أدعو الله أن يمنحني العمر لتأدية مناسك الحج برفقة ابني

تمضي الوالدة بدرية مرداوي أوقات طويلة بالصلاة والدعاء لله أن يفرج كرب ابنها الأسير ثابت عزمي مرداوي القابع في سجون الاحتلال للعام الحادي عشر على التوالي، فودعت رمضان وبعده العيد وعاشت أيامهما حزينة متألمة للغياب القسري لابنها الذي يقضي حكما بالسجن المؤبد 23 مرة إضافة ل 40 عاما بتهمة العضوية في قيادة سرايا القدس والمسؤولية عن عدة عمليات فدائية نفذها الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي خلال انتفاضة الأقصى.
وتقول الوالدة: "منذ 11 عاما والاحتلال يحرمنا ثابت والاجتماع به حتى في شهر رمضان جراء ملاحقته واستهدافه منذ بداية انتفاض الأقصى، وكلما مر يوم واجتمعت أسرتي في رمضان أو العيد أو أي مناسبة اشعر بمدى مرارة وألم غياب.
الأم الصابرة تتمنى تأدية مناسك العمرة و الحج برفقة ثابت الذي تعتبره الابن الحنون البار وتضيف "منذ سنوات كان يتمنى أن يرافقني في رحلة العمرة أو الحج وكلما حل الموسم تزداد وتتسع دائرة أحزاني لأن العمر يمضي والاحتلال لا زال يحرمنا من تحقيق تلك الأمنية ولكني مؤمنة بالله وبأنه سيأتي يوم يتحرر فيه ثابت ونؤدي فريضة الحج سويا فلن يدوم السجن والسجان والاحتلال".
وفي بيتها المتواضع في بلدة عرابة والذي تتزين واجهته بصور أسيرها روت الوالدة فصول من حياة ابنها الذي ولد ونشأ وتربى في البلدة ودرس المرحلة الابتدائية والثانوية في مدارسها، وكان متفوقا بامتياز و بعد نجاحه في الثانوية العامة بدأ يدرس الإدارة في جامعة القدس المفتوحة ولم يتمكن من مواصلة تعليمه بسبب الملاحقة ثم الاعتقال.
كان له دور مميز في تأسيس الحركة الطلابية للجماعة الإسلامية فمنذ صغره وهب حياته للدفاع عن وطنه وأرضه فلسطين لذلك استهدف بالاعتقال عدة مرات ولكنه صمد وواصل مسيرة الجهاد عبر الحركة التي حمل رايتها". وعقب اندلاع انتفاضة الأقصى، قاد سرايا القدس في كل المعارك وكان له لمسات بارزة في صمود معركة مخيم جنين معركة الشرف والكرامة والشموخ وكان ثابت من ضمن الأسماء الأولى والمدرجة لدى دولة الاحتلال لاغتياله خلال معركة المخيم.
ونقلت الوالدة عن ابنها ثابت خلال حديثه عن معركة مخيم جنين كان همه الوحيد هو نجاة المواطنين بسلام وكان يضحي بنفسه من أجل نقلهم إلى أماكن آمنة تحت القصف وتوفير الطعام والشراب لهم ويشهد له بذلك أهالي مخيم جنين وكل من عرفوه. ولا تنسى الوالدة ذكريات يوم اعتقال ولدها البالغ من العمر 37 عاما قضى أكثر من نصفها بني الملاحقة والمطاردة والاعتقال حيث بدأت قوات الاحتلال بملاحقته عقب اندلاع انتفاضة الأقصى حتى تمكنت من اعتقاله في 11/4/ 2002 خلال اليوم الأخير من معركة مخيم جنين "منذ اعتقاله تعرض لكل أشكال العقاب والانتقام في العزل في عدة سجون لمدة ما يقارب خمس سنوات محروما من كافة حقوقه وخاصة زيارتنا".
محطات الاعتقال والتحقيق في السجون وما تلاها من عقوبات أدت كما تقول الوالدة "لإصابة ثابت بعدة أمراض منها الديسك وضعف في البصر وأزمة صدرية وخلال اعتقاله كان مصابا برصاص الاحتلال خلال معركة مخيم جنين ولم تهتم الإدارة في علاجه وقدم عشرات الطلبات لإدارة السجن لتزويده بالعلاج المناسب لكن في كل مرة تقابل طلباته بالرفض علما بأنه يقوم بمراجعة طبيب السجن الذي يكتفي بتقديم المسكنات له والتي لا تجدي نفعا".
وذكر شقيقه محمد، إنه خلال زيارته له طالب الإدارة بإدخال الأدوية التي يحتاجها لكن الإدارة رفضت إدخالها. شقيقه محمد مرداوي الذي تحرر من آخر اعتقال مؤخرا، وجراء استمرار حرمانه من زيارة شقيقه وحتى رفض جمع شمله به خلال اعتقالاته المتتالية منذ سنوات، أرسل بطاقة معايدة لأخيه وصرخة لمؤسسات حقوق الإنسان، وقال: "وسيلتي الوحيدة للتواصل مع أخي لم يجتمع شملي به في رمضان أو عيد منذ سنوات الرسالة التي آمل أن تصل وتخفف ألمه وحزنه "، ويضيف "نتمنى أن تنتهي محنة ومعاناة الأسر من حياتنا وأن يحقق الله حلمنا وأمنيتي أن يمن الله بالفرج عنه تعيش أمي التي تجاوزت العقد السادس ما تبقى من عمرها بجانبه وأن يعيش ابن أخي الطفل أسامة مع والده ككل أطفال العالم".

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 26/8/2012)