الأسرى ولحظة الحقيقة

بقلم: محمد عبيد

 

 Ù„حظة الحقيقة التي انتظرها الأسرى الفلسطينيون في المعتقلات الصهيونية، لإطلاق معركتهم حلّت بالتزامن مع يوم الأسير الفلسطيني، وفي ظل استعدادات بدأها الأسرى منذ أكثر من شهر لإنجاح تحركهم، والظفر بحرب الأمعاء الخاوية، التي يخوضونها آملين ألا يتركوا وحدهم في مواجهة السياسات الصهيونية، ومحاولاتها المستمرة للنيل من كرامتهم الإنسانية، وتجريدهم من أي حق أصيل أو مكتسب خلف القضبان، ومطلقين شرارة المعركة غير المتكافئة بني الأمعاء الخاوية ومحاولات القهر والإذلال..
يبدأ الأسرى الفلسطينيون واحداً من التحركات التاريخية بإضراب مفتوح عن الطعام، منضمين إلى عدد من الأسرى الذين سبقوهم في معارك مصغّرة أبرز عناوينها خضر عدنان 66 يوماً من الإضراب، إلى جانب تجارب أخرى للأسيرة المبعدة هناء الشلبي، وآخرين منهم من تجاوز عتبة الأربعين يوماً، ومنهم من تعداها بكثير. وبالتزامن مع هذه الحركة التاريخية، أطلق 65 أسيراً سياسياً مصرياً في السجون الصهيونية معركتهم، في خطوة احتجاج على الاحتلال وسياساته، وتذكير للسلطات في بلادهم بوجودهم في الأسر الصهيوني، مع احتجاجهم على عدم شمولهم في صفقة مبادلة الجاسوس الصهيوني غرابيل الأخيرة، التي أفرج من خلالها عن عدد من المعتقلين الجنائيين المصريين لدى السلطات الصهيونية.
الأسرى الفلسطينيون أعدّوا لمعركتهم ما يلزم، ووضعوا بعد اجتماعات لهم في معتقل نفحة أواخر الشهر الماضي، ورقة مشتركة أطلقوا عليها اسم "وثيقة العهد والوفاء"، تضمنت ظروف اجتماعاتهم، وما نتج عنها من تشكيل هيئة قيادية مهامها إعلان الإضراب العام، والتحدث باسم الأسرى، وقيادة التحرك النضالي، وتناط بها مسؤولية الاتفاق على تعليق أو إنهاء الإضراب، عند تحقيق مطالب الأسرى، وتضمنت الوثيقة مبادئ ملزمة للموقعين عليها، ووضعت في الاعتبار تشكيل جسم خارج المعتقلات يتابع تطورات الإضراب.. ودعت إلى حراك جماهيري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لدعم إضراب الأسرى وإسنادهم معنوياً، إلى جانب المطالبة بإبراز قضيتهم دولياً.
لن تكون هذه المعركة الأولى، كما أنها لن تكون الأخيرة، التي يخوضها الأسرى الفلسطينيون، ما دام الاحتلال جاثماً على صدور أبناء الشعب الفلسطيني، بجدار الضم، واستيطانه التوسعي العصي على التوقف أو التجميد، إلا أنها محطة مهمة جداً في مسيرة الحركة الفلسطينية الأسيرة، كونها تأتي مترافقة مع تطورات كثيرة في المشهد الفلسطيني العام، وفي الصورة الجديدة التي بدأ العالم يستكشف عناصرها، من خلال مئات الناشطين الدوليين المناهضين للاحتلال الذين يتوافدون إلى فلسطين للتضامن مع شعبها، فيجدون احتلالاً، يحاول منعهم من مغادرة بلادهم إلى فلسطين..
الفرصة سانحة أمام الفلسطينيين لإبراز عدالة قضيتهم، وجمع المزيد من المناصرين لها في مختلف أنحاء العالم، وبالنسبة للأسرى الذين يجب أن يكونوا مركز كل تحرك وفعالية في الفترة المقبلة، فإن نجاحهم وانتصارهم في المعركة، يكفله التزامهم بالوثيقة التي وضعوها، وتمسكهم بحقوقهم كاملة غير منقوصة. الفلسطينيون مدعوون إلى حراك جماهيري موجه في أكثر من اتجاه، وعلى أكثر من جبهة، وعلى رأسها الاحتلال، وتهويد القدس والاستيطان وتحرير الأسرى، وإنهاء الانقسام، وأمام كل هذه المعارك والجبهات، تبرز أهمية وثيقة "العهد والوفاء" التي أصدرها أسرى نفحة، كدليل ومرشد للفلسطينيين خارج الأسر في الوحدة والعمل المشترك.

(المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 20/4/2012)