الطفل الإياد يتضامن مع والده الأسير حمزة قعقور المضرب عن الطعام

"أنا مضرب مع أبي ولن اذهب للمدرسة أريد أن اعتصم في الخيمة".. كلمات فاجأ بها الطفل الإياد (7 سنوات) والدته وهي تجهزه للذهاب لمدرسته في الوقت الذي علمت فيه أن زوجها الأسير حمزة سام محمود قعقور (31) عاما تعرض للقمع والعزل في سجن "الجلمة" لانضمامه لمعركة الأسرى.
عانقت الوالدة أم الإياد صغيرها الوحيد وهو أيضا الوحيد الذي يسمح له بزيارة والده في سجن "مجدو"، وهي التي تبذل كل جهد مستطاع بالاهتمام بمدرسته بينما هي تتابع مع الصليب الأحمر والمؤسسات الحقوقية وضع والده، وتقول "لم أدرك أن ابني مصمم على التضامن مع والده الذي لم ينم في حضنه ليلة واحدة فعندما أنجبته كان قد مضى شهر على اعتقال والده ولكنه من خلال زياراته ارتبط بعلاقة وطيدة معه". وتضيف "شعرت بالألم والقهر جراء هذا الظلم الكبير الذي تفرضه الحكومة الصهيونية علينا، باعتقال زوجي وحرمانه من طفلنا الوحيد واليوم يعزل ويعاقب ويعيش طفلنا نفس الألم والمعاناة والعذاب".

الخيمة بدل المدرسة
لكن الصغير الإياد، تأثر بشكل بالغ وهو يتابع حديث والدته مع أسرتها حول مخاطر إضراب والده كونه يعاني من عدة امراض لذلك قرر أن يشاركهم التضامن معه، وتضيف والدته "ترك ابني الحقيبة ورفض تناول الطعام وحمل صورة والده وقال لي أنه سيذهب معي للخيمة لأنه مضرب مثلي".
لم يلتحق الصغير الإياد بمدرسته وانضم مع والدته للمعتصمين في خيمة التضامن التي نصبها نادي الأسير ووزارة الأسرى والمؤسسات المؤازرة لها في ميدان الشهيد ياسر عرفات في جنين، وقال الإياد: "كيف بدي أوكل وأبوي مضرب، أنا حزين كثير وخايف عليه لازم يروح ونكسر السجن مش حرام عليهم يحبسوه".
وتابع الطفل "من يوم ما انولدت ما عشت مع أبوي يوم واحد، بشوفه بس بالسجن شو هالحياة خلص اتعبت بدي ابوي يروح هو وكل المحبسوين معه، يا رب روح لي ابوي".

خوف ودموع
ردد الإياد كلماته دون أن يتوقف عن عناق صورة والده، في صورة أبكت والدته وعدد من أمهات المضربين، وتقول أم الإياد:"أي قانون يجيز هذا الظلم، حتى أطفالنا يشعرون ويتجرعون مرارته أين هي مؤسسات حقوق الإنسان لتضع حدا للإجراءات الصهيونية التي تجاوزت كل حدود الصبر". وأكملت "كل شيء في حياة أسرانا أصبحت معاناة وجحيم وبعدما سلبوهم حقوقهم اضربوا ليطالبوا بها فبدأت الإدارة بعقابهم، وقامت بعزلهم في الزنازين مما أثار خوفنا وقلقنا خاصة في حالة زوجي المريض".

عقاب العزل
انضم حمزة أمير أسرى حركة "الجهاد الإسلامي" للإضراب ضمن الدفعة لثانية من أسرى مجدو منذ تاريخ 29 / 4/ 2012 بعدما رفضت الإدارة الاستجابة لمطالبهم، وتقول أم الإياد: "بعد فشل كل الرسائل والحوار لم يتبق أمام الأسرى سوى سلاح الإضراب وهو حق مشروع لرفضه الخضوع للقوانين التي تفرضها إدارة مصلحة السجون وخاصة حانون شاليط".

ذكريات مؤلمة
وذكرت أم الإياد، أن الإدارة عاقبت حمزة كونه ممثلا للأسرى بعزله في الزنازين الانفرادية في سجن الجلمة الذي يرتبط بذاكرتها بلحظات مريرة لا تنساها، وتقول: "عندما اعتقل في 27 - 7- 2005 تعرض لتعذيب قاس في زنازينه أدت لإصابته بعدة امراض ورفضوا علاجه واستمروا في عزله لتنتهي تلك المأساة بقائمة من الأمراض أبرزها فقدان البصر في عينه اليمنى". لم يكن حمزة القيادي في حركة "الجهاد" يعاني قبل اعتقاله من أية امراض، وتقول زوجته: "اليوم يعاني من وضع صحي سيء وطعامه يتناوله بنظام معين بسبب التهاب حاد في المعدة، و أوجاع وآلام في الظهر وفقد البصر نتيجة الإهمال الطبي ومن آثار التحقيق ولا يتلقى العلاج". وتضيف "وعزله مع إضرابه يعرض حياته للخطر".

إجراءات تعسفية
وبحسب لجنة الأسير الفلسطيني، ارتفع عدد المضربين عن الطعام من أسرى الفصائل في سجن مجدو الى 300 أسير جرى قمعهم وتوزيعهم على السجون وأقسام العزل الانفرادي، وتتابع "من العقوبات الأخرى إضافة إلى منعنا من زيارته منذ 8 شهور بذريعة المنع الأمني، منع المحامين ومؤسسات حقوق الإنسان من زيارتهم ومتابعة أوضاعهم في ظل الإضراب".

الأسير في سطور
وفي منزلها، تحاول أم الإياد أن تخفف ألم وحزن ولدها بالحديث عن والده حمزة الرابع في عائلته المكونة من 9 أشخاص، وبسبب استهداف القوات الصهيونية له لم يكمل دراسته، وتقول: "منذ صغره وعلى مقاعد الدراسة بدأ يؤدي واجبه الجهادي فاختار طريق الجهاد الإسلامي مما عرضه للاعتقال وحرمانه من الثانوية العامة".
مع اندلاع انتفاضة الأقصى أدرج اسم حمزة ضمن قائمة المطلوبين لتواجه عائلته وزوجته كل صنوف المعاناة جراء التهديد بتصفيته، وتقول: "حرمتنا الحكومة الصهيونية رؤيته بسبب ملاحقته لم يكن يمضي وقت دون مداهمات وتفتيش وتهديد ورفض تسليم نفسه وواصل مسيرته بشموخ وتحد".

الاعتقال
تضم أم الإياد طفلها وتقول: "أبوك بطل ومناضل نفخر به دوما فقد تمكن من تضليل القوات الصهيونية 5 سنوات حتى حوصر في كمين عندما حضر لزيارتنا والاطمئنان علينا لأني كنت في مراحل حملي الأخيرة"، وتضيف "انتزعت دولة العدو فرحتنا باعتقاله بعدما حوصر وفرضوا حظر التجول على جنني التي تحولت الشوارع لساحة حرب ومعارك، بينما باشروا بإخراج سكان المنازل المجاورة وهدم الجدران واقتلاع الأشجار والتهديد بهدم المنزل عليه بعدما زرعوه بالديناميت ".
اكتمل الحصار واعتقل حمزة وتبادل الجنود التهاني والصور احتفاء باعتقاله واقتادوه للتحقيق العسكري الذي انتهى بفقدان عينه، وتقول: "استخدموا معه كل وسائل التعذيب Ùˆ نقل للمستشفى عدة مرات والعزل ورحلة عقاب منعنا خلالها من زيارته وكانت أول مرة يشاهد فيه ابننا الوحيد وهو في سن عامين". وتضيف "كزوجته شعرت بمعاناة كبيرة جدا بعد سجنه فكانت ولادتي صعبة بسبب حالتي النفسية فأنجبت طفلا دون والده". ÙˆØªØªØ§Ø¨Ø¹ "الإياد بدأ يكبر ومتطلباته تزيد وكان مريضا ويحتاج الى العلاج وباستمرار يسال عن والده دائما الذي لا يعرفه إلا عن طريق الصورة، حتى أنه كان يظن أن الصورة هي والده".
حوكم حمزة بالسجن الفعلي لمدة 8 سنوات وغرامة مالية عشرة آلاف شيكل، لكن الخاطر تدهور حالته الصحية ثم حرمانه من العلاج وحقه في التعليم وتقديم امتحان التوجيهي في جميع الأعوام الماضية صرخة ونداء ضمت أم الإياد وصغيرها صوتهم للمعتصمين في خيمة التضامن التي تحولت لعنوان لمؤازرة معركة الحرية، وتقول: "نستصرخ كل ضمير بالوقوف إلى جانب أسرانا حياتهم تضيع في السجون وما زالوا صامدين متمسكين بالرسالة والأمانة ولكن نأمل أن لا يعودوا إلينا جثامين"، وتضيف "لم يعد لدي قدرة على تحمل أعباء الحياة خاصة أن طفلنا مريض فقد جفت الدموع ولا نملك سوى صلاتنا ودعواتنا لله فهل يتحرك البشر، فحتى طفل صغير يضرب مع والده فأين حقوق الإنسان ؟".

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 4/5/2012)