أهالي الأسرى: فرحة العيد منقوصة تكتمل بحرية الأسرى

نهار يعقبه ليل، وليل يعقبه نهار، أيام أهالي الأسرى تتوالى لكنها ليست كالأيام، فكلها شوق وحنين، وتمتزج فيها دموع الحرمان مع دموع الرجاء، قلوب تهتف داعية لله عساه يلم الشمل، وألسنة لا تفتر عن ذكر أسمائهم أو حتى مناقبهم.
وفي جولة مع عدد من أهالي الأسرى اللذين تحترق قلوبهم مع قرب أيام العيد، ألما على فراق أحبتهم، ولكنهم رغم ذلك يحملون الصبر ويبثونه ثقة ويقينا أن ما عند الله من الخير لهم قادم، فوالدة الأسير تميم سالم من مدينة نابلس، التي لم تتوقف الدموع من عينيها ألما لما وصل له حال ابنها الأسير والمحكوم بالسجن 20 عاما، تقول: "لا عيد لمن فارق أحبابه"، وأوضحت أو وضع ابنها الأسير يزداد خطورة فهو على وشك فقد البصر في كلتا عينيه، وجسده هزيل، ومع ذلك معاقب بمنع الزيارة أو التواصل مع أهله، وتضيف والدته لكنه صابر محتسب، يثق أن الفرج له قريب.
أما والد الأسير عمر أبو عمشة من مدينة طولكرم، والمحكوم بالسجن 15 عاما، يقول مختصرا: "الإفراج عن أبنائنا الأسرى تماما، كحبة الجوز إن لم تكسرها لن تأخذ ثمرها، وهكذا السجون إن لم تحطم المقاومة أسوار السجن، فلن يخرج أولادنا من السجون"، ويضيف معقبا على ما يتداول من حديث حول المفاوضات وإطلاق سراح الأسرى قائلا: "أملي بالمفاوضات كأمل إبليس في الجنة" حسب تعبيره.
من جهتها، عبرت ليليان ابنة السادسة من العمر عن أملها أن يأتي فجر العيد حاملا معه والدها الأسير فادي مطر والمحكوم بالسجن 10 سنوات ونصف، يفاجئها بطرق الباب، حاملا معه لعب العيد وهداياه، لتقوم بإهدائه حبات الحلوى التي تخبؤها له، وتضيف: "أتمنى أن يأتي العيد فيكون والدي معي كبقية الأطفال في العالم، لنخرج معا أنا وأبي وأمي إلى الملاهي، ولزيارة الأقارب، واللعب مع والدي"، وتختم قولها وابتسامة الشوق تعانقها قائلة "يا ليت".
أما والدتها التي كانت حاملا بصغيرتها حينما تم اعتقال زوجها، ولم يمض أسابيع على زاوجهما، قالت معقبة على كلام الصغيرة ليليان: "نحن بيوت الأسرى لا يعلم بحالنا يوم العيد سوى الله، فلا عيد لدينا، وما يزيد ألمنا منعنا من الزيارات بحجج المنع الأمني وغيره"، ليليان تقاطع والدتها وتقول: "حينما زرت والدي قلت له أنا بحبك كثير يا بابا، وأتمنى أن تغادر معي السجن لنهرب دون أن يرانا أحد".
وبابتسامة الصبر تحدثت لنا جدة الأسير الكرمي رامي أبو سمرة والموقوف منذ أربعة أشهر قائلة: "العيد لنا فرحة منقوصة، تخلو من أبنائنا وأحفادنا، الذين لا تحلو الحياة إلا بهم، فهؤلاء خيرة الشباب لا يستحقون السجون بل يستحقون التكريم، لكن في حضرة غياب أبنائنا فهو عيد منقوص فيه كثير من المآسي على فقد وغياب الكثيرين".
هذا الحال كقطرة ماء في بحر، فالصورة تتجسد بلوحة فنية معلقة على جدار البيت، وقلب يهتف بالشوق، ولسان لا يتوقف عن الدعاء، وكذلك صبر واحتساب تختزل أمامه الحروف والكلمات، والأمل بفجر قادم فيه الخير والحرية كما يوقن الكثيرين من أهالي الأسرى.

(المصدر: أسرى فلسطين، 6/8/2013)