أم الأسير التاج: خوفا على "محمد" بتُ نصف مجنونة

اتصالها الخامس تخبر فيه حالة ابنها الأسير التي تتدهور يوما بعد يوم إثر إضرابه عن الطعام دون أن تكون هناك بوادر للحل، وفي كل مرة تخبر أن عجزها عن إيجاد جهة تبث إليها حزنها وقهرها على "قرة عينها"، هو السبب وراء اتصالاتها.
أم الأسير محمد التاج والتي تُكنى بأم كامل كان صوتها الضعيف أكثر ما يشد، فحزنها الكبير على ابنها الذي أضرب عن الطعام والماء منذ ثمانية وخمسين يوما يظهر جليا على صوتها في الوقت الذي تختفي فيه ملامحها خلفَ الهاتف.
قالت "بخوف": منذ أكثر من خمسين يومًا امتنع محمد عن تناول الطعام حتى يُجبر سجانيه على اعتباره أسير حرب بدلا من أسير عادي، كذلك تحقيقا لمطالب الأسرى الجمعية إلا أن تجاهل مصلحة السجون دفعه وزملاءه للاستمرار بشكل يؤثر على صحتهم ويضعفها".
وتابعت أم كامل:" منذ امتناعه عن تناول الطعام أجبرت نفسي على ذلك أيضا، إلا أن أشقاءه وشقيقاته يجبروني على عكس ذلك حتى أستطيع الحصول على الدواء ولا تتدهور صحتي أكثر"، مؤكدة أنها مستعدة للموت في سبيل نجاح ابنها في تحقيق مطالبه.
الصحف الفلسطينية ومؤسسات حقوق الإنسان وتلكَ المختصة بقضايا الأسرى كانت وجهة المرأة الأولى، فبمجرد حصولها على رقم أحد الشخصيات تتصل فيه لأكثر من مرة رغبة في أن تجد من يسمعها وينقذ ابنها من وجعه وألمه، كما أخبرتنا.
"اتصلتُ بوزارة الأسرى في الضفة وأخبروني أن محمد أصبح غير قادر على المشي ويتنقل على كرسي متحرك، وباتَ نظره ضعيفا وجسده نحيل جدا"، تابعت بألم وهي تؤكد أنها لا ترغب في أن تراه على النعش.
قالت بخوفٍ طغى على حديثها "مجددا: "أنا نصف مجنونة الآن، لا تغفو عيني أكثر من خمس دقائق في الليلة الواحدة، وأخشى أن أسمعَ الجديد عن حالة محمد فأي معلومة جديدة تخيفني أكثر".
زار عدد من المحامين محمد التاج بعد منع مصلحة السجون لهم خاصة وأن الأسير امتنعَ عن ارتداء ملابس الأسر فهو يطالب بأن يعامل كأسير حرب خاصة وأنه اعتقل على خلفية أعمال عسكرية".

لو كان شاليط!!
تابعت الوالدة التي ميزها صوتها المُتعب عن كافة الأصوات المحيطة بها: "أشارك يوميا في خيمة الاعتصام، وقابلت الكثير من الناس منذ بداية إضراب محمد إلا أن الوضع ما زال كما هو، ولا أخبار جديدة، وهذا يزيد قلقي ويخيفني بصورة كبيرة".
ناشدت الأم المكلومة الجميع وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل، وحاولت قدر استطاعتها استنهاض الضمائر الحية، إلا أن مناشداتها جميعها لم تلقَ صدى يدخل قلبها." أبكي كثيرا، وأنتحب أحيانا وأتمنى لو كُنت مكان محمد، فألمي أهون عليَّ من ألمه، وموتي لا يخيفني بقدر ما يخيفني موته"، بحرقة صرخت وأردفت بصوتٍ متقطع كحال اتصالها الهاتفي: "أتمنى أن يخبروني بنصرة الأسرى، والإفراج القريب عن محمد ورفاقه، قبلَ أن يتوقف قلبي خوفا وقلقا ورهبة عليه، فيكفي حظه القليل من الدنيا في زواجه وحريته، ليُحرم كذلك من مطالبه المشروعة في أسره".
وتساءلت أم كامل: "لماذا تحرك العالم جميعه للبحث في قضية شاليط والسعي للإفراج عنه في الوقت الذي يغفلون فيه قضية أبنائنا ومطالبهم البسيطة والتي يُمكن أن تُحقق بسهولة لولا تعنت السجان الصهيوني!!".

وطالبت السلطة الفلسطينية بالتدخل الجاد لحماية الأسرى من الموت الذي يتربص بهم، والسعي لتحريك العالم لنصرتهم.

(المصدر: صحيفة فلسطين، 13/5/2012)