غليان في بيوت الأسرى مع اشتداد محنة الإضراب

بلغت المحنة ذروتها لدى والدة الأسير محمود السرسك التي لا يمر يوماً إلا وتدهورت حالتها الصحية؛ بسبب أنباء حول دخول ابنها في غيبوبة وفقدانه الحركة والرؤية؛ جراء إضرابه عن الطعام المتواصل منذ 45 يومًا.
ويحاول أشقاء الأسير السرسك من محافظة رفح، جنوب قطاع غزة، تمالك أنفسهم وإخفاء المعلومات التي يتلقونها من الأطباء والمحامين على والدتهم؛ لئلا تزداد حالتها الصحية تدهوراً.
ويقول عماد السرسك شقيق الأسير: "نحاول قدر الإمكان أن نتمالك أنفسنا ونرسل رسائل دعم لمحمود وكل الأسرى عبر الإعلام؛ حتى نرفع معنوياتهم، وفي نفس الوقت نخفي ما يصل إلينا من مؤشرات دخوله في غيبوبة".
ويضيف: "أبلغني المحامي أنه تم عزل محمود مع أسيرين آخرين، وهما: حسن الصفدي وأسير من عائلة الشلال؛ بسبب رفضهما أخذ الدواء، وأن محمود فقد القدرة على الحركة وفقد بصره ولا أدري أذلك مؤقتا أم لا، إضافة إلى دخوله في نوبات من فقدان الوعي وتسارع دقات قلبه وانخفاض حاد في السكر".
ويناشد السرسك أصحاب الضمائر الحية التدخل لإنقاذ شقيقه وكافة الأسرى المضربين في السجون، ووقف حالة الموت البطيء الذي يتعرضون له.
ويخوض أكثر من ثلاثة آلاف أسير فلسطيني إضراباً عاماً ومفتوحاً عن الطعام منذ يوم الأسير الموافق السابع عشر من أبريل.

خوف شديد
وتعيش الطفلة جمانة أبو جزر حالة من الخوف الشديد الذي حول منامها إلى كابوس تتذوق فيه مرارة الوحدة فوق وحدتها التي تعيشها، خشية أن تفقد والدها المضرب عن الطعام في سجون الاحتلال بعد انقطاع أخباره عنها بالكامل.
حال هذه الطفلة هو حال كل أهالي الأسرى منذ بدء إضراب أبنائهم عن الطعام في سجون الاحتلال الصهيوني، الذين يكاد الأسى يقتل قلوبهم مع مرور ساعات الإضراب وزيادة عدد الأسرى الذين دخلوا مرحلة الخطر.
وتتضرع جمانة 10 سنوات إلى الله بأن يحفظ لها والدها الأسير علاء أبو جزر، الذي حرمها السجان الصهيوني رؤيته منذ ميلادها حتى الآن.

"لا أريد فقدانه"
وترجو ألا تفقده وتعيش يتماً ووحدة فوق وحدتها منذ ميلادها ووفاة والدتها ثم عمها وجدها اللذين حاولا تعويضها عن حنان والديها، قائلة: "ولدت وحيدة وماتت أمي ولم أر أبي حتى الآن، فلا أريده أن يموت في السجن ويتركني في الدنيا".
وتتابع "كل يوم أحلم بأني أناديه وأقول"بابا"، لكنه حلم وأنا أنتظر أن يتحقق لأن أبي موجود حتى لو لم أره إلا في الصورة".
وتؤكد جدة الطفلة انقطاع أخبار الأسير علاء الذي بدأ خوض الإضراب عن الطعام مع الأسرى منذ يوم الأسير، وعدم معرفتهم في أي سجن موجود وهل تم نقله أو لا، مشيرة إلى أن ذلك انعكس على نفسية جمانة بشكل كبير.
ويساور القلق الأسيرة المحررة غفران الزامل خطيبة الأسير حسن سلامة؛ بسبب الأخبار الأخيرة التي وصلت إليها من داخل عزله عبر المحامي في اليوم السادس للإضراب.
وتقول: "أبلغني المحامي أن إدارة السجون سحبت الملح ومقتنيات الأسرى المعزولين في اليوم الأول لإضرابهم، وأن حسن فقد 6 كيلو جرام في الأسبوع الأول للإضراب".
وتتابع: "من اليوم السادس منع المحامي من زيارته، ومنعوا خروج أي رسالة منه، وذلك بحجة أنه مضرب، كما سحبوا كل الأجهزة الكهربائية ومنعوهم من الخروج للفورة، هذا علاوة على سحب الملح الذي هو حق للمضرب، ولهذا أشعر بالقلق الشديد عليه".
وتناشد الزامل المؤسسات الحقوقية التحرك لأخذ دورها على الأقل في معرفة أوضاع الأسرى المضربين، خاصة المعزولين منهم من الناحية القانونية والإنسانية، وضرورة العمل على إنقاذهم من تعنت إدارة السجون وانتهاكها لحقوقهم.
ويسكن القلق على حياة الأسير أحمد سمارة قلوب أهله ببلدة جباليا؛ نظراً لكونه يعاني من أورام في الغدة ولا يقدر على تحمل أوضاع الإضراب وإجراءات إدارة السجون العقابية التي طالت كافة الأسرى كرد فعل على إضرابهم. ويؤكد شقيق الأسير تدهور حالته الصحية، ونقله إلى المستشفى بين الفينة والأخرى، لافتاً إلى أنه كان كلما يحاول البدء بالإضراب يزداد وضعه سوءًا ويعطى الأدوية.
ويشير إلى أن شقيقه - رغم استثناء حالته كونه يعاني من أمراض - مصمم على الاستمرار في خوض الإضراب مجدداً؛ رفضاً لسياسة إدارة السجون وانتهاكاتها لحقوق الأسرى، وعلى رأسها الإهمال الطبي والعزل.

 (المصدر: صحيفة فلسطين، 4/5/2012)