيث إنهم هدموا بيتي وبيت أولادي بالجرافات وشردونا قبل 12عامًا حتى هذا اليوم ونحن بدون منزل، ولكن رغم كل ما تجرعناه منه سنبقى صامدين وصابرين حتى نحقق النصر عليه".
أما الشقيق الأصغر لعطية أبو صخر فيقول: بأن سلطات الاحتلال الصهيوني حرمته كباقي أشقائه من رؤية شقيقه لحجج أمنية لا أساس لها من الصحة.

(المصدر: صحيفة فلسطين، 3/5/2012)