لا يضيرنا الأسير بألف

بقلم: حمدى فراج

مخطئ‎ ‎من‎ ‎ينظر‎ ‎إلى‎ ‎صفقة‎ ‎التبادل‎ ‎على‎ ‎أنها‎ ‎شخص‎ ‎بألف‎ ‎شخص‎ ‎وان شاليط‎ ‎في‎ ‎كفة‎ ‎لا‎ ‎يعدلها‎ ‎أو‎ ‎يعادلها‎ ‎إلاألف‎ ‎وشحطة، أو‎ ‎ما‎ ‎يسمى‎ ‎بلغة‎ ‎الكيل والميزان"‎رجحة"‎ØŒ‎ ‎هن‎ ‎الأسيرات‎ ‎الفلسطينيات‎ ‎اللواتي‎ ‎بالكاد‎ ‎تجد‎ ‎فيسجون العالم‎ ‎كلها‎ ‎من‎ ‎يشبههن‎ ‎أو‎ ‎يراجح‎ ‎كفتهن.
كثيرون‎ ‎من‎ ‎أبناء‎ ‎الشعب‎ ‎والأمة‎ ‎يقرأون‎ ‎المسألة‎ ‎من‎ ‎ذاك‎ ‎الثقب‎ ‎العددي‎ ‎ØŒ أو‎ ‎من‎ ‎كفتي‎ ‎ذاك‎ ‎الميزان، وينتابهم‎ ‎الألم‎ ‎والتحسر، من‎ ‎أن‎ ‎جنديا‎ ‎صهيونيا واحدا‎ ‎يعادل‎ ‎ألف"‎جندي"‎ فلسطيني .‎ في‎ ‎اليوم‎ ‎الواحد، تستطيع‎ ‎دولة العدو‎ ‎أن‎ ‎تأسر، أو‎ ‎تعتقل، وبالأصح‎ ‎تغرف‎ ‎ØŒ المئات‎ ‎من‎ ‎أبناء‎ ‎الشعب‎ ‎الرازح‎ ‎تحت‎ ‎احتلالها، بغض‎ ‎النظر‎ ‎إن‎ ‎كان‎ ‎لهم‎ ‎علاقة بمحاربتها‎ ‎أو‎ ‎مناهضتها، وأحيانا‎ ‎كثيرة‎ ‎تعتقلهم‎ ‎فقط‎ ‎من‎ ‎باب‎ ‎أنها‎ ‎لا‎ ‎تروقهم،‎ ‎فتحكم‎ ‎عليهم‎ ‎بتهمة‎ ‎التحريض، وأحيانا‎ ‎لا‎ ‎تستطيع‎ ‎إثبات‎ ‎اتهاماتها‎ ‎ضدهم فتصدر‎ ‎بحقهم‎ ‎ما‎ ‎يسمى‎ ‎بالاعتقال‎ ‎الإداري، وهناك‎ ‎الآلاف‎ ‎من‎ ‎صدرت‎ ‎بحقهم مثل‎ ‎هذه‎ ‎العقوبة‎ ‎التي‎ ‎تمددت‎ ‎حتى‎ ‎وصلت‎ ‎لدى‎ ‎البعض‎ ‎عشر‎ ‎سنوات .‎ بالكاد‎ ‎يمر‎ ‎يوم‎ ‎واحد‎ ‎دون‎ ‎أن‎ ‎يكون‎ ‎هناك‎ ‎معتقلون "‎أسرى"‎ØŒ‎ ‎ولا‎ ‎تجد‎ ‎من يحتج، باستثناء‎ ‎بيان‎ ‎بعددهم‎ ‎وفي‎ ‎بعض‎ ‎الأحيان‎ ‎بآلية‎ ‎اعتقالهم‎ ‎وتعيين محام‎ ‎يمثلهم‎ ‎أمام‎ ‎المحاكم‎ ‎العسكرية‎ ‎التي‎ ‎تطول‎ ‎شهورا‎ ‎وسنينا، ونادرا‎ ‎ما يصلون‎ ‎الى‎ ‎مرحلة‎ ‎التقاضي، بل‎ ‎تعقد‎ ‎الصفقات‎ ‎مع‎ ‎المدعي‎ ‎العام‎ ‎ليصادق عليها‎ ‎الحاكم‎ ‎العسكري .‎
لا‎ ‎يستطيع‎ ‎الفلسطينيون‎ ‎القيام‎ ‎بذلك، ولكم‎ ‎ارتكب‎ ‎مستوطنون‎ ‎أعمالا إجرامية‎ ‎وانفلاتات‎ ‎عنصرية‎ ‎تطول‎ ‎الفلسطينيين‎ ‎العزل‎ ‎وممتلكاتهم‎ ‎وأراضيهم،‎ ‎ولكم‎ ‎من‎ ‎مرة‎ ‎دخلوا‎ ‎مناطقهم‎ ‎فلا‎ ‎يكون‎ ‎منهم‎ ‎إلا‎ ‎تسليمهم‎ ‎لدولتهم‎ ‎معززين مكرمين .‎
إن‎ ‎آلية‎ ‎أسر‎ ‎أو‎ ‎اعتقال‎ ‎فلسطيني‎ ‎واحد، وأحيانا‎ ‎كثيرة‎ ‎يكون‎ ‎ولدا‎ ‎دون‎ ‎السن القانونية، أو‎ ‎لربما‎ ‎في‎ ‎عمر‎ ‎شاليط، غادر‎ ‎الولدنة‎ ‎لتوه، كفيلة‎ ‎أن‎ ‎تجعل‎ ‎كفة الميزان‎ ‎راجحة‎ ‎لصالح‎ ‎هذا‎ ‎الفلسطيني، يأتوه‎ ‎بالعشرات، من‎ ‎خمسين‎ ‎إلى سبعين‎ ‎جنديا‎ ‎سيرا‎ ‎على‎ ‎الأقدام‎ ‎خوفا‎ ‎من‎ ‎رؤيتهم‎ ‎في‎ ‎سياراتهم‎ ‎العسكرية مصطحبين‎ ‎معهم‎ ‎كافة‎ ‎المعدات‎ ‎بما‎ ‎في‎ ‎ذلك‎ ‎الكلاب‎ ‎والسلالم‎ ‎العريضة‎ ‎التي تتسع‎ ‎لصعود‎ ‎جنديين‎ ‎متجانبين‎ ‎في‎ ‎نفس‎ ‎الوقت، وأحيانا‎ ‎مع‎ ‎مروحية‎ ‎في الجو، فتقف‎ ‎مشدوها‎ ‎أمام‎ ‎هذا‎ ‎الإنسان‎ ‎الذي‎ ‎تجرد‎ ‎دولة الاحتلال‎ ‎جزءا‎ ‎من‎ ‎جيشها ومخابراتها‎ ‎وأسلحتها‎ ‎ومعداتها‎ ‎كي‎ ‎تأسره، ناهيك‎ ‎عن‎ ‎التحقيق‎ ‎والزنازين والتعذيب .‎وحين‎ ‎تنجح‎ ‎مجموعة‎ ‎فلسطينية‎ ‎في‎ ‎أسر‎ ‎أو‎ ‎خطف‎ ‎جندي‎ ‎صهيوني لتبادله‎ ‎بألف، يخرج‎ ‎عليك‎ ‎من‎ ‎يقول‎ ‎لك‎ ‎كم‎ ‎هو‎ ‎الفلسطيني‎ ‎رخيص‎ ‎وكم‎ ‎هو الصهيوني‎ ‎غال .‎
كان‎ ‎يجدر‎ ‎كما‎ ‎في‎ ‎كل‎ ‎طرفي‎ ‎صراع‎ ‎لدى‎ ‎عقد‎ ‎صفقات‎ ‎تبادل الأسرى‎ ‎بان‎ ‎يتم‎ ‎تتبيض‎ ‎السجون‎ ‎لدى‎ ‎الجانبين‎ ‎بغض‎ ‎النظر‎ ‎عن‎ ‎عدد‎ ‎نازليها .‎ أليس‎ ‎هذا‎ ‎ما‎ ‎يحدث‎ ‎بين‎ ‎الدول، أليس‎ ‎هذا‎ ‎ما‎ ‎حصل‎ ‎مع‎ ‎حزب‎ ‎الله‎ ‎اللبناني‎ ‎بحيث لم‎ ‎يبق هناك‎ ‎أسير‎ ‎لبناني‎ ‎واحد، أليس‎ ‎هذا‎ ‎ما‎ ‎سيحدث‎ ‎في‎ ‎قادم‎ ‎الأيام‎ ‎مع‎ ‎الأسرى المصريين‎ ‎الذين‎ ‎يناهز‎ ‎عددهم‎ ‎ثمانين‎ ‎أسيرا‎ ‎مقابل‎ ‎الجاسوس‎ ‎غرابيل‎ ‎ØŸ!‎

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 23/10/2011)