أسرة ذياب لم تجتمع على مائدة رمضان طوال 18 عاما

رغم ما ألم بها من تعب وألم حصاد السنين، إلا أنها تصر على حضور محكمة ابنها "بسام" في محكمة سالم العسكرية شمال الضفة الغربية. فها هي الحاجة "أم هشام ذياب" تقطع المسافة طويلا من قريتها في كفر راعي القريبة من جنين إلى أن تصل المحكمة لتراه من بعيد لفترة لا تتجاوز الخمس دقائق. تلوح له بيدها وتتمتم له "بالدعاء" قبل أن يغيب عنها بين يدي سجانه.
هو ليس شهر رمضان الأول الذي يُغيب السجن فيه أحد أبنائها أو اثنين منهم أو حتى أربعة عن مائدة إفطارها، فمنذ العام 1995 لم تجتمع العائلة على إفطار واحد، حيث يتناوب الأشقاء على السجن وأحيانا يتواجد عدد منهم داخل السجن نفسه دون أن يسمح لهم بالاجتماع في غرفة واحدة.
ورغم طول السنوات إلا أنها لم تعتد على الغياب القسري لأبنائها، وأول مائدة إفطار تتحول لمناسبة لتذكر الغائبين والحزن عليهم بغصة في القلب تذهب أية فرحة بهذا الشهر الفضيل.
تقول الحاجة أم هشام:" منذ اعتقال ابني همام عام 1995 وهو في الثانوية العامة، لم نجتمع في رمضان أبدا ولا في عيد ولا أيه مناسبة ولا فرح، دائما هناك غائب في البيت، فبعد همام اعتقل علام بعد شهر من إطلاق سراحه".
وفي العام 1998 عاد من جديد همام إلى السجن وحكم عليه بالسجن عامين كاملين، وقبل الإفراج عنه بقليل اعتقل عزام في 2001، لحق به بعد عامين فقط بلال وبسام في العام 2003، وبعد عام أفرج عن بسام وبقي بلال وعزام والتحق فيهم بسام وعصام من جديد في العام 2007.
وتضيف الحاجة لـ"الاستقلال": "هذا العام كان الأصعب علينا أربعة كانوا في السجن، ولم يكن يسمح لي بزيارتهم ولا الاطمئنان عليهم، فشهر رمضان والعيد هذا العام يعتبر الأصعب على من كل الأيام في السنة".
وأشارت إلى أنه في العام 2008 أفرج عن بسام وعصام وبقي كل من بلال وعزام، والمحكوم 20 عاما في السجن، ولم يمض الكثير حتى عادت قوات الاحتلال لاعتقال نظام وعلام مرة أخرى في نفس اليوم وبعدها بأسبوع كان الاعتقال الثالث لبلال في شهر رمضان.
خرج من السجن بعد أشهر علام ونظام وبقي عزام ليقضي حكمه، وبلال الذي حول للاعتقال الإداري لعام كامل أفرج عنه في رمضان العام الماضي بعد إضراب أسطوري استمر 78 يوما، ليكون بذلك أول رمضان يقضيه بين عائلته منذ 9 سنوات.
يقول بلال: "خرجت بعد إضرابي عن الطعام في أواخر رمضان الفائت وكان أول رمضان أقضيه بين أهلي وأشقائي الذي غيبنا السجن طويلا عن بعضنا البعض، ولكن الفرحة بقيت ناقصة بغياب عزام".
وتابع بلال: "هذا العام يبدو أصعب بغياب ثلاثة من أشقائي "عزام وعلام وبسام" ويبدو الأمر أكثر قسوة على والدتي التي لا تشعر بأية فرحة بدونهم، وطوال الوقت تتذكرهم".
ويشير بلال إلى أن العائلة تحاول قدر الإمكان تجنب ذكر أشقائه أمام والدتهم المريضة، وخاصة عزام المحكوم مدى الحياة، إلا أنها تذكرهم بهم في كل موعد للإفطار، وتطلب منا دائما الدعاء، وهي تناجي ربها بأن يمد في عمرها لتراهم جميعا حولها في آن واحد.
مما يزيد الأمر صعوبة على العائلة والوالدة أنهم ممنوعون من الزيارة طوال هذه الفترة، وحتى الوالدة التي تعدى عمرها السبعين عاما، وفي كل مرة يكون الرد على محاولتها استصدار تصريح زيارة من خلال الصليب الأحمر أنها " ممنوعة لأسباب أمنية".
إضافة لذلك، حرمت إدارة مصلحة السجون الأشقاء خلال اعتقالهم من الاجتماع في سجن واحد بالرغم من المطالبات العديدة وخاصة خلال شهر رمضان، مما جعل الأسير المحرر بلال يضعه كأحد مطالبه لفك إضرابه الأخير بلقاء شقيقه عزام.

(المصدر: صحيفة الاستقلال، 25/07/2013)