زوجة الاسير الريخاوي: المحاكم لا تراعي الأسرى

"أنتم الأقوى وستنتصرون على السجان بالرغم من جبروته وقهره وكلنا معكم ولن نتخلى عنكم حتى لو بقينا وحدنا حتى يكرمكم الله بالنصر"، بهذه الكلمات خاطبت الزوجة الصابرة أم مروان، زوجها الأسير أكرم عبد الله محمد الريخاوي الذي يواصل معركة الأمعاء الخاوية خلف القضبان بينما تواصل السلطات الصهيونية رفضها الاستجابة لمطلبه الوحيد بالإفراج عنه بعد قضائه ثلثي المدة رغم تدهور أوضاعه الصحية وحاجته الماسة للعلاج.
أم مروان التي تحولت حياتها لدموع وأحزان وكوابيس رعب وخوف على حياة زوجها الذي يدخل يومه الـ 80 من اضرابه المفتوح عن الطعام، لم تجد وسيلة تعبر فيها عن دعمها ومؤازرتها لزوجها سوى رسالة جديدة أبرقتها له من منزلها في مدينة رفح الذي تسكنه الأحزان رغم التضامن والمؤازرة المستمرة وكلها أمل أن تصله في عيادة سجن الرملة التي يحتجز فيها منذ سنوات، وتابعت تقول: "أكتب لك الآن وأنت تعاني الأمرين خلف القضبان، ربما تموت الآن أو تحتضر، حاولنا بكل الطرق مناصرتك والوقوف بجوارك، فقد أضربنا معك وصرخنا وهتفنا وأقمنا خيمات الاعتصام لعل العالم يستيقظ ولكن لا أحد يتحرك وثق تماماً أنك الحي ونحن الأموات وأارواحنا نفديك حتى تعود لأسرتك وأبنائك ومحبيك".

أمنيات وصبر
تلك الأمنيات شكلت عنوان حياة أم مروان التي صبرت رغم الحمل الثقيل ولم تتوقف عن دعم ومؤازرة زوجها أكرم منذ اعتقال الاحتلال له في 7/ 6/ 2004، فاحتضنت أبنائهما الثمانية ووهبتهم حياتها، وتقول: "في كل لحظة نصلي لله أن يحمي زوجي الصابر والمؤمن بربه والمحب لشعبه ووطنه فهو اعتقل بشكل تعسفي واقتيد للتعذيب والتحقيق وحوكم بالسجن 9 سنوات"، وتضيف "والأشد ألما أن الاحتلال ومحاكمه الظالمة لم تراع كونه مريض ويعيل ثمانية أطفال ومعهم أبناء شقيقه الذي توفي قبل زمن وجميعنا لم يكن لنا سند او عون سوى زوجي".

ذكريات وصور
تكثر الذكريات والصور في مخيلة أم مروان وهي تعيش حياتها تنتظر أخبار زوجها عبر المحامين بعدما رفضت السلطات الصهيونية السماح له ككل أسرى القطاع بالزيارة منذ سنوات، فهي تعتبر أكرم مدرسة في النضال والتضحية والوفاء والصبر، وتقول: "عندما نادى الوطن على ابنائه فأدى الأمانة وضحي ليسير على خطى والده الشهيد المقاوم عبد الله الريخاوي خلال قيادته مجموعات عسكرية لفتح عام 1991، ورغم الحياة القاسية احتضن أطفال شقيقه مروان بعد وفاته ولم يميزهم عن ابنائه". وتضيف: "تفانى في العمل كما النضال ليوفر لنا حياة كريمة فصمد وتحدى وتحمل خاصة عندما تجرعنا مرارة استشهاد شقيقه معتصم خلال انتفاضة الأقصى التي اعتقل خلالها أخيه شادي الذي يواصل الاحتلال اعتقاله فهو محكوم بالسجن 12 عاما".

الارادة رغم الأسر
تبكي أم مروان كلما اقيمت فعالية تضامنية مع زوجها، وتتفاقم معاناتها لأن الخيمة التي نصبت لايصال رسالة اضرابه ما زالت تنتظر خطواته لتصبح شاهدا معها على رحلة معاناة طويلة عاشتها على مدار 8 سنوات، وتقول: "كلما كانت تاتي مناسبة خاصة الاعياد وامتحانات ابنائي وتسلمهم الشهادات يزداد المنا في غياب أكرم خاصة بعدما منعت الزيارات فلم يعد هناك وسيلة اتصال سوى الرسائل، واليوم تمضي السنوات وقلقنا يكبر مع استمرار اضراب زوجي"، وتضيف "كان أبنائي وأبناء شقيقه يحصون كل لحظة حتى تنتهي محكوميته ويعود وحاليا نبكي كل ثانية من خوفنا وقلقنا بعدما تدهورت حالته الصحية وليس أمامنا سوى الصبر والدعاء والسؤال المستمر على لسان كل واحد من أبنائي والدنا متى سيعود؟، فالخيمة تروعهم والأخبار تخيفهم وكل لحظة نتمنى أن لا نسمع خبرا مؤلما".

العيد المؤجل
كل نجاح لأحد ابنائها، تعتبره أم مروان بشرى ودليل نصر وفرج، وبينما كانت تتمنى أن يكون أكرم معها في بيتها يتسلم شهادات أبناءه الذين استعدوا لفرحة اللقاء فوجئت باعلانه الاضراب في تاريخ 12 / 4/ 2012 بعدما رفضت محكمة ثلثي المدة (محكمة الشليش) طلبه بالافراج عنه بسبب مرضه ومعاناته واهمال علاجه، وتقول: "طوال الشهر الأخير قبل اضرابه انتابنا شعور كبير بتحرره بعدما قضى اكثر من ثلثي المدة فاستعد الأبناء حتى اعتبروا الأيام وقفة عيد، ويوم الافراج عن والدهم العيد الحقيقي ولكن الاحتلال كان لنا بالمرصاد"، وتضيف "رغم ما يعانيه من أمراض ومضاعفات خطيرة رفضت المحكمة الافراج عنه وخضعت لقرار المخابرات فلم يكن أمام زوجي بعدما فقد كل معاني الحياة من شدة الألم سوى الاضراب".
وتكمل "اضرابه مستمر والجميع يصمت وكأنه لا مكان لزوجي وإخوانه في حقوق الإنسان فرغم تقارير أطبائهم التي تؤكد خطورة وضعه وأثر الاضراب عليه يرفضون الافراج عنه"، وتضيف "إنه محاصر ومعاقب ويتعرض للضغط والإعدام في الرملة فهو مسلخ وليس مستشفى فهل يتحرك أحد قبل فوات الأوان".

رسالة زوجة
أم مروان، رفضت التخلي عن زوجها وأصرت على أن تكون معه حتى رغم تاجيل موعد الزيارات لأهالي أسرى القطاع، فواصلت كتابة رسالتها لتقول له: "أكرم.. أريدك أن تصبر أكثر، فهذا ابتلاء من الله الذي لن يتخلى عنك وعنا حتى وإن خذلنا البشر، والحرية وأنت رمز لها لا تنال إلا بعد مشقة وصبر وقوة وتحمل جبارة، أعرف أنك تسمع صراخنا وصوتنا في كل مكان، وتتمنى أن يتم التضامن معك أكثر في هذه الأوقات الصعبة ولكن كلنا معك أرواحنا وحياتنا وصلواتنا فاصبر لأن الله مع الصابرين رغم عذابات القيود وظلم السجن والسجانين".

الثمن القاسي
وأكرم أكثر من دفع ثمن تلك العذابات من صحته وحياته، وتقول زوجته أم مروان: "أي فائدة يجنيها الاحتلال من استمرار معاناة زوجي المريض عندما اعتقل كان يعاني أمراضا مزمنة في الصدر وبسبب اهمال علاجه ورفض ادخال الدواء المناسب له يعاني حاليا من هشاشة العظام وضعف المناعة ومرض السكري وارتفاع نسبة الكلسترول، ومياه بيضاء في العينين"، واضافت "إنه عبارة عن كتلة أمراض فلماذا يغض العالم الطرف عما يتعرض له من نكسات، واسأل كل مؤسسات حقوق الانسان لماذا الصمت ومن أحق منه بالحرية؟!

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 2/7/2012)