الإبعاد إجراء آخر غير مشروع

أبعدت دولة الاحتلال الأسيرة هناء الشلبي الى قطاع غزة بعد إضرابها عن الطعام ثلاثة وأربعين يوما احتجاجا على اعتقالها الإداري... وبذلك تنقل دولة الاحتلال رسالة واضحة مفادها أنها مصرة على عدم الالتزام بالقانون الدولي وخاصة اتفاقيات جنيف وأنها ستواصل اللجوء إلى أساليب الاعتقال الإداري والإبعاد وغيره من العقوبات التي تفرضها دون محاكمة ودون توجيه اتهامات ودون تمكين المعتقل أو الأسير من الدفاع عن نفسه في محاكمة عادلة كما ينص عليه القانون الدولي.
وبذلك تخترق دولة الكيان بشكل فظ القانون الدولي عدا عن أنها لا تتعامل مع الأسرى الفلسطينيين كأسرى حرب وهو خرق آخر واصلت دولة الاحتلال ارتكابه طوال سنوات الصراع الفلسطيني الصهيوني حتى اليوم. وعدا عن كل ذلك كيف تسمح دولة مثل دولة الكيان التي طالما ادعت أنها دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتشارك الغرب قيمه، كيف تسمح لنفسها أن تقف بكل جبروتها في مواجهة أسيرة مضربة عن الطعام تدهورت صحتها الى درجة خطيرة هددت حياتها وان تدعي التوصل إلى "اتفاق" بإبعاد الأسيرة الشلبي ٣ سنوات الى قطاع عزة، فأي اتفاق هذا الذي يجري وسط اختلال الموازين بهذا الإكراه وفرض موقف الاحتلال وذلك للتهرب من تبعات إجراء غير شرعي هو الاعتقال الإداري وما أثاره ويثيره من احتجاجات واسعة في صفوف الأسرى الفلسطينيين وأبناء عائلاتهم وتضامن شعبي واسع معهم، باللجوء إلى إجراء آخر غير شرعي هو الإبعاد حتى ولو كان لفترة زمنية محدودة. ولذلك تخطئ حكومة الاحتلال خطأ جسيما إذا ما اعتقدت أن إجراءها الجديد -الإبعاد- يمكن أن يقبل به أي فلسطيني أو أن تداعياته ستكون اقل وطأة عليها من تداعيات الاعتقال الإداري. ومن الواضح أن مجمل السياسة الصهيونية تجاه الأسرى الفلسطينيين إضافة الى حملات الاعتقال اليومية والمداهمات التي يلجأ إليها الاحتلال الصهيوني متذرعا بالاعتبارات الأمنية تشكل خرقا واضحا للقانون الدولي ولا يمكن بأي حال التسليم بمثل هذه الممارسات بل يجب تسليط الضوء عليها والتصدي لها في مختلف المحافل الدولية خاصة الحقوقية لكشف حقيقة لجوء دولة العدو الى مثل هذه الأنظمة والقوانين البائدة في مواجهة إرادة الحرية لدى الشعب الفلسطيني، ولإسقاط هذا القناع المزيف الذي يخفي به الاحتلال الصهيوني انتهاكاته الفظة زاعما أنها قانونية أو أن الدولة التي تقف وراءها تحترم القانون أو حقوق الإنسان وهو ما يتنافى مع واقع الممارسات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني عموما وضد الأسرى على نحو خاص. وقد حان الوقت فلسطينيا كي يرفع هذا الملف بالتعاون مع الأمتين العربية والإسلامية وكل محبي العدل والسلام والحرية في العالم، الى المحافل الدولية المختصة ليس فقط من اجل وقف مثل هذه الانتهاكات الخطيرة بل وأيضا من اجل محاسبة المسؤولين عن اقترافها. وفي المحصلة فان هذا الإجراء - الإبعاد- كغيره من الإجراءات الصهيونية غير الشرعية كالاعتقال الإداري وحملات الاعتقال اليومية ومختلف الممارسات ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، يشكل حلقة من حلقات ونهج الاحتلال الصهيوني غير المشروع، وقد حان الوقت كي يقف المجتمع الدولي وقفة جادة لإنهاء هذا الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.

 

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 2/4/2012)