إضراب الأسرى.. تخاذل رسمي وتقصير شعبي

يدخل الأسرى في سجون الاحتلال يومهم العاشر على التوالي في إضرابهم المفتوح عن الطعام للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية إلى جانب وقف سياسة الاعتقال الإداري والعزل الانفرادي، ورغم أن حالة التضامن الشعبي مع الحركة الأسيرة بدأت بقوة في السابع عشر من الشهر الجاري الذي صادف يوم الأسير الفلسطيني، إلا أن تلك الحالة سرعان ما أخذت في التراجع وذلك بحسب المتابعين والمهتمين يعود للتخاذل الرسمي والعجز غير المبرر الذي طبع مواقف قيادات السلطة الفلسطينية التي لا زالت تعوّل على المفاوضات واستمرار سياسة التنسيق الأمني مع الكيان كما فاخر مؤخرا رئيس السلطة محمود عباس.

وبالرغم من مشاركة قرابة الـ (2000) أسير في مختلف السجون ومن مختلف الفصائل الفلسطينية الإضراب، إلا أن المؤسسات والفعاليات المدينة والرسمية في الضفة المحتلة لم تتداعى لأي فعاليات تضامنية، بل على العكس استمرت في تنظيم الفعاليات "المتناقضة" مع نضالات هؤلاء الأسرى ومضمون إضرابهم.

رقص على أنغام الجوع
فها هي وزارة الثقافة وعدد من المؤسسات الثقافية في مدينة رام الله، وسط الضفة تطلق ما يسمى بـ" مهرجان الرقص المعاصر" للسنة السابعة على التوالي بعد يومين فقط من إعلان إضراب الأسرى، ووسط حضور رسمي وشعبي حاشد!.
ويقول النائب المقدسي أحمد عطون، والمبعد إلى رام الله: "بالرغم من خطورة ما يجري في سجون الاحتلال ووضع الأسرى المضربين عن الطعام، إلا أننا نرى إعلام غير متفاعل وتنظيم فعاليات غريبة عن مجتمعنا وقيمنا وسلوكنا".
وتابع عطون: "في الفترة التي نعاني وأبناءنا يحاكون الموت في السجون يتم تنظيم مهرجان الرقص والغناء في رام الله، وكأنه الرقص على آلامنا وجراحاتنا، ضاربين بعرض الحائط كل مشاعر الأسرى وأهاليهم وذويهم".

واعتبر عطون أن المطلوب الآن، تحرك رسمي على المستوى السياسي لتفعيل قضية الأسرى ونشر معاناتهم، وخاصة أن السفراء الفلسطينيين، كما قال، يملؤون الأرض طولا وعرضا ومع ذلك نحن لا نرى أي اهتمام من الخارجية والممثليات الفلسطينية في العالم.
والمطلوب أيضا، بحسب عطون هو استنفار كافة الجهود والإمكانيات الممكنة لخدمة قضية الأسرى والضغط على سلطات الاحتلال لإطلاق سراحهم، أو على الأقل وضع قضيتهم على سلم أولوياتنا.

 Ø¯Ø¹ÙˆØ§Øª لمزيد من التفاعل
ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد، فالتخاذل الرسمي والمؤسساتي والمجتمعي عكس بظلاله على تحركات الشارع الذي بات لا يأبه بالمشاركة في الفعاليات المساندة للأسرى والداعمة لإضرابهم ومطالبهم العادلة.
ففي خيمة الصمود المقامة منذ إعلان الأسرى إضرابهم في الأسبوع الفائت، لا يتواجد إلا القليل من المواطنين الذين اشتكوا تخاذل المؤسسات والشخصيات الرسمية والسياسية لهم ولآلام أبنائهم.
تقول زوجة الأسير المعزول والمضرب عن الطعام أحمد سعدات: "كنا نتوقع أن تكون هبة جماعية كبيرة في هذا الإضراب وخاصة انه إضراب جماعي، ومن قبله مجموعة من الأسرى الذين تجاوز إضرابهم الستين يوما".

وتتابع سعدات: على السلطة وفي جميع المحافل الرسمية العمل على تحريك قضية الأسرى وإضرابهم، وإن كانت لا تستطيع العمل على الإفراج عنهم، السعي لتسحين أوضاعهم المعيشية داخل السجون، وإنهاء العزل وإرجاع إنجازاتهم، وإلغاء الاعتقال الإداري بحقهم".
وعلى المستوى الشعبي والمؤسساتي طالبت سعدات بثورة شعبية واعتصامات ومسيرات وفعاليات تغطى في الإعلام الفلسطيني الذي لا يزال مغيباً عما يجري في السجون.
كما وطالبت أهالي الأسرى على وجه التحديد والشارع الفلسطيني بالوقوف مع أبنائهم الأسرى الذين ضحوا بحياتهم وسنوات عمرهم في سبيل تحرير فلسطين.

وعبر كثير من ذوي الأسرى في أحاديث منفصلة "عن استيائهم الشديد من التجاهل والتقصير الرسمي لقضية أبنائهم المضربين عن الطعام في سجون العدو، مؤكدين أن جزءا رئيسا من معاناة أبنائهم سببه عدم المبالاة التي أبداها المسئولون الرسميون على مدار نحو عقدين من الزمن طغت عليها سياسة المفاوضات والتنسيق الأمني وملاحقة المقاومين.
وطالب ذوي الأسرى بضرورة تفعيل قضية أبنائهم وإثارتها في المحافل الدولية بدلا من استجداء المفاوضات وتجديد التشبث بها رغم تنكر الاحتلال وإصراره على مواصلة سياسة الاستيطان وتجاهل الحقوق الفلسطينية.

كما انتقد ذوي الأسرى ضعف التضامن الشعبي مع قضية أبنائهم، مؤكدين أن الاحتلال يستغل ضعف حالة التضامن تلك لإضعاف معنويات الأسرى والتأثير عليهم نفسيا.

(المصدر: صحيفة الإستقلال، 26/4/2012)