والدة كفاح طافش: أسرانا يناضلون لأجل وطنهم وليس لمصالح شخصية أو رتب

تلزم الوالدة أم كفاح خيمة الاعتصام في جنين منذ إعلان الأسرى الإضراب المفتوح عن الطعام وتكرس يومها وكل لحظة من حياتها لحشد الدعم والتأييد للمعركة التي يخوضها الأسرى وبينهم باكورة أبنائها كفاح طافش (29 عاما) الذي يدخل الأسبوع القادم عامه السابع في الأسر. ÙˆÙ‚الت الوالدة الستينية: "إنهم كل شيء وحياتنا دونهم ليس لها أي معنى أو قيمة لذلك أنا مضربة عن الطعام مع ابني ورفاقه الأسرى حتى تحقيق مطالبهم العادلة والمشروعة".

تضامن مفتوح
وتحولت خيمة الاعتصام التي نصبها نادي الأسير ووزارة الأسرى وباقي المؤسسات التي تعنى بالأسرى في ميدان الشهيد ياسر عرفات في جنين لمركز تجمع يومي لأهالي الأسرى والمتضامنين معهم والذين أعلن بعضهم الإضراب التضامني مع الأسرى.
وقالت أم كفاح: "إن الأوضاع في السجون تدهورت بشكل خطير وحياة أسرانا تحولت لجحيم لذلك لم يكن أمامهم خيار آخر سوى معركة الأمعاء الخاوية وفي كل لحظة نتضرع لله أن يكرمهم بالنصر والثبات أمام هجمة إدارة السجون". ولا يقتصر دور أم كفاح على الاعتصام، فهي تنشط مع ممثلي الفعاليات في تعريف المتضامنين بمطالب الأسرى وقالت: "إن مطالب أسرانا عادلة ومشروعة فهم يريدون الحد الأدنى من الحياة التي تليق بالأسرى والتي كفلتها الأعراف والقوانين الدولية والتي حرمتهم إدارة السجون منها". وأكملت: "لا يكتفي الاحتلال بسلب الأسرى حريتهم وحياتهم بل يفرض عليهم قوانين جائرة لذلك نطالب معهم بإلغاء سياسة العزل والتفتيش العاري والمنع الأمني والسماح لهم بالتعليم، والاهم إلغاء قرار منع أهالي غزة من زيارة المعتقلين وعلاج المرضى ووقف التنقلات".
ورغم المعنويات العالية التي تتمتع بها أم كفاح، فإنها لا تخفي مشاعر الخوف والقلق التي تنتابها مع استمرار الإضراب ورفض إدارة السجون الاستجابة لمطالب الأسرى، وقالت: "الإضراب يشكل خطرا على حياة كل أسير وهذا يثير قلقنا وخوفنا خاصة وان الإدارة بدأت بعقاب المضربين ولكن لم يعد أمام أسرانا خيار آخر للدفاع عن حقوقهم وكرامتهم". وأضافت: "نأمل أن تتكلل خطوتهم وتضحياتهم بالنجاح والنصر فكل أم تحب وتتمنى أن ترى ابنها في أحسن حال وأفضل صحة وان الالتفاف الشعبي وتعزيز الفعاليات بشكل مستمر يعتبر أهم العوامل التي تسرع تحقيق الانتصار وتقصر عمر المعركة".
وطوال الوقت، تنهمك أم كفاح في متابعة كل ما يرد من أخبار مستجدة حول تفاصيل معركة الأسرى وكلها أمل أن تسمع ما يخفف خوفها على مصير كفاح الذين انقطعت أخباره منذ بدء الإضراب بعدما تعرض للقمع مع باقي المضربين، وفي الانتظار لا تجد وسيلة تخفف حزنها سوى مشاطرة الأمهات والزوجات المعتصمات حديث الذكريات عن ابنها الرابع في عائلتها المكونة من 6 أنفار الذي انتزع من منزلها خلال فترة دراسته في الجامعة العربية الأمريكية. وقالت: "تميز كفاح منذ صغره بالذكاء والتفوق وحب التعليم والدراسة ووطنه، فكان حريصا على الاجتهاد والحصول على أفضل النتائج في مدرسته وتأدية واجبه الوطني تجاه شعبه وقضيته".
تعانق أم كفاح صورة أسيرها وتضمها لصدرها وتقبلها وتقول: "كان يصارع الزمن ليحصل على شهادته الجامعية والتخرج والعمل لمساعدتي فهو أكبر الأبناء وسندي في هذه الحياة التي عانينا فيها الكثير". وتابعت: "عندما نجح في الثانوية حصل على شهادة تفوق لأنه منذ الصف الأول وحتى التوجيهي تفوق وحقق المرتبة الأولى دوما ولكن عندما أوشك على تحقيق حلم التخرج من الجامعة كان الاحتلال له بالمرصاد انتزعه وحرمني منه".

الاعتقال والسجن
ويرتبط تاريخ 17 / 5/ 2006 بأكثر ذكريات الألم في حياة أم كفاح، وقالت: "فجر ذلك اليوم لن أنساه أبدا فقد اقتحموا منزلنا في البلدة القديمة في جنين وفتشوه واقتادوا كفاح معهم ولكنهم في الحقيقة اعتقلوني معه، فابني حياتي وسأبقى أسيرة ما دمت محرومة من عناقه".
على مدار شهرين عقب اعتقال كفاح عاشت الوالدة أياما عصيبة في انقطاع أخباره، وتابعت: "عزلوه وعاش فترة عصيبة رهن التعذيب في تحقيق المسكوبية والجلمة حتى أصدرت محكمة سالم العسكرية حكمها بسجنه لمدة 8 سنوات بتهمة الانتماء للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين". ووسط حزنها وألمها لغياب كفاح انتزعت القوات الصهيونية ابنها الثاني لؤي، وقالت: "استمر الاحتلال باستهداف أسرتنا واعتقل لؤي وحكم بالسجن 3 سنوات وتحولت حياتي لحزن وألم ولم اعرف طعم الفرح سواء في الأعياد أو في رمضان أو حتى مناسبات فكيف لقلبي أن يعرف طعم الفرح وأحبة قلبي يقضون حياتهم خلف القضبان".

معاناة أخرى
انتهت معاناة لؤي بعد قضاء محكوميته، ولكن رغم عودته لمنزله استمرت رحلة عذاب أم كفاح، وقالت: "نغص الاحتلال فرحتنا بتحرر لؤي مع استمرار العقوبات بحق كفاح عبر التنقل بين كافة السجون وأشكال العقوبات التعسفية من عزل ومنع زيارات ولم يكن أمامنا خيار سوى الصبر بانتظار الفرج". التحدي والصمود لم ينل الحكم وظروف الاعتقال من معنويات كفاح الذي انخرط في الحركة الأسيرة واستمر في تأدية دوره النضالي والوطني وحرص على تكريس وتعزيز ثقافته وقدراته الأدبية الإبداعية، وقالت: "كان يتمتع بملكة الكتابة منذ صغره ويحب الشعر والقراءة واستثمر فترة اعتقاله لتطوير قدراته ومواهبه فحرص على كتابة المقالات السياسية والدراسات والأبحاث وتأليف القصص". وأضافت: "من أهم مؤلفاته قصة "أما بعد"و "العصفور" و"أصالة" و"رشقا من الرصاص" وشارك فيها بعدة مسابقات وحصدت عدة جوائز وأمنيته أن يتمكن من جمعها في كتاب واحد وإصدارها وتوزيعها لتكون جزءا من أدب السجون ".
كفاح شارك في الإضراب الذي خاضته الحركة الأسيرة في شهر أيلول الماضي قبل انجاز صفقة "وفاء الأحرار"، وتعرض للعزل في سجن "اوهليكدار" كعقاب، وقالت الوالدة: "توقف ذلك الإضراب بسبب الصفقة وإعلان موقعيها أن هناك نصا فيها يلبي مطالب الأسرى ولكن بعد 7 شهور لم يتغير حال الأسرى وتدهورت أوضاعها لذلك نعلن مشاركتنا لهم في إضرابهم الذين لن يتوقف هذه المرة حتى تحقيق مطالبهم". وأضافت: "حتى يتحقق أمل الحرية لكل أسرانا نناشد الجميع الوقوف معهم فألمنا كبير لان حجم مشاركة المؤسسات والفعاليات مازالت محدودة وآمل أن يتذكر الجميع أن أسرانا يناضلون لأجل وطنهم وشعبهم وليس لمصالح شخصية أو رتب أو نياشين".

 

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 13/5/2012)