معاناة الأسرى المحررين ستتواصل لأنهم تعرضوا لأذى نفسي وجسدي كبيرين

 

قال الدكتور‎ ‎محمود‎ ‎سحويل‎ ‎رئيس‎ ‎مركز علاج‎ ‎وتأهيل‎ ‎ضحايا‎ ‎التعذيب‎ ‎إن‎ ‎معاناة الأسرى‎ ‎المحررين‎ ‎الذين‎ ‎افرج‎ ‎عنهم‎ ‎في الصفقة‎ ‎الأخيرة‎ ‎ستستمر‎ ‎وخاصة‎ ‎من قضوا‎ ‎أحكاما‎ ‎عالية‎ ‎ومعظمهم‎ ‎تعرض للتعذيب،‎ ‎مشيراً‎ ‎إلى‎ ‎أنه‎ ‎مجرد‎ ‎احتجاز أي‎ ‎شخص‎ ‎وحرمانه‎ ‎من‎ ‎حريته‎ ‎وعزله عن‎ ‎بيئته‎ ‎وأسرته‎ ‎يعتبر‎ ‎تعذيبا‎ ‎يسبب أذى‎ ‎نفسياً‎ ‎وجسدياً‎ ‎وهو‎ ‎أي‎ ‎الشخص‎ ‎الذي وقع‎ ‎عليه‎ ‎الأذى‎ ‎بحاجة‎ ‎الى‎ ‎تأهيل‎ ‎طبي-‎ Ù†ÙØ³ÙŠ‎ ‎واجتماعي‎ ‎لإعادة‎ ‎دمجه‎ ‎واستئناف دوره‎ ‎الوظيفي‎ ‎في‎ ‎الأسرة‎ ‎والمجتمع‎ ‎للقيام بواجباته‎ ‎تجاههم.‎
وأضاف: "إن ما‎‎ ‎يقلقنا‎ ‎كأخصائيين‎ ‎في‎ ‎مجال‎ ‎الصحة النفسية،‎ ‎الآثار‎ ‎النفسية‎ ‎ليست‎ ‎الآنية وإنما‎ ‎بعيدة‎ ‎المدى‎ ‎التي‎ ‎سيعاني‎ ‎منها‎ ‎الأسير المحرر‎ ‎وعائلته‎ ‎والتي‎ ‎قد‎ ‎تظهر‎ ‎على‎ ‎هيئة مشاكل‎ ‎اجتماعية‎ ‎وعائلية‎ ‎لذا‎ ‎فان‎ ‎الأسير بحاجة‎ ‎الى‎ ‎ترميم‎ ‎لشخصيته‎ ‎وكرامته الإنسانية‎ ‎التي‎ ‎تعرضت‎ ‎للخدش‎ ‎المتكرر من‎ ‎قبل‎ ‎السجانين‎ ‎والمحققين.‎
وفي‎ ‎هذا‎ ‎السياق‎ ‎وشدد‎ ‎سحويل‎ ‎على أن‎ ‎هناك‎ ‎مسؤولية‎ ‎تقع‎ ‎على‎ ‎عاتق‎ ‎المستوى الرسمي‎ ‎ومؤسسات‎ ‎المجتمع‎ ‎المدني‎ ‎وعلى المجتمع‎ ‎بأكمله‎ ‎لتوفير‎ ‎خدمات‎ ‎تأهيلية للأسير‎ ‎نفسه‎ ‎ولعائلته‎ ‎لان‎ ‎الأخيرة‎ ‎تركت بمفردها‎ ‎لسنوات‎ ‎طويلة‎ ‎مما‎ ‎خلف‎ ‎ندوباً عميقة‎ ‎في‎ ‎نفوس‎ ‎أفرادها، فالزوجة‎ ‎مثلا اضطرت‎ ‎للعمل‎ ‎أحيانا‎ ‎لتوفير‎ ‎قوت‎ ‎أبنائها وهذه‎ ‎مسؤولية‎ ‎تقع‎ ‎على‎ ‎الزوج‎ ‎بالدرجة الأولى،‎ ‎إضافة‎ ‎إلى‎ ‎قيامها‎ ‎بالواجبات المنزلية‎ ‎والاجتماعية‎ ‎مما‎ ‎يزيد‎ ‎من الأعباء الملقاة‎ ‎على‎ ‎كاهلها.‎
وأضاف:‎ "عندما‎ ‎يخرج‎ ‎الأسير‎ ‎يكون هناك‎ ‎خلل‎ ‎في‎ ‎التوازن‎ ‎العائلي‎ ‎إذ‎ ‎انه‎ ‎فقد دوره‎ ‎ووظيفته‎ ‎وعلاقته‎ ‎الاجتماعية وتعود‎ ‎على‎ ‎نمط‎ ‎داخل‎ ‎السجن‎ ‎سنوات طويلة‎ ‎وبالتالي‎ ‎من‎ ‎الصعب‎ ‎عليه‎ ‎أن يتأقلم‎ ‎مع‎ ‎وضع‎ ‎جديد‎ ‎وبيئة‎ ‎جديدة مما‎ ‎يساهم‎ ‎في‎ ‎إيجاد‎ ‎بيئة‎ ‎نفسية‎ ‎صعبة للغاية‎ ‎ØŒ‎ ‎ولعدم‎ ‎إلمام‎ ‎العائلة‎ ‎بالآثار‎ ‎النفسية القاسية‎ ‎التي‎ ‎يخلفها‎ ‎التعذيب‎ ‎للأسير‎ ‎فان الوضع‎ ‎ÙŠ‎ ‎يزداد سوءاً،‎ ‎لذا‎ ‎قمنا‎ ‎في‎ ‎المركز بوضع‎ ‎خطة‎ ‎آنية‎ ‎لمتابعة‎ ‎الأسيرات‎ ‎والأسرى في‎ ‎مختلف‎ ‎المحافظات‎ ‎وذويهم‎ ‎الذين تعرضوا‎ ‎لأذى‎ ‎وذلك‎ ‎بهدف‎ ‎توعيتهم ودعمهم‎ ‎واسترجاع‎ ‎دورهم‎ ‎الحيوي‎ ‎في المجتمع‎ ‎بأسره.‎
وأكد‎ ‎سحويل‎ ‎أن‎ ‎الأوضاع‎ ‎الجديدة التي‎ ‎نتجت‎ ‎عن‎ ‎تحرير‎ ‎الأسرى‎ ‎زادت‎ ‎من المسؤوليات‎ ‎الملقاة‎ ‎على‎ ‎كاهل‎ ‎المركز‎ ‎الذي يقوم‎ ‎سنويا‎ ‎بما‎ ‎لا يقل‎ ‎عن‎ ‎‏٨٠٠٠‏‎ ‎آلاف زيارة‎ ‎وعلاج‎ ‎لعائلات‎ ‎الأسرى‎ ‎والشهداء، مشيراً‎ ‎إلى‎ ‎مركزه هو الوحيد الذي يقدم‎ ‎خدمات‎ ‎متخصصة‎ ‎لعلاج‎ ‎ضحايا التعذيب‎ ‎والعنف‎ ‎المنظم‎ ‎وهذه‎ ‎الخدمات غير‎ ‎متوفرة‎ ‎في‎ ‎أي‎ ‎قطاع‎ ‎آخر‎ ‎Ùˆ‎ ‎هي‎ ‎بحاجة الى‎ ‎إسناد‎ ‎ودعم‎ ‎من‎ ‎قبل‎ ‎الرئاسة‎ ‎والحكومة الرئاسة‎ ‎وذلك‎ ‎حتى‎ ‎نقدم‎ ‎خدمات‎ ‎ورعاية طبية‎ ‎نفسية‎ ‎واجتماعية‎ ‎تأهيلية‎ ‎مميزة لهذه‎ ‎الشريحة‎ ‎التي‎ ‎ضحت‎ ‎بزهرة‎ ‎شبابها في‎ ‎السجون‎ ‎السجون‎ ‎الصهيونية‎ ‎وتستحق منا‎ ‎هذا‎ ‎الاهتمام‎ ‎مقابل‎ ‎ما‎ ‎عطائها‎ ‎اللا محدود.‎

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 23/10/2011)