المبعد‎ ‎منصور‎: الحج‎ ‎عنوان‎ ‎لمحطة‎ ‎أخرى‎ ‎على‎ ‎طريق‎ ‎حريتنا‎ ‎ووحدتنا‎ ‎واجتماع‎ ‎شملنا

لم يتوقف المحرر المبعد الحاج منصور عاطف ريان عن الصلاة والبكاء والدعاء على جبل عرفات وقرب الكعبة لتحرر إخوانه الأسرى وعودته مع والمبعدين لأهلهم وأماكن سكناهم في الضفة الغربية ووحدة الصف وإنهاء الانقسام، ففي كل لحظة وخطوة لم تغادر ذاكرته صورة من تركهم خلف القضبان وحزن وألم عائلته التي حرمه الاحتلال منها بإبعاده القسري.
ورغم مشاعر الحنين والشوق للمكان الذي ولد ونشأ وتربى فيه قرية قراوة بني حسان، فإن الريان يعيش مشاعر فرحة كبيرة منذ عودته من الديار الحجازية بعد تأدية فريضة الحج التي يعتبرها مكرمة أخرى للمحررين بعد خلاصهم من جحيم السجون ومعاناة الأسر التي نالت من عمره 19 عاما، ويقول: "نحن سعداء وبحمد الله فقد عوضنا الله وكرمنا عن كل سنوات القهر والمعاناة بلقاء الأهل والأحبة، وعيد الأضحى المبارك ثم الحج، إنها انتصارات رائعة ومثلما استجاب الله لدعوات أهلنا وشعبنا في سنوات المعاناة الطويلة، فكلنا إيمان أن أملنا سيتحقق ويجتمع الشمل ولن نفترق.
في غزة، بدأت حكاية فرح وأمل جديدة يقول ريان: "عندما أبلغنا رسميا عن منحة الحج للأسرى المحررين في 4/11 /2011 قبل عرفة بيوم واحد لم أصدق رغم أنها كانت أجمل بشرى بحياتي، كانت أمنية نشعر أحيانا أنها مستحيلة ونحن خلف القضبان يتحكم السجان بحياتنا وحتى في تأدية طقوسنا الدينية، ولكن صفقة الحرية الربانية مسحت من قاموسنا كل اسم ومعنى لمستحيل حتى رغم إبعادنا فالحج عنوان لمحطة أخرى على طريق حريتنا". وبين الطريق للحافلات والمعابر، وحتى صعد للطائرة، كان المحرر منصور يشعر أحيانا أنه ما زال يحلم، ويقول: "في كل مرحلة كنت أبكي وأصلي ولم أصدق أنها الحرية والطريق لديار الرسول عليه السلام إلا عندما انطلقت الطائرة من القاهرة إلى جدة، وكانت لحظات لا تنسى ونحن نمضي إلى جبل عرفات مباشرة.
احرم منصور والمحررون في الطائرة، وكانت أول مناسك الحج على جبل عرفات، ويقول: "لقد خرجنا من نار السجون إلى الأماكن المقدسة، وبفضل الله ورعايته نقلنا من أسوأ مكان في الكون وهو السجن إلى أفضل مكان وهو الحرم المكي والكعبة المشرفة وقد كنا نهتز كالزلزال ونحن نردد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
وفي الحج، تحقق لمنصور وباقي المحررين المزيد من الأحلام والأمنيات، فقد التقوا جميعا في المعسكر الخاص الذي أقامه خادم الحرمين الشريفين لهم، وقال منصور: "استقبلنا في فندق متميز شعرنا فيه بمدى التقدير لما قدمناه من تضحيات وصبر، واحتفلنا على طريقتنا عندما التقينا جميعا كأسرى محررين في صفقة شاليط من سوريا وقطر وتركيا وتبادلنا التهاني والأمنيات والدعوات ولكن ما نغص علينا عدم وصول محرري الضفة بعدما منعهم الاحتلال".
ولد ريان في 15/8/1985 في قرية قراوة بني حسان، وخلال دراسته بدا مسيرته النضالية فاعتقل للمرة الأولى في 2/ 4/ 1993 لمدة عام ونصف بتهمة مقاومة الاحتلال، و بعد 4 ايام من الإفراج عنه وفي 5/7/1994 اعتقل وحكم بالسجن مدى الحياة بتهمة تنفيذ عملية طعن في مستوطنة كريات نطافيم. في عام 2000 التحق بالجامعة العبرية وحصل على البكالوريوس، ثم حصل على ماجستير في النظم الديمقراطية المتعددة ورفضت حكومة الكيان الإفراج عنه، وشطبت اسمه من الصفقات، واستمر في تأدية دوره في قيادة الحركة الأسيرة وحركة حماس حتى أفرج عنه وابعد لغزة.

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 27/11/2011)