عائلة العيساوي .. لم تجتمع على مائدة رمضان منذ 25 عاماً

كان الأمل كبيراً لدى عائلة المقدسي أبو رأفت العيساوي بأن يكون رمضان هذا العام أفضل من سابقيه بعد تحرر نجله سامر في صفقة (وفاء الأحرار)، إلا أن هذا الأمل سرعان ما تبدد مع اقتحام قوات الاحتلال المنزل واعتقال المحرر قبل أيام من الشهر الفضيل.
عائلة العيساوي، من بلدة العيساوية الواقعة إلى الجنوب من مدينة القدس المحتلة، كانت هدفا دائماً للجنود الذين باتوا لا يغيبون عن منزلها حتى يعودوا إليه من جديد لاعتقال أحد أبنائها الخمسة.

سامر: الغائب الدائم
وتقول ابنة العائلة المحامية شرين العيساوي - والتي لم تسلم هي الأخرى من الاعتقال الذي قضت فيه قرابة العامين: "لم يكن اعتقال سامر هو الأول فقد سبقه اعتقال شقيقي مدحت قبل أشهر، إلا أن اعتقال سامر هو الأكثر إيلاماً، فنحن ننتظره منذ سنوات طويلة".
وتتابع العيساوي: "منذ 25عاماً لم نجتمع نحن الأخوة على مائدة إفطار رمضانية، في كل عام هناك غائب منا، لدرجة أن العام الماضي شهد غياب أربعة منا خلف زنازين الاحتلال".
وكان سامر قد أفرج عنه في الثامن عشر من أكتوبر الفائت ضمن صفقة (وفاء الأحرار)، بعد قضائه عشر سنوات في الأسر من أصل ثلاثين كانت قد صدرت بحقه.
وفي الثالث من الشهر الجاري أعادت قوات الاحتلال اعتقاله من جديد بحجة خرقه لاتفاق التبادل، دون أن يعلم الأهل أي خبر عنه حتى الآن.
وتقول الشقيقة شرين: "خلال اعتقال سامر اعتقلنا جميعاً (رأفت، مدحت، شادي، فادي) وأنا عدة مرات، و في كل مرة يكون سامر الغائب الدائم في السجون".
ولم تتوقف معاناة عائلة العيساوي عند اعتقال أبنائها ومطاردتهم، فكان استشهاد فادي قبل عدة سنوات، بعد خروجه من السجن؛ حيث قضى أربع سنوات متتالية.

فرحةٌ لم تكتمل
وتوضح الوالدة التي أعياها التعب الشديد حزناً على أبنائها الذين رافقتهم المعاناة مع الاحتلال طوال هذه السنوات: "كانت فرحتنا كبيرة بخروج سامر ووجوده بيننا، حتى أن اعتقال مدحت كان مستوعباً وخاصة أننا اعتدنا على اعتقاله لفترات قصيرة".
ولكن اعتقال سامر، كان الأصعب لأنه قد يقضي في السجن 20 عاماً، وهي المدة المتبقية من حكمه الأصلي.
وتتابع أم رأفت حديثها قائلةً: "منذ اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987م، لم تجتمع أسرتنا في شهر رمضان قط، ولا حتى على الأقل نصفها، في معظم الأوقات أكون أنا وابنتي فقط، و في العام 2010م كان الجميع في السجن بما فيهم ابنتي شيرين أيضاً".
وفي سرد الوالدة لتاريخ اعتقالات أبنائها تقول: "اعتقل رأفت (38 عاماً) وقضى في السجن ما مجموعه 7 سنوات، ومدحت (37 عاماً) اعتقل 19 عاماً، و فراس (36 عاماً) قضى خمس سنوات، وشادي الأصغر فيهم وقضى من عمره في السجون 13 عاماً".
وكانت الوالدة تتحضر لاستقبال مختلف لرمضان هذا العام، حيث تقول: "كنت أخطط ماذا سأعد لسامر على مائدة الإفطار والذي قضى سنوات طويلة بعيداً عنا، إلا أن الاحتلال سلبنا فرحتنا بابننا وبهذا الشهر الفضيل".

استهداف للمقدسيين
وبحسب الابنة شرين فإن استهداف العائلة يأتي ضمن مخططات احتلالية مدروسة لتهديد السكان المقدسيين وطردهم من المدينة المقدسة، موضحةً بالقول: "كانوا يهددوننا بشكل واضح بسحب البطاقة المقدسية وطردنا إلى الضفة وخاصة في فترات التحقيق". إلا أن العيساوي وجميع عائلتها يؤكدون أن صبرهم على انتهاكات الاحتلال يأتي في إطار صمودهم في أرضهم ومدينتهم المقدسة.
وتختم شرين حديثها قائلةً: "رغم الحزن الذي نشعر به في ظل غياب أشقائي الدائم في السجون، إلا أننا سنواصل الصمود في وجه هذا الاستهداف فهذا قدر كل أبناء المدينة".

(المصدر: صحيفة الاستقلال: 30/7/2012)