الحاجة جميلة زايد تعانق وجه ابنها المحرر المبعد عبر شاشات التلفاز

ربع قرن وأكثر، الفترة الزمنية التي انتظرتها الحاجة جميلة زايد اللحظة التي ‏تعانق فيها أسيرها حمزة نايف زايد (48 عاما) ولم تكد تفرح بإدراج اسمه ضمن صفقة التبادل حتى انتابتها ‏مشاعر الحزن لأن الاحتلال سيؤجل حلمها ولن يتسنى لها رؤيته إلا عبر شاشة التلفاز ولن تتحدث معه إلا من ‏خلال الهاتف، فالاحتلال كما قالت: "يريد دوما أن يحرمنا مشاعر الفرح وينغص علينا هذه اللحظات ولكن رغم ‏الألم لأن ابني سيبعد ولن يعود لحضني فانا سعيدة لأنه يكفي أن أراه حرا دون قيود، ومثلما صبرنا وكسرنا ‏قرار اعتقاله واحتجاز حريته لسنوات طويلة سنصمد حتى يجتمع شملنا وسيعود سامر وشقيقه المبعد عمر وكل ‏الأسرى والمبعدين".

ربع قرن
 ÙÙŠ عرس تحرر سامر، استنفرت كل العائلة والأبناء والأحفاد ‏تجمعوا حول الوالدة الجدة الحاجة جميلة (75 عاماً) التي حاولت أن تكبت غيظها وهي تتابع لحظات وصول ‏نجلها الأسير المبعد إلى غزة حمزة لينضم لشقيقه المبعد في منافي الشتات البعيدة عمر، دون أن تتوقف عن ‏البكاء والدعاء لله أن يجمع شملها مع ولديها الذي حرمها الاحتلال منهما منذ من مدينة القدس ‏في 15-11 1986 بعد تنفيذهما مع رفيقهما سامر المحروم عملية فدائية لصالح الجبهة الشعبية لتحرير ‏فلسطين.
وقالت: "ربع قرن من العذاب بين سجن حمزة ورفض الإفراج عنه وجرح عمر الذي شرد وحرم من ‏حضن والدته، أمضيت ربع قرن كاملة أتنقل من سجن لآخر أتمسك بحلم الأمل، خلاص حمزة من القيد وعودة ‏عمر الذي تمكن من الهرب من السجن ونجا من الموت ولكنه يعيش مرارة الإبعاد في منفاه القسري وهو أشد ‏قساوة من السجن، لان أخباره مقطوعة ومنذ أكثر من 23 عاما لم أشاهده، وأعيش مرارة العذاب ‏المضاعف لشوقي الشديد لرؤيته وعناقه يأتي رمضان ويتبعه العيد ومازلنا ننتظر حلمنا الوحيد، وال ذي سيكون ‏يوم عيد حياتي الوحيد، فعيدنا يوم عودة حمزة وعمر وكل المبعدين، وهذا اليوم بإذن الله قادم وكلي ثقة بأنه ‏قريب".

أصعب اللحظات
وفي بيتها الذي ولد وعاش وتربى فيه حمزة وعمر في حي المراح في مدينة جنين، ‏تركت الحاجة جميلة كل شيء وجلست تنتظر بصبر وأمل اللحظة أن يطل فيها وجه حمزة عبر شاشة التلفاز، ‏ولا تتوقف عن الاتصال مع ابنها احمد الذي سافر لغزة ليستقبل شقيقه في وداع كما قالت: "الأيام الحالكة السوداء التي فرضت علينا أن نعيش الانتظار العصيب بين صورهم التي تزين واجهة المنزل وستبقى كذلك بعدما ‏انضم حمزة لقائمة المبعدين". ورن الهاتف في المنزل وكان على الخط حمزة من غزة الذي تحدث لوالدته التي ‏أطلقت أهازيج الفرح وهي تستمع لصوته وهو يبلغها بالنبأ، وقالت: "شعرت أن قلبي سيقفز من مكانه لم اصدق ‏انه يتحدث معي، منعت نفسي من البكاء وكان همي أن أشعره بفرحنا وارفع معنوياته ولكنه هو‎ ‎من‎ ‎رفع‎ ‎معنوياتي‎ ‎فهو‎ ‎قوي‎ ‎صلب‎ ‎واطمأنيت‎ ‎عليه ووصوله‎ ‎لغزة".‏ وأضافت‎ ‎وهي‎ ‎تبكي: "بسبب‎ ‎الوضع‎ ‎مع‎ ‎وصولهم‎ ‎لم ‏تستمر‎ ‎المكالمة‎ ‎طويلا‎ ‎ولكنها‎ ‎أجمل‎ ‎هدية ومكالمة‎ ‎ولحظة‎ ‎في‎ ‎حياتي‎ ‎وسأبقي‎ ‎أصلي‎ ‎لله حتى‎ ‎يعود‎ ‎ابني‎ ‎وعانقه،‎ ‎ونحن‎ ‎نستعد‎ ‎حاليا للسفر‎ ‎لغزة‎ ‎لنعيش‎ ‎معه‎ ‎فرحة‎ ‎العيد‎ ‎الذي حرمنا‎ ‎منه‎ ‎طوال‎ ‎السنوات‎ ‎الماضية".
وأضافت: "كنت‎ ‎أعيش‎ ‎اشد‎ ‎المآسي‎ ‎عندما نسمع‎ ‎عن‎ ‎عملية تبادل أو إفراج ومر‎ ‎‏25 عاما‎ ‎والاحتلال‎ ‎يصر‎ ‎على‎ ‎شطب‎ ‎اسمه‎ ‎من كل‎ ‎عمليات‎ ‎التبادل،‎ ‎في‎ ‎نفس‎ ‎الوقت‎ ‎كنت حزينة‎ ‎على‎ ‎مصير‎ ‎عمر‎ ‎الذي‎ ‎مازال‎ ‎يعيش في‎ ‎المنفى".
وقالت: "الآن‎ ‎والحمد‎ ‎لله‎ ‎تمت‎ ‎الصفقة‎ ‎التي أفرحتنا‎ ‎وحققت‎ ‎جزءا‎ ‎من‎ ‎حلمنا‎ ‎ولكني‎ ‎مع انضمام‎ ‎حمزة‎ ‎إليه‎ ‎اشعر‎ ‎بمدى‎ ‎الحزن‎ ‎والألم على‎ ‎فقدانهما‎ ‎والشوق‎ ‎لعناقهما‎ ‎واليوم‎ ‎أناشد الجميع‎ ‎تلمس‎ ‎معاناتي‎ ‎والإصرار‎ ‎على‎ ‎عودة المبعدين،‎ ‎من‎ ‎حقي‎ ‎أن‎ ‎أرى‎ ‎حمزة‎ ‎حرا‎ ‎وان احتفل‎ ‎بتحرره‎ ‎وزفافه،‎ ‎فمن‎ ‎حقي‎ ‎وحق‎ ‎كل أمهات‎ ‎الأسرى‎ ‎والمبعدين‎ ‎بعد‎ ‎كل‎ ‎هذا‎ ‎الانتظار والصمود‎ ‎أن‎ ‎تحظى‎ ‎قضيتنا‎ ‎بكل‎ ‎المتابعة والاهتمام‎ ‎فقد‎ ‎طال‎ ‎الانتظار‎ ‎والصبر‎ ‎ويجب أن‎ ‎تنتهي‎ ‎هذه‎ ‎المعاناة‎ ‎باجتماع‎ ‎شملنا‎ ‎وهذا رجاؤنا‎ ‎في‎ ‎العيد‎ ‎القادم."

 (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 19/10/2011)