الأسير المقدسي محمود عيسى: العزل رحلة موت بطيء

" يواجه‎ ‎الأسير‎ ‎المعزول‎ ‎عقابا‎ ‎قاسيا‎ ‎من‎ ‎إدارة‎ ‎السجون حتى‎ ‎عندما‎ ‎يطالب‎ ‎بحقه‎ ‎المشروع‎ ‎‎في‎ ‎مراجعة‎ ‎الطبيب‎ ‎والعلاج‎ ‎ØŒ‎ ‎فكل‎ ‎الأشياء ممنوعة‎ ‎حتى‎ ‎الدواء‎ ‎لان‎ ‎العزل‎ ‎عبارة‎ ‎عن‎ ‎رحلة‎ ‎للموت‎ ‎البطيء"‎ØŒ‎ ‎‎بهذه‎ ‎الكلمات استهل‎ ‎الأسير‎ ‎المقدسي‎ ‎محمود‎ ‎عيسى‎ ‎حديثه‎ ‎حول‎ ‎الواقع‎ ‎المروع‎ ‎للمعزولين ‎ ‎في زنازين‎ ‎العزل‎ ‎والعقاب‎ ‎التي‎ ‎أعلن‎ ‎فيها‎ ‎الإضراب‎ ‎المفتوح‎ ‎‎عن‎ ‎الطعام‎ ‎الذي‎ ‎يعد سلاحه‎ ‎الأخير‎ ‎كما‎ ‎يقول" ‎للدفاع‎ ‎عن‎ ‎حقه‎ ‎المشروع‎ ‎في‎ ‎الحياة‎ ‎بعدما‎ ‎قررت‎ ‎إدارة السجون‎ ‎‎بتوجيهات‎ ‎من‎ ‎جهاز‎ ‎الأمن‎ ‎الصهيوني‎ ‎استمرار‎ ‎عزله‎ ‎دون‎ ‎توقف‎ ‎رغم الشكاوى‎ ‎والاحتجاجات‎ ‎التي‎ ‎قدمها.‎‏ ومع‎ ‎‎دخوله‎ ‎الأسبوع‎ ‎الثالث‎ ‎في‎ ‎معركة‎ ‎الأمعاء‎ ‎الخاوية"ØŒ‎ ‎يسجل‎ ‎الأسير‎ ‎عيسى عامه‎ ‎الثاني‎ ‎عشر‎ ‎في‎ ‎العزل‎ ‎الذي‎ ‎‎عوقب‎ ‎به‎ ‎كجزء‎ ‎من‎ ‎فاتورة‎ ‎الانتقام‎ ‎المبرمجة بحقه‎ ‎والتي‎ ‎يقول‎ ‎عنها" ‎محطات‎ ‎عذاب‎ ‎لن‎ ‎تتوقف‎ ‎كما‎ ‎قال‎ ‎لي‎ ‎‎ضباط‎ ‎المخابرات خلال‎ ‎التحقيق‎‎ØŒ‎ ‎فقد‎ ‎وعدوني‎ ‎أن‎ ‎لا‎ ‎أرى‎ ‎وجه‎ ‎الشمس‎ ‎وأن‎ ‎أعيش‎ ‎محروما‎ ‎من‎ ‎كل حقوقي‎ ‎حتى‎ ‎‎الاختلاط‎ ‎مع‎ ‎الأسرى‎‎ØŒ‎ ‎فتنقلت‎ ‎عبر‎ ‎السنوات‎ ‎الماضية‎ ‎في‎ ‎كل‎ ‎زنازين وأقسام‎ ‎العزل،‎ ‎وفي‎ ‎كثير‎ ‎من‎ ‎الأحيان‎ ‎لم‎ ‎‎أكن‎ ‎قادرا‎ ‎على‎ ‎معرفة‎ ‎الساعة‎ ‎والوقت‎ ‎والزمان والمكان‎ ‎ولكن‎ ‎روح‎ ‎الإيمان‎ ‎والقدرة‎ ‎الإلهية‎ ‎زودتني‎ ‎بالصبر‎ ‎‎وبفضل‎ ‎الله‎ ‎تمكنت‎ ‎من قهر‎ ‎كل‎ ‎الظروف".
وأضاف:" ‎ورغم‎ ‎ذلك‎ ‎لم‎ ‎تتغير‎ ‎أوضاعي‎ ‎وكلما‎ ‎كنت‎ ‎اشتكي وأتوجه‎ ‎‎للمحكمة‎ ‎للمطالبة‎ ‎بإلغاء‎ ‎عزلي‎ ‎كانت‎ ‎تسارع‎ ‎المخابرات‎ ‎لنقلي‎ ‎من‎ ‎قسم لآخر‎ ‎لإفشال‎ ‎القضية‎ ‎وتلافي‎ ‎صدور‎ ‎قرار‎ ‎‎من‎ ‎المحكمة‎ ‎التي‎ ‎تيقن‎ ‎لي‎ ‎أنها‎ ‎تعمل‎ ‎وفق توجيهات‎ ‎الأمن‎ ‎الصهيوني‎ ‎ففي‎ ‎كل‎ ‎مرة‎ ‎تنظر‎ ‎المحكمة‎ ‎في‎ ‎قضيتي‎ ‎‎يقرر‎ ‎القاضي إجراءات‎ ‎أكثر‎ ‎قسوة‎ ‎وتتفاقم‎ ‎معاناتي".‏

العزل‎ ‎حتى‎ ‎إشعار‎ ‎آخر
 Ø§Ù„أسير‎ ‎عيسى‎ ‎من‎ ‎مواليد‎ ‎وسكان‎ ‎‎بلدة‎ ‎عناتا،‎ ‎يقبع‎ ‎خلف‎ ‎القضبان‎ ‎منذ ‏3/6/1993ØŒ قال:"في‎ ‎السنوات‎ ‎الأولى‎ ‎من‎ ‎اعتقالي‎ ‎عزلت‎ ‎لمدة‎ ‎ثلاث‎ ‎‎سنوات‎ ‎ونصف، لكن‎ ‎منذ‎ ‎عام‎ ‎‏2002‏‎ ‎انتزعت‎ ‎المخابرات‎ ‎قرارا‎ ‎من‎ ‎المحكمة‎ ‎بعزلي‎ ‎وكل‎ ‎ستة‎ ‎شهور يتعمدون‎ ‎‎نقلي‎ ‎من‎ ‎قسم‎ ‎إلى‎ ‎آخر‎ ‎أو‎ ‎زنزانة‎ ‎للأخرى‎ ‎مع‎ ‎اتخاذ‎ ‎إجراءات‎ ‎ظالمة‎ ‎لأعيش في‎ ‎العزل‎ ‎الانفرادي‎ ‎وحيدا، لكن‎ ‎‎أسو ا‎ ‎أماكن‎ ‎الموت‎ ‎البطيء‎ ‎عزل‎ ‎أيلون.‎‏ وتابع‎ ‎بالقول" ‎إن‎ ‎الحياة‎ ‎في‎ ‎هذه‎ ‎الزنازين‎ ‎إعدام‎ ‎بطيء‎ ‎بكل‎ ‎معنى‎ ‎‎الكلمة،‎ ‎فقد شيدت‎ ‎لتكون‎ ‎أماكن‎ ‎عقاب‎ ‎وانتقام‎ ‎ورغم‎ ‎ذلك‎ ‎أمضيت‎ ‎فيه‎ ‎فترة‎ ‎تعتبر‎ ‎الأقسى‎ ‎منذ استهدافي‎ ‎في‎ ‎العزل‎ ‎‎الذي‎ ‎نسميه‎ ‎عزل‎ ‎إلى‎ ‎ما‎ ‎وراء‎ ‎الشمس، وقد‎ ‎أضربت‎ ‎عشرات المرات‎ ‎عن‎ ‎الطعام‎ ‎للمطالبة‎ ‎بإخراجي‎ ‎من‎ ‎القبر‎ ‎‎المعد‎ ‎للانتقام‎ ‎أو‎ ‎أي‎ ‎‏‏‎ ‎قسم‎ ‎أخر‎ ‎أو إلى‎ ‎أي‎ ‎زنزانة‎ ‎أخرى‎ ‎أفضل‎ ‎من‎ ‎التي‎ ‎أعيش‎ ‎فيها‎‎ØŒ‎ ‎وبعد‎ ‎عامين‎ ‎من‎ ‎‎المطالبة‎ ‎نقلوني إلى‎ ‎غرفة‎ ‎كان‎ ‎يتواجد‎ ‎فيها‎ ‎إيغال‎ ‎عمير‎ ‎قاتل‎ ‎رابين‎‎ØŒ‎ ‎وبعد‎ ‎شهر‎ ‎نقلوني‎ ‎إلى‎ ‎عزل جلبوع‎ ‎ثم‎ ‎‎تنقلت‎ ‎بين‎ ‎ايلون‎ ‎وهشارون )‎التلموند).
وفي‎ ‎زنزانة‎ ‎تمتد‎ ‎على‎ ‎مساحة) ‎‏2‏×‎‏1.5‏‎ ‎Ù…(‎يعيش‎ ‎عيسى‎ ‎المحكوم‎ ‎‎بالسجن المؤبد‎ ‎‏3‏‎ ‎مرات‎ ‎قال: "منذ‎ ‎عزلي‎ ‎هذه‎ ‎هي‎ ‎المساحة‎ ‎المسموح‎ ‎لي‎ ‎فقط‎ ‎بها‎ ‎منذ صدور‎ ‎قرار‎ ‎العزل‎ ‎الكامل‎ ‎‎عام‎ ‎‏2002‏‎ ‎فهي‎ ‎لا تدخلها‎ ‎الشمس‎‎ØŒ‎ ‎والرطوبة‎ ‎عالية‎ ‎جدا فيها‎ ‎لدرجة‎ ‎أن‎ ‎الملح‎ ‎يذوب‎ ‎من‎ ‎شدتها‎‎ØŒ‎ ‎وتحتوي‎ ‎سرير‎ ‎‎مثبت‎ ‎بالأرض‎ ‎Ùˆ‎ ‎فرشة بالية‎ ‎تفوح‎ ‎منها‎ ‎رائحة‎ ‎كريهة‎ ‎جدا،‎ ‎وبالتالي‎ ‎هذا‎ ‎يتطلب‎ ‎تنظيف‎ ‎زنزانتي‎ ‎أكثر من‎ ‎مرة‎ ‎‎يوميا‎ ‎بمواد‎ ‎تنظيف‎ ‎اشتريها‎ ‎على‎ ‎نفقتي‎ ‎الخاصة‎ ‎من‎ ‎الكانتين.‎ وأضاف ‏"‎أن‎ ‎سنوات‎ ‎العزل‎ ‎الثمانية‎ ‎هي‎ ‎سنوات‎ ‎‎عذاب‎ ‎ومعاناة‎ ‎وقهر‎ ‎وإذلال‎ ‎وامتهان‎ ‎لكرامة الإنسان‎ ‎واشد‎ ‎ظلما‎ ‎وأكثر‎ ‎قسوة‎ ‎تمارس‎ ‎بحق‎ ‎الأسير‎ ‎المعزول‎ ‎‎بطرق‎ ‎وأساليب‎ ‎ممنهجة ومدروسة‎ ‎ومخطط‎ ‎لها‎ ‎مسبقا‎ ‎لنصل‎ ‎لنتيحة‎ ‎أن‎ ‎القبور‎ ‎أكثر‎ ‎رحمه‎ ‎من‎ ‎العزل‎ ‎الذي يعد‎ ‎‎عذاباً‎ ‎مريراً‎ ‎يعايشه‎ ‎جميع‎ ‎المعزولين‎ ‎في‎ ‎نفس‎ ‎القسم.‎

يوميات‎ ‎العذاب
 Ø±ÙØ¶‎ ‎الأسير‎ ‎عيسى‎ ‎فك‎ ‎إضرابه‎ ‎لتلافي‎ ‎‎إجراءات‎ ‎إدارة‎ ‎السجون‎ ‎ØŒ‎ ‎وقال:‎ ‎"منذ اعتقالي‎ ‎وأنا‎ ‎أتجرع‎ ‎الماسي‎ ‎فكل‎ ‎الظروف‎ ‎مبرمجة‎ ‎لقتل‎ ‎الإنسان‎ ‎وروحه, ‎‎ليعيش حصاراً‎ ‎وسجناً‎ ‎داخل‎ ‎سجن, ‎لا‎ ‎يختلف‎ ‎عن‎ ‎القبر، فحتي‎ ‎"الفورة"‎ ‎التي‎ ‎لا‎ ‎تتجاوز الساعة‎ ‎أحيانا‎‎ØŒ‎ ‎‎يستمر‎ ‎فيها‎ ‎العقاب‎ ‎والألم‎ ‎فأبقى‎ ‎مقيد‎ ‎اليدين‎ ‎وأحيانا‎ ‎اليدين والقدمين‎ ‎وتفتيشي‎ ‎قبل‎ ‎الخروج‎ ‎وعند‎ ‎العودة‎ ‎رغم‎ ‎‎حصاري‎ ‎بالسجانين".
وأضاف ‏"‎حكم‎ ‎قاس‎ ‎ومعاملة‎ ‎سيئة‎ ‎وطعام‎ ‎أسوا‎ ‎لذلك‎ ‎فإنني‎ ‎أعيش‎ ‎مما‎ ‎اشتريه‎ ‎على نفقتي‎ ‎‎من‎ ‎الكانتين‎ ‎الذي‎ ‎أسعاره‎ ‎مرتفعة‎ ‎جدا‎ ‎وتسبب‎ ‎إرهاق‎ ‎مادي‎ ‎لكل‎ ‎عائلة أسير،‎ ‎والأشد‎ ‎صعوبة‎ ‎تكرار‎ ‎العقوبات‎ ‎‎وفرض‎ ‎الغرامات".
ولإكمال‎ ‎ظروف‎ ‎العزل‎‎ØŒ قال‎ ‎عيسى: "بدأت‎ ‎إدارة‎ ‎السجون‎ ‎بحرماننا‎ ‎من‎ ‎التعليم‎ ‎وإكمال‎ ‎‎دراستنا‎ ‎الجامعية‎‎ØŒ وما‎ ‎زالت‎ ‎ترفض‎ ‎تزويدنا‎ ‎الكتب‎ ‎والمجلات‎‎ØŒ‎ ‎ونتعرض‎ ‎بشكل‎ ‎دائم‎ ‎لاعتداء‎ ‎بالضرب والشبح‎ ‎‎والإهانة، وإذا‎ ‎صرخ‎ ‎المعزول‎ ‎مطالبا‎ ‎بطبيب‎ ‎لعلاجه‎ ‎أو‎ ‎دواء‎ ‎لتسكين‎ ‎آلامه يتم‎ ‎عقابه‎ ‎Ùˆ‎ ‎تقييده‎ ‎من‎ ‎اليدين‎ ‎‎والقدمين‎ ‎بالسرير‎ ‎ويترك‎ ‎على‎ ‎هذا‎ ‎الحال‎ ‎لمدة يومين،‎ ‎ويتم‎ ‎سحب‎ ‎حاجياته‎‎ØŒ‎ ‎وتفرض‎ ‎عليه‎ ‎غرامة‎ ‎مالية‎ ‎تقتطع‎ ‎‎من‎ ‎الكانتين، فأين‎ ‎هي‎ ‎منظمات‎ ‎حقوق‎ ‎الإنسان‎‎ØŸ‎ ‎أين‎ ‎هم‎ ‎المتباكين‎ ‎على‎ ‎الديمقراطية‎‎ØŒ‎ ‎اننى‎ ‎لا نرى‎ ‎سوى‎ ‎&lr