ذوو أسرى غزة قابلوا أبنائهم دون ملامستهم أو السلام عليهم

"فكرت كثيرا في الكلمات التي سأقولها لزوجي وتهيأت نفسيا لزيارته، كنت أعد الدقائق والساعات منذ لحظة إبلاغي بالموافقة على الزيارة، كانت لحظات ترقب وانتظار يملؤها الحنين والأمل"، بهذه الكلمات وصفت سوسن زوجة الأسير بسام أبو لبدة استعداداتها للقاء زوجها. وكانت عائلة الأسير أبو لبدة في حالة ترقب وانتظار قبل يوم من إعلان أسماء العائلات المسموح لهم بالزيارة من قطاع غزة، وتقول زوجته "سوسن": "عندما تلقيت خبر إدراج اسم زوجي للزيارة والسماح لذويه بالزيارة انقبض قلبي".
وكانت سلطات الاحتلال قد سمحت لذوي 25 أسيرًا من قطاع غزة، بزيارة ابنائهم في السجون الصهيونية، بعد منع دام 6 سنوات في أعقاب أسر فصائل المقاومة للجندي الصهيوني جلعاد شاليط في عملية "الوهم المتبدد".
وحكم الاحتلال الصهيوني على الأسير بسام أبو لبدة بالسجن 12 عامًا بتهمة تهريب السلاح إلى قطاع غزة عبر الأنفاق الحدودية مع جمهورية مصر العربية، حيث قضى منها 9 أعوام.
وتابعت زوجة الأسير: "فرحت بذلك كثيرا ومن فرحتي نسيت أن أولادي قد رفضوا من الزيارة، والمهم أن اسمي قد أدرج ضمن المسموح لهم بالزيارة لأنني كنت مرفوضة بعد استشهاد نجلي".
واعتقل الأسير أبو لبدة بعد تسلل قوة صهيونية خاصة إلى منزله شرق رفح في 16/11/2003 وأطلقت الرصاص عليه وأصابته في كتفه واعتقلته واقتادته إلى جهة مجهولة. استشهد نجله الأكبر "عدنان" عام2006  Ø¬Ø±Ø§Ø¡ استهدافه بصاروخ من طائرة استطلاع أثناء تواجده أمام منزله.

رحلة العذاب
وانطلقت الحافلة التي تقل أهالي الأسرى في الساعة3:15  ÙØ¬Ø± الاثنين من دوار العودة في رفح إلى مقر الصليب الأحمر بمدينة غزة، وبعدها توجهت إلى حاجز بيت حانون "إيرز"ØŒ وحينها كانت الساعة4:50 ØŒ وانتظر الأهالي في الباص نصف ساعة ليتم السماح لهم بدخول الحاجز، وفق ما قالت زوجة الأسير.
وقالت: "لم ننتظر طويلاً في الحاجز، وبعد نزولنا من الحافلة ركبت في عربة التوك توك أوصلنا إلى داخل حاجز إيرز، ومن ثم فتشونا وأخذوا مني شنطة الكتف الخاصة بي".
وأضافت: "لم يسمحوا لي بإدخال أي شيء إلا علبة مياه وقطعة خبز، ومنعونا من إدخال الملابس والكنتينة، لكن الإجراءات كانت سريعة في الحاجز نظرا لقلة عدد الأهالي الزائرين".
وعند الساعة 7:30 صباحا  -والكلام لزوجة الأسير - تحركت الحافلة الصهيونية من حاجز ايرز إلى سجن ريمون الذي أجريت فيه زيارة أهالي أسرى غزة، مشيرةً إلى أنهم تعرضوا للتفتيش مرتين في السجن من خلال جهاز الفحص وآخر نفذته مجندات صهيونية.
ولفتت النظر إلى أن جنود الاحتلال سمحوا بدخول  40زائرًا من ذوي الأسرى من أصل47 ØŒ فيما بقي السبعة الآخرون جالسين في صالة الانتظار حتى سمح لهم بالدخول إلى الزيارة، بعد مرور ما يزيد عن خمس دقائق.

فرحة وتوتر
وتصف "سوسن" لحظات الانتظار في صالة سجن ريمون الصهيوني، بالقول: "كنت فرحة ومتوترة بشكل كبير في نفس الوقت وأنتظر على أعصابي وكنت ملتصقة بزائرة كانت تجلس بجانبي، وكنا نحمد الله باستمرار".
وتابعت: "انتظرنا في الغرفة بفارغ الصبر ونحن نسمع الحديث الذي يدور بين الأسرى وذويهم في الدفعة الأولى، وبعد السماح لنا بالدخول لقاعة الزيارة وجلوسنا على الكراسي، بدأت الساعة بالدوران، وقد حددت لنا نصف ساعة للزيارة".
وأضافت: "بدا زوجي بحالة صحية سيئة، وفقد  10كيلوجرامات من وزنه بعد أن كان وزنه 82 كيلو جرام"ØŒ موضحة أنه لم يشارك في الإضراب عن الطعام نظرا لما يعانيه من آلام وأوجاع بسبب سوء حالة معدته.
وأشارت إلى أن زوجها ممنوع من الطعام وأن اللحوم والبيض والمقالي ممنوعة عنه، وأن الأطعمة المسموح له بتناولها هي المسلوقات مثل البطاطس والرز المسلوق، لافتة إلى أن الاحتلال يقدم المسكنات له في حال عصف به الألم.
ولفتت النظر إلى أن زوجها كان ينظر باستمرار إلى الساعة وهي تحدثه "خشية مرور الوقت بسرعة، وكان يفصلني عن زوجي لوح زجاجي، وحديثي معه كان عبر الهاتف الذي أصابه التشويش لحظة المحادثة، ولم أستطع السلام عليه ولا حتى لمسه".
وتابعت: "نقلت له خلال الزيارة أخبار الست سنوات الماضية، وسألني عن أبنائه وإخوانه وأحبائه، وكان يسألني فأجيبه وأنا كذلك". ورغم تفكير سوسن المطول في الكلمات التي ستقولها لزوجها خلال الزيارة، إلا أنها لم تتذكر شيئا من ذلك عند الزيارة.

وفي تمام الساعة 9:00 صباحًا انتهى موعد الزيارة، وخرجت "سوسن" من قاعة المقابلة والدموع تغطي خديها، وقالت: "تضايقت كثيرا وتمنيت لو أنهم منحوني نصف ساعة أخرى للحديث معه". وكانت آخر كلمة قالها بسام لزوجته "إن شاء الله نراك في المرة القادمة في رمضان".

(المصدر: صحيفة فلسطين، 20/7/2012)