ثلاث فرحات أسعدت قلب المحرر الأخرس

حقق‎ ‎الأسير‎ ‎المحرر‎ ‎مريد‎ ‎الأخرس) ‎‏29‏‎ ‎عامًا(‎جملة‎ ‎من‎ ‎الأحلام‎ ‎التي كانت‎ ‎تراوده‎ ‎منذ‎ ‎كان‎ ‎يقبع‎ ‎خلف‎ ‎قضبان‎ ‎السجون‎ ‎الصهيونية،‎ ‎بعد‎ ‎أن‎ ‎من‎ ‎الله‎ ‎عليه‎ ‎بالتحرر‎ ‎ضمن المرحلة‎ ‎الأولى‎ ‎من‎ ‎صفقة‎ ‎تبادل الأسرى‎ ‎الأخيرة.‎ واعتقل‎ ‎الأخرس‎ ‎على‎ ‎معبر‎ ‎رفح‎ ‎البري‎ ‎بين‎ ‎قطاع‎ ‎غزة‎ ‎وجمهورية‎ ‎مصر‎ ‎العربية،‎ ‎أثناء‎ ‎عودته‎ ‎من رحلة‎ ‎علاج‎ ‎في‎ ‎إيران‎ ‎عام‎ ‎‏2001‏‎ ‎ØŒ‎ ‎وحُكم‎ ‎عليه‎ ‎بالسجن) ‎‏20‏‎ ‎عامًا(‎ قضى‎ ‎منها) ‎‏10‏‎‎أعوام(‎ØŒ‎ ‎بتهمة‎ ‎الانتماء لحركة‎ ‎المقاومة‎ ‎الإسلامية )‎حماس).
ثلاث‎ ‎فرحات ولمريد‎ ‎وعائلته‎ ‎كما‎ ‎يقول‎ ‎من‎ ‎داخل‎ ‎مكة‎ ‎المكرمة‎ ‎ثلاث‎ ‎فرحات‎ ‎في‎ ‎آنٍ‎ ‎واحد: الفرحة‎ ‎الأولى‎ ‎هي‎ ‎لحظة الإفراج‎ ‎عنه‎ ‎ولقاؤه‎ ‎الوالد‎ ‎والوالدة‎ ‎وجميع‎ ‎الأهل‎ ‎والأقارب‎ ‎والجيران‎ ‎والأصدقاء،‎ ‎أما‎ ‎الثانية‎ ‎وهي‎ ‎فرحة العيد‎ ‎الأول‎ ‎خارج‎ ‎الأسر،‎ ‎والثالثة‎ ‎زيارة‎ ‎بيت‎ ‎الله‎ ‎الحرام‎ ‎وأداء‎ ‎الحج‎ ‎برفقة‎ ‎والديه. ويضيف: "اليوم‎ ‎فرحتي‎ ‎ما‎ ‎بتصورها،‎ ‎فقبل‎ ‎أسابيع‎ ‎كنا‎ ‎داخل‎ ‎المُعتقلات،‎ ‎واليوم‎ ‎نخرج‎ ‎بفضل‎ ‎الله‎ ‎عز وجل‎ ‎ØŒ‎ ‎ونلتقي‎ ‎بالأهل‎ ‎والأحبة،‎ ‎ليس‎ ‎فحسب‎ ‎في‎ ‎بيوتنا‎ ‎بل‎ ‎في‎ ‎بيت‎ ‎الله‎ ‎الحرام‎ ‎ومعي‎ ‎أمي‎ ‎وأبي.
ويتابع: "أول‎ ‎عيد‎ ‎من‎ ‎‏10‏‎ ‎سنوات‎ ‎أشعر‎ ‎به،‎ ‎فكل‎ ‎الأعياد‎ ‎السابقة‎ ‎التي‎ ‎قضيتها‎ ‎داخل‎ ‎الأسر‎ ‎كانت‎ ‎الدموع لا‎ ‎تفارقني،‎ ‎ولم‎ ‎أشعر‎ ‎بأن‎ ‎العيد‎ ‎قدم‎ ‎ولا‎ ‎أعلم‎ ‎متى‎ ‎ينتهي،‎ ‎فالاحتلال‎ ‎كان‎ ‎يتعمد‎ ‎حرماننا‎ ‎من‎ ‎الفرحة حتى‎ ‎داخل‎ ‎السجن، من‎ ‎قطع‎ ‎لزيارات‎ ‎ومنع‎ ‎حتى‎ ‎التحدث‎ ‎مع‎ ‎الأهل‎ ‎عبر‎ ‎وسائل‎ ‎الاتصال.. الخ".

فرق‎ ‎شاسع
ويّبين‎ ‎الأخرس‎ ‎أن‎ ‎الفرق‎ ‎بين‎ ‎الأعياد‎ ‎ال‎ ‎‏20‏‎ ‎الماضية‎ ‎وهذا‎ ‎العيد‎ ‎شاسع‎ ‎جًدا، "حيث‎ ‎بالأمس‎ ‎كنا محرومين‎ ‎من‎ ‎أدنى‎ ‎مقومات‎ ‎الحياة‎ ‎ومن‎ ‎فرحة‎ ‎العيد،‎ ‎لكننا‎ ‎اليوم‎ ‎ليس‎ ‎فقط‎ ‎بين‎ ‎أهلنا‎ ‎وأحبابنا‎ ‎بل ذهبنا‎ ‎سويًا‎ ‎والتقينا‎ ‎في‎ ‎الكعبة‎ ‎المشرفة،‎ ‎ونحن‎ ‎نؤدي‎ ‎هذه‎ ‎الفريضة‎ ‎سويًا"ØŒ ويستطرد: "رغم‎ ‎إصابتي‎ ‎ببعض‎ ‎الأمراض‎ ‎كالكبد‎ ‎والكُلى‎ ‎نتيجة‎ ‎الإهمال‎ ‎الطبي‎ ‎داخل‎ ‎السجون الصهيونية‎ ‎قبل‎ ‎الإفراج،‎ ‎إلا‎ ‎أنني‎ ‎تمكنت‎ ‎بفضل‎ ‎الله‎ ‎عز‎ ‎وجل‎ ‎من‎ ‎أداء‎ ‎فريضة‎ ‎الحج‎ ‎دون‎ ‎أية‎ ‎مشاكل‎ ‎أو‎ ‎تعب أو‎ ‎عناء‎ ‎ØŒ‎ ‎لكنني‎ ‎ما‎ ‎زالت‎ ‎أشعر‎ ‎ببعض‎ ‎الألم،‎ ‎والذي‎ ‎بحاجة‎ ‎لمزيد‎ ‎من‎ ‎الفحوصات‎ ‎من‎ ‎قبل‎ ‎الأطباء".
ويتمنى‎ ‎الأخرس‎ ‎أن‎ ‎يمّن‎ ‎الله‎ ‎على‎ ‎رفاقه‎ ‎الأسرى‎ ‎المُتبقين‎ ‎داخل‎ ‎الأسر‎ ‎بالتحرير‎ ‎بعزة‎ ‎وكرامة _كما خرجنا_ قائلا: "من‎ ‎يتذوق‎ ‎طعم‎ ‎الحرية،‎ ‎يغار‎ ‎على‎ ‎أخوته‎ ‎الذين‎ ‎تركهم‎ ‎خلفه‎ ‎بالأسر‎ ‎ØŒ‎ ‎من‎ ‎مرضى‎ ‎ØŒ‎ ‎كبار سن‎ ‎،شباب،‎ ‎أصحاب‎ ‎محكوميات‎ ‎عالية".
أما‎ ‎والدة‎ ‎المحرر‎ ‎الأخرس،‎ ‎فلم‎ ‎تّستطع‎ ‎هي‎ ‎الآخرة‎ ‎أن‎ ‎تّصف‎ ‎شعورها‎ ‎فتقول: "الحمد‎ ‎لله‎ ‎عز‎ ‎وجل على‎ ‎هذه‎ ‎النعمة‎ ‎الكبيرة،‎ ‎فاليوم‎ ‎مبسوطة‎ ‎وسعيدة‎ ‎وبزغرد‎ ‎من‎ ‎كثر‎ ‎الفرحة،‎ ‎وبأشعر‎ ‎بأن‎ ‎الدنيا‎ ‎مش سيعاني‎ ‎من‎ ‎كثر‎ ‎الفرحة". وتوضح‎ ‎أن‎ ‎ال‎ ‎‏20‏‎ ‎عيدًا‎ ‎الماضية‎ ‎لم‎ ‎تشعر‎ ‎بهم‎ ‎قط، "كل‎ ‎ما‎ ‎يأتي‎ ‎العيد‎ ‎أنهار‎ ‎من‎ ‎البكاء،‎ ‎وأطلب‎ ‎من أولادي‎ ‎بأن‎ ‎لا‎ ‎يأتي‎ ‎إلي‎ ‎أحد‎ ‎ويهنئني‎ ‎بالعيد،‎ ‎وكنت‎ ‎أسألهم‎ ‎وهم‎ ‎ذاهبون‎ ‎لزيارة‎ ‎وأخواتهم‎ ‎وبعض‎ ‎الأقارب أين‎ ‎مريد‎ ‎ليذهب‎ ‎معكم".

ميلاد‎ ‎جديد
بينما‎ ‎يقول‎ ‎والد‎ ‎الأخرس: "شعوري‎ ‎الآن‎ ‎لا‎ ‎يوصف،‎ ‎فأنا‎ ‎أعتبر‎ ‎يوم‎ ‎ال‎ ‎‏18‏‎ ‎من‎ ‎تشرين‎ ‎الأول‎ ‎المُنصرم‎ ‎هو يوم‎ ‎ميلاد‎ ‎جميع‎ ‎الأسرى‎ ‎المحررين‎ ‎ضمن‎ ‎الصفقة،‎ ‎وما‎ ‎مضى‎ ‎من‎ ‎عمر‎ ‎نحتسبه‎ ‎في‎ ‎سبيل‎ ‎الله‎ ‎تعالي، ويضيف: "عمري‎ ‎‏60‏‎ ‎عامًا،‎ ‎ما‎ ‎عمري‎ ‎شعرت‎ ‎بالفرحة‎ ‎كالتي‎ ‎أشعر‎ ‎بها‎ ‎الآن،‎ ‎ولحتى‎ ‎هذه‎ ‎اللحظة‎ ‎بأسأل نفسي‎ ‎هل‎ ‎أنا‎ ‎بحلم‎ ‎أم‎ ‎بعلم" ويتمنى الأخرس وزوجته بأن يمّن الله بالفرج عن بقية الأسرى بالقريب العاجل، وأن يشفي الله ابنهما مما فيه، ويفرحا بزواجه بأقرب وقت.

 (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 13/11/2011)